fbpx

الحراك الطلابي في إيران: 
تبديد سلطة “الولي الفقيه” من قلب الجامعات

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يكشف الحراك الطلابي، في عدة جامعات إيرانية، عن ميل حاد للتصعيد، وعدم اللجوء إلى التهدئة. وتطوق تظاهرات الطلبة غالبية الجامعات بإيران، والتي شهدت إضرابات ومطالبات بالإفراج عن الموقوفين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لطالما كانت الجامعات في إيران نقطة انطلاق مركزية لأيّ تحول سياسي أو مجتمعي، إذ يحفل تاريخ الحركة الطلابية بمحطات مهمة ومؤثرة على مدار العقود الماضية، سواء في فترة حكم الشاه أو مع صعود “آيات الله” للحكم عام 1979. 

الثابت أنّ الجامعات تمثل نقطة الجذب والالتقاء لإحداث التغيير السياسي والمجتمعي بإيران. إذ إنّ الحراك الطلابي دائماً ما يكون لحظة الاصطفاف القصوى التي يتمكن بعدها من تعميم الغضب بين قطاعات وفئات مختلفة، كما هو الحال، الآن، ضد سياسات النخبة الدينية الحاكمة. وتعدّ جامعة “شريف” للتكنولوجيا، في طهران، مركزاً للحراك الطلابي الراهن.

يواصل الطلبة الإيرانيون احتجاجاتهم، في المدارس كما في الجامعات، رغم ارتفاع وتيرة القمع، وكذا التوسع في الاستراتيجيات الأمنية لقوات الحرس الثوري.

ويبدو أنّ الطلبة يتحدّون العقل الأمني المحض لملالي طهران. هذا العقل الذي لا يملك بدائل أو خيال سياسي للتعاطي مع الحراك، بينما يتجه لتصفية فورية وتامة للتظاهرات دونما فهم الشروط التي تساهم في حدوثها واستمرارها. وتعمد قوات الباسيج، بحسب تقارير الناشطين والمعارضة الإيرانية، إلى توزيع عناصرها، المتخفين في ملابس مدنية، داخل حرم الجامعات التي تشهد احتجاجات عنيفة، وتحديداً في شيراز وأصفهان وطهران وقم وكردستان وبلوشستان.

من بين الاستراتيجيات الأمنية التي تنفذها القوات الأمنية الإيرانية، مؤخراً، اختطاف قادة الاحتجاجات بعد تصنيفهم من قبل العناصر المندسة وسط الطلاب. ثم شن هجمات ليلية مباغتة على أقسام السكن الجامعي لخطف الطلبة واعتقالهم. فضلاً عن تصوير الطلاب بالاستعانة بالطائرات المسيرة للكشف عن هوياتهم، لا سيّما أنّ مقاطع الفيديو، التي يبثها المحتجون على مواقع التواصل الاجتماعي، تكون مموهة.

وتكاد لا تختلف هذه الممارسات القمعية التي تسعى إلى عسكرة الجامعات عن ما سبق الإعلان عنه من قبل وزير العلوم الإيراني، محمد علي زلفي غل. وقد أعلن عن عزمه تدشين مرحلة قصوى من التعاون العلني بين وزارته والقوات المسلحة. وقال الوزير الإيراني إنّه قد “تقرر تخصيص مكتب في كل جامعة يتبع للقوات المسلحة لمتابعة القضايا والاتفاقيات التي أبرمتها الوزارة مع القوات المسلحة”.

لطالما كانت الجامعات في إيران نقطة انطلاق مركزية لأيّ تحول سياسي أو مجتمعي، إذ يحفل تاريخ الحركة الطلابية بمحطات مهمة ومؤثرة على مدار العقود الماضية، سواء في فترة حكم الشاه أو مع صعود “آيات الله” للحكم عام 1979. 

قضى في الاحتجاجات، المستمرة لأكثر من خمسين يوماً، ما لا يقل عن 300 متظاهر. فيما جرى توقيف واعتقال نحو 14 ألفاً منذ اندلاع التظاهرات على خلفية مقتل الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني، على يد أفراد دورية “شرطة الأخلاق”، حسبما أفاد تقرير لوكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان في إيران (هرانا). 

