fbpx

حجب المواقع الاباحية في العراق:
 مدخل إلى سياسات قمعية جديدة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا شك أن موضوع حجب المواقع الاباحية يحمل في طياته فكرة الوصاية على المجتمع، وتجسيد السلطة البطريركية الأبوية، التي تجعل من السلطة بمثابة الأب الذي يعرف مصلحة شعبه أكثر منه…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

من دون تقديم أيّ تفاصيل، أعلنت وزارة الإتصالات العراقية عبر موقعها الرسمي خبرًا “عاجل” مفاده أن  “وزيرة الاتصالات السيدة هيام الياسري توجه بحجب المواقع الإباحية في العراق”. أثار القرار جدلاً في الشارع العراقي، مع مخاوف من امتداد هكذا قرارات لتطال حريات التعبير عن الرأي والنشر والصحافة، التي كفلها الدستور العراقي.

كما هو معتاد، انتشر الخبر لحظة اعلانه، على وسائل الإعلام المحلية والدولية، وبسرعة قصوى تفاعل معه الشباب العراقي على منصات التواصل بشيء من الغضب والسخرية. ينظر البعض إلى قرار الوزيرة الياسري أنه خطوة بإتجاه  أسلَمة المجتمع المعروف بتنوعه الديني والعرقي، فيما عدّه آخرون  “حركة ذكية  لإلهاء الناس عن ملفات الفساد التي تطال عدداً من الوزارات العراقية منذ سنوات”، ومنها ملفات فساد كبرى لوزارة الإتصالات من خلال إبرام صفقات فساد مشبوهة في حكومة رئيس الوزراء الأسبق، عادل عبدالمهدي.

لا شك أن موضوع حجب المواقع الاباحية يحمل في طياته فكرة الوصاية على المجتمع، وتجسيد السلطة البطريركية الأبوية، التي تجعل من السلطة بمثابة الأب الذي يعرف مصلحة شعبه أكثر منه، علما أنه يمكن للكثير من العائلات والمؤسسات أن تتخذ اجراءات حماية بسيطة ومحلية لحماية الأطفال والمراهقين من هذه المواقع من دون أن تعمد السلطة الى تولي هذه الخطوة. 

خطورة الحجب هو تكريسه لفكرة أن مراقبة الحكومة لما يفعله الأفراد أمر قانوني، الأمر الذي من شأنه أن يكرس قطع وحجب المواقع التي يستخدمها معارضون وناشطون سياسيون، فعندما لا يترك الخيار للمستخدم في الدخول إلى ما يريد من مواقع، مع امكانية عمل توعية للمواطنين بطرق حماية ابنائهم من خطر الانترنت بالطرق المعروفة، يصبح الأمر بمثابة وصاية ومصادرة حريات عامة.

تهديد ووعيد!

في بلد يتخبط بأزماته كان من الطبيعي ان تلقى قضية حجب المواقع الاباحية نقاشا وجدلا داخليا وصل الى حد التنمر والهجوم الشخصي مثل الذي تعرضت له الصحافية ومقدمة البرامج ريما نعيسة، التي تعمل في قناة الشرقية العراقية، التي واجهت هجوماً شخصياً من محسوبين على جهات سياسية حزبية لأنها انتقدت قرار الحجب. 

تقول نعيسة “من خلال ردود فعل العراقيين على السوشيال ميديا ومن خلال تقديمي للبرامج، أرى أن شريحة كبيرة من العراقيين تهكموا على قرار الحجب ورأوا أن مشروع القانون باب من أبواب الفساد ومحاولة من القوى السياسية لامتصاص غضب الشارع والالتفاف على مطالبه وحاجاته الأساسية”.

وعن حملة الهجوم التي تعرضت لها نعيسة، تقول: ” أتمنى من الجميع أن يختلفوا في الرأي بسلام و رُقي، دون التعدي بالألفاظ أو قذف أو تشهير أو تهديدات أو ما شابه ذلك. أما بالنسبة للجهات التي هاجمت، أكتفي بأن أوجه لها رسالة بضرورة اختيار الشخصيات التي تمثلها بعناية فائقة ومحاسبة كل من يسيء إلى هذا التمثيل، خصوصاً وأنني من بين عشرات بل مئات الآلاف الذين تعرضوا للسب والقذف من نفس هؤلاء الأشخاص”.

