fbpx

الحملة على هالة عاهد وتكفير النسوية 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الهجوم على عاهد دليل جديد على أن لغة التكفير والتحريض والتخوين هدفها الأساسي حرف النقاش حول حقوق النساء عن أساسه وتمييعه، ووضعه في خانة تهديد الدين، ليصبح من الأصعب انتزاع الحقوق النساء وتفعيل مشاركتهن في الحياة السياسية والاجتماعية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“معظم الأشخاص الذين هاجموني لا يعرفون معنى النسوية. طالما هناك تمييز ضد النساء وطالما هناك عنف وطالما أن أرقام المشاركة الاقتصادية للمرأة تشير إلى أن النساء بعيدات إلى حد كبير عن سوق العمل والسياسة، إذاً هناك ضرورة وحاجة للحديث عن حقوق النساء بشكل متواصل، ولا يمكن الارتكان للقول بأن المجتمع غير جاهز لسماع مطالباتنا بحقوق النساء”، تقول المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان الأردنية هالة عاهد في ردها على الحملات التي استهدفتها في الفترة الأخيرة. 

ففي مؤشر جديد حول واقع التعامل المجتمعي مع القضايا النسوية، تعرضت عاهد للتكفير والتشويه والتحريض على مواقع التواصل الاجتماعي.

الهجوم عليها بدأ لمجرد إعلانها المشاركة في تقديم ندوات تعريفية بالنسوية ومبادئها بالتعاون مع منظمة “أهل” في العاصمة الأردنية عمان. دعاة إسلاميين وشخصيات عامة وحشود إلكترونية غاضبة، وصفت عاهد بأنها “نسوية متأسلمة” تسعى للترويج لمبادئ النسوية بغطاء إسلامي، وبأنها “عميلة منظمات التمويل الأجنبي” وتعمل في سبيل هدم قيم المجتمع والتمرد على الدين والشرع والفطرة، والتمهيد للردة والإلحاد.

هجوم شرس لمنع النقاش حول تجديد الخطاب الديني

“الوعي عند النسوية المتأسلمة هو أن تطعن في العلماء والبخاري”، “النسوية المحجبة أخطر بألف مرة من النسوية أم شعر أزرق وأنف مخرم”، “ما عندنا شي اسمه حقوق مدنية، عندنا شريعة إسلامية”، “النسوية فكر ضال وغير مقبول إسلامياً”.

“ارجعي على المطبخ أحسنلك”، “لازم تتحاكمي”، “تسويق لانحراف الأنثى عن دورها المهم في المجتمع ببناء أسرة لتصبح سلعة في ظلام الحريات بعيداً عن الدين”، “ستبقى السلطة الأبوية شئتم أم أبيتم”.

“على كل رجل قوّام في الأردن أن يمنع  نساءه من حضور مثل هذه الجلسات التبشيرية بهذه العقيدة التكفيرية، الله يقول ذكر وأنثى وهم يقولون نوع اجتماعي، الله يقول الرجال قوامون وهم يقولون متساوون، الرسول يقول لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة وهم يقولون سيفلح، كل مبادئهم تصادم الشرع”.

هذه عينات من الهجوم الكبير الذي تتعرض له عاهد والذي وصل إلى حد الدعوة لمحاكمتها وسحب الجنسية الأردنية منها، وهو أحد تجليات ما يمكن وصفه برهاب النسوية في مجتمعاتنا التي تحفل بخطابات الكراهية والتحريض ضد النساء والناشطات النسويات، وشيطنة كل ما هو نسوي بحجة انو تهديد لقيم المجتمع والأسرة العربية واعتداء على مبادئ الدين لمجرد الدعوة للمساواة بين الرجال والنساء.

ولعاهد باع في طويل في النضال في سبيل السعي للدفاع عن حقوق النساء، والدفع بالنقاش حول قوانين الأحوال الشخصية التي تهضم تلك الحقوق إلى الواجهة.

عن حضانة الأم، قالت عاهد في وقت سابق: “نعطي للأم الحضانة، لكنها حضانة للرعاية فقط وليس لديها أي صلاحية قانونية. ليس لديها الحق أن تدخل أطفالها إلى المدرسة، ولا أن يسافروا معها إلا بإذن من الولي. هل الحضانة رعائية فقط؟ هل دور الأم أن تُرضع وتنظف وتدرس. الحضانة يجب أن يلازمها صلاحيات قانونية”.

