fbpx

عن زهرا إبراهيمي التي ابتسمت لجلّادها فأغاظته

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

دافعت زهرا من دون أن تدري ربما، عن مئات النساء المسلوبات حقهن بحرية أجسادهن، وانتصرت بعدما حققت اللقب في “كان” وابتسمت في وجه جلّادها، ولو بعد حين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كمن يردّ الصفعة بقُبلة، اعتلت الممثلة الإيرانية زهرا أمير إبراهيمي منصة مهرجان “كان” السينمائي وهي تحمل جائزة “أفضل ممثلة”، وأظهرت تعاطفاً مع شعبها المقموع وتغاضت عن الأسى الذي سببه لها. بابتسامةٍ رقيقة، محت زهرا سنوات طويلة قست فيها الحياة عليها. وفي دقائق حققت انتقامها الناعم. 

“أنا هنا، لكن قلبي مع رجال ونساء إيران”، قالت زهرا في أمسية المهرجان، بعدما أحرزت لقب “أفضل ممثلة” عن دورها في فيلم “عنكبوت مقدّس” للمخرج الإيراني الدنماركي علي عبّاسي. زهرا فسّرت السعادة والنجاح على أنهما “مفهومان عامان وجماعيان”، وربطت سعادتها بالجائزة بحزنها الدائم على الشعب الإيراني وما يواجهه من قمعٍ يومي.

القمع الذي تحدّثت عنه زهرا كانت إحدى ضحاياه لسنواتٍ طويلة. فزهرا (41 عاماً) بدأت التمثيل وهي في السابعة عشرة، قبل أن تتخرج من فرع المسرح في طهران. واصلت التمثيل في السينما والتلفزيون إلى أن لمع نجمها عام 2006، بعدما مثّلت في مسلسل “نرجس” الذي لاقى شعبية واسعة. لكن الحياة عاكستها حينها، إذ انتشر شريط جنسي مُسرّب عام 2006، قال ناشروه إن زهرا هي التي تظهر فيه.

انقلبت حياة زهرا رأساً على عقب وقتذاك، فانتشار فيديو جنسي لامرأة عزباء في بلدٍ محافظ يُجرّم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج ويُعاقب عليه بالسجن والجلد ليس تفصيلاً. حاولت زهرا أن تنكر علاقتها بالفيديو، إلا أن مُلاحقتها قضائياً واجتماعياً كانت أقوى من ردّها. ففُتح تحقيق بالقضية بعد حملات تشهير طاولتها. وفي اليوم الذي كان من المقرر أن تمثل فيه أمام المحكمة، تركت زهرا إيران واتجهت إلى فرنسا، إلا أن الحكم عليها وعلى صديقها شهريار الذي ظهر معها في الفيديو صدر: 90 جلدة مع منعهما من العمل الفني لمدة 10 سنوات.

بعد بضع سنوات، صرّحت زهرا في حوار تلفزيوني أن من نشر الفيلم كان ممثلاً مسرحياً، اسمه مجيد بهرامي، كما أكدت أنها هي التي كانت فيه، بعدما ظلت تنفي ذلك في السنوات الأولى، وقالت في البداية إنه “مونتاج”، وقد سرق مجيد الفيديو من حاسوبها الشخصي عندما كانوا في سهرة في بيت شهريار.

اتخّذ الأمر سنوات حتى تتخلّص زهرا من الثقل الذي رافقها من بلدها إيران، لكنها استطاعت تخطّي تجربتها وعادت إلى عالم السينما في فرنسا. لعبت زهرا دور صحافية تحاول فكّ رموز جرائم متسلسلة لاحقت 16 عاملة جنس في مدينة مشهد الإيرانية في فيلم “عنكبوت مقدّس”، وعنه حصدت الجائزة.

استوحى الفيلم أحداثه من قصّة حقيقيّة لعامل بناءٍ ومحاربٍ سابق لا يغفر لنفسه خطيئة بقائه على قيد الحياة بدلاً من أن يموت شهيداً، اسمه سعيد حنايي. حاول سعيد “تطهير” مدينة مشهد “المقدّسة” من عاملات الجنس اللواتي يتعاطين المخدرات في مكانٍ ليس ببعيد من المكان الذي يكرّس فيه الرجال، الرجال أنفسهم الذين هم عملاؤه، لمدح الإمام والابتهال إلى الله. واظب سعيد على ملاحقة النساء وقتلهن، إذ قتل 16 امرأة عام 2002، وصار يعرف باسم “العنكبوت القاتل”. كانت هؤلاء النساء بالنسبة إلى سعيد كائنات يجب القضاء عليها، لأنهن “يسئن إلى دماء الشهداء الطاهرة”.

هيئة السينما التابعة لوزارة الإرشاد الإيرانية هاجمت فيلم “عنكبوت مقدس” واصفةً إياه بأنه “سخيف أنتجه ذهن مشوّش لدنماركي إيراني بدعم من قوى الاستكبار”، ورأت أن الفيلم أساء إلى “معتقدات وقيم المسلمين والشيعة”. لكن بغض النظر عن ذلك، فقد تمكّنت زهرا من لعب دورٍ فيه يتقاطع إلى حدٍ كبير مع قصّتها، وعبره نقلت رسالتها: أنا هنا مهما حاولتم إسقاطي، أراقبُ استبدادكم من بعيد وأبتسم. 

في الفيلم، كانت زهرا صحافية تُحاول تفكيك قضية معقّدة عجزت السلطات الإيرانية عن حلّها، أو بمعنى أدقّ، لم تتعامل معها بالجدّية المطلوبة كونها مرتبطة بنساء موصومات بالعمل الجنسي، قرّر أحدهم إنهاء حياتهن بسبب شعوره المفرط بحقّه بالوصاية على أجسادهن. أما في الواقع، زهرا، بشكلٍ آو بآخر، هي إحدى هؤلاء الضحايا.

دافعت زهرا من دون أن تدري ربما، عن مئات النساء المسلوبات حقهن بحرية أجسادهن، وانتصرت بعدما حققت اللقب في “كان” وابتسمت في وجه جلّادها، ولو بعد حين.  

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.