fbpx

مواجهات كركوك… “قدس الأكراد” و”عاصمة التركمان” و”نفط العرب” 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مواجهات الأيام الأخيرة في كركوك تنبؤ بأن “تعاقب الأمم” على المدينة سيواصل رفد العراق بمزيد من الدماء في ظل دولة فاشلة وفاسدة ومرتهنة، وفي ظل فيدرالية كردية تتنازعها مصالح الأحزاب والعائلات

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 المواجهات الدموية التي شهدتها مدينة كركوك في شمال العراق قبل أيام، بين متظاهرين عرب وتركمان من جهة ومتظاهرين أكراد من جهة أخرى، تأخذنا إلى حقيقة أن “الميت لا يموت” لدى أي من الجماعات الأهلية، سواء كانت مذهبية أم قومية أم مناطقية. فالمدينة التي يسميها الأكراد “قدس كردستان”، ويعتبرها التركمان عاصمة وجودهم في العراق، فيما يدعي العرب، سنة وشيعة، أنها جزء من “العراق العربي”، شهدت بموازاة كل هذه الادعاءات مآسٍ وحروب، لعل أقلها دموية هو ما جرى في الأيام الأخيرة.

فالحكومة الاتحادية في العراق قررت أن تسلم أحد المراكز الأمنية الرئيسية في المدينة للحزب الديمقراطي الكردستاني، بعد أن طردت القوات الكردية من كركوك في أعقاب الاستفتاء على استقلال الإقليم الذي أجرته الإدارة الكردية في شهر أيلول/سبتمبر من العام 2017.

عاقبت الحكومة المركزية الأكراد على إجرائهم الاستفتاء، فخسروا كركوك (قدسهم)، بعد أن كانوا استولوا عليها في أعقاب سقوط نظام البعث في العام 2003.

لكن المدينة الغنية بالنفط، وصاحبة واحدة من أكبر محطات التكرير في العراق، شكلت الثروة النفطية فيها باباً لمآسٍ أكثر مما شكلت مصدراً للعائدات. نفط كركوك كان ذريعة لتحولات ديموغرافية تولتها سلطات وحكومات ديكتاتورية واستئصالية، راح ضحيتها مئات الآلاف من أهل المدينة وريفها. فلطالما كان الاستئصال وإعادة توطين سكان بدلاء وسيلة حكومات البعث والحكومات التي سبقتها وأعقبتها لتثبيت هويات قومية ومذهبية للمدينة. تعاقب السلطات المترافق مع تعاقب الهويات جرى على نحو دموي منذ أيام الحكم العثماني. 

يعزو الأكراد تكاثر التركمان في المدينة إلى سياسة توطين للعشائر التركمانية أقدم عليها العثمانيون ومن بعدهم الكماليون. ثم جاء دور البعث الذي لعب بالهوية القومية للمدينة عبر تهجير الأكراد واستقدام عراقيين شيعة من الجنوب وتوطينهم في المدينة وريفها. (نظام البعث في سوريا أقدم على نفس الخطوات عبر توطين عشائر عربية في مناطق الأكراد في شمال شرق سوريا ضمن سياسة التعريب).

بعد سقوط النظام في العراق، واستيلاء البيشمركة الكردية على كركوك، باشرت الأحزاب التركمانية والشيعية بالتنبيه إلى أن الأحزاب الكردية تقدم على خطوات لـ”تكريد” كركوك عبر استقدام أكراد غير عراقيين وتوطينهم في المدينة وريفها بدعوى أنهم ممن كان النظام قد استأصلهم من المحافظة وأسقط عنهم الجنسية العراقية، وأن إعادتهم هي من باب تصويب ارتكابات نظام البعث. 

واصل الأكراد حكمهم كركوك من العام 2003 إلى العام 2017، فيما بقي الوضع القانوني للمدينة معلقاً وفق ما أطلق عليه في دستور ما بعد البعث بـ”المناطق المتنازع عليها”. المدينة والحال هذه لم تكن جزءاً من إقليم كردستان، إلا أن الدستور لم يحسم أنها خارجه!، لكن عملياً كانت كركوك ضمن نفوذ الإدارة الكردية، إلى أن قررت حكومة بغداد انتزاعها منها في أعقاب الاستفتاء في العام 2017.