ورغم كل ذلك، يكشف الحراك الطلابي، في عدة جامعات إيرانية، عن ميل حاد للتصعيد، وعدم اللجوء إلى التهدئة. وتطوق تظاهرات الطلبة غالبية الجامعات بإيران، والتي شهدت إضرابات ومطالبات بالإفراج عن الموقوفين. كما حرض الطلبة الأكاديميين وأعضاء هيئة التدريس على الانضمام إليهم.

وتنتقل عدوى الاحتجاجات بين الجامعات الرسمية الحكومية، وكذلك الخاصة. ولا يتوقف حراك الطلبة في جامعات العاصمة الإيرانية، ومنها “أمير كبير”، و”يزد”، و”بهشتي”، و”الزهراء”، حتى يستكمل مسيرته نحو الجامعات الخاصة، غربي طهران، بالإضافة إلى جامعات أخرى، منها جامعة “أصفهان”، و”آمل”،  و”خوارزمي” و”مشهد”.

ومن بين هتافات الطلبة في كلية الطب البيطري بجامعة طهران التي تحرض على اصطفاف الأساتذة الجامعيين معهم: “أيها الأستاذ حدد موقفك”.

كما اقتحم الطلبة المحتجون مكتب رئيس جامعة “أمير كبير”، حسن قدسي بور، في العاصمة طهران، نهاية الأسبوع الماضي. بينما طالبوه بالاستقالة على خلفية رفضه الاستجابة لمطالبهم الخاصة برفع الحظر عن زملائهم لمتابعة دراستهم.

ورغم “القمع الوحشي والاعتقالات الواسعة لزملائهم في الصف”، فإنّ طلاب كلية التعدين في جامعة طهران، هددوا، بحسب بيان لهم، بمواصلة الاحتجاجات حتى الإفراج عن الطلبة المعتقلين. 

 بالتزامن مع يوم الطالب في إيران وهو كذلك “اليوم الوطني لمحاربة الغطرسة (الاستكبار) العالمي”، وقع النظام الإيراني أمام سرديتين. إذ حاول المرشد الإيراني، خلال لقائه مجموعة من الطلبة، التأكيد على استمرار اصطفاف الطلاب مع نظام “الولي الفقيه”، خاصة في هذا اليوم الذي يستعيد من الذاكرة عملية احتجاز الرهائن داخل السفارة الأميركية، وذلك بواسطة مجموعة من الطلبة الذين سمّوا أنفسهم “أتباع الإمام” أو “الثوار”. لكن الاحتجاجات الطلابية تعاكس هذه الرغبة والسردية الرسمية التي تتلاشى.

واللافت أنّ رئيس الهيئة التمثيلية للمرشد الإيراني في الجامعات، مصطفى رستمي، لمّح في اجتماع للنشطاء الطلابيين بجامعة عيلام، إلى أنّ هناك 55% من الشعب الإيراني مع الحراك الاحتجاجي.

ووفق نتائج قياس اتجاهات الرأي العام، قال رستمي إنّ “83% من الشعب لم يشارك الاحتجاجات، لكنهم محتجون رغم ذلك”. وذلك من دون الكشف عن طبيعة الجهة التي نفذت هذا الإستطلاع.

ونقل تقرير لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية “إيسنا”، عن رئيس الهيئة التمثيلية للمرشد قوله إنّ “60% من المؤيدين للاحتجاجات يحيلون أسبابها إلى القضايا الاقتصادية والمعيشية”. 

وتابع: “عندما سُئل هؤلاء الأشخاص (في الاستفتاء) عن مطالبهم، طالب 59% بإصلاح سُبُل العيش، و6% بإزالة الحجب عن الانترنت، و3.5% فقط كانت لهم مطالب بشأن حرية المرأة والحجاب”. كما لفت رستمي إلى أنّ أكثر من20% اصطفوا مع التظاهرات نتيجة “الفساد الإداري وإصلاح الهيكل”.

غير أنّ المسؤول الإيراني، الذي قام بتعيينه المرشد الإيراني في أيلول/سبتمبر عام 2018، عاود الحديث عن وقوع الطلبة تحت “تأثيرات” خارجية موضحاً أنّ “هذه السلوكيات ليست أمراً طبيعياً في الجامعات. الغضب والكراهية أمر غريب، وأغلب الطلاب يعيشون في أجواء وهمية”.

