fbpx

كيف أفضى فساد مطار النجف إلى تسلل طفل إلى طائرة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

فوجئ ركاب الطائرة المدنية التابعة للخطوط الجوية الإيرانية “إيران اير” 5318 وعلى متنها ما يقارب 200 راكب، بوجود طفل ادّعى التسول كما أشيع في وسائل الإعلام، عابراً جميع الحواجز الأمنية السبعة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

حادثة لا يجوز وصفها بالغرابة ما دمت تتحدث عن العراق. فكل ما يخطر على بالك يمكن أن يحدث في هذه البقعة الجغرافية التي تشهد صراعات كبيرة على المناصب والمؤسسات والمرافق التي تدرّ مالاً، أو فيها اي منفعة اقتصادية، فتتحول معها معظم مؤسسات الدولة إلى ملعب سائب. الحادثة تتلخص في تسلل طفل متسوّل إلى مقصورة طائرة في مطار النجف!

فوجئ ركاب الطائرة المدنية التابعة للخطوط الجوية الإيرانية “إيران اير” 5318 وعلى متنها ما يقارب 200 راكب، بوجود طفل ادّعى التسول كما أشيع في وسائل الإعلام، عابراً جميع الحواجز الأمنية السبعة. وبذلك أصدرت قمرة القيادة أوامرها بإنزال الركاب وإفراغ الحمولات للتأكد من ألا يكون هذا الخرق إرهابياً، في حال استطاع الطفل إدخال أي نوع من السلاح أو المتفجرات إلى الطائرة. تعطّلت الرحلة نحو ساعة و45 دقيقة ومن ثم عاد الركاب إلى مقاعدهم وانطلقت بسلام الى وجهتها.

حادثة الطفل المتسول ذي العشر سنوات أثارت استغراب الجميع واستنفرت المسؤولين عن المطار إدارياً وأمنياً. وتشكّلت لجان تحقيق في نجاح طفل صغير في تجاوز تلك الحواجز من دون تفتيش أو معرفة ان كان يحمل تذكرة سفر أو جوازاً، ما يعني أن جميع الرحلات باتت مهددة بخطر الاستهداف الإرهابي في مدينة تعد واحدة من أقدم مدن العالم دينياً لدى المذهب الشيعي ومركز المرجعية الدينية، حيث مرقد الإمام علي بن ابي طالب، ووجهة سياحية ودينية أساسية في العراق، وتبلغ عدد الرحلات اليومية إليها  قرابة 45 رحلة ويتضاعف العدد أثناء مواسم الزيارات الدينية، ويضمّ المطار حالياً قرابة 1600 موظف بين إداريين وأمنيين.

عادة ما توكل المطارات الدولية مهمات حمايتها لأجهزة أمنية متخصصة ومدرّبة، اذ يتم التشدد بالرقابة ويجب أن تمتلك أجهزة أمن المطارات خبرة عالية فضلاً عن التقنيات الحديثة لمنع أي خرق محتمل، وتمثل المطارات الوجهة الحقيقية لدول العالم والرسالة العملية لمستوى الأمان في البلدان.

وأظهرت مقاطع فيديو لكاميرات المراقبة المنتشرة عند مداخل مطار النجف الدولي بثتها إحدى القنوات الفضائية العراقية دخول الطفل في عجلة (سيارة) خصوصية برفقة رجل كبير وخضعت تلك العجلة لتفتيش كبقية العجلات، حتى الوصول إلى الحاجز الأمني الأول داخل مبنى المطار ليفترق الطفل عن ذلك الرجل وبعدها تمكن الطفل من تجاوز الحاجز الأمني الثاني بعد وقوفه بقرب إحدى العائلات المسافرة ليوحي بأنه أحد أفرادها، ثم انتقل إلى مرافقة أحد الرجال المسافرين وهو يعبر الحاجز الأمني الآخر، فيما كان يمسك بقميصه ويتحاور معه ومن ثم قام بالتحايل على أحد الطوابير المؤدية إلى الحافلات كي تصل الى الطائرة ويصعد من بعد ذلك إلى الطائرة،لينتبه حينها رجال أمن الطائرة الايرانية إلى وجوده ويسلموه بعدها إلى أمن المطار.

