fbpx

العراق: قراءة سياسية واقتصادية وحقوقية لقانون تجريم التطبيع مع إسرائيل 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

للقانون استثناءات استنسابية بيد وزارة الداخلية. وهذا، بلا شكّ، سيكون مع الأيام مثار جدل كبير.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

صوّت مجلس النواب العراقي بإجماع الحاضرين على مقترح القانون المقدم من اللجنة القانونية والذي يهدف إلى “الحفاظ على المبادئ الوطنية والإسلامية والإنسانية في العراق وثوابت الشعب العراقي في الدفاع عن فلسطين وشعبها والشعوب العربية كافة التي احتلت أراضيها وردع كل من يعمل على التطبيع وإقامة العلاقات مع هذا الكيان الغاصب”، كما جاء في نصه.

أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر لبوا دعوته للنزول إلى الشوارع والاحتفال بالقانون الذي صدر عن مجلس نيابي عاجز عن  انتخاب رئيس جمهورية، يتبعه تشكيل حكومة جديدة. 

لكن إقرار هذا القانون، في هذا التوقيت، يفتح الباب على تساؤلات كثيرة حول الرسائل السياسية التي يتضمنها إقراره، خصوصاً فيما يتعلق بموجة التطبيع التي يشهدها الخليج العربي مؤخراً، فضلاً عن رسائل داخلية، عراقية- عراقية، بحبر فارسي ربما، إلى إقليم كردستان، المتهّم بسعيه إلى تطبيع العلاقات مع اسرائيل، ولم تمض شهور على قصف الحرس الثوري الإيراني لمواقع في إربيل، عاصمة الإقليم، إدّعى إنها تعود للموساد الإسرائيلي، لكن شكّلت الحكومة العراقية لجنة تحقيق خلصت إلى أن إدعاءات إيران باطلة ولا أساس لها. 

قراءة قانونية

قبل الخوض في التحليل السياسي لصدور هذا القانون، يجب ان نتوقف عند بعض البنود التي جاءت فيه من الناحية القانونية، إذ يرى الخبير القانوني العراقي علي التميمي إن هناك بعض النقاط، من باب النقد الدستوري، تحتاج إلى إيضاح وتفسير، إذ إن “القانون صيغ على عجل وسيواجه صعوبة في التطبيق وكان من المفترض تفصيله قبل البدء في تمريره برلمانيا”.

بالنسبة إلى التميمي فإن هذا القانون “مقتضب ويتألف من عشر مواد وهو مشابه للتشريعات التي صدرت في تونس والجزائر حيث أنه يستهدف العراقيين في الداخل والخارج والعسكريين ومؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والمحافظات والأقاليم داخل العراق ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي”.

ويرى التميمي ثغرات في القانون الذي غفل عن مزدوجي الجنسية من العراقيين الذي لم يشر إليهم في بنوده، وبالتالي قد يكونون معفيين من حظر التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الإسرائيلي قانونياً.

القانون لم يحدد، وفق التميمي، الجهة الرقابية التي ترعى تطبيقه وتحرك الشكوى حيث من المفترض أن يشير القانون إلى أن الادعاء العام هو من يجب أن يقوم بتحريك الشكوى على كل من يطبّع مع اسرائيل.

كما ان القانون لم يلحظ كيفية تعامل العراق الرسمي مع الدول المطبّعة مع اسرائيل، وبينها دول صديقة، وقد غفل القانون العراقي الجديد عن هذه الجزئية المهمة، بحسب التميمي.

العقوبات وفق المادة الخامسة من القانون الجديد قد تصل إلى الإعدام وتعتبر التعامل مع اسرائيل خيانة عظمى، لكن التميمي يرى بأن الأفضل أن يعمل البرلمان العراقي، اسوة بتونس، على فرض عقوبات بالسجن تصل إلى عشرة سنوات وغرامات مالية تصل إلى 30 ألف دولار بدلاً من العقوبة المذكورة. كما ان قانون تجريم التطبيع أشار في مواده الاخيرة 9-10 انه يسري من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية العراقية، وبالتالي فإنه لا يتضمن مفعولاً رجعياً.

