fbpx

“أسرار أبو ظبي”:
الجاسوس والسجينة والأميرة الأسيرة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أظهرت المراسلات السريّة للعميل الإماراتي “الشيخ مطر” الحرج الذي وقعت به أبو ظبي إثر تعامل وسائل الإعلام مع قضية الفتاتين المحتجزات اعتباطياً، الأميرة لطيفة آل مكتوم، ابنة حاكم إمارة دبي، والطالبة مريم البلوشي، التي وقفت إلى جانبها الأمم المتحدة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هذه قصة امرأتين، مواطنتين من الإمارات العربية المتحدة، من طبقتين مختلفتين حد التناقض، الأولى هي لطيفة آل مكتوم، إحدى بنات الشيخ محمد آل مكتوم، حاكم دبي ورئيس وزراء الإمارات. والثانية هي مريم البلوشي، طالبة بسيطة من الشارقة، الإمارة المجاورة لدبي. 

عانت كلتا المرأتين من سطوة الاستبداد الخليجيّ، إذ اختبرتا الاحتجاز التعسفي. هزت قصة لطيفة آل مكتوم العالم بأسره عندما حاولت الفرار من بلدها، قبل أن يتم اعتراض طريقها على متن يخت، واحتجازها في فيلا من قبل والدها، أما مريم البلوشي فمسجونة منذ ثمانية أعوام، بسبب تُهم “الإرهاب” المشكوك في صحتها، وتجرّؤها على التنديد بظروف احتجازها. 

تشترك الأميرة الأسيرة والأسيرة البسيطة في نقطة ثانية، إذ تم وضعهما في مرمى أجهزة المخابرات الإماراتية، في محاولة تقليل التغطية “السلبية” لقصتهما في الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، الشأن الذي أحرج أبو ظبي والصورة التي تحاول تصديرها. هذا ما كشفه أحدث جزء من تحقيقنا “أسرار أبو ظبي”، المبني على وثائق سرية حصل عليها موقع ميديا بارت وحلّلها مع شبكة الإعلام EIC.

“الشيخ مطر” عميل سري إماراتي في قلب تحقيقنا، نسق عمليات عدة في أوروبا، واستهدف خبراء الأمم المتحدة، وبعد فحص رسائل البريد الإلكترونية في بريده المشفر، اكتشفنا أن “الشيخ مطر” حصل على استشارة بشأن السجينتين من قبل بول تويد، أحد أبرز المحامين في بريطانيا. 

إن علاقات تويد مع المخابرات الإماراتية سرية حتى الآن، لكنه يمثل رسمياً شخصيات قريبة جداً من دولة الإمارات، مثل الناشط غانم نسيبة والزعيم الفلسطيني السابق محمد دحلان.

هذا المحامي الأيرلندي الشمالي، المتخصص في دعاوى التشهير و “إدارة السمعة”، هو أحد أكثر المحامين شهرة وخطورة في العالم، إذ رفع تويد دعاوى قضائية ضد وسائل الإعلام نيابة عن قائمة مثيرة للإعجاب من المشاهير: جينيفر لوبيز، هاريسون فورد، نيكولاس كيج، جاستن تيمبرليك، بريتني سبيرز وغيرهم.

رفض بول تويد التعليق على علاقته مع الشيخ مطر، لم يؤكد ولم ينف، أن يكون العميل السري الإماراتي موكلاً له.

تُظهر رسائل البريد الإلكتروني التي حصلنا عليها، أن تويد  اقترح على مطر استراتيجية عدوانية بشأن الأميرة لطيفة، ولكنه قاتل أيضاً ضد “فيسبوك” و”تويتر”، للحصول على حكم بإزالة خمسة منشورات مرتبطة بالسجينة مريم البلوشي، مستفيداً من حقيقة أن وسائل إعلام قامت بنشر مقالات عن السجينة مرفقة بصورة لامرأة أخرى تحمل ذات الاسم.

هذه العملية التي تتعلق بطالبة بسيطة، غير معروفة تماماً خارج العالم العربي، يوضح مدى رغبة الإمارات في أن ينسى المجتمع الدولي السجناء السياسيين (41 معارضاً محتجزاً بعدما أمضوا عقوبتهم، وفقًا لمنظمة العفو الدولية)، وكذلك التمييز ضد المرأة، الذي ما زال مستمراً على الرغم من التقدم الأخير، حتى داخل العائلة المالكة في دبي، حيث حاولت أربع أميرات الهروب، وأحياناً نجحن.

