fbpx

خلف قضبان “رومية”: انقطاع الكهرباء يفاقم مآسي السجناء

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“المي اللي عم توصلنا فيها وحل وإلها ريحة كريهة… عم نغسل تيابنا فيها وعم تطلع ريحتهم، والناس اللي عم تتحمم فيها عم يصير معها حساسية…”… يروي سجناء رومية معاناتهم اليومية خلف القضبان.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“المي اللي عم توصلنا فيها وحل وإلها ريحة كريهة… عم نغسل تيابنا فيها وعم تطلع ريحتهم، والناس اللي عم تتحمم فيها عم يصير معها حساسية…”، يقول أمير (اسم مستعار) وهو أحد سجناء المبنى “باء” في رومية، السجن الأكثر اكتظاظاً في لبنان. 

يروي أمير لـ”درج” كيف تتضاعف مأساة السجن يوماً بعد يوم، لا سيما مع انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يومياً، وهو ما يترافق مع أزمات أخرى لا تقل كارثيةً عن المشكلة الأولى، كانقطاع المياه عن خزانات السجن لساعات طويلة، ما يعني استحالة الاستحمام إلا في فترات محدودة.

“في كتير ناس جربت هون…”، يقول سجينٌ آخر، واصفاً وضع انقطاع المياه والتيار الكهربائي بـ”الكارثي”. ويضيف، “الناس بتقول الدولة أمّنا، شو هالأم اللي ما بتراعي ولادها؟ ننام 6 أشخاص في غرفة صغيرة دون كهرباء”.

يروي السجناء أن المراوح التي يشتريها السجين على حسابه لتخفيف حرّ الصيف تعطّل الكثير منها بسبب وضع الكهرباء الحالي، وكذلك برادات الماء الصغيرة باهظة الثمن، التي بالكاد تفي بحاجة السجناء. 

“حصة الغذاء لا تكفي قطة”!

عجز الدولة اللبنانية عن تأمين أبسط حقوق السجناء يعود إلى الواجهة من جديد كل فترة، خصوصاً في سجن رومية الذي يضمّ العدد الأكبر من السجناء والذي تُمارس فيه انتهاكات إنسانية بحق السجناء، وفق تقارير حقوقية. فالسجن يضمّ 3 آلاف سجين من أصل حوالى 6 آلاف سجين في لبنان وفق أرقام مديرية السجون، في حين أنه لا يتسع بالأصل لأكثر من 1500 سجين.

حال الوضع الصحي في سجن رومية، ينسحب أيضاً على الغذاء، إذ يعاني السجناء من غياب التنوع في برنامجهم الغذائي الذي يقتصر غالباً على بعض الحبوب والبطاطا، كما أن الكميات تصل محدودة جداً، وفق سجناء. 

“الطعام الذي يصلنا لا يكفي لنصف عددنا”، يقول “شاويش السجن” لـ”درج”، وهو مسؤول السجن في المبنى “باء”. يشرح الأخير أن “حصة الفرد من الغذاء سابقاً كانت 200 غرام، بينما هي الآن 100 غرام قانونياً، ولكن فعلياً ما يحصل عليه الفرد أقل بكثير… الحصة لا تكفي قطة”، يضيف. 

وأيضاً: لا دواء…

“نحنا كبار السنّ ما في عنّا دوا… ولا حبة مسكّن!”، يقول أحدهم شاكياً فيما يتهاوى القطاع الصحي في لبنان.

يروي نزلاء سجن رومية معاناتهم اليومية التي تخطّت شحّ الغذاء، إلى صعوبة تحصيل الحق في الطبابة والدواء. إذ إن صيدلية السجن باتت شبه خالية، حتى من مستلزمات الإسعافات الأولية، وهم محرومون من الطبابة وإجراء العمليات في المستشفى عند استدعاء الحاجة، إلا على نفقتهم الشخصية، خصوصاً أن وزارة الداخلية، وهي المسؤولة عن طبابتهم، عاجزة عن سدّ التكاليف. 

يقول شاويش السجن إن أكثر من حادثة مأساوية وقعت في السجن مع المرضى. آخرها كان لسجين عمره 65 سنة أصابته ذبحة قلبية فنُقل إلى المستشفى وبقي هناك أكثر من شهر لأنه لا يملك 60 مليون ليرة لإجراء العملية.

“المي اللي عم توصلنا فيها وحل وإلها ريحة كريهة… عم نغسل تيابنا فيها وعم تطلع ريحتهم، والناس اللي عم تتحمم فيها عم يصير معها حساسية…”.

“إدارة السجن رفعت كتاباً لسرية السجن ومديرية قوى الأمن الداخلي لرفع المسؤولية عنها، هذا السجين المسن معرّض للوفاة في أي لحظة”، يُضيف. 

كما يشكو من انقطاع “التليكارت” من الأسواق، وهي البطاقة التي يتمكّن السجناء عبرها من الاتصال بذويهم، وبالتالي هم مهدّدون بالانقطاع عن العالم الخارجي كلياً.

السجون تعجّ بأشخاص “لا يجب أن يكونوا فيها”!

ليس هذا وحسب، فعدا الأزمتين الغذائية والصحية، تعجّ سجون لبنان بأشخاص “لا يجب أساساً أن يكونوا فيها”، ومن ضمنهم مئات الأشخاص الباقين خلف القضبان لأن القضاء يتأخر في معالجة قضاياهم، أو لأنهم غير قادرين على دفع الغرامات المفروضة عليهم، واستصدار قرارات إخلاء السبيل، وفق تقرير “منظمة العفو الدولية“، وهو ما يُضاعف أزمة الاكتظاظ، لا سيما في ظل انتشار فايروس “كورونا”، على رغم أن الحكومة اللبنانية اتخذت عدداً من الإجراءات، من بينها الإفراج عن سجناء. إلا أن آلاف الأشخاص لا يزالون موقوفين بانتظار محاكمتهم أو أنهم، في بعض الحالات، أتموا محكومياتهم، وفق التقرير المذكور. 

السجن يضمّ 3 آلاف سجين في حين أنه لا يتسع بالأصل لأكثر من 1500 سجين.

ففي 6 نيسان/ أبريل 2020، أعلنت وزارة الداخلية اللبنانية عن الإفراج عمّا يزيد عن 600 سجين كانوا موقوفين في الحبس الاحتياطي، وذلك في إطار التدابير التي تتخذها الحكومة لاحتواء انتشار فايروس “كوفيد–19″، وكان بعضهم مسجون منذ أحداث نهر البارد عام 2007، أي أنهم بقوا 13 عاماً من دون محاكمة.

وبحسب المفكرة القانونية، فقد بلغت نسبة الإشغال في السجون اللبنانية 160 في المئة عام 2019، ويُعزى ذلك أساساً إلى طول فترات الحبس الاحتياطي. وتظل أوضاع الاحتجاز مزرية مع استمرار الاكتظاظ والأوضاع المعيشية غير الملائمة، ناهيك بالأحوال الصحية الحرجة التي يعاني منها مئات السجناء.

إقرأوا أيضاً: