fbpx

مكتب “بي بي سي” القاهرة… هل يواصل العاملون الاحتجاج؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كسر العاملون في مكتب “بي بي سي” وعددهم 90 عاملاً صمتهم، بعد محاولتين سابقتين أفضتا لتكريس اختلال في الأجور وتقييد للتصريحات، لكن هذه المرة لن ينتهي التصعيد بالإضراب عن العمل، بحسب تصريح صحافي داخل مكتب القاهرة، فما قصة اضراب موظفي بي بي سي مصر؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“ممنوع أن نتحدث كأحد أفراد المؤسسة في المؤتمرات العامة، ممنوع أن نتقدم لمنحة أو جائزة من دون موافقة مكتوبة من المؤسسة، ممنوع أن نتحدث عن مظالمنا في الإعلام، ممنوع أن نطالب بتعويض إذا تم تسريحنا فجأة، ممنوع أن نطالب بزيادة رواتبنا، نحن ممتلكون من “براند” بي بي سي وتحت سطوته الجائرة”، يقول موظف مضى على عمله سنوات في مكتب بي بي سي القاهرة لكنه فضل عدم الكشف عن اسمه. 

كسر العاملون في مكتب “بي بي سي” وعددهم 90 عاملاً صمتهم، بعد محاولتين سابقتين أفضتا لتكريس اختلال في الأجور وتقييد للتصريحات، لكن هذه المرة لن ينتهي التصعيد بالإضراب عن العمل، بحسب تصريح صحافي داخل مكتب “بي بي سي” في القاهرة، فضل عدم ذكر اسمه كي لا يتعرض للتسريح.

250 دولاراً شهرياً هي ما يتقاضاه الصحفي في “بي بي سي” في القاهرة بالجنيه المصري بحسب سعره في السوق السوداء المصرية، وهو أقل معدل أجور يتقاضاه الصحافيون مقارنة بذويهم في بقية مكاتب المؤسسة في الدول العربية الأخرى. 

هذا الواقع ترك الصحافيين في مكتب القاهرة عاجزين عن توفير احتياجاتهم الأساسية ورعاية أسرهم والإنفاق على تعليم أبنائهم، يراكم هذا الوضع إحباطاً يومياً مع زيادة معدلات الغلاء بعد ارتفاع نسبة التضخم إلى ٣٢.٧ في المئة بحسب آخر تحديث لبيانات البنك المركزي المصري.

كان العاملون في مكتب “بي بي سي” في القاهرة يتقاضون رواتبهم بالدولار قبل أكثر من عشر سنوات، وقبل أن يتم تغيير صيغة العقود للعاملين بتقاضي الرواتب بالجنيه المصري، عكس بقية مكاتب القنوات الدولية في القاهرة، وعكس النظام الذي تعمل به “بي بي سي” في الدول العربية الأخرى، وبعد تعرض الجنيه المصري لأربع موجات من التعويم صارت رواتب العاملين في مكتب القاهرة مثيرة للسخرية.

يقول أحد العاملين في المكتب: “طالبنا الإدارة في مكتبها الرئيسي في لندن عام 2016 بتقاضي رواتبنا بالدولار بعد التعويم الذي شهده الجنيه عام 2016، وقتها تم إجهاض حقنا بمبررات قالتها لنا الإدارة في مكتبها الرئيسي في لندن، “أنتم لا تدفعون فواتير مشترياتكم بالدولار بل بالجنيه المصري، وكان هذا الرد طافحاً بالسخرية والتعالي، كما تلقينا تهديدات شفوية بعد زيارة رئيس بي بي سي عربي سام فرح لمكتب القاهرة، الذي قال لا تقارنوا أنفسكم بأي رواتب يتقاضاها الصحافيون في المؤسسات الإعلامية الدولية، قارنوا أنفسكم بالعاملين في شركات بيبسي وكوكاكولا ومن لا يرتاح للعمل معنا فليتفضل الباب مفتوح”.

بعد خمس سنوات من الإعلان الأول للمطالب، جدد العاملون في مكتب “بي بي سي” مطالبهم عام 2022 بعد تعويم جديد للجنيه صحبته موجة غلاء أكبر، وقتها تم تهديدهم مرة أخرى، يقول مصدرنا: “هددونا بأن تصعيد مطالبنا ليست في صالحنا لأننا غير خاضعين لنقابة الصحافيين المصريين وأي إضراب عمالي لا بد أن تخاطب فيه نقابة الصحفيين المصريين نقابة الصحفيين البريطانيين ومؤسسة بي بي سي بشكل رسمي، غير ذلك فإن أي مطالب أو تهديد بالإضراب والتصعيد ستهدد استمرارهم في العمل”.

راهناً، أصبحت “نقابة الصحافيين المصريين” طرفاً في دعم صحافيي “بي بي سي”، مكتب القاهرة بعد سنوات من تواطؤ النقابة ضدهم وعدم دعمهم، وبالفعل خاطب خالد البلشي نقيب الصحافيين المصريين نقابة الصحافيين البريطانيين والمؤسسة بشكل رسمي، معلناً دعمه مطالبهم المشروعة. وهو ما أعطى أملاً بأن يحصل العاملون في “بي بي سي” على مطالبهم أخيراً.