خطورة الحجب هو تكريسه لفكرة أن مراقبة الحكومة لما يفعله الأفراد شأن قانوني، الأمر الذي من شأنه أن يكرس سياسة قطع وحجب المواقع التي يستخدمها معارضون وناشطون سياسيون

حجب المواقع.. تقييد للحرية

من خلال نقاشات مع عدد من الشباب العراقي يمكن لمس رفض شريحة واسعة للأمر ومنهم الشاب محمد قاسم، من مدينة البصرة (جنوب العراق)، 27 عامًا، وهو كاتب وناشط حقوقي، ويعتقد أن المشكلة في العراق غياب الثقافة والتوعية الجنسية وأن سياسة الحجب ستزيد من الأزمات الاجتماعية لا تحلها، “من وجهة نظري، يجب أن تقوم الحكومة العراقية بنشر الثقافة الجنسية في المجتمع لكي يتعلم الفرد فوائد وأضرار مشاهد الأفلام الإباحية، لأنه في ظل عدم وجود الثقافة الجنسية، يعني ذلك مجتمع يسوده جرائم الاغتصاب المخفية والمشاكل النفسية التي تسبب الطلاق، ولذلك، قرار حجب المواقع الإباحية هو إعلان صريح وواضح هدفه تقييد الحرية الشخصية، حيث يشاهد بعض الشباب الأفلام الإباحية لتفريغ طاقاتهم من خلال ممارسة العادة السرية”.

يشير عدد من الشباب العراقي بسخرية الى حقيقة أن السلطة في العراق تحاول التحكم بالمحتوى الرقمي لاهداف سياسية، “لقد تم حجب كثير من المواقع، وأيضا تعطيل خدمة الانترنت خلال تظاهرات تشرين التي خاضها شباب العراق ضد الفساد للحكومات المتعاقبة منذ عام 2003، ولذلك، مثل هذا القرار وأي قرار بنفس المستوى، لا يخدم المجتمع لأن الشباب العراقي يعرف جيدًا كيف يتجاوز الحجب، باستخدام برامج الـVPN” يقول قاسم.

وكانت مؤسسة “فريدوم هاوس” Freedom House، بالتعاون مع شبكة “انسم” للحقوق الرقمية، INSM، قد نشرت تقريرًا لها عن حرية الإنترنت في العراق لعام 2022، حيث أشار التقرير إلى أنه لا يمكن اعتبار القيود المفروضة على المحتوى على الإنترنت شفافة لأنها غالبًا ما تفي بمصالح الحكومة وتتعارض مع الدستور العراقي. ولا يوجد حاليًا أي إطار قانوني يحكم قيود المحتوى سواء في إقليم كردستان العراق أو باقي العراق.

إخلال بالآداب العامة!

الدوائر الحزبية المتدينة تذهب غالباً الى تهويل الأمر واعتبار أن حجب المواقع هو أمر مفروض بشكل شرعي. القانوني علي التميمي يقول: ” الإسلام دين الدولة الرسمي وهو مصدر أساس بتشريع القوانين ولا يجوز سن قانون يتعارض مع أحكام الإسلام، فمن يحتج بحرية الرأي فكلامه مردود عليه لأن المادة ٣٨ من الدستور تشير إلى أن الدولة تكفل حرية التعبير عن الرأي بما لا يخل بالنظام العام والآداب العامة وهذه المواقع  تخل بالنظام العام والأعراف والآداب والقيم المجتمعية”.

لكن المنع “ليس حلاً”، كما يقول حيدر غفار (33 عاماً) من مدينة البصرة، جنوب العراق: “أنا بالضد تمامًا من قرار حجب المواقع الاباحية، لأنه في الأول والأخير هذه حرية شخصية وأن كل شخص فينا لديه عقل ويعرف إلى أين يذهب وماذا يفعل أو يشاهد. أنا كنت اتمنى من وزيرة الاتصالات الجديدة أن تصدر قرارات ذات أهمية وفائدة حقيقية للمواطنين، مثل سعر بطاقات تعبئة الرصيد للاتصالات التي تخضع لعمليات تلاعب في السوق”.

ومن جهته، يعتقد المدافع عن الحقوق الرقمية في شبكة انسم، حيدر حمزوز، في حديث مع “درج”، أن “قرار حجب المواقع الإباحية في العراق هو لإشغال الرأي العام عن الفشل الكبير الذي يعانيه قطاع الإتصالات في العراق مع أقرانه في المنطقة والعالم، البنى التحتية للإتصالات في العراق غير مؤمنة، ضعيفة ومكلفة للغاية بالنسبة للمستخدم النهائي سواء للإتصالات أو الإنترنت، حيث يعتبر العراق من أغلى وأسوأ الخدمات في هذا المجال في المنطقة.”.

 استخدام شبكات افتراضية VPN، للتحايل على المنع، بحسب حمزوز، يعرض المستخدمين العراقيين وبياناتهم إلى خطر السرقة والاستهداف والابتزاز، لذا، فهو غير عملي من الناحية التقنية.

ويضيف حمزوز: “كلمة حظر المواقع في عالم الإنترنت اليوم عفى عليها الزمن، والتوعية في الاستخدام الأمثل للإنترنت للأجيال الصغيرة هو الحل الأمثل للوصول الآمن للإنترنت”.

بالنسبة إلى حمزوز، فإن حجب المواد الإباحية ما هو إلا “بداية سياسات أكثر صرامة لتقييد الإنترنت والمحتوى على العراقيين في سياسة جديدة لقمع الحريات الرقمية في العراق”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.