fbpx

لبنان: طارق بيطار شخصية العام

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

لنجري في اليوم الأخير من السنة مسحاً من حولنا. سنعثر على فضائح العام وعلى فاسدي العام وعلى قتلة العام، لكننا لن نعثر على رجل واحد يمكن أن يمدنا بوهم يعيننا على العام 2022 إلا طارق بيطار.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 لا نعرف كثيراً عن طارق بيطار، قاضي التحقيق في قضية انفجار مرفأ بيروت، لكن العام 2021 الذي حمل لنا في لبنان عصفاً هائلاً من الكوارث والنكبات، وموجات يأس وهجرة وجوع، حمل لنا أيضاً هذا الرجل الذي أدهشنا بصلابته، ورسم لنا ما قد يكون أفقاً. لحظة عدالة في زمن لا مكان فيه لهذا الوهم. طارق بيطار مدنا بوهمٍ كان من المستحيل أن نواصل عيشنا من دونه. وهمٌ صعب وساذج وضعيف، إلا أنه كان ضرورياً لكي نجيب أنفسنا عن أسئلة من نوع: هل يمكن مواصلة العيش؟ طارق بيطار وحده من جعلنا نعتقد أن وهماً يمكن أن يبقينا في هذا البلد.

الرجل ليس بطلاً. إنه مجرد قاضٍ نزيه. لا نحتاج إلى أكثر من ذلك. الأبطال لطالما أطاحوا ببلادنا. وهو وحده في مواجهة طبقة سياسية رهيبة ومتكاتفة على رغم خصومة يزعمها أعضاؤها. هذا ما يعزز تمسّكنا بالوهم وخوفنا عليه. وهو إذ يواصل غيابه واستدعاءاته، ويصر على المثابرة في أداء وظيفته بهمة مدهشة، ملتقطاً اللحظات التي يتاح له بها الاستدعاء، يمعن في الانكفاء، وفي مواراة وجهه عنا، فيما المشتبه بهم يرقصون على الشاشات، وتحميهم ثلل من مقاتلي الميليشيات، وتُفرد لهم الشوارع تظاهراً وتهديداً وعربدة.

نعم إنه رجل العام 2021، نحتاج لشيء مثله لكي نواجه أنفسنا في نهاية هذا العام البائس.

هو صنف من الناس لم نعهده لشاغلي المناصب في بلادنا! من أين أتى، وما وراء هذا الوضوح وهذه السكينة؟ ذلك أن لبنان ينتج أصنافاً مختلفة من الناس، والعودة إلى سيرة الرجل لا تفضي إلا إلى أنه يشبهنا بعاديته، وأننا كان من المفترض أن نكون مثله. تعلّم حيث تعلمنا، وتزوج مثلما تزوجنا، وربما احتاج توسطاً من زعيم حتى يصبح قاضياً، وإذا به يقف في وجه السلطة، كل السلطة، يستيقظ في الصباح على وقع خطاب تهديد من حسن نصرالله وتشكيك من سعد الحريري وتلويح بالتكفير من دار الفتوى وخذلان من البطريركية المارونية، ويستأنف استدعاءاته التي يقابلها زملاء له في القضاء بدعاوى صدٍ ومنع لتأخير وعرقلة عمله، إلا أنه لم يكل ولم يمل.

إنه شخصية العام في لبنان، فلا أحد غيره يمكن أن ندير وجهنا إليه ونبتسم. الوجوه من حولنا هي أقنعة بؤسنا. حسن نصرالله وميشال عون ونجيب ميقاتي ورياض سلامة، فإلى أين نشيح بوجهنا؟ لكننا لا نملك ناصية وجه البيطار. صوره القليلة لا تسعفنا على تثبيت وجهه في مخيلاتنا. هذا ما يقرّب الوهم منا، ذاك أننا لسنا أمام قائد، انما مجرد رجل نزيه، رجل حين وصله تهديد “حزب الله” تصرف كما يتصرف الناس العاديون، وهذا ما أذهل الحزب وأذهل إعلامه، فعجزا عن نفي التهديد، اذ أنهم لم يألفوا المجاهرة العادية ولا يجيدون مواجهة من يواري وجهه عن الكاميرات!

لنجري في اليوم الأخير من السنة مسحاً من حولنا. سنعثر على فضائح العام وعلى فاسدي العام وعلى قتلة العام، لكننا لن نعثر على رجل واحد يمكن أن يمدنا بوهم يعيننا على العام 2022 إلا طارق بيطار. والأرجح أن يتمكن الجناة من النجاة، إذ إن طبقة سياسية كاملة تقف خلفهم، لكن محاولة جدية جرت، وما حققته من نجاحات حتى الآن يصلح لأن نسجّله كرصيد وحيد للعام 2021. رجل عادي تمكن من استدراج الجناة إلى حلبة الحقيقة. العدالة تعثرت، لكنه تمكن من كشفهم.  

إقرأوا أيضاً: