fbpx

النوروز يقاوم ولاية الفقيه

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في الوقت الذي أبلغ فيه مكتب المرجع السيد علي خامنئي طالب العلوم الدينية اللبناني الشيعي السيد حسين علي الحسيني حرمانه من مستحقاته المالية الشهرية، بسبب ظهوره عازفاً على آلة البيانو على شاشة إحدى القنوات التلفزيونية اللبنانية، كانت الشعوب الإيرانية تخرج إلى الشوارع احتفاء بحلول “چهار شنبه سورى”، الاحتفالية الشعبية التقليدية التي تقام سنوياً في إيران في أجواء عيد النوروز منذ أكثر من ألفي سنة…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في الوقت الذي أبلغ فيه مكتب المرجع السيد علي خامنئي طالب العلوم الدينية اللبناني الشيعي السيد حسين علي الحسيني حرمانه من مستحقاته المالية الشهرية، بسبب ظهوره عازفاً على آلة البيانو على شاشة إحدى القنوات التلفزيونية اللبنانية، كانت الشعوب الإيرانية تخرج إلى الشوارع احتفاء بحلول “چهار شنبه سورى”، الاحتفالية الشعبية التقليدية التي تقام سنوياً في إيران في أجواء عيد النوروز منذ أكثر من ألفي سنة.
في يوم الأربعاء الأخير قبل حلول عيد النوروز في الأول من فروردين الذي يصادف 21 مارس/ آذار، يضرم الإيرانيون النار في الشوارع ويقفزون من فوقها، مرددين “زرد من به تو سرخ تو به من” أي: خذي مني الصفرة (المرض) وأعطني الحمرة (العافية).
احتفالية القفز فوق النار والأغنية المرافقة لها، عادة زرادشتية قديمة، مازال الإيرانيون متمسكين بها، ويحيونها كل عام مع اقتراب عيد رأس السنة الشمسية المعروف بالنوروز، رغم كل مظاهر الأسلمة التي تسيطر على حياتهم. وفي هذا الوقت بالذات، الذي تزامن مع دخول الثورة الإسلامية عامها الأربعين في الشهر الماضي، بالغ الإيرانيون كثيرا في مظاهر الاحتفال. فقد تحولت شوارع المدن الإيرانية إلى كتل متوهجة من النار في الليل، انعقدت حولها حلقات الرقص المختلط بين الجنسين، على أنغام الآلات الموسيقية التقليدية والغربية، كما امتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو بثت مباشرة وقائع الاحتفاليات الراقصة في أنحاء الجمهورية الإسلامية.

