fbpx

“النظام الطبي شبه منهار”… شبح الملاريا والكوليرا يهدّد السودانيين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

حرّك التدهور المُتسارع في النظام الصحي في السودان جراء الحرب، مخاوف من عدم قدرته على الاستجابة لأوبئة فصل الخريف بعد بدء هطول الأمطار في حزيران/ يونيو، في ظل توسع نطاق القتال إلى مناطق أكثر هشاشة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

حرّك التدهور المُتسارع في النظام الصحي في السودان جراء الحرب، مخاوف من عدم قدرته على الاستجابة لأوبئة فصل الخريف بعد بدء هطول الأمطار في حزيران/ يونيو، في ظل توسع نطاق القتال إلى مناطق أكثر هشاشة.

اتخذت حرب جنرالات السودان المندلعة منذ 15 نيسان/ أبريل، طابع تدمير البنية التحتية عبر قصفها بالطيران الحربي والقذائف الثقيلة واحتلالها من الجنود؛ ولم يكن القطاع الطبي استثناء، إذ توقف عمل 60 في المئة من المرافق الصحية.

يعاني النظام الصحي في السودان، قبل اندلاع الحرب، من ضعف يعيق استجابته الفعالة للأمراض غير المعدية، وأمراض المناطق المدارية مثل الملاريا، والأمراض المرتبطة بالأمطار الغزيرة والفيضانات من قبيل الكوليرا والنزلات المعوية وحمى الضنك، إذ يشهد السودان معدلات وفيات مرتفعة، وفقًا للطبيبة هند فيصل.

وضع يزداد بؤساً

تقول هند فيصل، لـ “درج”، إن هناك 24.7 مليون شخص ــ نصف السُّكان، يعانون من النزاعات الأهلية والفيضانات والأوبئة، كثر منهم يعيشون تحت ضغط متواصل من الصعوبات الاقتصادية وانعدام الأمن الغذائي، ما يحد من قدرتهم على الوصول إلى العلاج الفعال في الوقت المناسب. إذ يتطلب الوصول إلى أقرب مركز طبي لـ 30 في المئة من السودانيين، ساعة كاملة تمتد إلى ساعات طوالٍ في فصل الخريف لسُّكان المدن الصغيرة والقرى، حسب هند.

تشير هند إلى أن النظام الصحي أحد أكثر القطاعات الخدمية هشاشة في السودان، ولولا دعم وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية، لانهار قبل سنوات نتيجة لضعف التمويل الحكومي؛ ومع ذلك تنفق 78 في المئة من الأسر نحو 66 في المئة من تكاليف الخدمة العلاجية.

يشتكي بعض المانحين من تسرّب الأدوية إلى الأسواق، نتيجة استشراء الفساد المالي والإداري الواسع في السودان. وتقول الأمم المتحدة في دراسة استقصائية عن تقييم توافر الأدوية في 2022، إن 31 في المئة من الأدوية المهمة كانت متوافرة في المرافق العامة فيما توافرت بنسبة 30 في المئة في القطاع الخاص.

نتيجة لضعف النظام الصحي، يموت 78 ألف طفل دون سن الخمس سنوات سنوياً، من أمراض يمكن الوقاية منها مثل الملاريا التي أصابت العام السابق 2.7 مليون سوداني، ويتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى النصف على الأقل، في ظل إغلاق مزيد من المرافق الصحية مع استمرار أمد النزاع.

حياة الملايين على المحكّ

يُمثل فصل الخريف كابوساً لمعظم السودانيين، إذ إن الأمطار الغزيرة والفيضانات ومحدودية الحصول على مياه الشرب النظيفة والنزوح المستمر جراء الحروب والعنف الأهلي والنزوح الجديد، تزيد من خطر انتشار الأمراض المنقولة بالمياه.

تتفاقم الأزمات مع فرار أكثر من 2.9 مليون شخص من منازلهم، منهم 2.2 مليون فرد نازح داخلياً؛ ومن مجموع الفارين هناك 1.5 مليون طفل، إذ يُشكل هؤلاء ضغطاً جديداً على النظام الصحي في الولايات المستضيفة، والتي كان النظام فيها سيئاً للغاية قبل الحرب مقارنة بالعاصمة الخرطوم. 

