fbpx

ناغورنو كاراباخ… موت جمهوريّة ثائرة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الآن، سكان كاراباخ رهائن في أيدي القوات الأذربيجانية، بينما يعلن حاكم أذربيجان إلهام علييف “إدماجهم” القسري. هذه الكلمات تستدعي صور معسكرات الاعتقال إلى ذهني.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

شنّ الجيش الأذربيجاني في منتصف يوم 19 أيلول/ سبتمبر، هجوماً ضخماً من دون سبب، استهدف الجبهة مع القوات الأرمينية، في جمهورية ناغورنو كاراباخ الثائرة وغير المعترف بها. 

هاجمت الطائرات المسيّرة، المصنّعة في تركيا وإسرائيل، الدفاعات الجوية الكاراباخية، واستهدفت صواريخ “لورا” الباليستية، المصنوعة في إسرائيل، مواقع المدفعية، ثم تقدمت القوات الأذربيجانية لقطع الطرق في عمق كاراباخ، لعزل البلدات والقرى عن محيطها. بعد يوم واحد من المعارك الشديدة، وافق قادة كاراباخ على الاستسلام من دون قيود، وهو اتفاق توسطت لتحقيقه “قوات حفظ السلام” الروسية المنتشرة في المنطقة.

هذا العدوان العسكري الأذربيجاني الضخم قد تم التحضير له منذ فترة طويلة، بصورة أدق منذ 12 كانون الثاني/ ديسمبر 2022، حين فرضت أذربيجان حصاراً على ناغورنو كاراباخ، عبر قطع الطريق الوحيد الذي يربط المنطقة بأرمينيا وبالتالي بالعالم الخارجي.

 بدأ هذا الحصار بالأصل على يد “ناشطين بيئيين”، الذين هم في الواقع عملاء حكوميون لأذربيجان، ولم تتدخل قوات “حفظ السلام” الروسية  حينها، كون مهمتها تضمن  سلامة ممر لاتشين، ما دفع أذربيجان الى تشديد الحصار حتى قُطعت المنطقة تماماً عن العالم الخارجي. نتيجة لذلك، اختبر سكان المنطقة الذين يبلغ عددهم حوالى 120 ألف نسمة الجوع، كما نفدت الأدوية للمرضى والجرحى والوقود للتدفئة وسيارات الإسعاف والعربات العسكرية.

لاحقاً، بدأت أذربيجان مرة أخرى باستيراد الأسلحة من إسرائيل، وهو غالباً ما سبق التصعيد العسكري الرئيسي. ووفقًا لتقرير صدر في آذار/ مارس، سلمت إسرائيل 11 طائرة إيليوشين-76 محمّلة بالأسلحة إلى أذربيجان، خمس منها في النصف الأول من أيلول، وتتسع كل واحدة لـ 40 طناً. في أوائل الشهر نفسه، بدأت أذربيجان أيضاً بتجميع القوات حول كاراباخ وعلى الحدود مع أرمينيا.

تم الإعلان عن الحرب أولاً، ثم تم تنفيذها وفقاً لنص مُسبق. فإلهام علييف لطالما أراد الحرب، لا سلاماً بعد المفاوضات.

شنّ الجيش الأذربيجاني في منتصف يوم 19 أيلول/ سبتمبر، هجوماً ضخماً من دون سبب، استهدف الجبهة مع القوات الأرمينية، في جمهورية ناغورنو كاراباخ الثائرة وغير المعترف بها. 

بداية الشتاء الطويل والقاسي

من الصعب فهم عدوانية أذربيجان من دون الأخذ بالاعتبار السياسة التركيّة والدعم العسكري التركي الضخم. لم يخف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعمه العدوان الأذربيجاني، تماماً كما فعل في عام 2020 عندما شارك الجنود الأتراك مباشرة في الحرب آنذاك. يمكن القول إن تركيا تفرض حصاراً على أرمينيا منذ ثلاثين عاماً، ويمكن أن نفترض أن تركيا لم تسامح الأرمن على البقاء على قيد الحياة بعد الإبادة الجماعية التي ارتكبتها في حقهم خلال الحرب العالمية الأولى.

أما بالنسبة الى جنود قوات “حفظ السلام” الروسية، فقد تجاهلوا الهجوم الأذربيجاني، إلى حد أن القيادة الروسية أمرت مندوبيها بتوجيه اللوم إلى أرمينيا بدلاً من أذربيجان عن أحداث العدوان الأخيرة التي بدأتها أذربيجان. وبوجود أصدقاء مثل هؤلاء، ليس هناك من حاجة الى الأعداء.

