fbpx

كأن القيادة الفلسطينية تستخفّ بذكاء شعبها ومعاناته…

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إسرائيل بسياساتها الاستعمارية والاستيطانية والعنصرية والعدوانية مكشوفة تماماً، ولا تغطي شيئاً من عوراتها، لكن مشكلة القيادة الفلسطينية أنها في غمرة دفاعها عن خياراتها الخاطئة لا تريد أن ترى ذلك.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

قتلت إسرائيل 11 فلسطينياً في يوم واحد، في مدينة نابلس، لكن الرد الفلسطيني لم يتأخر، فالقيادة الفلسطينية، وهي قيادة المنظمة والسلطة وفتح، سارعت بالتوجه نحو مجلس الأمن الدولي لطلب فرض الحماية الدولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (1967)، الأمر الذي يثير الإعجاب، لكنه يطرح أيضاً، بضعة تساؤلات بديهية، أو ساذجة. 

فإذا كانت القيادة الفلسطينية ذاتها قبل يومين، أقلعت عن التوجه نحو مجلس الأمن الدولي ذاته لإدانة مشاريع الاستيطان الإسرائيلية، وفقاً لتفاهمات مع الولايات المتحدة، مكتفية ببيان إعلامي، فكيف ستجلب الحماية الدولية لشعبها إذاً؟ ومن هي الدول التي سترضى بفرض مثل تلك الحماية؟ ولماذا لم تفرض الحماية قبل سنة أو عشر سنوات أو 50 سنة مثلاً، كأن إسرائيل قامت للتو وليس عام 1948 أو كأن الاحتلال تم أمس وليس عام 1967؟

 أيضاً، هل سيتم فرض الحماية الدولية بوجود التنسيق الأمني أم بعد الانتهاء منه أم قبله؟ ثم كيف سيتم ذلك مع علاقات التبعية الاقتصادية التي تربط السلطة الفلسطينية بألف خيط وخيط بإسرائيل، في البنى التحتية والتبادل التجاري والمعابر والنقد والمياه والكهرباء والطاقة، علماً أن ثلثي موارد السلطة يتأتى من “المقاصة”، ومن الدول المانحة؟ 

هذه “الصحوة” لدى القيادة الفلسطينية، لا يراهَن عليها في كل الأحوال، لأنها سرعان ما تتلاشى بحسب ما بيّنت التجربة، لا سيما في ظل قيادة محمود عباس (منذ العام 2006). مثلاً، لماذا لم تكن تلك “الصحوة” موجودة إبان توقيع اتفاق أوسلو؟ ثم لماذا لم تشترط القيادة الفلسطينية آنذاك شطب منظمة التحرير من قائمة الإرهاب التي وضعها الكونغرس الأميركي (1987)، قبل توقيع الاتفاق المذكور، علماً أن ذلك كان ممكناً؟ ثم لماذا لم تشترط القيادة الفلسطينية وقف الاستيطان، ووقف تهويد القدس الشرقية، وتحديد الحدود، وإقامة دولة فلسطينية في فترة زمنية محددة؟

في المقابل، فإن الفصائل الفلسطينية الأخرى، لا سيما تلك التي تنتهج الحرب الصاروخية، والتي ابتدعت مصطلحات مثل توازن الرعب، أو توازن الردع، و”قواعد الاشتباك” ووحدة الساحات، وكل مستتبعات ذلك، اكتفت بإطلاق بضعة صواريخ، وإصدار بيانات تحذيرية من نوع أنها تراقب ما يجري، وأن صبرها يكاد ينفد (!) وهي كلها ادعاءات لم تُثبت، إذ إن نتائج الحروب الصاروخية كانت وبالاً على غزة، بالنظر الى الفارق بين الصاروخ الفلسطيني، الذي لا يؤثر كثيراً، أو يؤثر معنوياً، والصاروخ الإسرائيلي الذي يدمر ويقتل، وتنجم عنه أوضاع كارثية في غزة، علماً أن عملية فدائية فردية لمبادرين أفراد، حققت خسائر بشرية في إسرائيل أكثر مما حققته تلك الصواريخ كلها، وبأكلاف أقل، وذلك كله يفيد بأن معظم الكلام الفلسطيني الفصائلي لا معنى ولا صدقية له، وبأنه للاستهلاك والتورية والمزايدة فقط.

قتلت إسرائيل 11 فلسطينياً في يوم واحد، في مدينة نابلس.

