fbpx

 جبران باسيل… الرئيس الذي نكرهه  

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يريد جبران باسيل رئاسة الجمهورية. لكنه يريدها كفرادة في النوع عندما يطرح انتخاب رئيس الجمهورية من شعوب لبنان الكثيرة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا أريدها، سيقول لنا. هذه حال المتعفِّف جبران باسيل، والمُتعفَّف عنها هنا، هي رئاسة الجمهورية.

 لا أريدها، لكنني مرغم عليها، وقد قالها. وتلك كانت رتبة الوزير، والمترفِّع هنا هو جبران باسيل أيضاً.

  أما النائب، فطموح دائم لدى جبران باسيل، وقد وصل إليه راهناً متدرجاً بمسار انحداري بين انتخابات عامي 2018 و2022 النيابية، وخلف نائب “القوات اللبنانية” غياث يزبك.

   بين لسان جبران باسيل وعقله تباين شاسع، لكنه مفتعل. ففي رئيس “التيار الوطني الحر”، ما يشي بأنه يريد كل شيء حين يقول أنه لا يريد شيئاً. ومقاربة كهذه لن تُعدم دلائل كثيرة أملتها مواقفه من قلب السلطة، أو وهو يقف عند تخومها شريكاً مضارباً.

 وجبران الذي بيننا، يفرض نفسه كحالة تقترب من وعينا كطموح استثنائي، ولكن بنزعات كثيرة. نزعة سلطوية، ونزعة صدامية، ونزعة نرجسية، والأهم بين هذه النزعات هي “العجلة”. فباسيل حاول، ويحاول تحقيق هذا الطموح بهمة عدَّائي المسافات القصيرة، وعدْوٌ كهذا يفترض بالضرورة ألا يلتفت صاحبه إلى شيء إلا إلى خط النهاية، وجبران في حثِّه نحو ذلك الخط، لا يعدو فوق الرمل، أو فوق التراب المرصوص، أو حتى فوق العشب. إنه باختصار يعدو على أجسادنا، يدوسنا، ويحيلنا أضاحي مفترضة لنرجسيته، وهذه سمة الطامح المتعجل عموماً. إنه المنايا في خبطها العشوائي على ما قال الشاعر زهير بن ابي سلمى.

  والنزعات النفسية المتورمة في جبران باسيل تتوالى فصولاً في راهن انتخابي عبرناه لتوّنا. لا يخسر جبران، هو منتصر دائم، وتسعفه وتسعفنا أيضاً، أن الخسارة ليست ساحقة هذه المرة، فهذه في العقل المتورم بالانتصار الذاتي، لا الإلهي، تستدرج الآخرين، وتحديداً من يقيمون في نفسه المسكونة بالطموح، كما بالأوهام، كخصوم لها، وتخضعهم إلى ثأر جمعي يُفترض أن نحسد أنفسنا لأننا في طوق نجاةٍ منه. وإننا ما زلنا نتلمس آثاراً هائلة من البؤس الذي صنعه باسيل كمشروع منقذ، ومنتصر في آن.

  جاء جبران باسيل إلى السياسة، واستطراداً للسلطة، لكي ينقذنا، لكنه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً. والعجز الباسيلي المتراكم منذ 15 عاماً في الحكم يُسيّله غالباً في تلازم لغوي مبتذل بين المقدرة وانتفائها، “ما خلُّونا”، و”الما خلُّونا” تتحول إلى “كليشيه” جمعي يردده العونيون كرافد لنزعات زعيمهم، وكتسمين لفكرة مبسترة في عقله، “أنا منتصر، أو أحاول، إذاً أنا موجود”. 

  في إطلالاته التي أعقبت الاستحقاق الانتخابي الأخير، لم يقر جبران باسيل بهزيمة يسهل تقصيها بالأرقام. صحيح أنه لامسها بالحديث عن تراجع “التيار الوطني الحر”، لكنه وهو المسكون بأوهام المنتصرين، لم يلبث أن طعن علم الحساب بخنجر السياسة، حيث الأخيرة ضالة من لا ضالة له.

  قال جبران باسيل كلاماً كثيراً في السياسة، وفي أخصام اتسعت مساحتهم هذه المرة لأهل بيته. لكننا، وهذا الأهم، رصدنا جبران باسيل الوريث النموذجي لطموح لميشال عون، أي رئاسة الجمهورية.

 طرح جبران باسيل فكرة انتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب، وهي أساساً فكرة ميشال عون قبل رئاسته الحالية. والطرح على استحالته الدستورية راهناً، ومستقبلاً على الأرجح، لكنه وشى بأمرين، الأول استعصاء رئاسة الجمهورية عليه في ظل الآلية الدستورية القائمة، والثاني يشي باعتراف ضمني بأن النظرية العونية عن تلازم رئاسة الجمهورية مع المسيحي القوي، قد صارت، وبفعل الانتخابات النيابية الأخيرة، حيث لا يشتهي العونيون.

   والحال، يريد جبران باسيل رئاسة الجمهورية. لكنه يريدها كفرادة في النوع عندما يطرح انتخاب رئيس الجمهورية من شعوب لبنان الكثيرة. يريدها وهو على خصومة مع شعب نبيه بري ووليد جنبلاط، وبدون شعب صديقه القديم سعد الحريري ، وناعياً أولاً لاتفاق معراب مع سمير جعجع وشعبه، وقبل كل هؤلاء كخصم  لشعب انتفاضة 17 تشرين الذي هجاه أولاً بين أقرانه في جمهورية يريد رئاستها مكروهاً من كل هؤلاء. ويريدها أخيراً بحصاد شعبي شخصي وحزبي نزع عنه وعن تياره التفوق المسيحي. وأغلب الظن أن طرح باسيل، وطموحه الرئاسي، يقف اولاً، وفي عقله طبعاً،  على عتبة 350 ألف صوت هي الحاصل الجمعي لأصوات  “حزب الله” التفضيلية.

إقرأوا أيضاً:

   وأغلب الظن أيضاً أن اقتراح تعديل آلية دستورية تتيح انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب، هي مخاض عسير دونه ما هو أكبر من رغبة باسيلية ذات إتاحة يتيمة يطلبها من كتاب غيره، وستفتح على الأرجح تعديلات أخرى لآليات دستورية ليست أقلها طائفية الرئاسات الثلاث. حينها لن يكون أي طموح رئاسي متاحاً لباسيل، أو لأي ماروني آخر.

 يقول النائب والوزير الراحل حديثاً محمد عبد الحميد بيضون إن “العونية ابتدأت حيث انتهى نبيه بري”. وكلام بيضون يعود إلى الفترة التي باشر فيها العونيون سلطتهم، منذ عام 2008.

مقاربة بيضون تتفق غالباً مع مسار سلطوي عوني مستنسخ عن المسار الذي سلكه الرئيس نبيه بري في السلطة والإدارة، توزيراً في الأولى وتوظيفاً كثيفاً بلا ضوابط في الثانية. لكن مقاربة بيضون يعتريها على الأرجح اختلال في مآل الطموحات السلطوية الرئاسية للطرفين. فحين تبدو الرئاسة الثانية متاحة لنبيه بري راهناً، وللمرة السابعة توالياً، ولو بهشاشة موصوفة لم يعهدها الأخير سابقاً. فإن العونية في مآلها الباسيلي، وطموحها الرئاسي الراهن، تعدو عن أن تكون ضحية  نزعات نفس جبران باسيل الكثيرة، ومنها “العجلة”.

وقديماً قيل في العجلة الندامة. وجبران باسيل لن يكون إلا دعاء سلطوي خائب.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.