fbpx

اعترافات قسرية لمعارضي الولي الفقيه:
الأجانب ومزدوجو الجنسية أسرى في قبضة النظام

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

منذ اندلاع الاحتجاجات على خلفية مقتل الفتاة الإيرانية الكردية، مهسا أميني، على يد عناصر دورية شرطة الأخلاق، يكاد لا يختلف الوضع كثيراً في ما يتصل بالإدارة السياسية البراغماتية من جانب النظام الإيراني لملف الأجانب. مزايدات عديدة تجري على تخوم هذا الملف الذي تلاحق أفراده تهمة “التجسس”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بث التلفزيون الرسمي في إيران قبل أيام مقطع فيديو لفرنسيين، تم اعتقالهما في شهر أيار/ مايو الماضي بتهمة التجسس. المقطع المصور ينقل اعترافات الموقوفين التي بدت قسرية وباللغة الفرنسية.

أثار بث هذه الاعترافات قلقاً واسعاً، فقد انبعث من جديد، النقاش حول موقف النظام العدائي من الأجانب، وتحديداً من مزدوجي الجنسية. 

فلم يتورع المتحدث باسم الخارجية الايرانية ناصر كنعان من تحذير عدد من الدول الغربية من سفر مواطنيها إلى إيران وإلغاء بعض الرحلات السياحية مهدداً بأن التحقيقات جارية حول “دور الأجانب في الأحداث الأخيرة”. 

السلطات الإيرانية اعتقلت مؤخراً عدداً من الزوار الأجانب بتهمة المشاركة أو التحريض على المشاركة في الانتفاضة الحاصلة ضد النظام منذ أسابيع.

فخلال الانتفاضة تكرر اتهام إيران لمن وصفتهم بـ”عملاء أجانب” بتأجيج الاحتجاجات، وأعلنت اعتقال 9 أشخاص بينهم فرنسيون وألمان…

ويؤشر موقف النظام الأخير، إلى رغبته في تأكيد سرديته الرسمية بشأن التظاهرات التي لا تخرج عن كونها “مؤامرة” تقودها أطراف خارجية. فضلاً عن تخفيف الحمولات السياسية ضده والتشويش أو التعمية على الجرائم بحق المحتجين، ثم تفادي التداعيات السلبية جراء العقوبات الجديدة التي ستستهدف مسؤولين في الحكومة، متهمين بانتهاكات حقوقية.

ووفق المقطع المصور للاعترافات القسرية للمحتجزين الفرنسيين، تقول المحتجزة الفرنسية الأولى (سيسيل كولر) إنّها “ضابطة استخبارات في عمليات الإدارة العامة للأمن الخارجي”. وهو ما اعتبرته الخارجية الفرنسية بمثابة “مسرحية غير لائقة ومثيرة للاشمئزاز وغير مقبولة ومخالفة للقانون الدولي”.

وقالت الوزارة، في بيان، إنّ “هذه المهزلة تكشف عن ازدراء السلطات الإيرانية الكرامة الإنسانية”.

خلال الانتفاضة تكرر اتهام إيران لمن وصفتهم بـ”عملاء أجانب” بتأجيج الاحتجاجات، وأعلنت اعتقال 9 أشخاص بينهم فرنسيون وألمان…

وفي التسجيل الذي نشر أخيراً، قالت كولر إنّها وزوجها كانا يمولان الاحتجاجات، بالإضافة إلى استخدام السلاح “في حال لزم الأمر لمحاربة الشرطة”. كما أنّ وجودهما في إيران هو “لتهيئة الظروف للثورة وإسقاط النظام الإيراني”.

ومن ثم، شددت الخارجية الفرنسية على أنّ “جميع الزوار الفرنسيين، بمن فيهم مزدوجو الجنسية، معرضون لخطر كبير بالاعتقال والاحتجاز التعسفي والمحاكمة غير العادلة”. وذكرت في بيان أنّ “هذا الخطر يتعلق أيضاً بالأشخاص الذين يجرون زيارة سياحية بسيطة”. وتابعت: “في حال الاعتقال أو الاحتجاز، فإنّ احترام الحقوق الأساسية وسلامة الأشخاص ليس أمراً مضموناً”.

منذ اندلاع الاحتجاجات على خلفية مقتل الفتاة الإيرانية الكردية، مهسا أميني، على يد عناصر دورية شرطة الأخلاق، يكاد لا يختلف الوضع كثيراً في ما يتصل بالإدارة السياسية البراغماتية من جانب النظام الإيراني لملف الأجانب. مزايدات عديدة تجري على تخوم هذا الملف الذي تلاحق أفراده تهمة “التجسس”.

