fbpx

لبنان: باسيل في مسرحية مدّتها 40 دقيقة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في حديث الأربعين دقيقة الذي تفوه به جبران باسيل، بدا واضحاً أنه يستنجد مرةً أخرى بأمين عام “حزب الله” كضنين وحيد وموثوق بالحقوق العونية، التي غُلفت بالمسيحية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تكفلت الدقائق الأربعون التي تحدث فيها النائب جبران باسيل عن حقوق المسيحيين في لبنان بوضعنا حيال عصف ذهني يتجاوز زمنها إلى ما قبلها وما سيليها. والاشتغال على مخزوننا الذهني تجاه الحالة التي يمثلها باسيل وحده الكفيل بكشف مخزون النفاق السياسي الذي يمارسه رئيس التيار العوني، تحت الترويسة التي ورثها مع ما ورثه من الإرث الكلامي للعماد ميشال عون عن حقوق المسيحيين، والتي عبر العونيون فيها بالممارسة، وفي مسار سياسي طويل، عن الاختلال العميق بين النظرية والتطبيق.

جبران باسيل

طوى الدستور اللبناني بتعديلاته التي أتى بها اتفاق الطائف، مرحلة من الغلبة المسيحية المفترضة التي سادت قبله، وانسلخت معها ضمناً صلاحيات (مسيحية)  ناء المسلمون غبناً منها، وانقلاب الموازين الدستورية التي فرضها الاتفاق المذكور، أنتج بالضرورة رابحين جدداً هم المسلمون، ومهزومين جدداً هم المسيحيون. لكن الغلبة والهزيمة تحيلان إلى مفاعيل الحربين اللتين خاضهما الجنرال عون ضد جيش الاحتلال السوري تحت مسمى “حرب التحرير”، وقبلها ضد “القوات اللبنانية” أو “حرب الإلغاء”، والحربان في المحصلة آلتا لاحقاً إلى الهزيمة التي جاء اتفاق الطائف كمردود سياسي لمفاعيلها.

      وليس تفصيلاً أن غلة المسيحيين من الدستور المعمول به منذ ذلك الاتفاق في ظل الاحتلال السوري والسلطة التي حكمت لبنان في ظله، تحولت من خلال ممارسة الأخيرَين، وعزل القوى المسيحية ذات الثقل السياسي، إلى فراغ ملأه السوري وحلفاؤه بشخصيات لم تمثل غالباً الوجدان المسيحي. وهذا العطب التمثيلي الذي رُوِّس بعنوان حقوق المسيحيين، شكل رافداً حاسماً لاستئثار الحالة العونية بوجدانهم منذ نفي زعيمها حتى عودته، التي توجها باكتساحه للتمثيل المسيحي في الانتخابات النيابية عام 2005.

هي الحرب إذاً التي أفضت إلى خسارة حقوق لا تزال تقيم في العقل المسيحي الذي يمثله راهناً جبران باسيل.

هي الحرب إذاً التي أفضت إلى خسارة حقوق لا تزال تقيم في العقل المسيحي الذي يمثله راهناً جبران باسيل، والحرب أيضاً أفضت إلى تعديلات لم تُكرس كنصوص، أتى بها اتفاق الدوحة الذي تلا “الميني حرب” التي تنكبها “حزب الله” وحلفاؤه، في السابع من أيار 2008 والتي أنتجت ما صار يعرف بالثلث الضامن، والذي تحول إلى منحة دستورية عونية استفاق باسيل عليها راهناً تحت مسمى “مثالثة” يجب نسفها بالمناصفة، فيما “الميني حرب” ذاتها أسست لاحقاً لوصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية.

في حديث الأربعين دقيقة الذي تفوه به جبران باسيل، بدا واضحاً أنه يستنجد مرةً أخرى بأمين عام “حزب الله” كضنين وحيد وموثوق بالحقوق العونية، التي غُلفت بالمسيحية، وأغلب الظن أن عقل باسيل الاستئثاري، وفي عجزه عن تسييل هذا الاستئثار بتسويات جديدة مع سعد الحريري المحصن هذه المرة بجدار سياسي داخلي كبير رافض لهذا الاستئثار، وفي عزلة تشبه تماماً ما كان عليه ميشال عون في الـ2005، يستبطن في سردية الحقوق المسيحية طموحاً لا تني العونية السياسية تقيمه في كل هذا السعار المستشري الذي يلاحق اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً عن موقع باسيل في الاستحقاق الرئاسي المقبل.

في الفترة الأخيرة، كان المعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل ضيفاً على جبران باسيل، وما حمله خليل عن الحزب ليس من “عندياته”، فهو بالتأكيد كان ناقلاً لوجهة نظر نصرالله من الاستعصاء الحكومي الذي ترك باسيل له الكلمة الأخيرة فيه. وإذا ما افترضنا أن نصرالله لا يملك جديداً تتيحه الظروف المحلية والإقليمية لتعديل موقفه من المأزق الحكومي الراهن، عندها يصير احتمال وراثة “وعد” أوصل ميشال عون إلى الموقع المسيحي الأول، هو تماماً آخر ما يريده باسيل كوريث نمطي للحالة العونية التي لا ترى في حقوق المسيحيين سوى سياق في تكريس نزعتها النرجسية.

إقرأوا أيضاً: