fbpx

لبنان: عون أطل عشية فرار السجناء من زنازين جمهوريته

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

الفضيحة هي جزء من الفشل الذي أعقب الفساد والذي يرتسم على وجوه الرؤساء وعلى أنماط عيش عائلاتهم. لكن فضيحة اليوم تؤشر أيضاً إلى أن الاهتراء وصل الى مستويات مضحكة في آلة الحكم…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
عائلات لسجناء فارين

تمكن نحو سبعين سجيناً من تحطيم أبواب زنزانتهم والفرار من سجن بعبدا. خمسة من السجناء قتلوا بعد أن اصطدموا بسيارة فيما عاد البعض وبقي آخرون متوارون. أما الأمن والقضاء والمسؤولون فشرعوا يتقاذفون المسؤوليات حول هذا الخرق الأمني الكبير.

إنه الفشل الذي أعقب الفساد الذي بدوره كان غطاء للارتهان للسلاح غير الشرعي. فتح السجناء باب السجن وتمكنوا من إلقاء القبض على الحراس، وغادروا سجن بعبدا، القريب من القصر الذي يقيم به الرئيس ميشال عون. القصر نفسه الذي كان غادره عون في العام 1990 تاركاً الجنود يقاتلون بمفردهم، حين قرر الانسحاب من الحرب التي أعلنها حينها على النظام السوري.

 وفي يوم الهروب نفسه، يوم هروب السجناء، لا هروب الرئيس، أطل الأخير على اللبنانيين ليتلوا عليهم رسالة عيد الاستقلال. الاستقلال الذي جرت في ظله عملية نهب ودائع اللبنانيين من البنوك، وفي ظله أيضاً وقع أكبر انفجار في التاريخ فدمر ربع المدينة وقتل نحو مئتين وجرح نحو ستة آلاف لبناني كانوا “ينعمون” بعودة الرئيس إلى القصر، وهجّر نحو ثلاثمئة ألف مواطن أثناء عيشهم في نعيم الاستقلال العوني.

الفشل يحاصر القصر، وحزب الله الحليف القوي الذي عبّد الطريق أمام وصول عون الى القصر  يتولى ردّ النكبة تلو النكبة عن الرئيس. 

في كل يوم تقفز فضيحة من دون أن تشطب وجه ساكن القصر. الفضيحة الأخيرة، أي فضيحة  هرب  السجناء رهيبة في دلالاتها. الدولة فقدت أي قدرة لها على الضبط. سجن يضم أكثر من مئة موقوف يحرسه عسكريان اثنان فقط. هو ليس سجناً، إنه نظارة، أي أن السجناء موقوفون غير محكومين. الدولة هي المرتكب هنا، ذاك أنها خالفت القانون في حشرهم في النظارة والقضاء هو المقصر في محاكمتهم. هذه حال عشرات وربما مئات السجناء الذين يجري توقيفهم أشهراً وسنوات دون محاكمة في زنازين بالكاد تتسع لهم في ظروف أجمعت كل التقارير الحقوقية على  أنها بالغة السوء.

هنا الفاجعة، أي أن المرتكب في عملية الفرار هو السلطة وهو الحكومة وهو القضاء، وهو الدولة المهترئة والفاسدة والفاشلة.

 المشهد في بعبدا أعاد تذكيرنا بعملية فرار شهدتها البلدة منذ عقود، وكتب على أثرها تاريخ كدنا نصدقه لولا أننا أعدنا اختباره على نحو مأساوي في هذه الأيام.   

فرّ السجناء من نظارة سرايا بعبدا، القريبة من قصر بعبدا الذي يشهد مزيداً من المماطلة في تشكيل الحكومة، والذي كانت تعقد فيه جلسة لتدبر تفادي التحقيق الجنائي في مصرف لبنان، واجتماع آخر لإصدار بيان مواز لإدانة التأخير في مباشرته. عملية فرار سهلة أبدى فيها الفارون رشاقة ملحوظة، ولم يقتلوا الحراس. عملية فرار نظيفة، وهي لم تحد من رغبة الرئيس في الظهور على التلفزيون مساء بعد ساعات قليلة من وقوعها ليتحدث عن الفساد وعن طبقة سياسية فاسدة لا ينتمي إليها صهره جبران باسيل، ويسعى تياره لمحاربتها بكل الوسائل. 

لا أحد مسؤولاً عن عملية الفرار. قد يعاقب الحارسان المسكينان لكن ضابطاً واحداً لن يكون مسؤولاً. فضيحة انفجار المرفأ ما زالت ماثلة أمامنا، أوقف مدراء في المرفأ ولم يقترب القضاء من سياسي واحد. ومن المرجح أن تقتصر تهم المدراء على التقصير في أداء المهام. عشرات القتلى وآلاف الجرحى وتدمير ربع المدينة في مقابل حكم قضائي على مدير أو اثنين في المرفأ بتهمة التقصير في أداء المهمة!

فضيحة اليوم أقل مأساوية على رغم أن خمسة فارين قتلوا أثناء فرارهم. لكنها، أي الفضيحة هي جزء من الفشل الذي أعقب الفساد والذي يرتسم على وجوه الرؤساء وعلى أنماط عيش عائلاتهم.  لكن فضيحة اليوم تؤشر أيضاً إلى أن الاهتراء وصل الى مستويات مضحكة في آلة الحكم، ذاك أن المشهد في بعبدا أعاد تذكيرنا بعملية فرار شهدتها البلدة منذ عقود، وكتب على أثرها تاريخ كدنا نصدقه لولا أننا أعدنا اختباره على نحو مأساوي في هذه الأيام.