fbpx

بهاء الحريري: حلم الزعامة السنّية الذي تبدّد قبل الوصول 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

سعد، وإن كان يدرك مناصروه أن فيه ما يكفي من القصور السياسي للفشل، إلا أن التراجيديا التي أحاطت بمسيرته قربته من الشارع السنّي، وهذا قبول لا يبدو أن بهاء قد حظي به حتى الآن.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“يا أيها القوم”… 

هي أول عبارة تستحضرها الذاكرة عندما يأتي اسم بهاء الحريري على الذكر، على رغم كل محاولاته لخلق صورة وريث للزعامة السنية. 

تلك العبارة التي ناشد بها بهاء أنصار “تيار المستقبل” أثناء تشييع جثمان والده رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري بعد اغتياله عام 2005، طالباً منهم الابتعاد من ضريح الأخير لإقامة صلاة الميت عليه، أظهرته في صورةٍ مهزوزة لا يصلح فيها لتولّي زعامة طائفة في بلدٍ شديد التعقيد كلبنان. لكن على رغم ذلك، بايعته الجماهير الغاضبة حينها، قبل أن يُدفع بشقيقه الأصغر سعد لمتابعة المسيرة الحريرية. 

لم يغب بهاء عن الساحة السياسية كليّاً بعدما أُبعد من الوراثة السياسية. بقيَ حاضراً عن بُعد، مطروحاً، ولو نظرياً، لاستبدال أخيه به في حال فرضت الظروف ذلك. ويجد بهاء اليوم فرصة ذهبية لطرح نفسه مجدداً، بعدما علّق سعد الحريري عمله السياسي، وهي ليست المرّة الأولى التي ينتهز فيها ضعف شقيقه لتحقيق مكاسب. إذ لم يتردّد بهاء بالترويج لاسمه كبديل عن شقيقه قادر على مواجهة “حزب الله” وسلاحه ومن خلفه إيران، عندما احتجزت الرياض سعد الحريري في خريف عام 2017، ما أضعف شعبية بهاء السنيّة. ذلك أن مشهد سعد الحريري قرب ضريح والده في ذكراه الـ17، أكّد المؤكّد. سعد الحريري، بكل ما يحمله من تراكم أخطاء سياسية وخسائر، هو العمود الفقري للحريرية، يتعاطف معه الشارع البيروتي ويستجيب لخطابه العاطفي، فيما ينظر إلى بهاء على أنه “يصعد على ظهر أخيه”، ما يطرح شكوكاً حول زعامة بهاء. فسعد، وإن كان يدرك مناصروه أن فيه ما يكفي من القصور السياسي للفشل، إلا أن التراجيديا التي أحاطت بمسيرته قربته من الشارع السنّي، وهذا قبول لا يبدو أن بهاء قد حظي به حتى الآن.

بعد ساعات من إحياء ذكرى الحريري، عُلّقت لافتات بهاء وصوره في كل من المنارة وفردان والصنائع وعائشة بكار وشارع الحمراء، إلا أن أهالي المناطق مزّقوها. 

بهاء، الذي يُعرّف عنه “غوغل” أولاً كـ”ابن رفيق الحريري” وثانياً كـ”رجل أعمال وفاعل خير”، عاد للظهور على الساحة اللبنانية أواخر عام 2019 من بوابة الانتفاضة الشعبية. اختار حينها السير عكس “تيار المستقبل”، وتبنّى خطاباً مُناقضاً لشقيقه سعد الذي أسقطته الانتفاضة. إذ يضع بهاء مناهضة “حزب الله” أولى اهتماماته، من جهة لتقديم نفسه كبديل عن سعد، الذي أُخذ عليه تقديم تنازلات ومساومة مع الحزب، ومن جهةٍ أخرى للتقرّب من القوى المعارضة وطرح نفسه كمشروع تغييري، إلا أن ذلك لن يكون له أي حساب في المعطى السياسي، وفق مصادر “درج”.   

“عودة الابن الضال”

مرّة جديدة برز بهاء على الساحة السياسية مزاحماً لشقيقه سعد، بعدما أعلن الأخير تعليقه العمل السياسي، قائلاً إنه سيخوض معركة “استرداد الوطن من محتليه”، و”سيستكمل مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري”. 

سعد الحريري، بكل ما يحمله من تراكم أخطاء سياسية وخسائر، هو العمود الفقري للحريرية، يتعاطف معه الشارع البيروتي ويستجيب لخطابه العاطفي، فيما ينظر إلى بهاء على أنه “يصعد على ظهر أخيه”.