أبرز هؤلاء الأميرات هي الشيخة لطيفة، واحدة من عشرات أطفال حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، التي رويت قصتها المؤثرة بالتفصيل في تحقيق حديث لمجلة “نيويوركر” الأميركيّة. وفقًا لشهادتها، فقد تم تقديمها عند ولادتها إلى إحدى خالاتها، لأنه لم يكن لديها أطفال. 

شهدت الشيخة لطيفة في طفولتها محاولة شقيقتها الهروب، كما تحدثت أيضاً عن العنف الذي يمارسه والدها، الذي كان قد ضرب إحدى أخواته مرةً لأنها قاطعته، التصريحات التي كذبها محامو الأمير حين ظهرت في صحيفة النيويوركر .

حاولت الأميرة لطيفة الفرار في المرة الأولى وهي في سن السادسة عشرة عام 2001، وتم سجنها لمدة 13 شهراً. حاولت مرة أخرى عام 2018 في سن الـ32، بمساعدة صديقتها ومعلمتها في الكابويرا، الفنلندية تينا جوهيانيين. تمكنت الاثنتان حينها من الوصول إلى يخت والإبحار بعيداً، لكن الجيش الهندي اقتحم اليخت قبالة ساحل الهند، وتم تخدير الأميرة لطيفة وإعادتها إلى دبي.

أمام الضغط الدولي، اضطرت السلطات الإماراتية إلى تقديم دليل على الحياة، وفي كانون الثاني/ ديسمبر 2018، تم تنظيم غداء، نشرت صوره من قبل السلطات الإماراتيّة، بين الأميرة وماري روبنسون، الرئيسة السابقة لأيرلندا، المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة سابقاً، والتي قالت إن الأميرة لطيفة امرأة “ضعيفة”، واقترحت أنها ربما كانت تتصرف تحت تأثير “العقاقير”.

لكن، في 16 شباط/  فبراير  عام 2021، حصلت المفاجأة: كشفت بي بي سي أن الأميرة كانت في الواقع محتجزة في فيلا في دبي منذ ثلاثة أعوام، حينها تمكنت لطيفة آل مكتوم من الحصول على هاتف، وكانت تتواصل مع تينا جوهيانيين، وأرسلت إليها فيديوهات صادمة: “أنا رهينة، تم تحويل هذه الفيلا إلى سجن، أنا معزولة تماماً. لا أعرف متى سأنال حريتي… أنا قلقة على سلامتي وحياتي بشكل يوميّ”.

كانت فضيحة عالمية، وعلى ماري روبنسون أن تشرح ما حدث في عام 2018، تقول إنها “تم خداعها بشكل رهيب” من قبل طبيب وعمة لطيفة، اللذين كذبا عليها قائلين إن الأميرة تعاني من اضطراب ثنائي القطب، وإنه لا تنبغي مناقشة الموضوعات الصعبة معها حتى لا “تزيد من تفاقم صدمتها”.

في هذه الأثناء، دخل المحامي البريطاني بول تويد إلى الساحة، مستاءً من هذه التغطية الإعلامية، التي كانت كارثية على صورة الإمارات العربية المتحدة، يكتب إلى العميل السري مطر في الأول من آذار/ مارس 2021، بعد “محادثتهما الأسبوع الماضي”، لتقديم خطة عمل بشأن “التغطية الإعلامية المتزايدة العدائية للفضيحة حول الأميرة لطيفة”.

أشار المحامي بول تويد إلى أن تصريحات ماري روبنسون أُعيد نشرها على نطاق واسع في وسائل الإعلام الأيرلندية، ويتعين عليهم التعامل مع هذا الأمر، والاستفادة من نفوذ حاكم دبي في البلاد، الذي يمتلك إسطبل خيول وعقاراً ضخماً، كتب تويد في رسالة: “ستتيح شبكة الشيخ محمد [آل مكتوم] القوية له بالاستفادة من التشريع الأيرلندي الملائم بشأن التشهير وحماية الخصوصية”.

أخبر تويد العميل السري الإماراتي، بعد ثلاثة أسابيع، بأنه إذا كان طبيب ما قد شخّص الأميرة بالفعل على أنها ثنائية القطب، فيمكنه رفع دعوى تشهير ضد ماري روبنسون والصحيفة التي نشرت هذه التصريحات، الأسلوب الـ”فعال للغاية” في ردع وسائل الإعلام الأخرى، ويختم رسالته بـ”أنه مجرد اقتراح…”.

اقترح تويد أيضاً على العميل السري مطر، أن يحقق في تينا جوهيانيين، الصديقة التي ساعدت لطيفة على الهروب، والتي “تبحث بشكل عدواني عن اهتمام وسائل الإعلام”، ويجب التأكد من أنها غير متحيزة كما تدعي. الأمر نفسه ينطبق على أحد المحامين الذين يدافعون عن الأميرة.

