fbpx

ملفات بريداتور : السعوديّة والإليزيه وصفقة برمجيات تجسُّس برعاية مرافق ماكرون

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

شارك ماكرون شخصياً عام 2018  في اجتماع مع “نيكسا” حول بيع برامج التجسس لفرنسا، بحضور بنالا. وبعد عامين، قدّم بنالا (الذي أقيل بسبب الاشتباك مع المتظاهرين أثناء احتجاجات السترات الصفراء)  شركة “نيكسا” لـ “أمير سعودي” وصفه بأنه “قريب جداً” من “محمد بن سلمان”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

وجدت المملكة العربية السعودية نفسها في قلب فضيحة، إثر الكشف عن مستجدات مثيرة للجدل، نجمت عن تحقيق قام به القاضيان الفرنسيان ستيفاني تاشو وآريان أمسون بخصوص نشاط الشركة الفرنسية “نيكسا”، المتهمة بـ”التواطؤ في التعذيب” من خلال تزويد كل من ليبيا ومصر بأجهزة وبرمجيات مراقبة الإنترنت.

تتضمن هذه الاكتشافات ألكسندر بنالا (الحارس الشخصي السابق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي عاد إلى دائرة الضوء إثر تورطه في عدد من الدعاوى القضائيّة)، وأميراً سعودياً غامضاً، وبرامج تجسس قوية، وصفقة تجاريّة محتملة.

كشف تحقيق القضاة أن مساعد ماكرون السابق كان يعمل كوسيط لـ”نيكسا” في ما يخص التعاملات مع السعودية، إذ كانت الشركة الفرنسية تحاول بيع السعوديّة برنامج التجسس القوي “بريداتور” المصمّم لاختراق الأجهزة المحمولة.

شارك ماكرون شخصياً عام 2018  في اجتماع مع “نيكسا” حول بيع برامج التجسس لفرنسا، بحضور بنالا. وبعد عامين، قدّم بنالا (الذي أقيل بسبب الاشتباك مع المتظاهرين أثناء احتجاجات السترات الصفراء)  شركة “نيكسا” لـ “أمير سعودي” وصفه بأنه “قريب جداً” من “محمد بن سلمان”.

حصل هذا اللقاء على رغم المخاوف المتزايدة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة واستخدام برامج التجسس لمراقبة الصحافي جمال خاشقجي، الذي اغتيل عام 2018 بأمر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان (MBS).

هذه الاكتشافات جزء من تحقيق “ملفات بريداتور” استناداً إلى وثائق سرية تتناول التعاملات المشبوهة لشركة المراقبة الإلكترونية الفرنسية “نيكسا”، حصلت عليها ميديابارت (فرنسا) ودير شبيغل (ألمانيا)، وتمت مشاركتها للتحقيق بها مع “درج ميديا” وEIC “تحالف  الصحافيين الاستقصائيين في أوروبا”.

هذه الاكتشافات تدفعنا إلى اتخاذ موقف نقديّ لكيفية حماية فرنسا مصالحها الاقتصادية عبر التعامل مع النظام السعودي القمعي، الذي يعتبر أكبر عميل لفرنسا في مجال مبيعات الأسلحة، على رغم المخاوف من انتهاكات الرياض لحقوق الإنسان.

“نيكسا” التي تقدم خدماتها لكثير من العملاء، منهم الدولة الفرنسيّة، تتمتع بعلاقات ممتازة مع أجهزة الاستخبارات والأنظمة القمعية، وتخضع حالياً لتحقيقين أمام قسم الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس، نتيجة شكوى قدمتها منظمتين غير حكوميتين مقرّهما في فرنسا، وهما الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان (FIDH) ورابطة حقوق الإنسان (LDH).

على رغم الاكتشافات الجديدة وما تحويه من حقائق مدويّة أضيفت إلى الدعوى القضائية في آذار/ مارس 2022، لم يتم اتخاذ أي خطوة تجاه التورط السعوديّ. لكنّ القضاة المحققين طلبوا عام 2021 من المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب، جان فرانسوا ريكار، توسيع التحقيق ليشمل الشبهة بالتواطؤ في التعذيب والاختفاء القسري في السعودية، لكنّ المدعي الذي عينه ماكرون في عام 2019، رفض طلب توسيع دائرة التحقيق مرتين، بحجة عدم كفاية الأدلّة.