فقد اتهم محافظ طهران، محسن منصوري، في الأسبوع الأول للتظاهرات التي طوقت أقاليم ومدناً إيرانية، أطرافاً خارجية متورطة في تعبئة المتظاهرين وتحريضهم على الاحتجاجات. وقال منصوري: “تظهر بوضوح مؤشرات على تدخل بعض السفارات والأجهزة الأجنبية (الاستخباراتية) في القضايا الأخيرة في طهران”. وتابع: “خلال الاعتقالات في تجمعات طهران… اعتُقل رعايا من ثلاث دول”.

وبينما لم يوضح المسؤول الإيراني أيّ معلومات حول جنسيات المواطنين الذين تم اعتقالهم، بما يزيد من الغموض وشح المعلومات حول هذا الملف برمته، فإنّ الوقائع والمعطيات الجديدة المتتالية تكشف عن الآليات التقليدية والبراغماتية لتصريف الأزمات من قبل النظام في طهران.

وقبل ظهور مقطع فيديو الاعترافات القسرية للفرنسيين، بأيام قليلة، تمّ تسريب معلومات حول صفقة بين طهران وواشنطن للإفراج أو بالأحرى تبادل سجناء إيرانيين وأمريكيين، حسبما أوضحت وكالة “نور نيوز” الإيرانية المقربة من مجلس الأمن القومي الإيراني. وذلك في مقابل الإفراج عن مليارات الدولارات المجمدة في أكثر من دولة منها الصين والهند وكوريا الجنوبية والعراق واليابان بفعل العقوبات الأميركية.

ولمّحت وكالة الأنباء الإيرانية إلى وجود وساطة إقليمية، لإتمام صفقة تبادل الموقوفين في واشنطن وطهران. كما أكدت أنّ هذا الموقف لا يمت بصلة للاتفاق النووي الذي قالت إنّه “ما زال من دون نتيجة بسبب عدم اتخاذ أميركا قرارها السياسي”.

وتابعت: “مليارات الدولارات العائدة لإيران على وشك الإفراج عنها”.

وقال الناطق بلسان وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس: “شعرنا بسرور بالغ بعد علمنا من الأمين العام للأمم المتحدة اليوم أنّ إيران رفعت حظر السفر المفروض على باقر نمازي”.

وفي عام 2016 أدين نمازي (85) عاماً، بتهمة “التجسس لصالح حكومة معادية”. وحُكم عليه بالسجن عشرة أعوام. ثم أطلق سراحه بعد عامين لأسباب صحية مع وضعه رهن الإقامة الجبرية ومنعه من السفر.

راكم النظام الإيراني، عبر أربعة عقود في السلطة، موقفاً ثابتاً واستراتيجياً تجاه الغرب والولايات المتحدة. إذ يقف المسؤولون الإيرانيون على النقيض من سياساتهم وقيمهم. فيما تتبنى الأجهزة الأيديولوجية والإعلامية، التي لا تتوانى عن أدلجة (أسلمة) الثقافة والعلوم، رؤية تصنف هذا الشطر الآخر من العالم، المسمى في أدبياتهم بقوى “الاستكبار العالمي”، باعتباره عدواً.

 ففي الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 1979، احتجز الطلبة الإيرانيون عدداً من موظفي السفارة الأميركية كرهائن، للضغط على واشنطن لجهة تسليم الشاه لمحاكمته. ووفق السردية الرسمية لإيران، فإنّ الولايات المتحدة قامت كذلك بتجميد 22 مليار دولار.

هذه المحطة الأولى في الصدام المبكر بين إيران وواشنطن، إثر صعود آيات الله للحكم، شكّلت عتبة المواجهة والصراع الحتمي بين “المستضعفين” وقوى “الاستكبار العالمي”.

وعدّ الخميني هذه الحادثة، التي أمست “يوماً وطنياً لمقارعة الاستكبار” وهو “يوم الطالب” كذلك في إيران، بأنّها “ثورة ثانية”.

ولا تعدو ممارسات الملالي حيال الأجانب ومزدوجي الجنسية، كونها أمراً عرضياً أو مباغتاً. فهؤلاء بمثابة رهائن في قبضة النظام، والذي يعمد إلى ممارسة أقصى درجات القمع بحقهم بهدف ابتزاز الغرب ومساومته.

