fbpx

لبنان: “حزب الله” لا يريد الترسيم حتى لو كان الثمن حقل كاريش 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الهدوء الذي أظهره “حزب الله” والخضوع للدولة اللبنانية ولقراراتها لم يظهره في أي ملفٍ آخر. وهو لا يُفسّر إلا برغبة الحزب بكسب الوقت لحماية نفسه من خلال الاختباء خلف ظلّ الدولة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم يختلف تعامل السلطة اللبنانية مع ملف النفط والغاز عن تعاطيها مع الملفات الشائكة والمصيرية الأخرى في البلاد. أساءت السلطة إدراة الموارد النفطية التي عُوّل عليها للنهوض من الأزمة، وتلكّأت في إيجاد حلول والتعامل بديناميكية مع الحدث. وها هو لبنان يدخل في نفق خسارة جديدة. 

في خطوةٍ كانت مُتوقّعة، لم تفاجىء أحداً، دخلت سفينة “إنرجين باوير – Energean Power” إلى حقل كاريش النفطي، وبدأت عملها بالتنقيب عن الغاز واستخراجه. “إنرجين” دخلت إلى المنطقة البحرية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل وتبلغ 860 كيلومتراً مربعاً، بحسب الخرائط المودعة من جانب الطرفين لدى الأمم المتحدة، وهي منطقة غنية بالنفط والغاز. 

السفينة تتحضّر للإبحار منذ فترةٍ طويلة، حتى أن إنشاءها وتصميمها استغرقا وقتاً طويلاً كونها أضخم سفينة تنقيب، إلا أن المفارقة كانت دهشة السلطة اللبنانية والمعنيين عند انتشار خبر وصولها إلى المنطقة المتنازع عليها. فلبنان يخوض مفاوضات مع إسرائيل منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2020، برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركية، وعُقدت 5 جولات من التفاوض، آخرها كان في أيار/مايو 2021. إلا أن السلطة، لا سيما رئيس الجمهورية ميشال عون، أظهرت تلكؤاً واضحاً بعدم التوقيع على المرسوم رقم 6433 الضامن حق لبنان بالخط 29. 

فور دخول “إنرجين” إلى الحقل النفطي، سارع المعنيون بالاستنكار وتراشق المسؤوليات، إذ قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إن “محاولات العدو الاسرائيلي افتعال أزمة جديدة، من خلال التعدي على ثروة لبنان المائية وفرض أمر واقع في منطقة متنازع عليها، ويتمسك لبنان بحقوقه فيها، أمر في منتهى الخطورة، ومن شأنه إحداث توترات لا أحد يمكنه التكهن بتداعياتها”، معتبراً أن تنقيب الإسرائيليين يشكّل “استفزازاً للبنان”، لا تخاذلاً من الطرف اللبناني وسوء إدارة لموارده. 

من ناحيته اعتبر وزير الدفاع الوطني اللبناني ​موريس سليم​، أنّ “التحركات التي تقوم بها اسرائيل في المنطقة المتنازع عليها في الجنوب اللبناني، تشكّل تحدياً واستفزازاً للبنان، وخرقاً فاضحاً للاستقرار الذي تنعم به المنطقة الجنوبية”. 

بدت تصريحات المسؤولين وكأنها “يقظة” من بعد فوات ميعاد قطار. فوفق المتخصصة في شؤون الطاقة لوري هايتيان، فإن حقل “كاريش” هو المنطقة النفطية شبه الوحيدة المؤكّد وجود نفط فيها. وعليه، فإن إسرائيل لم تخرق الخط 29 بهدف الاستكشاف والتنقيب، وإنما بغاية استخراج النفط. كما تؤكد هايتيان أن إسرائيل ستتمكن من استخراج الغاز خلال 3 أشهر. وبحسب المخطط الأولي، ستكون لإسرائيل 3 حقول للغاز الطبيعي منفصلة، موصولة بالسوق المحلية بواسطة 3 أنظمة إنتاج منفصلة ومستقلة، الأمر الذي يضمن للسوق الإسرائيلية استقلالها في مجال الطاقة، لا سيما أن العقود باتت جاهزة وهي تستعد لمدّ الدول الأوروبية بالنفط. 

كل ذلك يأتي فيما قد يخسر لبنان كل موارده النفطية بسبب سوء إدارته للملف، إذا ما لم يوقّع رئيس الجمهورية فوراً على المرسوم رقم 6433، وفق هايتيان. 

“حزب الله” يبحث عن شرعية لشنّ حربه؟ 

في الساعات الأولى بعد انتشار خبر دخول السفينة إلى حقل “كاريش” النفطي، غاب “حزب الله” كلياً عن المشهد وأبدى صمتاً خلق تخوّفاً من حربٍ وشيكة. 

نائب أمين عام الحزب ​نعيم قاسم،​ وفي مقابلة مع وكالة “رويترز”، بدّد احتمالات الحرب. إذ شدّد على أن “حزب الله” مستعد لاتخاذ إجراءات “بما في ذلك القوة”، ضد عمليات التنقيب الإسرائيلية عن الغاز، في المناطق البحرية المتنازع عليها، بمجرد أن تعلن الحكومة اللبنانية انتهاك إسرائيل حدود لبنان البحرية. بمعنى آخر، فإن الحزب مستعد لاستخدام القوة إذا ما اعتبرت الدولة اللبنانية أن حقل “كاريش” حق لبناني، أما إذا لم تعلن ذلك، فسيرضخ للأمر الواقع. 

الهدوء الذي أظهره “حزب الله” والخضوع للدولة اللبنانية ولقراراتها لم يظهره في أي ملفٍ آخر. وهو لا يُفسّر إلا برغبة الحزب بكسب الوقت لحماية نفسه من خلال الاختباء خلف ظلّ الدولة. ولكن لماذا؟ 

وفق مصادر متابعة لملف النفط والغاز، فإن هذا الملف يُعتبر آخر الأوراق الاستراتيجية لـ”حزب الله” وسلاحه. إذ إن ترسيم الحدود البحرية، سيليه ترسيم الحدود البريّة، والتي بطبيعة الحال لا تضم مزارع شبعا، وبالتالي تسقط حجة أساسية للحزب لتمسّكه بسلاحه. 

إسرائيل اعتبرت أن “حزب الله” لن يضرب سفينة الإنتاج، وفق ما ورد في الصحف الإسرائيلية. كما تحوّل الإعلام الاسرائيلي نحو تقديم عروض لشراكة مع لبنان في ملف استخراج الغاز وتصديره، وهو عرض سابق رفضه لبنان. 

تؤكّد المعطيات دور إيران البارز في قضية النفط اللبنانية. إذ إن الوقت الذي يرغب “حزب الله” بكسبه، هو أيضاً بهدف انتظار بوادر تفاهم أو اتفاق إيراني – أميركي بشأن الاتفاق النووي أو بيع النفط من دون عقوبات. في حال تمّ الاتفاق، لن يكون الحزب مضطراً إلى شنّ حرب أو أي شكل من أشكال التصعيد العسكري، أما إذا انسدّت المفاوضات، فإن إيران قد تلجأ إلى التصعيد والحزب كذلك، عبر استهداف سفينة “إنرجين”. علماً أن استهدافها قد لا يكون بهدف إشعال الجبهة، وإنما بهدف استدراج العروض للعودة إلى طاولة المفاوضات.  

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.