fbpx

غزة: البحر يبتلع الهاربين من الحصار

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يحاول الشبان من خلال الهجرة البحث عن أي بارقة أمل في حصولهم على عمل، وتغيير مستقبلهم، في ظل غموض سياسي واقتصادي فلسطيني.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم تفقد ريما (30 عاماً) الأمل بعودة زوجها، الذي فقد في البحر، وبأنه ما زال على قيد الحياة. تنتظر هي وطفلتها البالغة من العمر 7 أعوام. كان زوجها ومئات، الفلسطينيين (عائلات كاملة)، من قطاع غزة انضموا إلى قوافل المهاجرين الذين فروا خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع في العام 2014. وما ألحقته من دمار وبؤس. 

الحزن والغضب يعمّ غزة، بعد الأنباء الأخيرة عن فقدان ووفاة عدد من الفلسطينيين من سكان القطاع غرقا مقابل السواحل التونسية. وتداولت معلومات عن وفاة 7 منهم، خلال محاولة الهجرة إلى أوروبا. وهذه ليست المرة الأولى. فقد سبقها العام الماضي غرق وفقدان 7 فلسطينيين من القطاع. وفي السنوات السابقة، وكان أكثرها مأساوية العام 2014، غرق العشرات من سكان القطاع، بينهم أطفال ونساء وعائلات قبالة السواحل اليونانية والتركية والإيطالية.

والدة أحد المفقودين، يونس حيدر الشاعر، من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، تقول لـ”درج”: “حاولت منعه من السفر ولكنه كان مصمم على الهجرة، وكان يقول إن الأوضاع الاقتصادية في غزة صعبة، الأسبوع الماضي وصلتنا أخبار أنه محبوس في سجون ليبيا، لكن امبارح وصل الخبر أنه غرق في بحر تونس”. تأخذ نفساً عميقاً كما لو أنها خرجت للتوّ من تحت الماء: “يونس غادر غزة هرباً من سوء الأوضاع المعيشية، وعدم توفر فرصة عمل، فقرر السفر عبر القوارب بحثاً عن حياة أفضل، لتأمين مستقبل أطفاله الأربعة، بعد محاولات عدة منه للهجرة قبل ذلك، ولكن الموت كان ينتظره هذه المرة. لقد مزّق قلوبنا جميعاً على فراقه”. 

نكرر باستمرار أن إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن الأوضاع البائسة في غزة التي تسببت بتدهور مجالات الحياة كافة، ودفعت الشبان إلى الهجرة من القطاع، وركوب البحر إلى الخارج، وصولاً إلى الدول الأوروبية بطرق غير شرعية، يتعرضون خلالها للموت.

الحزن والغضب يعمّ غزة، بعد الأنباء الأخيرة عن فقدان ووفاة عدد من الفلسطينيين من سكان القطاع غرقا مقابل السواحل التونسية. وتداولت معلومات عن وفاة 7 منهم.

الاحتلال الإسرائيلي والانقسام السياسي، كلها عوامل تدفع إلى زيادة معدلات البطالة والفقر، وغياب الأمل لدى الشباب، ما يؤدي إلى عزوفهم عن البقاء في غزة والهرب بأعداد كبيرة إلى الخارج.

يحاول الشبان من خلال الهجرة البحث عن أي بارقة أمل في حصولهم على عمل، وتغيير مستقبلهم، في ظل غموض سياسي واقتصادي فلسطيني.

من الهجرة غير الشرعية عبر البحر، حيث يتعرضون للغرق والموت، أو يتعرضون لمضايقات العصابات التي يتعاملون معها، وإذا نجوا فإن أعداد كبيرة منهم تعمل في مجالات لا تليق بهم؛ نظرا لزيادة أعداد المهاجرين العرب في تلك الدول.

كل هذا مؤشر عن حال وأحوال الناس في القطاع، المخيف والمهين، وربما يكون وجودهم وإقامتهم فيه غير شرعية، يموت الناس غضباً وكمداً وقصفاً وغرقاُ في لجوء جديد، والحرمان من الحق في البقاء على قيد الحياة والبحث عن الأمن والطمأنينة والمستقبل الواعد. إنه الظلم وغياب الحرية والكرامة والعدل والإنسانية، والمسؤولية الأخلاقية من السلطات الفلسطينية قبل غيرها.