وعن تزويج القاصرات، سألت عاهد: “هل الفتاة القاصر لديها الرشد الكافي والواعي لتدخل في إطار علاقة زوجية؟ كيف يمكن ألا نمنح للفتاة القاصر حق قيادة سيارة ولكن نمنحها حق قيادة أسرة؟ هل هذا مقبول؟ هل تربية الأطفال أقل شأناً من قيادة السيارة أو حتى انتخاب نائب في البرلمان أو الانخراط في حزب سياسي. كيف نسمح بتزويج القاصرات؟”.

الهجوم على عاهد تركز لأنها دعت لسنوات لتجديد الخطاب الديني، خصوصاً في القضايا المتعلقة بحقوق النساء كالميراث والحضانة ووصاية الرجال، وعقود الزواج والطلاق وتعدد الزوجات وقوانين الأحوال الشخصية بطريقة تتماشى مع التطور الذي لا يشبه جمود النصوص المتعلقة بتلك القضايا.

في إحدى الندوات، تقول عاهد: “نحن أمام سؤال يقول بأن الشريعة أعطت للمرأة حقوقها كاملةً وأنصفتها، ولكننا اليوم أمام غياب للعدالة وظلم للنساء في قانون الأحوال الشخصية الذي ندعي أنه مستند إلى أحكام الشريعة الإسلامية. نحن أمام خيارات: إما أن نطور التفسير الذي تم الاستناد إليه وأن نبحث عن آراء أكثر تنويراً داخل أحكام الشريعة الإسلامية لنطور النص التشريعي أو أن نضع هذا النص جانباً، ونذهب إلى إطار الحقوق المدنية وما نص عليه الدستور والاتفاقيات الدولية. ولكن لا يمكن أن نبقى أمام نصوص جامدة مبنية على نظرة الفقهاء الذين كانوا يعتبرون أن عقد الزواج هو عقد يمتلك به الرجل المرأة”.

تاريخياً، تكرر ظهور شخصيات تنويرية دعت لتجديد الخطاب الديني ومنهم من تعرض لمحاكمات واقصاء وحملات تكفير وتخوين أيضاً، إلا أن الهجوم يكون أكثر شراسة عندما تُطلق النسويات هذه الدعوة. عندها يصبح النقاش ممنوعاً ويثير الرعب في نفوس رعاة النظام الأبوي، باعتباره تهديداً لامتيازات الرجال وقوامتهن المفترضة على النساء، وتهديداً أيضاً لمفاهيم أبوية رُسخت في مجتمعاتنا على مدى مئات السنين، وكانت الدافع الأساسي وراء ظلم النساء وهدر حقوقهن وتعنيفهن، وقتلهن والإفلات من العقاب لأن المجرمين غالباً ما يجدون مبررات لجرائمهم تحت غطاء الشرع والدين، كجرائم الشرف، وجرائم تُرتكب بحجة عدم طاعة الزوجة زوجها، إلى جانب قضايا أخرى كحرمان الأم من حضانة أبنائها وتهديدها بهم، وأيضاً بحجة تطبيق الشرع والدين. نساء كثيرات في عالمنا أيضاً ممنوعات من العيش والعمل بحرية من دون قيود أبوية على حياتهن وخياراتهن وأجسادهن بحجج الموروث الديني. 

لهذه الأسباب وغيرها، كانت الدعوة لتجديد الخطاب الديني كمحاولة لرفع الظلم الممنهج بحق النساء والفتيات، خصوصاً أن مسارات التحديث انسحبت على قوانين العقوبات والتعليم مثلاً في العالم العربي، ولكنها لن تطاول حقوق النساء، طالما أن جبهة الرافضين ستتصدى بعنف في كل مرة لأي نقاش حولها.

حملة تضامن واسعة وعاهد لن تستسلم 

في ردها على الهجوم، كتبت هالة في تغريدة على “تويتر”: “خلال يومين تكثف ما نشهده كنساء منذ سنوات، محاولات إقصاء وفرض نموذج واحد للقيم والأخلاق. لكل من هاجمني، معكم حق. فأنا لا أشبهكم وسأظل أعمل على محاربة القمع والظلم سواء مارسته سلطة سياسية أو اجتماعية. لا أخضع لتمويل ولا لأجندات ولا لتهديد أو ترهيب”.