سبق أن أعلنت “بي بي سي” نهاية العام الماضي عن استغنائها عن نحو 400 موظف في الخدمة العالمية في الشبكة ضمن برنامج خفض تكاليف، والانتقال إلى المنصات الرقمية. وقالت “بي بي سي” إن خدمتها العالمية بحاجة إلى توفير 28.5 مليون جنيه إسترليني (31 مليون دولار) ضمن تخفيضات أوسع بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني.

تُبث خدمة “بي بي سي” العالمية حالياً بـ40 لغة، ويشاهدها أسبوعيّاً نحو 364 مليون شخص.

لطالما اشتكى موظفو الشبكة من غير الأوروبيين والأميركيين من تفاوت هائل في نظام الترفيعات والمكافآت التي يحصل عليها الموظفون من دول نامية مقارنة بنظرائهم في الشبكة في بريطانيا ودول غربية.  هذا تماماً ما حرك شكوى موظفي “بي بي سي” القاهرة الذين شعروا بأنهم مغبونون.

العمالة المصرية “رخيصة” حتى في “بي بي سي”

تعرض العاملون في “بي بي سي” القاهرة للاستغلال لمجرد أنهم عمالة مصرية بحسب موظفين التقاهم “درج”، ويشكو هؤلاء أن هناك نظرة تستخف بالعمالة المصرية كونها كبيرة العدد وزهيدة الرواتب. هناك اعتقاد شائع أن هذه الشريحة تستطيع تدبير أوضاعها وهو ما يفتح الباب أمام انتهاك حقوق العمال وموظفي “بي بي سي” القاهرة ضمناً واجهوا أربعة 4 موجات قاسمة من انخفاض سعر الجنيه من 8 جنيهات للدولار الواحد في عام 2016 إلى 40 جنيهاً للدولار الواحد في السوق السوداء المصرية.

أحد العاملين في “بي بي سي” الذي شهد مرحلتي المطالبة بتغيير الرواتب قال إن أحد مديري القناة رفض مطالبهم وأضاف :” ليس ذنبنا أن القائمين على الاقتصاد المصري إما هواة أو فاسدون”، أغلق بعدها باب النقاش في الموضوع، حتى أعلنت الإدارة منذ أشهر أنها قد تزيد الرواتب بنسبة 1 في المئة، ما جعل العاملين يعلنون الإضراب قبل أيام، لما في ذلك من انتقاص من حقوقهم واستهزاء بمطالبهم.

تعتمد إدارة “بي بي سي” على الأرقام الرسمية التي تعلنها الدولة المصرية لقياس مستوى التضخم، وترى حتى الآن أن مستويات التضخم معقولة ولا داعي للبلبلة التي يعلنها العاملون في مكتب القاهرة، لكن المصدراً داخل مكتب القاهرة يقول “كلنا يعلم أن هذه الأرقام غير حقيقية ومسيسة ونحن من نكابد غلاء المعيشة وسوء الأوضاع الاقتصادية، لكن لا حياة لمن تنادي”.

مصدر آخر ترك العمل منذ شهور لدى “بي بي سي” قال إن المؤسسة توفر أفضل نظام تأمين صحي لموظفيها، ويحصل العاملون على “كارت أكسا” الذهبي، ولم تتأخر المؤسسة عن دفع رواتبنا تحت أي ظرف، وحصلنا على رعاية نفسية كافية في فترة الوباء، لكن هذا لا ينفي اللاعدالة في الأجور التي يتقاضاها العاملون، وهو ما تسبب في أن تفقد المؤسسة خبرات إعلامية مهمة من مكتب القاهرة، كما أن المراسلين غير المصريين في مكتب القاهرة تركوا العمل منذ عام 2016 ورحلوا إلى مؤسسات إعلامية دولية أخرى.

“بي بي سي” لا تعاني من أزمات مالية فادحة تجعلها تتعنت مع موظفي مكتب القاهرة، يقول المصدر: “إيميلات الإدارة مستفزة طوال الوقت، ففي إحدى المرات قالوا إنهم يعوضون بفارق رواتبنا خسائر المكاتب الأخرى في بقية المنطقة العربية، وأسسوا مكتباً جديداً لبي بي سي بفضل رواتبنا المنخفضة أي من قوتنا حرفياً”.

في تقرير لـ”واشنطن بوست“، قال متحدث باسم “هيئة الإذاعة البريطانية” إن الزيادة تعكس الاستجابة للتضخم. وجاء في بيان صادر عن الهيئة رداً على الأسئلة المرسلة عبر البريد الإلكتروني بحسب “واشنطن بوست”: “نشعر بخيبة أمل من أن الموظفين استمروا في اتخاذ إجراءات إضراب ونحن ملتزمون بالعمل معهم للتوصل إلى حل. سنواصل مراجعة الوضع الاقتصادي في مصر ، واتخاذ المزيد من الإجراءات إذا لزم الأمر”.