fbpx

جورج الراسي… ضحية أخرى للموت “غير الطبيعي” في لبنان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إنها بقعة يندر فيها أن يفارق أحدهم الحياة لأن رحلته انتهت ببساطة، هناك دوماً أسباب فوق الطبيعة للموت، فيأتي الموت غالباً على شكل موتين، كأن يتوقف قلب المرء لأنه لم يجد دواء، أو يموت في انفجار، أو يموت في حادث سير، على طرق معدّة لقتلنا، تماماً كما حدث للفنان الشاب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أتى موت الفنان اللبناني جورج الراسي وصديقته صبيحة هذا اليوم في حادث سير على طريق المصنع، كصفعة جديدة على وجوهنا، نحن سكان هذا الجزء من الجغرافيا، غير القابل للحياة بعد الآن.

صور الحادث التي انتشرت على المواقع الالكترونية والسوشيل ميديا بدت كدعوة جديدة إلى الخوف، ولتذكيرنا بأننا لسنا بخير وأن حيواتنا مهددة وأننا لا نعيش بأمان، ذلك أننا موجودون في مكان تتركّز فيه جميع أسباب الموت غير الطبيعي، وجميع أسباب الظلم والاستنزاف.

إنها بقعة يندر فيها أن يفارق أحدهم الحياة لأن رحلته انتهت ببساطة، هناك دوماً أسباب فوق الطبيعة للموت، فيأتي الموت غالباً على شكل موتين، كأن يتوقف قلب المرء لأنه لم يجد دواء، أو لأن تكلفة علاجه أكبر من مدخوله، أو يموت في انفجار، أو ينتحر، أو يغرق في قارب لجوء ويتفتت جسده في البحر، أو يموت في حادث سير، على طرق معدّة لقتلنا، تماماً كما حدث للفنان الشاب.

ولتتضاعف المأساة، هناك من يفكّر إن كانت تجوز الرحمة على جورج، لأنه غير مسلم، إنه نقاش ما زال مفتوحاً برغم أننا نعيش في القعر، عراةً من أدنى حقوقنا الإنسانية وحاجاتنا الدنيا إلى الغذاء والأمان والدفاع عن حقنا بالحياة.

صور سيارة جورج والفيديوات التي ملأت الصفحات حول الحادث المروّع، كان يمكن أن تخص أي واحد منا، لسوء حظه كان هو المعني بالموت غير الطبيعي هذه المرة، لكنّ ذلك لا يعني أننا سننجو إلى الأبد. فالحظ السيئ لا ينسى أحداً، خصوصاً في حالتنا.

نحن شعب متروك تماماً، منسيّ، لا يحمينا قانون ولا نظام، لا ترأف بنا دولة، لا يسأل عنا سياسي أو نائب أو وزير، نحن مجرّد أسماء تفقد قيمتها خارج لوائح الشطب… لأجل ذلك مات جورج الراسي وصديقته بهذه الطريقة المؤلمة والظالمة. ولأجل ذلك توفي أحد معارفي لأنّ دواءه كان مقطوعاً، وحين أصيب جدي بـ”كورونا” درنا به إلى 7 مستشفيات، وانتهى الأمر بأننا عدنا إلى البيت، لتعذر تأمين سرير، واستطعنا الحصول على جهاز “أوكسيجين” بألف جهد، حين ساءت حالته. لأجل ذلك، قبل سنوات قليلة توفي قريب لي في الثامنة عشرة في حادث سير على طريق جبلي، يشبه كل طرق لبنان بحفره الكثيرة التي تصوّب على أجساد المارين، بانتظار أسماء القتلى في نهاية النشرة. نحن شعب يسدد الضرائب والفواتير ويتلقى الضربات ويتحمّل، وحين ينفجر، يقمعه النظام ورجاله ويقال إن الثوار خونة، ويحاولون تصفيتهم جسدياً ومعنوياً.

في تصريح سابق، حذر ميشال مطران، مؤسس غرفة التحكم المروري في لبنان، من ازدياد عدد الصدامات المرورية، واصفاً إياها بالأعلى في العالم من حيث عدد الضحايا. وقال مطران، “غرفة التحكم المروري تتحوّل إلى ورقة نعي، ووفاة 5 أشخاص يومياً في بلد يبلغ عدد سكانه 6 ملايين نسمة، يعني أننا نخسر 30 شخصاً لكل 100 ألف نسمة، ما على يدل أننا نتصدر دول العالم في عدد قتلى الحوادث المرورية”.

طريق الشام (التي تتجه إلى المصنع نحو الحدود السورية)، هي طريق أسلكها كل أسبوع ذهاباً وإياباً من بيروت، وصولاً إلى منزل عائلتي. لم يحدث أن قدت السيارة من دون قلق على تلك الطريق المرعبة، ولم أستطع حتى الآن استيعاب كمية الشاحنات المتزاحمة والحفر والخنادق التي فيها. يصار بين حين وآخر إلى ترقيع الطريقو إضاءة جزء منها، لإسكاتنا، لكنّ الترقيع لم ينقذ حياة جورج الراسي ولن يفلح في إنقاذ أحد… إلا أن الترقيع هو كل ما يجيده هذا النظام والقائمون عليه.

حين يكبر طفل جورج الراسي سوف يفهم أن والده لم يمت في حادث سير عادي، بل قتله النظام، “دولتي فعلت هذا”، سيقول ويبكي…

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.