لا يُفوّت بهاء فرصة للتذكير بأنه ابن رفيق الحريري، وكأنه سلاحه الوحيد المتبقّي لخوض هذه المعركة، إلا أن استطلاعات الرأي بحسب المطلعين تشير الى أنه لم يُحرز أي تقدّم في البيئة السنيّة في السنوات الأخيرة. حتى إن بعضها يقول إن بهاء لن يستطيع ترشيح أحد في بيروت، وفي حال فعل، فلن يتمكّن من تأمين فوزه، وهو ما يُرجّح اتجاهه نحو الانكفاء، وإن كان موقتاً.  بحسب المتداول فإن الموقف السعودي من بهاء الحريري سلبي، فلا تنسيق ولا دعم منذ سنوات، حتى إن المملكة، التي يحمل بهاء جنسيتها، تُظهر تجاهلاً تاماً تجاهه ولا تقيم له أي اعتبار بالمعنى السياسي. أما على الصعيد العائلي، فبدا بهاء معزولاً ولم يحظَ بأي دعم. وكان آخر الصفعات، هجوم شنّته شقيقته هند ضده على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ خاطبته في منشورٍ قائلةً، “أنت تعتمد أدنى المعايير التي لم يمر عليّ مثلها على الإطلاق”، وذلك بعدما نشرت منصته الإعلامية “صوت بيروت انترناشونال” مقالاً ادّعت هند أنه يُلفّق تهماً ضدها وضد زوجها. أما على صعيد الطائفة، فقد أعلن مفتي الجمهورية اللبنانية عبداللطيف دريان عدم تأييده ترشيح بهاء وقيادته كتلة سنية. أما بالنسبة إلى التأييد الشعبي السلبي في بيروت، فذلك يمتدّ أيضاً إلى صيدا، التي افتتح فيها بهاء مكتباً، إلا أن الحركة فيه “معدومة”، وفق مصادر صيداوية.  

صوت “بهاء الحريري” 

لم يكن استهداف هند الحريري يتيماً. يُسخّر بهاء منصته الإعلامية “صوت بيروت إنترناشونال”، عدا نشر أجندته السياسية، لفتح جبهات على خصومه، من “حزب الله” إلى سعد الحريري. ففي سبيل تحطيم صورة سعد الحريري، خرج زاهر عيدو، نجل وليد عيدو الذي اغتيل عام 2007، في مقابلة مع المنصة مُهاجماً سعد. كاشفاً أن الأخير أراد في انتخابات 2005، إقصاء والده. كما اتهمه بالتسبّب في ترك عمله وتكبيده دفع تكاليف الانتخابات الماضية من جيبه، داعياً إلى “عدم الوثوق بسعد”. 

لا يُفوّت بهاء فرصة للتذكير بأنه ابن رفيق الحريري، وكأنه سلاحه الوحيد المتبقّي لخوض هذه المعركة.

المنصّة، التي استقدم إليها بهاء أبرز الوجوه الإعلامية اللبنانية عبر إغرائهم بـ”الفريش دولار”، هي جزء من محاولاته لحجز مكانة له في الساحة السياسية. تضاف إليها “مؤسسة نوح” لـ”مواكبة العمل الإنساني”، وصولاً إلى “سوا”، وهي منصة “تدعم كل شخصية تغييرية من دون تدخل في التسميات للانتخابات النيابية”، وفق ما قال بهاء. علماً أن الرجل يقدّم عروضاً مالية ضخمة لأبرز المؤسسات الإعلامية اللبنانية للترويج لصورته، أبرزها “أم تي في” و”أل بي سي” وقناة “الجديد”. المال الذي اشترى فيه خدمات شاشتين تلفزيونيتين كبيرتين ووجوهاً إعلامية تعمل على القطعة وبعض الأزلام اللاهثين خلف الأدوار، هذا المال ليست له وظيفة سوى أن ينكسر سعد”، كتب ذلك الوزير السابق باسم السبع، المقرّب من رفيق وبعده سعد الحريري، في “رسالة إلى رفيق الحريري في ذكرى اغتياله“، نُشرت على موقع “لبنان الكبير”. وصف فيها بهاء بـ”الماهر بالإساءة لرفيق ولنفسه ولعائلته”. 

بهاء، الذي تخرّج من جامعة “بوسطن” الأميركية وعمل في مجال الهندسة والعمارة، يُعتبر من أبرز أغنياء الشرق الأوسط بثروة تُقدّر بملياري دولار، وفق قائمة “فوربز” للأثرياء لعام 2021. تتركز استثمارات بهاء في القطاع العقاري، فهو مؤسس مجموعة “هورايزون” للمشاريع الإعمارية في لبنان، وهي التي نفّذت مشروع ABC فردان، الذي تخطت تكلفته 200 مليون دولار، عدا أبراج سكنية وفنادق بقيمة تُقدر بـ500 مليون دولار. هذا إضافة إلى العمل مع كل من حكومة الأردن والكويت. إذ شاركت “هورايزون” الحكومة الأردنية في بناء مشروع مدينة مُصغرة في ميناء العقبة على البحر الميت بـ5 ملايين دولار، واستحوذت الشركة على حصة 5 في المئة في شركة “المشاريع الكويتية القابضة” عام 2009، ليصبح بهاء أكبر فرد مستثمر في الشركة. على الصعيد العالمي، سعى إلى خلق نفوذ له داخل دوائر واشنطن، فكان “مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط”، وهو مركز بحثي أطلقه بهاء عام 2011، مقرُّه الرئيس في العاصمة الأميركية. 

إقرأوا أيضاً: