fbpx

عن أسباب انضمام معارضين خليجيين
إلى حكامهم للترحيب بطالبان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما يمكن قوله عن انشقاق الأطراف الحقوقية الخليجية اليوم، هو أن الذكورية الملتحفة بغطاء ديني تظهر في المواقف القاطعة، مثل ما يحدث حالياً في أفغانستان وانعكاساته على منطقتنا…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تلك القصص التي سمعناها عن أهوال المعارك والحروب في طفولتنا، وكان يؤرقنا فيها ضياع الأطفال وسبي النساء، ما زالت عالقة في أذهاننا مع كل الانقلابات السياسية، بخاصة إذا ما كانت تحت بطش الميليشيات المتطرفة، وهذا تحديداً ما يخيفنا اليوم مع سقوط العاصمة الافغانية كابول تحت سطوة “طالبان”، الحركة التي تابعنا هول تطرفها قبل عقدين. لكن وكما يبدو، فإن مأساتنا في المنطقة قادت أفراداً من بيننا لقبول أسوأ الخيارات وتمجيدها، صارفين النظر عن الضرر الذي سيلحق بالفئات المهمشة هناك كالنساء ومستقبل الأطفال الأفغان والشيعة وجماعات كثيرة أخرى مهددة.

ما بلغناه في واقعنا العربي من تدهور اقتصادي وقمع، ليس هو السبب الوحيد لظهور هذه الأصوات الشاذة المتخبطة، بل إن هناك أفكاراً دينية متطرفة دفينة نشأ عليها جيل خلال تقلبات أفغانستان السياسية، عندما كانت حكومات عدة تروج لنصرة المسلمين هناك، فمن لم يذهب للقتال في أفغانستان تبرع بالمال لهم أو على الأقل استمع لمحاضرات دينية ما زالت ترسباتها في رأسه حتى وإن كان ابتعد جغرافيا منها.

لقد تابعنا أصوات نساء أفغانيات تحدّثن في مقاطع مسجلة وتغريدات، عن صدمتهن من المشهد والتطورات الأخيرة في أفغانستان بعد دخول “حركة طالبان” إلى العاصمة كابول، من دون أي مقاومة تذكر من القوات الأفغانية، فيما هرب الرئيس الأفغاني أشرف غني إلى طاجكيستان، قبل أن ينتقل لاحقاً مع أسرته وأمواله إلى الإمارات. وقد عبّرت وزيرة التعليم الأفغانية رانجينا حميدي في أحد اللقاءات عن صدمتها الكبيرة من تصرف الرئيس، غير أن المشهد برمته لم يكن صادماً في أفغانستان فحسب، بل حتى بعيون العالم الذي تابع الأحداث المتسارعة وهو يحبس أنفاسه أمام المشاهد المفزعة لهلع مواطنين وتكدسهم في مطار كابول ومحاولاتهم الهرب بطائرات الإخلاء الأميركية. ومن جانب آخر أتت تصريحات أيدت وصول “طالبان” إلى حكم أفغانستان، على لسان نشطاء وحقوقيين عرب، لطالما عُرفوا بمعارضتهم سياسات دولهم التي يتهمونها بمنعهم من المشاركة السياسية أو أدنى مستويات الحرية. إنها صدمة في المشهد الحقوقي والسياسي بخاصة على مستوى الخليج، تحت حجة أن “طالبان” خيار محلي وإسلامي وقد تعلم قادتها الدرس وهم ليسوا “طالبان” الأمس، وهكذا أصبح الحاكم العربي والمحكوم المعترض والمعارض على رأي واحد ووفاق.

فتصريحات دول الخليج العربي التي خرجت متتالية، اتفقت الى حد كبير على قبولها خيار “طالبان”، مع التشديد على أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار. لكن الموقف يبدو أبعد من ذلك، فإذا ما صدقت التحليلات السياسية حول اقتراب الصين من تولي سطوة الأخ الأكبر على أفغانستان، فستصبح القوى العظمى الثلاث منذ الثمانينات قد تعاقبت على هذا البلد الواحدة تلو الأخرى، ما يدفعني لطرح سؤال، قد لا أجد إجابته في الوقت الراهن. هل يعني هذا كله أن الصين ستكون فعلاً القوة العظمى مثلما أشيع العام الماضي بعد تفشي وباء “كوفيد- 19″، وستسحب البساط سياسياً ومحورياً من تحت أقدام الولايات المتحدة؟ وهل الأخيرة سينتهي بها المطاف مثلما انتهى الاتحاد السوفياتي؟ وهل ستتجه إثر ذلك بوصلة دول الخليج صوب الصين؟

ما يمكن قوله عن انشقاق الأطراف الحقوقية الخليجية اليوم، هو أن الذكورية الملتحفة بغطاء ديني تظهر في المواقف القاطعة، مثل ما يحدث حالياً في أفغانستان وانعكاساته على منطقتنا، فعندما كنا كنساء نتابع أوضاع المرأة الافغانية وما تعرضت له خلال العقود الماضية، كان كثيرون يتشبعون آنذاك بأفكار السبايا والحور العين. 

تراكمات الإحباط والتخبط السياسي أخرجت أفكاراً أنانية من جحورها، حتى بات “حقوقيون” من مؤيدي “طالبان”، لا ينفكون الآن عن التفكير في واقعهم وحده من دون أي اعتبار للواقع الأفغاني المؤلم. 

نعم كامرأة وكإنسانة لا أريد أن أرى امرأة أخرى ترتدي ما لا تريده أو تحرم من أبسط حقوقها الإنسانية، أو تستبعد من المشاركة السياسية أو تستهدف وهي في طريقها إلى عملها أو مدرستها أو تنفَّذ فيها عقوبات فجة، تحت ذريعة دينية! لا أريد لأنني أعرف أنها الحلقة الأضعف، وسط النزاعات السياسية، بخاصة في بلد محافظ كأفغانستان، لم يعرف من الحياة سوى مرها حتى بقي مسرحاً للنزاعات الدولية.

إقرأوا أيضاً: