fbpx

“المنطقة الخضراء” تجمع التناقضات:
الصدريون والحشد الشعبي… و”الشيطان الأكبر”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

المدينة الدولية المعزولة عن عامة الناس لم تفتح أبوابها أمام عامة الشعب، إلا بعد مرور أكثر من 15 عاماً على احتلال العراق.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا تبتعد السفارة الأميركية، التي يصفها أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بـ”الشيطان الأكبر”، من مسار عبورهم جسر الجمهورية الى المنطقة الخضراء ومن ثم مجلس النواب بعد اقتحامهما في نهاية الشهر الفائت. وبعد اقتحامها، صارت هذه المنطقة الأمنية شديدة الحماية، في متناول جميع المواطنين العراقيين، حيث تقوم عجلات “توك توك” بنقل من يريد الوصول إلى البرلمان بـ500 دينار عراقي (أقل من نصف دولار أميركي)، فيما كان يمنع الدخول إلى هذه المنطقة الأمنية، إلا لمن يملك تصريحاً أمنياً، أو يعيش داخلها.

اتخذت القوات الأميركية بعد دخولها الى العراق عام 2003، من منطقة واسعة وسط العاصمة بغداد تسمى “الخضراء” مقراً للإدارة الأمنية والمدنية للبلاد بصحبة عائلات المسؤولين الأميركيين وعشرات من المسؤولين العراقيين ورجال أعمال أجانب.

المنطقة الخضراء، وتسمّى أيضاً “المنطقة الدولية”، تقع على مساحة عشرة كيلومترات مربعة تمتد أذرعها لعدد من الأحياء الفخمة والراقية في بغداد ومنها كرادة مريم وحي القادسية والكندي والحارثية.

لم تشهد هذه المنطقة أي قصف أميركي خلال الاجتياح عام 2003، ما يشير إلى أن اختيار الأميركيين هذا الموقع جاء قبل دخول العراق ليكون مكانهم الأكثر أمناً إلى حد ما في العراق، وعند دخول القوات الأميركية إلى هذه المنطقة، وجدوا فيها ما يقارب 3 وحدات سكنية تعود إلى مواطنين عراقيين، وقرروا إخراج ساكنيها على أن يتقاضوا إيجارات منازلهم من الحكومة العراقية. أصبحت “الخضراء” بعد ذلك محمية امنية لا يمكن الاقتراب منها إلا لمن امتلك ترخيصاً أمنياً ويسكنها ما يقارب 5 آلاف مسؤول عراقي وأجنبي ورجال أعمال عراقيين وأجانب، وسميت بـ”الخضراء” لأنها من أكثر المناطق المزروعة بشجر النخيل في بغداد ويحيطها من الجانبين الجنوبي والشرقي نهر دجلة، وهذا يعتبر عازلاً أمنياً طبيعياً، إضافة إلى الكتل “الكونكريتية” (الاسمنتية) المحيطة ببقية الجوانب الأخرى.

المنطقة الخضراء، وتسمّى أيضاً “المنطقة الدولية”، تقع على مساحة عشرة كيلومترات مربعة تمتد أذرعها لعدد من الأحياء الفخمة والراقية في بغداد ومنها كرادة مريم وحي القادسية والكندي والحارثية.

القلعة الحصينة تضم القصر الجمهوري وقصر السلام الحكوميين ومبنى مجلس النواب ومجلس الوزراء والأمانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة الدفاع وجهاز الاستخبارات وجهاز مكافحة الإرهاب وجهاز الأمن الوطني ومجلس القضاء الأعلى ومساكن معظم القيادات السياسية في الحكومة العراقية وأيضاً تضم نصب الجندي المجهول وقوس النصر في ساحة الاحتفالات العسكرية، ويعدّ أبرز معلم من زمن صدام حسين يجسد انتصاراته خلال الحرب الإيرانية- العراقية في ثمانينات القرن الماضي. وأيضاً فيها فندق الرشيد ومستشفى بن سينا وساعة بغداد التي أصبحت مقراً للمحكمة الجنائية العليا لمحاكمة رموز نظام صدام حسين وقبر مؤسس حزب البعث ميشيل عفلق. كما أن معظم البعثات الديبلوماسية والسفارات الدولية الغربية موجودة فيها. والمفارقة أيضاً أنها تضم مقر الحشد الشعبي!

من أهم السفارات والبعثات فيها هي السفارة الأميركية، الأضخم من بين سفاراتها على مستوى العالم ومن ثم السفارة البريطانية والإماراتية والأسترالية وبعثة الاتحاد الأوروبي وبعثة البنك الدولي وبعثة الهجرة الدولية.

الخبير الأمني كاظم الشمري يرى أن اختيار هذه المنطقة كموقع رئيسي لقوات التحالف بعد احتلالها للعراق، يعود إلى موقعها الاستراتيجي وسط بغداد وضمها المباني حكومية كالقصور الرئاسية، فضلاً عن مواقع المؤسسات الأمنية، وهي بعيدة من الأحياء والمناطق الشعبية إذ تحيط بها أحياء يسكنها أغنياء بغداد وميسوريها.

للمنطقة الخضراء ثلاث بوابات هي: بوابة القادسية وبوابة الجسر المعلق وبوابة الحارثية. وتشرف على هذه المنطقة الدولية قوة امنية خاصة مكلفة من قبل رئاسة الوزراء تأتمر بأوامر رئيس الوزراء مجهزة بأحدث الأسلحة وطرق المراقبة لحماية البعثات والسفارات الديبلوماسية استلمت مهمات الحماية من القوات الأميركية عام 2009 أي قبل خروجهم.

برغم التحصينات الأمنية والكتل الاسمنتية المحيطة بها، إلا أن صواريخ الميليشيات كانت تمطرها باستمرار مستهدفة السفارة الأميركية على وجه الخصوص، وأوقعت ضحايا بشكل مستمر. وكانت في مقدمة الميليشيات التي تبنت قصف المنطقة الخضراء هي كتائب “حزب الله” العراقي التابعة لإيران. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 ذهبت الميليشيات بعيداً إلى حد استهداف منزل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في “الخضراء”، بالقرب من السفارة الأميركية بطائرات مسيّرة مفخخة بهدف اغتياله، لكنه نجا بأعجوبة. 

إقرأوا أيضاً:

المدينة الدولية المعزولة عن عامة الناس لم تفتح أبوابها أمام عامة الشعب، إلا بعد مرور أكثر من 15 عاماً على احتلال العراق، خلال حقبة تسلم عادل عبد المهدي رئاسة الحكومية وفتح بعض الطرق التي تخفف من الزخم المروري الحاصل في بغداد وأتاح لمركبات المواطنين المرور بها من دون المرور بالأماكن الحساسة فيها. 

برغم الإغلاق المستمر لهذه “القلعة” في السنوات الماضية، إلا أن أكثر من جهة حاولت اقتحامها، إما سلمياً، من دون سلاح، كما حدث في حالة متظاهري تشرين 2019، وفي حالة جمهور الصدريين في الفترة الأخيرة. لكن للصدريين تاريخاً طويلاً مع اقتحام “الخضراء”، إذ اعتصم مقتدى الصدر بنفسه في خيمة داخل المنطقة الخضراء مع أنصاره عام 2016، مطالباً بتشكيل حكومة تكنوقراط، وفي أيار من العام نفسه، اقتحم الصدريون مبنى مجلس النواب. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، حاول متظاهرو تشرين الدخول إلى “الخضراء” إلا أنهم جوبهوا بقمع شديد، سقط على اثره عشرات القتلى والجرحى. وبعدها بشهر اقتحمت الفصائل المسلحة المنطقة الخضراء في تظاهرة حاشدة وهاجموا السفارة الأميركية احتجاجاً على استهداف قوات الحشد الشعبي في غارة أميركية عند الحدود العراقية السورية. وفي أيار/ مايو 2021، اقتحم مسلّحون تابعون لـ”الحشد الشعبي” سيارات رباعية الدفع المنطقة الخضراء احتجاجاً على اعتقال أحد قيادييه ويدعى قاسم مصلح.

اليوم يحتل الصدريون المنطقة الخضراء، التي لم تعد منطقة أمنية مغلقة، ويعتصمون فيها. وهي منطقة باتت تجمع التناقضات، ففيها السفارة الأميركية والمقرات الرسمية العراقية، إضافة إلى مقر الحشد الشعبي، وبيوت مسؤولين كبار مقربين من إيران، بينهم نوري المالكي الذي ظهرت له صور وهو يتجوّل حاملاً رشاشاً حربياً مع مجموعة من المسلّحين داخل “الخضراء” في رسالة إلى مقتدى الصدر وأنصاره. ويبدو أنها ستكون ساحة المواجهة السياسية في الأيام والشهور المقبلة في العراق.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.