كما تمثل هذه الورقة أداة ضغط للتفاوض السياسي والحصول على مكتسبات جمّة. إذ إنّ إدامة التناقضات مع الغرب وتكثيف الصراع والعداء له ضرورات سياسية وأيديولوجية. ومن بين إجراءات النظام الإيراني التعسفية الاعتراف قسراً أمام كاميرا التلفزيون.

فإيران، التي سبق أن احتجزت البريطانية من أصول إيرانية أنوشة عاشوري، وكذا نازانين زغاري راتكليف قبل أن تطلق سراحهما قبل أشهر، كانت تواصل ضغوطاتها بهدف الحصول على مبلغ بقيمة 400 مليون جنيه استرليني، والذي يعود إلى فترة حكم الشاه.

وبرغم نفي طهران وجود صلة بين هذا الأمر والمبلغ المرتبط بصفقة أسلحة تمّ تجميدها بعد صعود الخميني للحكم، إلا أنّ لندن أكدت أنّه السبب الرئيسي.

وسبق لوزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، قبل الإعفاء من منصبه، أن وصف اعتقال راتكليف بأنّه يرقى إلى كونه عملية “تعذيب”. وتابع: “نازانين محتجزة بصورة غير قانونية من وجهة نظري، ووفق القانون الدولي. وأعتقد أنّها تعامل بالطريقة الأكثر تعسفاً وإساءة. أعتقد أنّ الطريقة التي تعامل بها ترقى إلى التعذيب، والإيرانيون ملزمون، بشكل واضح، وبلا لبس، بالإفراج عنها”.

ووفق وزير الخارجية البريطاني السابق، فإنّ توقيف المواطنة البريطانية من أصول إيرانية يعد جزءاً من “لعبة القط والفأر التي يلجأ إليها الإيرانيون، أو بالتأكيد جزء من النظام الإيراني، ويحاولون استخدامها للضغط على المملكة المتحدة”.

نهاية العام الماضي، ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أنّ هناك وفد بريطاني قد زار طهران لحل أزمة الديون المتسببة في احتجاز راتكليف وعاشوري.

تتفق والرأي ذاته، منظمة العفو الدولية، والتي أكدت على وجود “أدلة دامغة” بحوزة البرلمان البريطاني تفيد بأنّ اعتقال راتكليف يرقى إلى اعتباره جريمة “احتجاز رهائن”.

وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة الأممية المعنية بحقوق الإنسان، ديانا الطحاوي، إنّ “مناخ الإفلات من العقاب السائد في إيران شجع السلطات على الاستمرار في استخدام مزدوجي الجنسية والأجانب كورقة مساومة سياسية دون أيّ خوف من العواقب”.

وطالبت الطحاوي “جميع الدول التي يحتجز أو احتجز رعاياها في إيران على النظر فوراً في ما إذا كان ذلك يصل إلى حد احتجازهم رهائن واتخاذ جميع التدابير المناسبة لضمان إطلاق سراحهم ومحاسبة المسؤولين”.

وفي المحصلة، يتزامن ملف مزدوجي الجنسية في إيران مع حوادث سياسية عدة، كما حدث في الجولة الثالثة من مفاوضات فيينا. وتم تمرير معلومات حول وجود صفقة للإفراج عن موقوفين مقابل تحرير سبعة مليارات دولار من الأرصدة المالية المجمدة بفعل العقوبات.

لكن الناطق بلسان الخارجية الإيرانية، وقتذاك، سعيد خطيب زاده، قال إنّ “التقارير المنسوبة إلى مصادر مطلعة هي غير مؤكدة”، لافتاً إلى أنّ “وضع السجناء كان، وما زال، مسألة إنسانية على جدول أعمال الدولة في إيران. غير أنّه خارج أيّ محادثات ومسارات أخرى سواء كانت بشأن الاتفاق النووي أو غيره”.

وتكرر الأمر ذاته، مطلع عام 2016، بين طهران وواشنطن، خلال فترة إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما. إذ انعقدت صفقة لتبادل معتقلين. فأفرجت إيران عن خمسة مواطنين أميركيين، احتجزوا بتهمة التجسس، أربعة منهم من أصول إيرانية.

وفي المقابل، أفرجت واشنطن عن سبعة مواطنين إيرانيين، كانت قد اعتقلتهم بتهمة “الالتفاف على العقوبات”. فضلاً عن تحرير مليار و700 مليون دولار لمصلحة طهران. وتتصل بصفقة أسلحة مماثلة للصفقة البريطانية وقد ألغيت بعد الثورة.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.