مطار النجف بشكل خاص كان حلبة صراع سياسي ما بين الكتل الحزبية وفي مقدمتها حزب الدعوة الإسلامية والتيار الصدري فضلا عن عصائب اهل الحق التابع لـ قيس الخزعلي وتعرض المطار لتظاهرة من قبل التيار الصدري عام 2019 احتجاجا على أحد المسؤولين التابع لهم في المطار، واتهموه بالفساد المالي، فيما أشارت مصادر آنذاك إلى أنه لم يكن متعاوناً مع المكاتب الاقتصادية التابعة لهم، لذلك قرروا الاطاحة به.

مصادر أمنية كشفت أن عملية دخول الطفل المتسول الى داخل المطار لم تكن عابرة أو عدم تنسيق فهناك من قام بإدخاله من خلال العجلة التي تقله حتى وصوله بعدما عبر جميع الحواجز الأمنية ويتضح أن الطفل لديه القدرة على العبور بطريقة ذكية وكأنه مدرب على ذلك.

إدارة مطار النجف قررت إعفاء مدير الرقابة على خلفية الخرق الأمني وفتحت تحقيقاً موسعاً بالحادثة وقامت بإجراء تغييرات إدارية شاملة داخل أقسام المطار.

ويبدو أن هذه الحادثة بدأت تكشف عن ملف فساد يتعلق بالشركة الأمنية المتعاقد معها لتأمين الحماية للمطار وهي شركة الغدير العراقية، اذ تم التعاقد معها عام 2019 على أن لديها عقداً مع شركة “بيزنس انتل” الكندية، وهما تتوليان معاً أمن المطار، وفي آذار/ مارس 2021 وجهت مديرية شؤون الشركات الأمنية الخاصة التابعة لوزارة الداخلية كتاباً الى شركة الغدير تطالبها بتزويدها بما يثبت صحة وجود أو تسجيل الشركة الكندية في العراق وأن العقد المبرم مع المطار غير خاضع للقوانين العراقية النافذة لذا لم تتم المصادقة عليه من قبل الداخلية.

عادت من جديد مديرية شؤون الشركات الأمنية الخاصة التابعة لوزارة الداخلية في نيسان/ أبريل 2021 لتوجه كتاباً آخر لشركة الغدير مضمونه بطلان العقد مع “بيزنس انتل” الكندية لعدم التزامها بشرط التسجيل في دائرة مسجل الشركات، واستمرت الشركة حتى هذه اللحظة برغم مخالفتها الشروط.

وشركة الغدير في وقت سابق من منتصف عام 2021 أجبرت منتسبيها على توقيع تعهد بعدم المشاركة بأي تظاهرات أو اعتصام أو إضراب عن العمل تحت طائلة إنهاء خدماتهم على خلفية  إضراب عدد من العناصر الأمنيين بالمطار عن العمل لمطالبتهم برواتبهم المتأخرة.

وبحسب مصادر مطّلعة على القضية، فإن الشركة تابعة لأحد الأجنحة الخاصة بالتيار الصدري، إلا أن هناك من يعمل على تسقيطها من قبل جناح آخر داخل التيار لأجل السيطرة وإخراجها من مسؤولية أمن المطار، بعدما أعلن مكتب الصدر في وقت سابق براءته من الشخص المعني والذي لديه ارتباطات بهذه الشركة والمدعو أحمد سعيد.

الكاتب حسين كريم يرى أن ما حصل في مطار النجف هو جزء من صراع الأحزاب الصاعدة الى مجلس النواب وبقية مفاصل الدولة بعد خسارة واضحة لبقية الأحزاب والتي خرجت الى حد ما من دائرة المنافسة والملاحظ أن هذه الجهة السياسية هي التي تحاول السيطرة على المفصل الأمني في المطار خصوصاً أن مدير الرقابة الذي تم إعفاؤه هو من المستقلين وغير تابع لجهة سياسية.

ولم يستبعد الكاتب أحمد الحداد أن يكون التيار الصدري خلف هذا الموضوع إذ بدأ هو بالصعود منذ فترة وجيزة داخل المفاصل الحكومية وسيطر على مناصب المحافظين بعدما كان بعيداً عنها لفترة من الزمن حتى أصبح الآن يسيطر وبشكل واضح على محافظات ميسان وذي قار والنجف والتحرك جار لغرض الاستحواذ على بعض المحافظات. لذا فإن السيطرة على المحافظة يجب ان يتزامن مع السيطرة على المؤسسات والمرافق الاقتصادية والأمنية الحساسة فيها، وهذا ما يثير الشبهات حول حادثة مطار النجف. ويكشف عن حجم تفكّك الدولة لمصلحة نفوذ الأحزاب وأزلامها وميليشياتها.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.