fbpx

حقل كاريش : ماذا لو لم يرد” حزب الله”؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ها نحن أمام اعتداء إسرائيلي في زمن اللاحرب، وأمام جمهورين مشطورين بحزب كثَّف في وعي اللبنانيين أن علة وجوده هي المقاومة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 السفينة  “إينرجان باور” في عرض البحر، والمهمة لا شك عدوانية، وهي التنقيب عن الغازواستخراجه من حقل كاريش.

   في العام 2006، وفي اليوم الرابع من حرب تموز بين “حزب الله” وإسرائيل، وفي تلازم زمني مقصود، كان صوت الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله يُعلن إحراق البارجة الإسرائيلية”ساعر5″ في عرض البحر، وهي التي كانت تعتدي على المدنيين اللبنانيين.

  في الحدثين المذكورين ما يُفضي إلى توافر وقائع متشابهة، لكنه يفتقر أيضاً إلى غيرها، وربما أهمها. عرض البحر، اعتداء إسرائيلي على لبنان، ووسيلة الإعتداء، وهذه مجتمعة توفر العناصر التي تشكل أوجه الشبه، فيما تبرز الحرب كأبرز الوقائع المفضية إلى عدم تكامل مشهديتي الحدثين، والتي تسمح غالباً لأطرافها بالتحرر من الضوابط التي تفرضها حالات السلم، أو ما هو بين بين، وهذه حال “حزب الله” أمام الحدث الراهن.

    لماذا “حزب الله”؟، في الوقت الذي يفترض بدولتنا أن تكون أمام هذا الإختبار العسير الذي يقع فيه لبنان حالياً؟

   والسؤال على رجاحته يأتي عاماً، ويتشارك في طرحه جمهور الحزب مع مناوئيه. لكن تأتِّيه يندرج في مسارين متوازيين ومتضادين، أحدهما مأخوذ بخطاب الانتصارات الدائمة، وهو حال المناصرين للحزب، فيما الآخر، وبدافع الخصومة، مسكون في راهنه بحالة من التندر في قدرة “حزب الله” على دفع العدوان. وأغلب الظن أن الجمهورين المتضادين يلتقيان فقط على مُسلَّمة واحدة يُفضي إليها السؤال المذكور، وهو تفاوت القدرة بين “حزب الله” والدولة اللبنانية لصالح الأول، حتى عند أشد المطالبين بحيازة الثانية حق رد الاعتداء.

  منذ تمنُّع رئيس الجمهورية ميشال عون عن توقيع تعديل المرسوم 6433، والذي يضمن للبنان أقله الحق في اعتبار المنطقة البحرية التي باشرت فيها إسرائيل التنقيب، منطقة متنازع عليها، أطلَّ أمين عام “حزب الله” على اللبنانيين بأكثر من خطاب خلا مضمونه من الحديث عن التمنع الرئاسي، إلى أن اقتربت الانتخابات النيابية الأخيرة.

  في العاشر من أيار-مايو، وقبل الاستحقاق الانتخابي بستة أيام، شكَّل موضوع النزاع البحري جنوباً بين لبنان وإسرائيل متن مهرجان جماهيري اقامه “حزب الله”، وتحدث فيه أمينه العام. ولإن كان استحضار الغاز أتى في شق من الخطاب كرافعة للأزمة المالية والاقتصادية، ففي الشق الآخر منه حضرت “مقاومة” الحزب كرادع للاعتداء الإسرائيلي، ثم، وهذا الأهم، كتزخيم لمشاركة جمهوره في الاستحقاق، و بالدَّالة الأكثر تماساً مع وجدان هذا الجمهور.

   والحال، ها نحن أمام اعتداء إسرائيلي في زمن اللاحرب، وأمام جمهورين مشطورين بحزب كثَّف في وعي اللبنانيين أن علة وجوده هي المقاومة. لكن الجمهورين في راهنهما، وأمام الحدث البحري، يتنابذان تلك العلة تندُّراً أو حماساً، وبين الغريزتين هناك متسع لحرَج مشترك.

  على ضفاف الحدث، يجد المتندرون لا شك ما يُسعف تندرهم وهم يرصدون حال الحزب في موقعه من الإعتداء. ها هم أمام حزب في موقف ملتبس بين الفعل ورد الفعل، بين الرغبة ومعوقاتها، أوبين المتاح والمستحيل. لكن هؤلاء المتندرين مثقلين أيضاً بأنفسهم المتأرجحة بين الرغبة  والخوف  المقيمين في سؤال آخر، ماذا لو ردَّ “حزب الله” على الإعتداء؟. أغلب الظن هنا أن المتندر سيكون ضحية تندره أولاً، والأهم أنه وهو الممتنع عن إضفاء شرعيته على سلاح الحزب، سيجد نفسه امام انفصام بين ما يطلبه تندراً، وبين نبذه لمآلات طلب يعرف كوارثه مسبقاً.

   لكن المتندرين ليسوا وحدهم مُثقلين بهكذا تجاذب نفسي. هذه أيضاً حال “حزب الله” وجمهوره، حال من يخضع يومياً للوعود وظروفها، تحقيقاً أو امتناعاً.

إقرأوا أيضاً:

   هنا يصير السؤال معكوساً. ماذا لو لم يرد” حزب الله”؟ نحن هنا أمام سؤال امتناعي يتشارك فيه الحزب وجهوره في تنكُّبهم لالتباس الأسئلة التي تختبر قدرة متورمة أحياناً، وتلامس الأساطير بما هي تشارك صدامي بين الواقع والأوهام.

   في خطابه الذي سبق الاستحقاق الانتخابي الأخير، ورغم فائض الحماس الذي أراد نصرالله تسييله اقتراعاً  في صناديق الانتخابات ، انتبهنا جميعاً، أو يُفترض، أن أمين عام “حزب الله” ترك مقدمة مواجهة الحدث الجنوبي البحري لغيره، وفي احجام استثنائي عن ريادة أملته على الأرجح معرفته بظروف المواجهة. “نحن وراء الدولة اللبنانية في تقدير سبل المواجهة “، قال نصرالله، وهي بالمناسبة الدولة التي لا يستعصي على أحد، وأولهم نصرالله نفسه، رصد مواقف أركانها من النزاع المذكور، وتحديداً موقف حليفه رئيس الجمهورية الممتنع عن تعديل المرسوم 6433، ثم إرساله إلى الأمم المتحدة، والذي حاول بموقفه أمس عن شرعية رد المقاومة على الاعتداء الإسرائيلي ملاقاة صمت نصرالله عنه في امتناعه عن تعديل المرسوم المذكور.

   والحال، من رسالة سورية ممتنَعة عن لبنانية مزارع شبعا سابقاً، الى امتناع رسالة راهنة عن أحقية لبنان بالخط 29 بحري حيث حطت السفينة “إينرجان باور” في حقل كاريش، يعيش اللبنانيون أسوأ أقدارهم في زمن المواءمة المفتعلة بين الرسائل الممتَنَعة والممانعين.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.