نقرأ في تقرير الأمم المتحدة، أن النزاع الدائر يعيق الحصول على الخدمات الصحية، فيما تستمر الهجمات وأعمال النهب على المرافق والأصول الصحية، ويتعرض العاملون الصحيون للعنف على نحو متصل.

يشير التقرير أيضاً، إلى أن النساء الحوامل الأكثر تضرراً من هذه الهجمات، فمن بين 11 مليون سوداني بحاجة الى مساعدات صحية، هناك 2.6 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب، منهن حوالى 262 ألف امرأة حامل يلد منهن 90 ألف امرأة في الأشهر الثلاث المقبلة، وهن بحاجة للحصول على خدمات الصحة الإنجابية الحيوية.

وعلى رغم أن هذا الوضع مخيف، إلا أن الأشد إثارة للرعب هو أوبئة الخريف، إذ قالت منظمة “أطباء بلا حدود” في منتصف حزيران/ يونيو الماضي، إن حالات الملاريا في مخيمات النازحين بمدينة ود مدني وسط السودان، بدأت في الازدياد وحذرت من انتشار حمى الضنك، مبدية قلقها حيال ظروف المياه والصرف الصحي في المخيمات. 

وفي 2 تموز/ يوليو الحالي، قالت المنظمة ذاتها إنه مع اقتراب موسم الأمطار، تشعر بالقلق بشأن ارتفاع الأمراض المنقولة بالمياه والملاريا في ولاية النيل الأبيض وسط البلاد، مشيرة إلى أن المجتمعات أبلغت عن زيادة معدل وفيات الأطفال، ومشتبهة بأن يكون السبب مرض الحصبة المميت، بخاصة بين الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الذي يُعاني منه 2.7 مليون طفل.

حديث منظمة “أطباء بلا حدود” عن بدء ازدياد حالات الملاريا ومخاوفها من انتشار الأمراض المنقولة بالمياه مع بدء هطول الأمطار، في ولايتين لم تطاولهما الحرب، يشير بوضوح إلى أن الوضع الصحي في ولايات القتال الـ 9 من أصل 18 ولاية، سينهار تماماً في حال لم يتم تدارك الأمر في غضون أسابيع قليلة. 

لا ضمانات رسميّة للوقاية

يقول عضو اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء السودانيين بدر صديق، إن النظام الصحي في السودان على وشك الانهيار إن لم يكن منهاراً، وهو لا يستطيع مجابهة أيّ كارثة جديدة بعد الحرب، بما في ذلك أوبئة فصل الخريف، بخاصة أن الاستجابة الفعالة لها تتطلب عملاً ميدانياً.

ويشير صديق في تصريح لـ “درج”، إلى أنه لا توجد ــ حاليّاً ــ ممرات آمنة لتنقل الكوادر الطبية من المستشفيات وإليها، في مناطق النزاع التي تشمل العاصمة الخرطوم وولايات دارفور وكردفان، الى جانب شحّ في الأدوية في جميع مناطق السودان وعدم القدرة على توصيلها بعد نهب مخازن شركات الدواء.

يلفت صديق الانتباه إلى حقيقة مفادها، أن النظام الطبي في ولايات وسط دارفور وغربها وشمالها تعطل تماماً، فيما لا توجد استعدادات رسمية لمجابهة أوبئة الخريف، يُضاف إلى ذلك عدم وجود ضمان لاستمرار عمل المرافق الصحية سواء الحكومية أو الخاصة في بقية مناطق السودان.

ومع فشل جهود إنهاء الحرب سلمياً حتى الآن، واتخاذ النزاع طابعاً عرقياً وطائفياً، واستمرار قصف المستشفيات واحتلالها، وانعدام الأمن وصعوبة الحركة وشح الأدوية، فإن آلاف السودانيين قد يموتون من أوبئة الخريف، من دون أن يستطيع ملائكة الرحمة فعل شيء حيال ذلك، لأن الأوضاع حينها ستخرج عن سيطرتهم. 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.