fbpx

    مصر ما بعد 2013… المنافي و”موت” السياسة 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

برغم وجود آلاف النشطاء السياسيين، والعاملين في مجالات تتداخل مع السياسة بشكل مباشر، مثل البحث والصحافة والإعلام، إلّا أن ذلك لم يفرز أي مكون سياسي حقيقي معارض للسُلطوية. لماذا؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في مصر ما بعد الثالث من تموز/ يوليو 2013، بدأ تاريخ تأسيس سُلطوية جديدة مارست شتّى أنواع القمع، من القتل والسجن والتعذيب إلى الإخفاء، وهي ممارسات استهدفت فئات متنوعة، أبرزها كانت فئات إسلامية حركية وسياسية. 

على إثر هذا القمع، اضطر كثيرون للخروج من مصر، هرباً من هذا القمع، إلى أوروبا وتركيا وأميركا وكندا ودول عربية وغيرها. كان الدافع الأساسي لخروج هؤلاء هو النشاط السياسي، بمختلف ممارساته. هنا يواجهنا سؤال مفاده، ما معنى السياسة في المنفى؟ 

هناك اشتباك حول ما إذا كان المنفى وساكنوه، قد تركوا الفعل السياسي الحقيقي، وبحثوا عن أشياء أُخرى، وعلى إثر هذا، هل يمكن توصيف المنفى، بالأَناني، المنفى الذي تعطّل فيه النشاط السياسي الجماعي، أو تحول بفعل عوامل كثيرة إلى نشاط سياسي فردي، وأصبح الكل يبحث عن الخلاص الفردي

. نحاول طرح نقاش حول السياسة في المنفى. وما هي العوامل (المشاعر) التي ساعدت على مَوات السياسة؟

السياسة في المنفى

بعد 2013، لم يتشكل خارج مصر تحالف سياسي قوي من حيث الفكر والتنظيم، يتولّى الحديث باسم المعارضة، وتحدّي السُلطوية التي انقضّت على الحُكم في مصر، وأصرّت على الاستبداد به. تكوّنت تحالفات تنظيمية إسلامية، حتى قبل الانقلاب العسكري، مثل تحالف دعم الشرعية، ومن ثم بعدها، تأسس المجلس الثوري المصري وضمَّ شخصيات غير إسلامية. لكن كانت هذه التنظيمات بلا ثِقل حقيقي، تستطيع من خلاله، تقديم معارضة حقيقية للسُلطوية في مصر. 

منذ بداية العام الجاري وإلى الآن، مثَّل حديث المعارض السياسي الأبرز أحمد طنطاوي، عن السياسة والترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر قلقاً للسُلطوية، فقابلت ذلك بالقمع، عبر اعتقال مُقربين وأصدقاء للطنطاوي. عبّر حديث الطنطاوي عن نشاطيّة سياسية من خارج مصر، نظراً لأن أحاديث الطنطاوي كلها كانت في لبنان قبل أن يصل إلى القاهرة في شهر أيار/ مايو الماضي. وعلى الرغم من أنّها نشاطيّة غير تنظيمية، لكنها عبّرت نوعاً ما عن الأمل السياسي في التغيير، ولمست عقول كثيرين، وهذا ما نشهد جوالاته في الشهور المقبلة، في ما يخص علاقة السُلطوية بالمعارض الأبرز أحمد الطنطاوي. 