من غير المعروف ما إذا تم تنفيذ هذه الخطة، إذ يبدو أنه لم يتم تقديم أي شكوى ضد ماري روبنسون، التي لم تجب على EIC عندما تواصلوا معها.

اقتراح بول تويد برد فعل قوي، كان سببه، كما أوضح للعميل السري مطر، أن الفضيحة تعرقل عمله، يكتب في رسالة: “ما حدث له تأثير مدمر للغاية، ليس فقط على الشيخ محمد، ولكن أيضاً على العمل الذي قمت به في مجالات أخرى ذات صلة بالإمارات العربية المتحدة، ولا سيما قضية البلوشي”.

البحث عن الكنية العربية الشائعة في الإمارات “البلوشي” أو تنويعات كتابتها باللغة الإنكليزية، يكشف تفاصيل مهمّة تتضح في صفحات الإنترنت التي تظهر على الشاشة.

في 18 شباط/ فبراير 2021، بعد يومين من فضيحة بي بي سي حول الأميرة لطيفة، طلب بول تويد، بصفته محامياً لفتاة إماراتية تدعى مريم البلوشي، من “فيسبوك” حذف ثلاثة منشورات. بعد فترة وجيزة، قدم الطلب نفسه إلى “تويتر” بشأن تغريدتين. جميع هذه المنشورات باللغة العربية وتتحدث عن دعوة الأمم المتحدة إلى إطلاق سراح مريم البلوشي، المحتجزة تعسفياً في أبو ظبي بعدما أمضت عقوبتها.

تحوي رسائل أخرى أرسلها المحامي لاحقاً إلى عملاقي وسائل التواصل الاجتماعي، نبرة غضب السيد تويد، إذ يكتب: “موكلتي ضحية زعم سياسي مفبرك، ويقال إنها مسجونة في الإمارات العربية المتحدة. هذا غير صحيح أبداً”،  ويضيف أن “موكلته على استعداد لتقديم دليل على أنها “لم تكن مسجونة الآن أو سابقاً”، لكن السلطات الإماراتية  أكدت رسمياً أن الشابة مسجونة.

الطالبة المحتجزة و”الرمز الإماراتي”

ما هو تفسير هذا التناقض؟ هناك فتاتان باسم مريم البلوشي!.

الأولى التي يكتب اسمها العائلي al-Balushi من قبل المنظمات غير الحكومية العربيّة التي تدافع عن حقوق الإنسان، عاشت في الشارقة، إحدى الإمارات السبع التي تشكل الدولة. في عام 2015، كانت تبلغ 19 عاماً، وكانت طالبة في المدرسة الثانوية في السنة النهائية من المرحلة الثانوية، تبرعت بمبلغ 600 دولار لعائلة سورية، لأغراض إنسانية بحتة حسب قولها. لكن السلطات زعمت أنهم إرهابيون. تم القبض عليها بعدها، وحُكم عليها بالسجن لمدة خمس سنوات، واحتُجزت في سجن الوثبة المركزي في أبو ظبي، المنشأة ذات السمعة السيئة.

في المراسلات والتسجيلات الصوتية التي تمكنت من إرسالها إلى المنظمات غير الحكومية، قالت إنها “تعرضت للضرب والإهانة والتعذيب”. كما تروي ظروف الاحتجاز في الوثبة، فهناك يتم تقديم اللحوم نيئة، والسجناء مكدسون في الزنازين، والسجينات المصابات بالسرطان لا يُعطى لهن سوى مسكنات الألم. استغاثت قائلةً حينها: “تعالوا وانظروا بأنفسكم، ساعدوني من فضلكم”.

وقف ثلاثة خبراء خاصين بالأمم المتحدة عام 2019 إلى جانب البلوشي المحتجزة تعسفياً، عبر مساءلة الحكومة الإماراتية، التي نفت الاتهامات. تدخلت لاحقاً منظمة هيومن رايتس ووتش المرموقة في آذار/ مارس 2020، بعدما أضربت مريم البلوشي عن الطعام وحاولت الانتحار بقطع شرايين يديها. وفي كانون الثاني/ يناير 2021، أقر فريق العمل بالأمم المتحدة بشكل رسمي بأنها محتجزة “تعسفياً”. في أعقاب ذلك، حُكم على مريم البلوشي بالسجن لمدة ثلاث سنوات أخرى بتهمة الإخلال بالنظام العام، وبث أخبار كاذبة، انتقاماً لحديثها علناً عن قضيتها.

