fbpx

حمض النتريك على وجه مريم: عنف وحشي جديد ضد عراقيات

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

اعتدنا كل يوم في العراق، على فكرة الاستيقاظ على أمور مشابهة مفزعة، كصوت رصاص، انفجار، صرخة أم على فقيدها… لكن هل لك أن تتخيل، أن تكون فتاة نائم، مستغرقة في أحلامها ربما، فتستيقظ على صوت شخص، يمسك عبوة “تيزاب” (حمض النتريك)، ومن دون مقدّمات يرمي السائل الحارق على وجهها؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هذا المشهد المرعب، والذي يرسم الخوف في قلوبنا جميعاً، ينمو ويتكاثر في البلدان التي تكره نساءها. ولعله مشهدٌ جديد في العراق، لكنه حدث، وقد يحدث ما هو أفظع منه، طالما أن ثقافة التمييز ضد النساء قائمة وطالما أن القضاء لا يتحرك ويقف غالباً إلى جانب الجناة، تاركاً المرأة غير قادرة على مواجهة هذا الرعب. 

مريم فتاة شابة، طموحة، تدرس في معهد الفنون الجميلة، وتحب الحياة ببساطة. تقدم لخطبتها شاب معها في المعهد، لكنها رفضت، لرغبتها بإكمال دراستها. حاول، مرة واثنتين، وكانت مريم تمنحه جوابها نفسه: أعتذر، أنت تستحق الخير، لكنني أرغب باكمال دراستي حالياً. 

احرقها وهي نائمة 

تقدم في المرة الرابعة نحو منزل مريم، لكن بلثام وحقيبة، وتمكن من الدخول إلى منزلها خفية مستغلاً خروج ذويها إلى أعمالهم، حتى وصل الى غرفتها، وهي نائمة، لعلها كانت تحلم بالحياة، فحاول من خلال حقيبته التي كانت معبأة بمادة حارقة، سرقة حلمها هذا، امسك قنينة “النتريك/ التيزاب” وافرغ محتوياتها على وجهها مباشرة، وجعلها تصارع الوجع. ودموعها تسيل على حروقها واحلامها. مريم التي تمكنت من معرفة الجاني، من صوته، عاشت أياماً واسابيع، مريرة، شاهدت فيها الموت كل يوم. كان الشعور الحارق الذي لامس وجهها، يتفاقم أكثر، كلما تيقنت أن القضاء العراقي سيمرر للمجرم فعلته، كما فعل مع ضحايا أخريات، بتغافله وتناسيه مآسيهن، من اجل السلطة و”الظهر (الذكوري) القوي”. 

الكارثة، أن القضاء أطلق سراح المشتبه به مع صديقه، “لقلة الأدلة” على رغم أن مريم نفسها، كانت قد تعرفت إليه- على رغم لثامه- من صوته، كما أنه سرق هاتفها، لأسباب لا تعرفها.

تبرعات لترميم وجه مريم

تفقد مريم يوماً بعد يوم شغفها وطاقتها نحو الحياة التي تصبح قاتمة أكثر، مع تكاسل الجميع نحوها- باستثناء أهلها- الذين أنفقوا كل ما يملكون، من أجل إجراء عمليات جراحية التجميلية غير الكافية لترميم التشوه الذي أصاب وجهها. ابتعدت مريم من كل شيء، دراستها واصدقائها واحلامها وحتى شارع منزلها، فانتقل أهلها إلى حيّ آخر، مطل على نهر دجلة، حتى تستطيع مريم، الخروج والجلوس أمام النهر وحده ولو بشكل متقطع.

لا تملك مريم وعائلتها اليوم أي شيء، تبحث عن متبرعين -ولو معنوياً- لقضيتها، ولترميم وجهها، تناشد أمها الناس والدولة باسم وجه ابنتها وتحاول، وما من مجيب سوى مواطنين وأشخاص يتبرعون بقلوب محروقة. العلاج مكلف، وهي بحاجة لأكثر من 12 عملية جراحية كبرى خارج العراق، أي أنها تتطلب تكاليف اضافية باهظة، لتعيد لها شيئاً من وجهها القديم الذي شوّهه الحقد وأحرقه أسيد التخلف. 

السؤال الذي يراودني دائماً، ولا أعرف كيفية إيجاد إجابة عليه: لِم ساهمت السلطات بوصول وضع النساء العراقيات الى هذه المرحلة المخيفة؟ وما الذي قدمته المرأة العراقية لتُقابل بهذه الطريقة البشعة؟ لطالما رفعنا الصوت بضرورة حصول العراقيات على “كامل حقوقهن”. والنظام الذكوري لا يفهم هذه الكلمة ولا يفسّرها سوى بمرادف “عمل المرأة وقيادتها السيارة، وخروجها من دون حجاب”. أليس هذا كافياً؟ يسأل النظام الذكوري. ولا تنجو النساء من العذاب. 

 لطالما كانت المرأة العراقية مهمشة ومنبوذة ومصدومة، من المجتمع، والقضاء، رجال الدين، وأزواجهن وأقاربهن وجيرانهن. ما الذي ينتظره اصحاب القرار لاتخاذ إجراءات حماية للنساء وإقرار قوانين تحاسب قاتليهن معنوياً وجسدياً واجتماعياً؟

إقرأوا أيضاً:

الإفلات من العقاب

ما الذي حدث لقاتل المعلمة الصائمة؟ 

هل نسينا قصة ذلك العسكري الذي حاول الاعتداء على معلمة ثم أغرقها حين صدته. او ملاك، الطفلة الزوجة التي أحرقت نفسها بسبب سوء معاملة زوجها؟ حسناً لنتذكر، نورزان، واخاها الذي قتلها أمام المارة، والشقيقتين زهراء وحوراء، اللتين قتلهما اخوهما داخل المنزل؟

كل قصة جديدة، تفتح جرحاً جديداً، وتفاقم سطوة منظومة بطش على مصائر النساء، اللواتي يزددن  خوفاً. والأنكى أن هذه الجرائم تجد من يبررها. فحتى حينما انتشرت صورة مريم بوجهها المحروق والمشوّه، وجد الجاني من يبرر له على مواقع التواصل الاجتماعي. 

أي عالم وحشيّ هذا الذي نعيش فيه؟!

إقرأوا أيضاً: