fbpx

جرائم قتل النساء… من التالية؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إنهم يلاحقون النساء في شوارع الشرق ويقتلونهن ثم ينتظرون الجريمة التالية بهدوء.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الأسلوب الذي انتهجه الجاني في جلسات المحكمة في قضية جريمة قتل الشابة المصرية نيّرة أشرف أزعجت هيئة المحكمة. لم يعترف بأن تصرفه كان جريمة وقحة ولن يفعل حتى بعد حكم الإعدام الذي صدر بحقه.

 لقد اعترف فقط بما فعله، هكذا بدم بارد وبسابق إصرار وترصّد. وكانت الجريمة قد صُوّرت أيضاً، بدم بارد من قبل المارّة في بلد يزدحم بساكنيه. لم يعلن الجاني أنه فقد السيطرة على نفسه أو أنه لن يكرّر ما فعله لو عاد به الزمن إلى الوراء. لقد وصف ملاحقته الضحية في رحلة بالمواصلات العامة ثم ترصّده إياها، لتكون منفردة بشكل لا يمنعه أحد من قتلها ثم ذبحها مثل خروف العيد، مع أنها كانت سلّمت الروح بعد عشرات الطعنات المدروسة. هكذا بعبارات بسيطة وتافهة.

كانت هيئة المحكمة تعرف مسبقاً أن المتّهم مذنب. ولكن الاستماع إليه جعلها قادرة على المناقشة وتخيّل الطريقة التي ارتكبت فيها الجريمة والدافع إليها بهدوء ومنطقية.

أما الضحية فكانت غائبة تماماً. لقد تكلّم عنها الجميع بصفتها التي لم تعد موجودة. لا أحد يتخيل نفسه مقتولاً . بإمكان البعض تخيّل نفسه قاتلاً ولكن ليس مقتولاً.

واليوم يشغل هذا القاتل جزءاً من حياتنا العامّة. فهو يعيش بيننا في هذا العالم السعيد. أما القتيلة فلم تعد تنتمي إلينا. وهكذا يندفع أحد المحامين البارعين للدفاع عن الجاني في محكمة الاستئناف، ليؤكد اكتشاف ثغرات في المحاكمة المبدئية من جهة ويثبّت براعته المهنية من جهة ثانية. سيعاد تصوير الجريمة لفهمها وشرحها وستعاد مرة أخرى هذه المحاكمة التي تصوّر كيف تُقتل النساء وسيحكم الرجال مرّة أخرى هذا العالم بتفكير من لا يضع نفسه في جسد النساء.

هل جرّب أحدكم أن يتعايش يوماً واحداً في جسم امرأة؟

 امرأة في مصر أو في سوريا أو في أي بقعة في هذا الشرق اللعين؟ امرأة تغطي كل جسدها في هذا الحر الخانق فقط لحماية الرجال المدللين من الفتنة؟ لحمايتهم من نار جهنّم؟ أو امرأة تسمح لنفسها بالتمرّد فتكشف جسدها في الصيف وتطلق العنان لنظرات الكبت وألسن الضغينة من رجال ونساء لم يتح لهم الوقت للتفكير بوضعهن قليلاً؟

أستطيع أن أتخيّل كيف سيدافع المحامي عن منظومة الكبت وإلغاء الآخر واعتبار انعدام الفضيلة يستدعي القتل العلني. وكما أن الحكم الأولّي كان مسرحياً وتعابير القاضي إنشائية وعاطفية سيصدر الحكم الاستئنافي مبتذلاً وغير عادل. 

لا يمكن الوثوق بنظام قضائي يعتمد العواطف ومشاعر الجمهور في قضايا صارت مصيرية وحسّاسة وتحتاج إلى دراسة وتفكير وإعمال العقل وإشراك الحرية كحق شرعي لكل النساء. 

إنهم يلاحقون النساء في شوارع الشرق ويقتلونهن ثم ينتظرون الجريمة التالية بهدوء.

إقرأوا أيضاً: