حزب “ميريتس” هو أقصى اليسار الرسميّ في إسرائيل. بلغ ذروة قوّته بين 1992 و1996، مع فورة السلام بعد مؤتمري مدريد وأوسلو، إذ نال 12 مقعداً في الكنيست قبل أن يتراجع وينكمش لاحقاً. هذا الحزب يواجه اليوم مشكلة، أو بالأحرى فضيحة، قد لا يستطيع الخروج منها بسهولة.
تامار زاندبرغ، السياسيّة الشابّة وقائدة الحزب منذ آذار (مارس) 2018، اعتمدت على خدمات موشي كلوغهافت، استراتيجيّ الحملات الانتخابيّة، في حملتها للوصول إلى قيادة حزبها.
في البداية، أنكرت زاندبرغ ذلك. ذاك أنّ الصلة بكلوغهافت هو من الكبائر والمحرّمات لدى حزب “ميريتس” وباقي اليسار: فهو كان المستشار الاستراتيجيّ لحملات وزير التعليم اليمينيّ وقائد “حزب الوطن القوميّ اليهوديّ” نفتالي بينيت، هندس حملات حادّة وديماغوجيّة ضدّ مجموعات حقوق الإنسان وأطراف يساريّة وليبراليّة وشبابيّة في إسرائيل. بعض أعماله كان نشره فيديو يتّهم إحدى هذه الفئات بالعمالة لحكومات أجنبيّة. من ضحايا تشويهه النائبة السابقة عن حزب “ميريتس” نفسه، نعومي شازان. في 2015، وصل به تشويهه للنائب يوسي يوناه، من “الاتّحاد الصهيونيّ”، إلى حدّ مقارنته بحركة “حماس” في غزّة. هذا اتّهام قاتل سياسيّاً في إسرائيل، بحيث أنّ الوزير بينيت نفسه اعتذر عنه.
لم تتراجع زاندبرغ عن إنكارها إلاّ بعد أن كشف كلوغهافت الأمر لقناة تلفزيونيّة. عند ذاك قالت إنّه لم يكن موظّفاً في حملتها لكنّه كان على صلة معها، ثمّ أضافت أنّه لفت نظرها إلى بعض المسائل من خلال رسائل وجّهها إليها، قاصدةً أنّها لم ترَه ولم تلتق به.
هذا التنصّل بدا ضعيفاً، خصوصاً وأنّ مناعة “اليسار” حيال أشخاص “يمينيّين” وممارسات “يمينيّة” باتت، في إسرائيل، أضعف من أيّ وقت سابق. يُستدلّ على ذلك بالعودة إلى شخص القائد الجديد لـ “حزب العمل”، الحزب التاريخيّ لليسار وأهمّ أحزابه.
فالقائد العمّاليّآفي غابّاي ليس فيه أو في حياته أيّ شيء يدلّ على العمل والعمّال. لقد جاء قبل خمسة أشهر ونيّف إلى قيادة حزبه المفتقر إلى قيادات كبرى من طينة مؤسّسي الحزب والدولة. ماضيه السياسيّ فقير جدّاً، ويرى البعض أنّ مهمّته ستكون حصراً استكمال إبعاد حزبه عن كلّ يسار.
فمن دون أن يكون نائباً، استعاض غابّاي عن فقره السياسيّ بتوكيدات خطابيّة على الشباب والشبابيّة والتواضع…
لقد ولد في 1967، وهو من أصول مغربيّة. عُرف عنه القليل: خدمته في مخابرات الجيش، وتخرّجه من الجامعة العبريّة في البيزنس، ثمّ عمله موظّفاً في وزارة المال. بين 2003 و2013، أصبح مديراً لشركة بيزيك، كبرى شركات الاتّصالات في إسرائيل، بعد ذاك صار سياسيّاً: شارك موشي كحلون تأسيس حزب “كلّنا” الذي يصنّف نفسه وسطيّاً. تولّى الوزارة كممثّل عن هذا الحزب ثمّ انشقّ عنه وانضمّ إلى العمل. سبعة أشهر فحسب كانت كافية كي يتولّى قيادة هذا الحزب الأخير. أبرز ما في حياته هو بالطبع نجاحه في شركة بيزيك.
في مجتمع يجمع بين كونه “سيليكون فالي” الشرق الأوسط، مع ما يعنيه ذلك من ثراء وثقافة ثراء، وبين تسامحه، القوميّ والدينيّ، مع الاستيطان في أراضي الفلسطينيّين، يصعب أن يعيش يسار منحاز فعلاً إلى العدالة الاجتماعيّة ومناهض فعلاً للتوسّع. اليسار في إسرائيل تسمية ملطّفة لليمين. اليساريّ محتار في كيف يغدو يمينيّاً.
[video_player link=””][/video_player]
حيرة اليساريّ الإسرائيليّ: كيف أصير يمينيّاً؟
حزب “ميريتس” هو أقصى اليسار الرسميّ في إسرائيل. بلغ ذروة قوّته بين 1992 و1996، مع فورة السلام بعد مؤتمري مدريد وأوسلو، إذ نال 12 مقعداً في الكنيست قبل أن يتراجع وينكمش لاحقاً. هذا الحزب يواجه اليوم مشكلة، أو بالأحرى فضيحة، قد لا يستطيع الخروج منها بسهولة.
الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
ريف اليمن
النساء اليمنيات وجواز السفر.. تعقيدات مضاعفة
24.04.2024
محمد أبو شحمة- صحفي فلسطيني
مع زيادة التهديدات الإسرائيلية… عائلات تترك رفح
24.04.2024
ريد مطر - صحافية مصرية | 24.04.2024
“لا نعرف مصيرهنّ”: لغط حول مصير ناشطات مصريات اعتُقلن خلال تظاهرة دعم لغزة
"نحن لم نتوقع هذا الترهيب كله، ذهبنا فقط لتسليم بياننا للأمم المتحدة لحثّها على حماية النساء والأطفال في زمن الحروب، وهي المهمة التي تقع على عاتقها كجهة دولية مسؤولة عن ذلك".
الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
تروي الصحفية والناشطة السياسية المصرية، إيمان عوف، تجربتها كامرأة وأمّ في خوض غمار السياسة والعمل الصحفي والصعوبات التي واجهتها خلال مسيرتها والمتعلقة بشكل أساسي بأمومتها وبما هو متوقع منها مجتمعياً. "كيف يغدو الدور الرعائي عائقاً أمام حياتكِ السياسية؟"، هي الحلقة الثالثة ضمن مشروع "عوائق وصول النساء العربيات إلى طاولات صنع القرار"، الذي أُنجز بالشراكة بين…
17.04.2024
تكرر توقيف السلطات الألمانية ناشطين أو شخصيات معروفة بدعمها القضية الفلسطينيّة، بل حتى منعهم من دخول البلاد كما حصل مع الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة، بحجة معاداة السامية، التي تُستخدم أيضاً لتفريق تظاهرات متضامنة مع الفلسطينيين وداعية الى وقف الإبادة في غزّة. آخر ضحايا هذا التضييق، وزير المالية اليوناني السابق يانيس فاروفاكيس، الذي مُنع من…
17.04.2024