وتابعت: “أعلن مبادئي ولا أستحي بها. مع المساواة والعدالة الاجتماعية وضد الظلم والتمييز، ومخطئ من يعتقد أن حجم الهجوم وبذاءته قادران على اخافتي وإسكاتي. على العكس تماماً؛ هي دافع أكبر لي للاستمرار. 

‏الطريق صعبة وطويلة لكن الرحلة تستحق”.

في تغريدات أخرى، تقول عاهد: “بعد الشتم والإخراج من الملة؛ ربما بات كل متابع ذي ذمة وأخلاق يعرف لماذا أنا نسويّة. أتفهم دوافع كل من علق ولست مضطرة لاحترام الكثير من التعليقات أو قبوله؛ فكثير منهم لا يعلم والإنسان عدو ما يجهل، ومنهم من ينكر أن للنساء حقوقاً ويعلنها مرة بذكورية صريحة ويغلفها مرات بتفسيره المشوه للدين”.

وتضامنت منظمات حقوقية وناشطين/ات مع عاهد، ووضعت الحملة الشعواء عليها في إطار المحاولات المتكررة “للسلطات الدينية في المنطقة العربية، بأذرعها الإعلامية والاجتماعية، لكتم أصوات الناشطات النسويات وإقصائهن عبر تكفيرهن وعزلهن عن مجتمعاتهن، وذلك في محاولة للحد من نشر الوعي في القضايا النسوية لمقاومة الظلم والتمييز الواقع على النساء والفتيات في هذه المجتمعات”. 

في بيان لها، شددت “هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني” (همم) على “ضرورة صون الحقوق الدستورية المتعلقة بحرية الرأي والتعبير وضرورة تعزيز مساحات الحوار في الفضاء العام”، مطالبةً النائب العام بملاحقة مهدّدي عاهد وكل من يحض على العنف والكراهية ضدها.

وقالت إنّ “ضمان حرية التعبير وحرية الفكر والاختلاف، يعدّ ركيزة أساسية لعملية الإصلاح السياسي التي أطلقها الأردن، وإنّ الإصلاح المأمول لن يتحقق دون ضمان الحقوق والحريات”.

وحذرت من “اختصار الحلول في فرض تشريعات فضفاضة تستخدم في مزيد من التضييق على حرية التعبير وملاحقة النشطاء السياسيين والحقوقيين”.

الهجوم على عاهد دليل جديد على أن لغة التكفير والتحريض والتخوين هدفها الأساسي حرف النقاش حول حقوق النساء عن أساسه وتمييعه، ووضعه في خانة تهديد الدين، ليصبح من الأصعب انتزاع الحقوق النساء وتفعيل مشاركتهن في الحياة السياسية والاجتماعية، طالما حقوقهن المدنية والسياسية لا تزال مهدورة بحجة الموروث الديني، لذلك يتعبر النظر في إمكانية تجديد الخطاب الديني خطوة تحتاجها مجتمعاتنا لنصل إلى رفع الاجحاف المزمن بحق النساء.

عن هالة عاهد

هالة عاهد محامية أردنية في مجال حقوق الإنسان عملت مع عدد من المنظمات الحقوقية والنسوية للدفاع عن حقوق المرأة وحقوق العمال وحريات الرأي والتعبير والتجمع السلمي في الأردن. تدافع عاهد عن سجناء الرأي في الأردن، وكانت عضوة في الفريق القانوني الذي يدافع عن نقابة المعلمين الأردنية، وهي إحدى أكبر النقابات العمالية في الأردن، والتي حلّتها الحكومة الأردنية في كانون الأول/ ديسمبر 2020 رداً على الاحتجاجات الجماهيرية. ترأست عاهد اللجنة القانونية لاتحاد المرأة الأردنية وتواصل الدفاع عن الضحايا من النساء.  

وكشف تحقيق، أجرته منظمة “فرونت لاين ديفندرز” الحقوقية ومجموعة الحقوق الرقمية “أكسس ناو” نُشر العام الماضي، عن اختراق هاتف هالة عاهد عبر نظام “بيغاسوس” الذي طورته مجموعة “إن إس أو” الإسرائيلية.

في أواخر أيار/ مايو الماضي، فازت عاهد بجائزة “فرونت لاين ديفندرز” لعام 2023 للمدافعين عن حقوق الإنسان المعرضين للخطر.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.