في سنوات سابقة، كانت شرطة الأخلاق تقيم حواجز ونقاط تفتيش لمضايقة من يحيون المناسبة. كان الإيرانيون ينتزعون لحظات الفرح بعيدهم القومي بالقوة من قبضة المتأسلمين. كانت الشرطة تحظر التجمعات وتلاحق المحتفلين وتعتقلهم بتهمة مخالفة هذه العادة للتعاليم الإسلامية. عادة ينشط رجال الدين المتشددون مع اقتراب عيد النوروز للتحذير من إحياء فعالياته الكثيرة، وفي سنوات سابقة كثيرا ما دعوا إلى تقليص عدد أيام العطلة المتعلقة به، البالغة 13 يوما، لكنهم فشلوا. في مكان آخر، نجحوا في تقييد تحركات المواطنين وقمعوا الاحتفالات في الشوراع، فانسحب بعضها إلى داخل البيوت، لكن بعضها الآخر قاوم وعاند وحافظ على شعبيته وعلانيته ضمن حدود، مثل احتفالية القفز فوق النار واحتفالية أخرى تسمى “سيزده به در” أي: اليوم الثالث عشر إلى الباب.
لكن هذا العام كان الوضع مختلفا. الإيرانيون أنفسهم متفاجئون بتسامح الشرطة مع المظاهر الصاخبة التي يحتفلون بها، وعدم تدخلها بل عدم وجودها في أماكن إقامة الاحتفالات.
من المعروف أن السلطة في إيران موزعة بين طرفين: الثورة والدولة. تتمثل الثورة بالخط المحافظ، ابتداء من مرشد الجمهورية السيد علي خامنئي نزولا باتجاه القاعدة الشعبية المؤمنة بولاية الفقيه، مروراً بمؤسسات الثورة الحديدية مثل الحوزة الدينية وتنظيم الحرس الثوري والسلطة القضائية وغيرها. أما الدولة فهي اليوم متمثلة بشخص رئيس الجمهورية الشيخ حسن روحاني وتياره المعتدل وحلفائه الإصلاحيين وبعض المحافظين الوسطيين إضافة إلى شريحة واسعة من الشعب الإيراني، التي أوصلت هذا الجناح إلى السلطة.
ومن المعروف أيضاً أن أي طرف من أطراف السلطة عندما يحس بوهن أصاب موقعه السياسي، يلجأ إلى الشارع، ويعمد إلى ضخ بعض الحريات، وأول الأمور التي يسمح بممارستها هي تلك التي لها علاقة مباشرة بالحس القومي عند عامة الناس.
في فترته الرئاسية الثانية، شعر الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد أن نجمه بدأ بالأفول، فقرر أن يجعل من عيد النوروز مناسبة عالمية، وغايته استمالة المزاج الشعبي الإيراني. فأوكل إلى ماكينته الإعلامية المنتشرة حول العالم بمهمة شرح معاني هذا العيد، واستدراج الضيوف إلى بلاده ليعاينوا عن كثب جمالية الاحتفالات بالنوروز. وفي سنة 2011 احتفلت طهران لأول مرة بعد انتصار الثورة رسميا بعيد النوروز بمشاركة رؤساء جمهوريات مثل جلال طالباني وحامد كرزاي وسياسيين غربيين. الأمر الذي أدى إلى إعادة التفاف الرأي العام حوله.
هذا العام يتساءل الإيرانيون من يشعر بدنو أجله السلطوي؟ الثورة أم الدولة؟ وأي من الطرفين بات بحاجة أكثر من الآخر إلى تأييد شعبي؟ يبدو أن الجواب غير محسوم بعد، لكن المحسوم هو بوادر معركة شرسة بين روحاني والحرس الثوري، وكلا الطرفين أخرج المعركة من الدوائر السياسية وطرحها في الشارع بغية استعطافه.
منذ أيام سرب النائب المحافظ جواد كريمي قدوسي كلاماً منسوباً إلى روحاني يقول فيه إنه “لا يمكن للدولة أن تمول جيشين. فإما الجيش النظامي وإما الحرس الثوري، فالميزانية التي تخصصها الدولة للقوات المسلحة سوف تؤدي إلى انهيارها”.
رغم أن روحاني نفى هذا الكلام ووصفه بـ”الجرم المشهود”، إلا أن الشريحة المؤيدة له طاب لها هذا التسريب وأيدته بكثير من الحماسة، أما الشريحة المقابلة فقد تبنت رأى زعمائها الذين أشاعوا أن إلغاء تنظيم الحرس الثوري هو مطلب أميركي، وهو أحد المقررات السرية للاتفاق النووي، الذي توافق على بنوده الرئيس الأميركي باراك أوباما مع وزير الخارجية محمد جواد ظريف.
في الداخل الإيراني يحتاج كل من الطرفين إلى شرعية غير سياسية في معركته ضد الآخر، والشرعية لا تستمد إلا من الشارع، حيث يخيم العطش إلى كل أنواع الحريات في مقابل تخمة أيدويولوجية، لذلك انتهز كلاهما فرصة احتفاليات عيد النوروز، ليستدر التأييد. أما في لبنان فالوضع مختلف، حيث تتفوق مشاعر الحرية رغم كل المحاذير على تسويق الأيدولوجيا، عدا أن التسامح بالاعتدال “خارجياً” هو مغامرة غير محسومة النتائج، فالجماعات الخارجية لا يمكن التحكم عن بعد، بمقدار ممارستها للحرية، لذلك من الواجب قمعها في مهدها، قبل أن تشرد فتصعب إعادتها إلى الحظيرة.[video_player link=””][/video_player]

كريم شفيق - صحفي مصري | 26.04.2024

حملة “نور”: حرب “آيات الله” الجديدة على أجساد النساء

تتزامن الحرب على أجساد النساء مع إخفاقات سياسية عدة، محلية وإقليمية، لـ"آيات الله"، بداية من تأثيرات المعارضة السياسية على الانتخابات البرلمانية، والتي شهدت انحساراً شديداً، وتراجعاً لافتاً في مستوى إقبال الناخبين وتدنّي نسب المشاركة. فضلاً عن الهجوم المحدود والاستعراضي للرد الإيراني على اعتداءات إسرائيل على القنصلية، والهجوم الذي طاول قياداتها بين سوريا ولبنان.