fbpx

بيروت: مسرح المدينة بين عاشوراء “الحزب” ومولد “الأحباش”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

اليوم عاشوراء ليست طقساً مذهبياً عابراً، فهي محملة بقدر الطموحات التي يرصدها اللبنانيون في الكثير من مظاهر الحياة العامة، وتصدر “حزب الله” هرم السلطة والقرار هو ذروة هذه الطموحات، وهو ذروة الانقسام.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 بينما كانت صفحات التواصل الاجتماعي تنقل إلينا خبر إحياء مجلس عاشورائي في مسرح المدينة في بيروت، وتنقل تعليقات من أذهلتهم فعلة إدارة المسرح، الذي يفترض أنه مخصص لعروض مسرحية وفنية وأنه مساحة للتجارب الحديثة، لفتت زميلة أنظارنا إلى أن المسرح نفسه يستضيف كل عام في عيد المولد النبوي فرقة لجمعية المشاريع الإسلامية (الأحباش) تحيي مولداً بالمناسبة وتمتلئ قاعة المسرح بعناصر وعائلات جماعة الأحباش، وعلى رغم ذلك لا يكترث أحد من مستهولي فعلة إدارة المسرح للحدث الحبشي، في وقت اعتبرت الواقعة العاشورائية في مسرح المدينة امتداداً لخطوات “تشييع” المدينة، وجزءاً من خطوات إمساك “حزب الله” وبيئته بأنماط العيش، وطغيان حضوره في بيروت، وهو ما راح يتضاعف بعد الهزيمة التي ألحقها بالمدينة في واقعة 7 أيار/ مايو 2008. 

بالشكل، لا يختلف إحياء المولد النبوي في مسرح في قلب العاصمة اللبنانية، عن إحياء ذكرى عاشوراء فيه. دلالات الردة في وظيفة المسرح هي نفسها في الحالين، ذاك أن الواقعتين تؤشران إلى نكوص في وظيفة المكان، وإلى تمدد “التراث” إلى المستقبل بصفته نموذجاً مقترحاً على اللبنانيين. لكن علينا أن نبحث في الفارق بين ردي الفعل، فالصمت على استضافة الحدث الحبشي في مقابل الذهول من انتقال عاشوراء من الحسينيات إلى المسرح، وليس أي مسرح، يدفعنا من دون شك إلى التأمل بالكثير من ردود الأفعال على ما يشهده لبنان.

نعم ثمة فارق بين الفعلين، فالحساسية حيال “الحدث الشيعي” أعلى من تلك التي يستدرجها فينا حدث يقف وراءه الأحباش، على رغم أنه ليس بالضرورة أن يكون “حزب الله” وراء الدعوة للمجلس العاشورائي في مسرح المدينة، وعلى رغم رجعية المهمة التي أناطها المسرح “التقدمي” بنفسه في الحدثين. فالمجلس الحسيني هو جزء من مشهد راح اللبنانيون يرصدونه بحساسية قد تفوق حقيقته ووظيفته، وهي مشحونة بقدر هائل من التوتر. نحن هنا لسنا حيال طقس مذهبي عابر يستضيفه المسرح ويمضي بعده نحو وظائفه الأخرى، على نحو ما فعل في “المولد” الذي نظمه الأحباش. أما جواب مديرة المسرح نضال الأشقر حين سألها موقع “المدن” عن الحدث، وهو أن عاشوراء مناسبة تراثية، فهو على ابتذاله، صادر عن وعي أسس له نظام المحاصصة والفساد، وهو ينطوي على حساسية يفترض أن ينتظرها المرء من نبيه بري أو نجيب ميقاتي، لا من مديرة مسرح أو “فنانة” مثل نضال الأشقر. 

هو تكريس للطقس المذهبي بصفته أفقاً للعمل الفني، لا سيما أننا هنا أمام مجلس عاشورائي لم ينعقد بوصفه اشتغالاً على “التراث”، إنما بوصفه حدثاً يجب استئنافه، فـ”كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء”، وربما من حق طائفة في نظام العلاقات اللبنانية البائسة أن تكون لها طقوسها وحسينياتها ومساجدها وكنائسها وربما مسارحها، لكن على مسرح المدينة أن يفاتحنا نحن رواده وجيرانه بوظيفته الجديدة.

والظنون التي أثارها الحدث تغذت أيضاً على طوفان تشيع آخر على شارع الحمراء، وهي صادرة عن هذيان موازٍ للهذيان المذهبي الداخلي، فالحمراء، المنطقة التي تضم المسرح، صارت في الفترة الأخيرة وجهة للزوار العراقيين، وهؤلاء على رغم دورهم في إنعاش اقتصاد الشارع، هم أيضاً مصدر حذر “مذهبي”، فربما قررت المسارح في الشارع استضافة أمزجتهم، بعدما قررت مطاعم كثيرة مخاطبة أذواقهم، وأرادت مستشفيات استدراج مرضاهم، ومنحت جامعات المذاهب اللبنانية آلاف الشهادات لغير مستحقيها من بينهم.

أما ما شحن الهمم نحو استهوال استضافة “عاشوراء” ولم يشحنها نحو استضافة “المولد” في مسرح المدينة، فهو سياسي وليس مذهبياً، فعاشوراء كان يحييها المجلس الشيعي في مقره في الحازمية، لكنها في حينها لم تكن عاشوراء سياسية، ولم تشعر الحازمية في حينها بأنها “كربلاء”. 

اليوم عاشوراء ليست طقساً مذهبياً عابراً، فهي محملة بقدر الطموحات التي يرصدها اللبنانيون في الكثير من مظاهر الحياة العامة، وتصدر “حزب الله” هرم السلطة والقرار هو ذروة هذه الطموحات، وهو ذروة الانقسام. وبهذا المعنى يصبح الحدث الحبشي في مسرح المدينة عابراً وغير مهدد، بينما تلوح عاشوراء في هذا المسرح بوصفها أفقاً ومستقبلاً، ومن المؤكد أنها ليست تراثاً. 

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.