 يدور الحديث عن المصالحة والشرعية، ويتحدث الناس عن الهجرة الشرعية وغير الشرعية، ولوم “المهاجرين غير الشرعيين”، الضحايا والغضب منهم، وهل هي ظاهرة أم حالة عابرة، فما هو الشرعي في حياة الفلسطينيين أصلاً؟ كل شيء أصبح غير شرعي. رئيس غير شرعي وحكومتين غير شرعيتين، ومجلس وطني غير شرعي ومنتهي الصلاحية، ولجنة تنفيذية لم تعد قادرة على أن تكون شرعية. ومجلس تشريعي منحل، يدعي أنه شرعي، وخطط وبرامج سياسية مختلفة غير شرعية، واحتلال وحشي وهمجي غير شرعي، وعدوان مستمر غير شرعي، شرّعه العالم بالغطاء الشرعي وصمته على المذبحة المستمرة في قطاع غزة.

هجرة الغزّي سببها القصور وغياب المسؤولية القانونية والأخلاقية والإنسانية من المسؤولين وفقدان الأمل. يقتلون في العدوان المستمر وجرائم ارتكبتها آلة الوحشية الاسرائيلية، لم يمت منها الناس ضعفاً بل لأنهم تركوا وحدهم من أخوتهم في العروبة والدم، هم صمدوا، ولم ينكسروا، ويهاجر بعض منهم ليس جوعاً وفقراً، إنما ظلما وغدراً، وموتهم في البحر غير مرتبط بأنواع الطعام والحرمان من الحق في الغذاء، هو حالة إنكار إنسانيتهم وحقهم في الحياة، ومنع وكبت حرياتهم ولعبة السياسة القذرة.

غزة محاصرة وتقصف منذ زمن بعيد وحركتها مقيدة منذ أكثر من 16 عاماً، وتراكمت المآسي والمصائب والكوارث ويتجدد الألم يومياً، من أجل الأمل في هذا الزمن الذي حول حياة الغزيين إلى ذكريات وكل ذاكرة أشد قسوة، ولم يعد من متسع للغضب والحزن والوجع والألم. 

غزة ما أبشع ما نرى، مهاجرون يموتون غرقاً، نازحون ومشردون يتسولون ولم يجدوا قبراً يجمع ما تبقى من أجسادهم، وكأن قدر الفلسطيني أن يموت ولا تودعه عائلته، ويضيع جثمانه في البحر، أو يحتجز في قبور بأرقام أو بدون أرقام، كما تفعل سلطات الاحتلال الإسرائيلي باحتجاز جثامين الذين تقتلهم، وتعاقب ذويهم بحرمانهم من دفنهم بكرامة، أو حتى إلقاء نظرة الوداع عليهم. 

ولا يزال أخرون ينتظرون الفرصة للرحيل من أجل الهجرة، هؤلاء كثر ويغادرون مع أولادهم. بعض منهم تسبقهم زوجاتهم، واولادهم الصغار الى مصر او من صاحبه الحظ وتخطى تعقيدات التصريح الاسرائيلي وعدم الممانعة الأردنية واستطاع السفر عبر معبر بيت حانون (ايرز) الى عمان ومن هناك إلى خارج البلاد.

الغاية أوروبا وطريق الهجرة والحظ والانتظار للاستقرار هناك على أمل الحصول على إقامة أو جنسية للمكوث هناك والبحث عن عمل ومكان أفضل وأكثر أمناً لدراسة أبنائهم والحلم بمستقبل أفضل.

رحلة الهجرة والقرار الصعب والخيارات الأصعب وانتزاع الروح من بلد المنشأ والعائلة والاصدقاء، الرحيل من قطاع ضيق والعائلة لم تعد كما كانت وتقطعت اوصالها بفعل الانقسام وتدهور منظومة القيم، ومشاق العيش والانقسام والخلافات السياسية اليومية، ولا مياه صالحة للاستخدام الآدمي ولا كهرباء، ولا ضمان لمستقبل.

الرحيل الى مكان يعتقدون أنه أكثر أمنا وضامناً للمستقبل، فيما أصبح يلفظ المهاجرين ويخشاهم، ويعقّد حياتهم لكثرة المهاجرين والمشكلات الأمنية التي تحيط بهم.

تغيرت أشياء ولم يعد كثر يروا الوطن كما كان، ولم ينشدون البقاء ولا الضوء في آخر النفق. الأمل لم يعد يكفي. لقد تبدّد.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.