على عكس الكثير من السجناء الإماراتيين الآخرين، جذبت مريم البلوشي انتباه الصحافة العربية. لكنها بقيت رمزاً بلا وجه، لكن بعد محاولتها الانتحار، قامت وسائل إعلام كثيرة (ربما عن طريق الخطأ)، كقناة الجزيرة القطرية  و”شبكة رصد” المصرية، بإرفاق مقالاتها وتغريداتها بصورة شخص آخر، والمقصود هنا شبيهتها بالاسم مريم البلوشي، التي يمثلها المحامي بول تويد  (ذو العلاقة مع العميل مطر) في دعواها ضد “فيسبوك” و”تويتر”.

مريم البلوشي نقيضة الطالبة  مريم المسجونة. فهذه الموظفة ذات المرتبة العليا في دبي، وذات مواهب متعددة، وتحظى برعاية السلطة وبتغطية إعلامية واسعة، هي  أشبه بإعلان حي، هي استثناء يهدف إلى بث رسالة مفادها  أن المرأة يمكن أن تزدهر في الإمارات.

بعد حصولها على شهادة الهندسة، شُجعت على الانضمام إلى قسم البيئة في هيئة الطيران المدني في دبي، التي أصبحت مديرتها في سن الثلاثين فقط. كما أنها أيضاً المفاوض الرئيسي للدولة بشأن البيئة وتغير المناخ في الطيران المدني، ومستشارة بيئية لشركة النفط الوطنية الإماراتية، وقد مثلت الحكومة في الكثير من المؤتمرات.

مريم البلوشي أيضاً كاتبة عمود صحفي وروائيّة تُروج لها السلطات بانتظام، كما أنها فنانة خط العربي،  كان لها شرف التعاون مع صانع المجوهرات الفرنسي فان كليف آند آربلز، والذي أوصت بها لديه ابنة حاكم دبي الكبرى، تقول البلوشي بوطنيّة : “أنا فخورة ببلدي وبلدي فخور بي”، كما تروج في المقابلات للدور”الرائد” للإمارات وقادتها.

تمكن بول تويد من بدء إجراءات المحكمة ضد فايسبوك وتوتير بفضل اللغط الذي وقعت به وسائل الإعلام، حين نشرت في مقالاتها حول مريم البلوشي، صورة موكلته “الفنانة والموظفة رفيعة المستوى” التي ” لم تكن مسجونة”.

لم تنج محاولة المحامي في المرة الأولى، ففي 12 آذار/ مارس 2021، رد “فيسبوك” و”تويتر” عليه، بأنه من بين المنشورت الخمس التي يحتج عليها، حذف ثلاثة من قبل كتابها، ولم يتبق سوى تغريدة ومنشور على “فيسبوك”، رفضت الشركتان حذفهما، لكن المعركة ما زالت مستمرة، مع بدء دعوى جديدة أمام المحكمة في دبلن.

ناقش المحامي البريطانيّ تويد الاستراتيجيّة مع العميل مطر، وأرسل إليه الكثير من رسائل البريد الإلكتروني الموجهة إلى مريم البلوشي، والتي عادة ما تكون مغطاة بسرية المراسلات بين المحامي والعميل.

في 4 نيسان/ أبريل 2021، أخبر بول تويد العميل مطر بأنه نجح في منع وسائل الإعلام من تناول القضية، واقترح عليه أن “تنتظر العميلة قبل إعداد مقاطع فيديو”. ذكر المحامي أن شركة إنتاج عرضت عليه إنتاج فيلم وثائقي لـ Netflix حول عمله ضد “عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي”،و قال  أن المنتجين “سيكونون مهتمين جداً بإدراج حالات توحي بتحيز سياسي، مثل قضية البلوشي..” لكنه ختم رسالته قائلاً: “بالطبع لن أتخذ أي التزامات من دون موافقتك”.

عندما سأله EIC، رفض بول تويد الإجابة عن الأسئلة حول الوقائع بسبب التزاماته بـ”السريّة”، بما في ذلك علاقته بالعميل مطر. “لقد مثلت بنجاح مريم البلوشي (التي لم يتم سجنها أبداً). كنت أتلقى تعليمات مباشرة منها”، كما أضاف المحامي، الذي ذكر أنه يمثل موكليه “بما يتوافق تماماً مع [التزاماته] التنظيمية الصارمة وبأعلى معايير النزاهة المهنية”.