طبعاً ثمة من سيتشاطر ويتساءل، لكن ما البديل؟ أو ما العمل؟ أو ما الحل؟ وهو سؤال محير، ومعجز، ومعقد، لكن الإجابة جد بسيطة، فعن أي بديل أو حل أو عمل يمكن الحديث بعدما حصل هذا التدهور كله في بنى العمل الوطني الفلسطيني، وفي العلاقات الفلسطينية، وفي ظل الفجوة بين القيادات والشعب؟ وأيضاً بعد تلك الإعاقة لتوليد أي بديل، أو لنهوض المجتمع المدني الفلسطيني في الداخل والخارج؟ مفهوم هنا أن الفصائل السائدة، العاجزة، والمتكلسة، لم تتح إيجاد ممهدات لأي بديل أو لأي خيار يمكن أن يستنهض الشعب الفلسطيني، في ظل هذه الظروف والمعطيات، لكن ذلك لا يعني الاستمرار في الطريق البائس ذاته ومع البنى المستهلكة ذاتها، التي أدت إلى هذا التدهور، وإلى هذا الوضع المتردّي.

لنلاحظ هنا أن إسرائيل قتلت 61 فلسطينياً في الفترة من 1 كانون الثاني/ يناير إلى 22 شباط/ فبراير، أي في ظرف 52 يوماً، في ظل حكومة نتانياهو، التي تواصل مسيرة الحكومة السابقة (المعارضة اليوم) التي قُتل في عهدها أكبر عدد من الفلسطينيين منذ نهاية الانتفاضة الثانية (2006)، إذ قتل 230 فلسطينياً في العام 2022، بمعدل 19 فلسطينياً في الشهر الواحد.

ومعنى القتل أن إسرائيل لا تبالي بحياة الفلسطينيين، وقد اعتادت ذلك يومياً بقتلها فلسطينيين في نابلس وجنين ورام الله وطولكرم والخليل والقدس وغزة، كما لا تبالي بوجود السلطة الفلسطينية، ولا تعترف بسيادة لها في أراضيها، فهي ترى فيها مجرد سلطة وكيلة، أو سلطة تقلل احتكاكها بالفلسطينيين، وتجنّبها أعباء الاحتلال المباشر، السياسية والأخلاقية والاقتصادية، ولا تبالي أيضاً بالقوانين الدولية، وهي منذ يومين فقط دخلت في تفاهمات مع السلطة لتهدئة الوضع، برعاية أميركية، نجم عنها إقلاع السلطة عن التوجه إلى مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار بعدم شرعية الاستيطان.

الفكرة هنا أن إسرائيل تشتغل وفق أجندة معينة، فهي تريد ترسيخ الاحتلال وتعزيز الاستيطان وتهويد القدس والحؤول دون قيام دولة ذات سيادة للفلسطينيين، لذا فإن المشكلة تتعلق بالقيادة الفلسطينية التي لا تعرف ما تفعل، بعدما باتت مرتهنة لخيار السلطة، ولخيار إقامة دولة في الأراضي المحتلة 1967، علماً أنه خيار باتت له خمسة عقود (منذ برنامج النقاط العشر لعام 1974)، وأقله منذ ثلاثة عقود (منذ عقد اتفاق أوسلو).

وهكذا، تعلن السلطة انتهاء العمل باتفاقات أوسلو لانتهاء مرحلة الحل الانتقالي (1994 ـ 1999)، وأن الأمر بات يتعلق بفرض إعلان استقلال دولة فلسطينية تارة، وطوراً تعلن وقف التنسيق الأمني (على الأقل منذ العام 2015)، وتارة أخرى تعلن التوجه إلى المنظمات الدولية، لكنها في ذلك كلها تقف عاجزة أمام تعزيز مكانة إسرائيل على الصعيد الدولي، ليس فقط بحكم علاقتها المتميزة مع الولايات المتحدة فقط، وإنما لعلاقتها المتميزة حتى مع الصين والهند وروسيا، وباقي الدول في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، بواقع ضعف النظام العربي، وتميز إسرائيل في الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والصادرات الأمنية.

باختصار، إسرائيل بسياساتها الاستعمارية والاستيطانية والعنصرية والعدوانية مكشوفة تماماً، ولا تغطي شيئاً من عوراتها، لكن مشكلة القيادة الفلسطينية أنها في غمرة دفاعها عن خياراتها الخاطئة لا تريد أن ترى ذلك، بل تستمر في الإمعان في أوهامها، والاستخفاف بذكاء شعبها واللامبالاة بمعاناته وتضحياته. 

بانتظار الحماية الدولية إذاً؟

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.