التضييق على النفط الكردي؟

يطرح القانون إشكاليات على المستويين السياسي والإقتصادي، خصوصاً فيما يتعلق بحكومة إقليم كردستان، المتهمة من قبل فريق إيران في العراق بأنها تقيم علاقات أمنية واقتصادية مع إسرائيل. الإتهام الإيراني “صُدّق” عليه بصواريخ استهدفت أربيل، كما سبق أن أشرنا، لكن لم يقدم الحرس الثوري الإيراني الذي تبنى الهجوم الصاروخي اي دلائل على ادعاءاته بوجود مركز أمني للموساد في عاصمة الإقليم.

أما على الصعيد الإقتصادي، فقد كانت حكومة كردستان قد أعلنت في نهاية شهر آذار/مارس الماضي عن تصدير 153 برميل نفط خام إلى الأسواق العالمية بإيرادات بلغت 9 مليارات دولار خلال العام 2021.

وقالت الحكومة في بيان رسمية وقتها إن “الصادرات النفطية جرت عبر ميناء جيهان التركي وبسعر 59.4 دولارًا للبرميل الواحد”.

ويتولى الإقليم تصدير نفطه المنتج منذ عام 2009 بمعزل عن الحكومة الاتحادية في بغداد بالاعتماد على قانون النفط والغاز الذي شُرع عام 2007 وتعتبره بغداد مخالفًا للدستور الاتحادي.

وكشفت مجلة “الإيكونوميست” البريطانية، في تقرير لها، عن بيع كردستان نحو نصف نفطها إلى الكيان الإسرائيلي، وبالتالي، وبحسب  الخبير الإقتصادي نبيل جبار العلي فأن” قانون تجريم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي سيفرض قيودًا على تصدير الإقليم لنفطه إلى تل أبيب”، في حال صحّت إدعاءات “الإيكونوميست”، التي تنفيها حكومة كردستان جملة وتفصيلاً.

ويمتلك إقليم كردستان العراق 3 مصادر للإيرادات العامة: حصته من الموازنة العامة الاتحادية، وعائدات بيع النفط، والعوائد غير النفطية من الضرائب والرسومات ورسوم الجمارك.

وقال العلي في تصريحه لـ”درج” إن القانون سيفرض قيودًا كبيرة على الإقليم، لجهة وصول نفطه إلى إسرائيل، في حال صحّت الإدعاءات التي نشرت في أكثر من مصدر منذ العام 2014 وحتى اليوم، وهو من شأنه أن يزيد الخناق على الإقليم الذي يتعمد بنسبة كبيرة على صادرات النفط الخام.

ويشير العلي إلى أنه “في حال ثبوت استمرار إقليم كردستان بالتصدير النفطي إلى الكيان الإسرائيلي فأنهم سيخضعون للعقوبات التي نص عليها قانون التجريم الجديد والتي تصل في بعض مواده إلى الإعدام”.

ماذا عن يهود العراق؟

بالعودة إلى الناحية القانونية هناك نقطتان إشكاليتان في القانون. إذ انه لا يلحظ شيئاً فيما يتعلق بالعرب (الفلسطينيين) الإسرائيليين، الذين يعيشون داخل الأراضي المحتلة، ولم يتطرق ابداً إلى اليهود العراقيين الذين يعيشون في إسرائيل وكيفية تعاطيه معهم. 

وعليه يرى العلي بأن القانون كان يجب أن يحدد كيفية التعامل مع تلك الجماعات والأفراد الذين يسكنون ضمن الحدود المرسومة داخل الأراضي الفلسطينية. 

أما النقطة الإشكالية الثانية، فهي التي تشير إلى أن أحكام القانون لا تسري على الزيارات الدينية المقرونة بموافقة مسبقة من وزارة الداخلية. وهذا يعني أن للقانون استثناءات استنسابية بيد وزارة الداخلية. وهذا، بلا شكّ، سيكون مع الأيام مثار جدل كبير.  

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.