وإلى ذلك، قال المرشد الإيراني بمناسبة يوم الطالب في إيران “إنّهم (أيّ الطلبة) وقعوا تحت تأثير “الإثارة والعواطف”. وحاول خامنئي، في خطابه، التشويش على دور الاحتجاجات أو بالاحرى قمع قواته الدموي للمتظاهرين في إدانة نظامه من قبل واشنطن والغرب، حيث زعم أن “الخلافات قائمة منذ 19 آب/ أغسطس 1953”. وتابع: “بدأ خلافنا مع الأميركيين منذ ذلك اليوم، الآن السياسيون الأميركيون يقولون بنفاق ووقاحة إنّنا ندعم الشعب الإيراني”.

كما هاجم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، تصريحات نظيره الأميركي جو بايدن، التي أدلى بها، في كاليفورنيا، خلال حضوره حملة انتخابية للنائب مايك ليفين، على خلفية انتخابات التجديد النصفي بالولايات المتحدة. وتحت وطأة الحشود التي رفعت هواتفها المحمولة وعليها رسالة “حرروا إيران”، رد بايدن: “سنحرر إيران”. وعقّب رئيسي بقوله إنّ واشنطن تريد “تصوير نفسها كنصير لحرية الأمم”.

وتابع: “ربما قال هذا بسبب قلة التركيز… قال إنّنا نهدف إلى تحرير إيران. سيادة الرئيس! تم تحرير إيران قبل 43 عاماً، وهي مصممة على ألاَّ تصبح أسيرة لك مرة أخرى. لن نصبح أبداً بقرة حلوب”.

وأضاف رئيسي “كل من يتخذ أصغر خطوة في اتجاه انتهاك الأمن وأعمال الشغب، عليه أن يعلم أنّه يسير في اتجاه أعداء الثورة الإسلامية.. يعتقد الأميركيون أنّ بإمكانهم تنفيذ الخطة التي نفذوها في بعض البلدان مثل سوريا وليبيا هنا. يا له من حلم كاذب!”

إذاً، هناك محاولات محمومة من المرشد الإيراني والمسؤولين في إيران، لجهة تصدير الأزمات الداخلية المتراكمة، من خلال الزعم المتكرر بأنّ هذه الأحداث مدبرة من “أميركا” و”إسرائيل”، حسبما يقول عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيراني، مهدي عقبائي.

ويوضح عقبائي لـ”درج” أنّ خامنئي تلقى “صفعة قوية”، عشية تحريك النظام في طهران تظاهرات مضادة الجمعة الماضية.  

غير أنّ طلبة المدارس، مرة أخرى، قاموا بعدة مسيرات احتجاجية، وأزالوا صور المرشد الإيراني وزعيم الثورة الإيرانية الإمام الخميني من على جدران المباني التعليمية، بينما هتفوا: “الموت لخامنئي”. وتواصلت الاحتجاجات الطلابية في مدن مختلفة، منها طهران، بوكان، مريوان، تبريز، خاش، زاهدان، شيراز، همدان، قم، وأصفهان. 

ووفق عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، فإنّ تظاهرات الطلبة، في المدارس والجامعات، فضحت “هشاشة الخطاب الرسمي الذي لم ينجح في إحداث أيّ خرق سياسي للوضع الذي يتفاقم. هذا بالإضافة إلى إخفاق الأجهزة الاستخبارية والقوى الأمنية في إنهاء التظاهرات”.  

وبعثت تصريحات المرشد الإيراني الأخيرة بتناقضات جمّة. وقد جاءت كلمته مرتبكة. ففي حين وصف خلال اجتماعه مع أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام، منتصف الشهر الماضي تشرين الأول/ أكتوبر، الاحتجاجات بأنّها “حادثة ثانوية” لا ينبغي أن تؤدي إلى تشتيت انتباه السلطة، فإنّه عاود الحديث عن التظاهرات بوصفها “حرباً هجينة”، تتجاوز كونها مجرد “أعمال شغب” أو “اضطرابات”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.