عندما تم الاتصال بها، لم ترد مريم البلوشي. كما أبلغنا متحدث باسم الحكومة الإماراتيّة: “نظراً الى طبيعة أسئلتك غير المهنية والجانبية، والكثير من المقالات غير المبررة والسلبية التي روجها إعلامكم، فمن غير المجدي [ردنا] عليك”.

لا نعرف ما إذا كان “فيسبوك” و”تويتر” قد استجابا لنا، لذلك لا نعرف ما إذا كانت معركة منع إزالة المحتويين الأخيرين اللذين طعن فيهما بول تويد قد نجحت أم لا. تم حذف المنشور على “فيسبوك”، من دون معرفة من قام بذلك. تغريدة السجينة التي تم توضيحها بوجه الفنانة والمسؤولة العليا، لا تزال منشورة.

في النهاية، واجهت الطالبة والأميرة مصيرين مختلفين.

في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر، انتشرت إشاعة مفادها أنه تم عرض اتفاق على مريم البلوشي، فمقابل إطلاق سراحها، عليها نفي تصريحاتها السابقة حول ظروف احتجازها وانتقاد منظمات حقوق الإنسان.

من غير المعروف ما إذا تم تقديم هذا العرض بالفعل، وما إذا كانت الطالبة السابقة، البالغة الآن 27 عاماً، قد قبلته. في الواقع، لا نعرف أي شيء عنها. لم تتلق المنظمات غير الحكومية التي دعمتها أي أخبار عنها منذ عامين.

يبدو أن حالة الأميرة لطيفة آل مكتوم قد تم حلّها ودياً. اعتباراً من أيار/ مايو 2021، بعد ثلاثة أشهر من نشر مقاطع الفيديو الخاصة بمقصورتها في الفيلا، تم نشر صور لها من المقربين منها على وسائل التواصل الاجتماعي، في مطعم في دبي أو في مطار مدريد.

في 18 شباط/ فبراير 2022، نشرت ميشيل باشليه، المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة والرئيسة السابقة لتشيلي، صورة لها مع الأميرة لطيفة أمام مدخل مترو في باريس على “تويتر“.

كان اللقاء مع لطيفة قبل أربعة أشهر تقريباً، كانت بداية بصحبة محاميها البريطاني نيري شان، ثم وجهاً لوجه لوحدها مع باشليه، “أبلغت لطيفة المفوضة العليا بأنها بخير وترغب في احترام خصوصيتها”، حسبما ذكر مكتب ميشيل باشليه، الذي لم يرد على أسئلة EIC. في اليوم التالي، أصدر المحامي شان بياناً يحتوي على محتوى مشابه تقريباً، يوضح أن الأميرة “تود أن يتركها وسائل الإعلام تعيش في سلام”، وحين تواصلت EIC معه، كان الردّ ذات الرسالة.

الآن، لا تتحدث الأميرة إلا من خلال مستشارها.

قطعت الأميرة جميع الاتصالات مع تينا جوهانيين، الصديقة الفنلندية التي ساعدتها على الفرار ثم قاتلت لسنوات من أجل إطلاق سراحها. “من الواضح بالنسبة إلي أنها أبرمت اتفاقاً. كانت على وشك الانهيار”، كما قالت جوهانيين لمجلة “ذا نيويوركر”، التي نشرت تحقيقاً مطولاً عن الأميرة في 8 أيار/ مايو الماضي.

كانت الصحافية قد طلبت مقابلة مع لطيفة آل مكتوم من مكتب المحامي شان. في اليوم الذي تم إخطارها فيه بالرفض، ظهر حساب على “إنستغرام” باسم الأميرة، مع صورة لها في النمسا، وهذه الرسالة: ” علمت مؤخراً بأسألة طرحتها وسائل الإعلام بسبب مقال يشكك في حريتي، لأنني لم أتحدث علناً عما حدث. […] يمكنني أن أفهم أنه شأن سطحيّ…رؤية شخص صريح مثلي  […] يختار تفويض كلمته لشخص آخر، بخاصة بعد كل ما حدث، يبدو أنه يعطي انطباعاً بأنهم يتحكمون بي. أنا حرة تماماً وأعيش حياة مستقلة”.

ذات السيناريو أعيد خلال تحقيقنا، في ال13 من شباط/ فبراير، بعد ثلاثة أيام من إرسالنا أسئلة إلى المحامي شان، حساب الانستغرام الخاص بلطيفة آل مكتوم، نشر صوراً للعاصمة النرويجيّة مع جملة ” استكشاف أوسلو”. لكن وجه الأميرة لطيفة لا يظهر في الصور، لم تعد الأميرة الثائرة تحرج والدها، أمير دبيّ القوي.