برغم وجود آلاف النشطاء السياسيين، والعاملين في مجالات تتداخل مع السياسة بشكل مباشر، مثل البحث والصحافة والإعلام، إلّا أن ذلك لم يفرز أي مكون سياسي حقيقي معارض للسُلطوية. ويرجع ذلك إلى أسباب عدة، منها ثلاثة رئيسية. الأول هو عدم جدّية هذه المكونات السياسية في التحالف تحت تكتّل تنظيمي يحاول بشكل جاد معارضة السُلطوية، وينقذ مصر، الدولة والمُجتمع، من الأزمة السياسية والثقافية والاقتصادية التي تسببّت بها السُلطوية الحالية من خلال سياساتها. هذا ما يؤكد تموضع الفرقاء تنظيمياً وفكريا تحت دائرة الاستقطاب، التي تأسست بعد تنحي مبارك، وبرزت في مشهدي 30 حزيران/ يونيو و3 تموز/ يوليو 2013، حيال انقسام الفئات المُعارضة تحت تصنيفات ضيقة، تمثّلت في إسلامي/ علماني.  

هذه الفُرقة لم يتسبّب فيها الاستقطاب الأيديولوجي فحسب، بل نمط العيش الفرداني، الذي سيطر على الكثير من الفئات الاجتماعية في عصرنا الحالي، ما جمّد العمل السياسي بأشكال مُختلفة، بل وتعارض معه، فالعمل السياسي يعتمد، أساساً على  العمل من أجل، ومع، الآخرين ضمن إطار تنظيمي، على عكس مفهوم وممارسة الفردانية في العيش، إذ هي تعتمد بالأساس على تحقيق الإنجاز الشخصي لا الجماعي. العمل بشكلٍ مُنفرد، من أجل إنجاز يُنسب لاسم فرد واحد، لا اسم جماعة. 

من هنا وتدريجياً، تراجع العمل السياسي، إذ اتجه كثيرون نحو السعي إلى تحصيل الشهادات العُليا، والبحث عن فرص عملٍ، إضافة إلى غزارة الإنتاج الكتابي أو المرئي، وحاول آخرون الحصول على جنسيات دول أخرى. كما تبدّلت الأفكار مع تجربة السفر، ما ساهم في ظهور منصات إعلامية وبحثية ومرئية ومؤسسات تعنى بحقوق الإنسان، التي تفضّل توظيف أشخاص لا يعملون في السياسة، فاضطر كثيرون إلى الاستغناء عن السياسة من أجل العمل.

الاستقطاب الأيديولوجي تبعه الاستغناء الأيدلوجي ذاته، وتراجع السياسة وتنظيماتها، مقابل صعود الفردانية، كهُوية يعيش فيها الإنسان. كل هذا لا يغضّ النظر عن أن السبب الثالث، والذي تمثَّل في مشاعر الصدمة والخوف واليأس من معارضة السُلطوية، التي يمتد قمعها من مصر وحتى الخارج، عبْر الاتفاق مع حكومات دول أخرى لترحيل المُعارضين لها، كما في الإمارات والكويت والسعودية وتركيا والسودان ولبنان.

وتستعمل السُلطوية استراتيجية التهديد بقمع أهالي المعارضين في الخارج، إذ يتوجّه الأمن المصري لاعتقال أقارب وأصدقاء من يُعارضونهم من الخارج، كما حدث مع المعارض المصري أحمد الطنطاوي، إذ قبض الأمن المصري على بضعة من أقاربه وأصدقائه، من أجل تهديده ومساومته بالابتعاد من العمل السياسي، تحديداً معركة الانتخابات الرئاسية القادمة. 

هذه الاستراتيجية، تولّد استثارة دائمة للخوف من متابعة العمل السياسي خارج مصر، والتفكير في الخلاص الفردي، إضافة إلى الصدمة ومفرداتها التي سببها القمع، وخصوصاً السجن، لكثيرين ممن تعرضوا لتجربته، ومن ثم خرجوا منه، وهربوا خوفاً من دخوله مرةً أُخرى، إذ يظل شبح السجن رفيقاً لهم حتى خارج الوطن. هذا الشبح الذي يحذّر دائماً من خوض أي أعمال سياسية، ربما تتسبب في الترحيل أو إعادة الاعتقال مرةً أخرى. وهنا يفضّل الفرد السلامة، والابتعاد عن مخاطر السياسة وأوجاعها. 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.