الاتحاد الأوروبي – تلك الهيئة التي لا تعرف رأسها من قدميها – مكّن سطوة أذربيجان عبر رفع معدلات استيراد النفط والغاز في العام الماضي. وفي تموز/ يوليو 2022، زارت رئيسة اللجنة الأوروبية أورسولا فون در لاين مدينة باكو لزيادة استيراد الغاز، حينها كان الاتحاد الأوروبي يبحث عن بدائل للغاز الروسي.

 ضخّ الاتحاد الأوروبي المزيد من الدولارات البترودولارية إلى أذربيجان، في الوقت ذاته، فتح نقاش حول “مجموعة كاملة من العلاقات وأشكال التعاون”. لم تطرح فون در لاين أي شرط مسبق لوقف “التطهير العرقي” المحتمل للأرمن في كاراباخ، لكن، لمعاقبة فلاديمير بوتين على غزو أوكرانيا، موّل الاتحاد الأوروبي أذربيجان، وكانت إبادة ناغورنو كاراباخ مجرد ضرر جانبي للسياسة الواقعية.

بعد تردّد طويل، صنّف الرئيس الأميركي جو بايدن المجازر العثمانية عام 1915 ضد الأرمن بأنها “إبادة جماعية”. ومع ذلك في عام 2022، الخبر الذي لا يزال حديثاً في ذاكرة الجميع. بينما كان لديه الوقت الكافي والفرصة لتحذير إلهام علييف بفرض عقوبات ووقف التطهير العرقي في كاراباخ. لكنه لم يفعل ذلك.

إبادة جماعية؟ نعم. ولكن “لن تعاد مرة أخرى”، عبارة يبدو أنها لا تنطبق على الأرمن.

السياسة الدولية اليوم وكل يوم

الأرمن لديهم الكثير من الصفات، ولكن الدبلوماسية ليست واحدة منها، إذ اختلطت  الخطب الوطنية والشعارات الوطنية. لعقود، كان نشاط الأرمن يسعى إلى “العدالة”، كما لو أن العدالة ممكنة بعد الإبادة الجماعية. كان الأرمن يسعون إلى الاعتراف واستقبلوا الكلمات بدلاً من إتقان السياسة وفقاً لقواعدها وتطوير التأثير الحقيقي.

الخطأ القاتل كان في أن السياسيين الأرمن الذين لم يتابعوا التغييرات في السياسات الدولية، اعتمدوا على روسيا للوساطة في النزاع ووقفه من التصاعد. لكن روسيا تحت فلاديمير بوتين كانت مختلفة عن روسيا تحت بوريس يلتسين. 

اعتمد الأرمن بشكل خاص على روسيا لوقف التدخل التركي المباشر في منطقة القوقاز الجنوبية. اعتقدوا أن هذا سيضمن توازن القوى بين أرمينيا وأذربيجان، ولكنهم كانوا مخطئين. عندما شنت أذربيجان هجومها الضخم عام 2020، تدخلت القوات العسكرية التركية، في حين بقيت روسيا خاملة لمدة 44 يوماً، الوقت الكافي لتدمير قوات كاراباخ والجيش الأرميني.

لكن الأمر الأكثر إيلاماً هو رؤية عجز النخبة السياسية الأرمنية المستمر، فمنذ “الثورة البنفسجية” في عام 2018، انقسمت السياسة الأرمنية بين مؤيدي الحكام الجدد “الثوريين” وأنصار النظام القديم. في العام 2020، أدى هذا الصراع الداخلي إلى عدم قدرة الطبقة السياسية على رؤية العاصفة القادمة. بعد الحرب والهزيمة، كانت هناك فرصة جديدة للدعوة إلى وحدة وطنية، والاتفاق على منصة للعمل معاً لإنقاذ ناغورنو كاراباخ، أو ما تبقى منها.

ليس كل سياسي هو دبلوماسي. الطبقة السياسية في يريفان – الحكم والمعارضة – مشغولة جداً بصراعاتها الشخصية لتلاحظ أنها تفقد وطنها.

الدول الصغيرة والأمم الصغيرة تخطئ مرة واحدة فقط، يمكن أن تكون الهزيمة الواحدة قاتلة. عندما هاجمت أذربيجان نسر كاراباخ المصاب في 19 أيلول، حتى أرمينيا لم تكن هناك للمساعدة.

الآن، سكان كاراباخ رهائن في أيدي القوات الأذربيجانية، بينما يعلن حاكم أذربيجان إلهام علييف “إدماجهم” القسري. هذه الكلمات تستدعي صور معسكرات الاعتقال إلى ذهني.

أرقد بسلام يا محارب الجبال، فشجاعتك ووطنيتك العنيدة لم تكونا كافيتين للدفاع عن وجودك.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.