تعاقُب سياسات التوطين منذ الحكم العثماني وصولاً إلى دولة ما بعد البعث، أفضى إلى تركيب ديموغرافي هجين وغير مستقر للمدينة ومحافظتها سهّل على “داعش” التسلل إلى محافظة كركوك، وإلى المدينة التي كادت في العام 2014 أن تسقط بيد التنظيم، لولا نجدة الجيش العراقي والحشد الشعبي (الشيعي) للقوات الكردية. فللمدينة ريف عربي سني واسع ومتصل بمحافظتي ديالا والموصل اللتين استولى على معظمهما “داعش”، والاضطرابات الديموغرافية وسياسات التوطين أضعفا البيئة الاجتماعية والقومية التي كان من المفترض أن تشكل ركيزة مقاومة للتنظيم. و”داعش” ما زال إلى اليوم ينشط في المساحات الصحراوية الشاسعة التي تفصل بين كركوك ومحافظات شمال العراق وغربه. 

لا رغبة ولا مصلحة لأحد من القوى العراقية الحاكمة لأن يفسح لكركوك أن تكون كركوك. هي إما “قدس كردستان” أو “عاصمة الوجود التركماني” أو “المدينة ذات العمق العربي”! ولعل أكثر ما يعكس هذه الرغبة، تعليق الدستور العراقي هوية المدينة عند بند “المناطق المتنازع عليها”.

ليست لعنة النفط وحدها ما أصاب المدينة جراء تعاقب السلطات وتعاقب المستوطنين، انما أيضاً الطبيعة التي صدرت عنها الأنظمة التي تولت حكم العراق وحكم مناطقه، ذاك أن استقدام مستوطنين تركمان لتثبيت “تركيتها” ثم مستوطنين شيعة عرب لتثبيت “عربيتها” ومن بعدهم مستوطنين أكراد لتثبيت “كرديتها”، جرى بعيداً عن أي رغبة في البحث عن هوية تتصل بمصلحة كركوك بوصفها مدينة تتجاور فيها الثروة النفطية مع معدلات فقر هائلة. ثم أن الأهداف “القومية” للتوطين، لم تكن أكثر من ذرائع تخفي أطماعاً بالنفط وبما يدره على الأنظمة من أموال تغذي ثروات العائلات الحاكمة.

والمفارقة المأساوية الموازية، هو أن “داعش” وحده، وخلال تدفقه على المحافظة في الوقت المستقطع له من الزمن “الكركوكي”، كان مترفعاً عن الهويات القومية المتعاقبة على المدينة ومحافظتها، فالقيادة التركمانية للتنظيم لم تباشر غزواتها الدموية وفق المنطق القومي، والعصب السني العربي كانت كركوك بالنسبة إليه جزء من “دولة الخلافة”، فيما انضمت فصائل تكفيرية كردية للقتال تحت رايته! 

مواجهات الأيام الأخيرة في كركوك تنبؤ بأن “تعاقب الأمم” على المدينة سيواصل رفد العراق بمزيد من الدماء في ظل دولة فاشلة وفاسدة ومرتهنة، وفي ظل فيدرالية كردية تتنازعها مصالح الأحزاب والعائلات.   

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 16.05.2024

“مفاتيح دبي”: عن علاقة إلياس بو صعب ببرج نورة الإماراتي!

برز الياس بو صعب كشخصية محورية في لبنان في السنوات الأخيرة الماضية وضجّت مؤخرًا وسائل الاعلام بخبر فصله من التيار الوطني الحر. تكشف وثائق مشروع "مفاتيح دبي" بالتعاون مع مشروع "الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد" OCCRP، عن امتلاك بو صعب ستة عقارات في برج نورة الاماراتي. تبلغ القيمة التقريبية للعقارات نحو 6.5 مليون دولار أميركي.