هذه الحجة لا تعتبر “رفضاً نهائياَ”، إذ أخبر مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب ميديابارت في رسالة تمت مشاركتها مع “درج”، بأن القضاة لم يعيدو تقديم طلبهم إلى المدعي العام، وهو نفسه لم يقم بالبدء بتوسيع نطاق التحقيق. فالقضاة لا يمكنهم التحقيق إلا استناداً إلى الأدلة التي تمت مصادرتها سابقاً، وليس لديهم إذن بإجراء استجوابات أو عمليات بحث جديدة تتعلق بالمملكة العربية السعودية، ما يعني أن التحقيق معلّق.

وجدت المملكة العربية السعودية نفسها في قلب فضيحة، إثر الكشف عن مستجدات مثيرة للجدل، نجمت عن تحقيق قام به القاضيان الفرنسيان ستيفاني تاشو وآريان أمسون بخصوص نشاط الشركة الفرنسية “نيكسا”، المتهمة بـ”التواطؤ في التعذيب” من خلال تزويد كل من ليبيا ومصر بأجهزة وبرمجيات مراقبة الإنترنت.

الأمير السعودي الغامض

تولى الكسندر بنالا منصب “نائب رئيس الأركان” في قصر الإليزيه بعد انتخاب ماكرون في عام 2017، ويُعتبر واحداً من أقرب مساعدي الرئيس الفرنسي، ولديه أيضاً علاقات قوية مع محمد بن سلمان، الذي شغل منصبي ولي العهد منذ 21 حزيران/ يونيو 2017، ورئيس الوزراء منذ 27 أيلول/ سبتمبر 2022.

عمل بنالا بين عامي 2013 و2015، كمرافق شخصي لمحمد بن سلمان أثناء زياراته المتعددة إلى باريس. وكشفت واحدة من الصفحات في أحد الدفاتر الذي صودر خلال عملية تفتيش مكاتب “نيكسا”، عن اجتماع عُقد في الإليزيه بين “نيكسا” وماكرون، حضره بنالا والجنرال إيريك بيو-فارينا، رئيس الأمن في الإليزيه، هدف الاجتماع كان تقديم منتجات “نيكسا” للرئاسة في نيسان/ أبريل 2018.

يظهر في الدفتر نفسه أن “نيكسا” قدمت عرضاً محدداً خلال اجتماع آخر في أيار/ مايو 2018، عرضت فيه قدرات برامجها على “التحليل التنبؤي”، الذي يمكنها من التعرف على “التهديدات التي يتعرض لها رئيس الجمهورية” من خلال “رصد ملفات Fiche S”. وفي فرنسا، يُستخدم مصطلح “Fiche S” لتصنيف ورصد الأفراد الذين يُعتبرون تهديداً أمنياً محتملاً، مثل المشتبه بهم في الإرهاب أو التطرف.

يشير الدفتر أيضاً إلى “مراقبة حيّة” للبيانات، لتوقع الهجمات الإرهابيّة المحتملة لتنظيم “داعش”. يُذكر أيضاً في الدفتر، نظام بيانات بروتوكول الإنترنت (IPDR)، الذي يُستخدم لتحليل بيانات حركة المرور على الإنترنت بشكل واسع النطاق.

اضطر ماكرون بعد أسابيع من الاجتماع إلى طرد بنالا بعدما كُشف أنه اعتدى على المتظاهرين في 1 أيار 2018، ليحُكم عليه بعده بالسجن. لا نعلم ما الذي حصل خلال الصفقة التي تمت في الإليزيه، وما إذا كانت لمغادرة بنالا القصر الرئاسي أي تداعيات عليها.

ومع ذلك، في غضون عامين فقط، بدأت “نيكسا” وبنالا بالتعامل مع موضوع يهم كليهما: السعودية، إذ كانت “نيكسا” تطمح إلى توسيع نشاطها التجاري، وتقديم منتجات جديدة إلى السوق السعودية.

 منذ مغادرة الإليزيه في تموز 2018، أصبح بنالا مستشاراً دولياً، يعمل كوسيط في العقود الدولية. وفي غضون عام واحد فقط، بين حزيران 2020 إلى حزيران 2021، تبادل بنالا وأوليفييه بوهبوت، الرجل الثاني  في مجموعة “نيكسا”، ما لا يقل عن 499 رسالة و89 مرفقاً عبر تطبيق واتسآب، وتم تضمين محادثتين فقط في الملف القضائي، إحداها تتعلق بالسعودية.

 كتب بنالا في رسالة تعود إلى 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2020 : “الشخص الذي سأعرفكم عليه هو الرئيس التنفيذي لشركة باسكو ليمتد. إنه أمير. إنه ابن أخ محمد بن نايف، الوزير السابق للداخلية وولي عهد السعودية السابق. إنه قريب جداً من محمد بن سلمان. وصديق جيد أيضاً لتميم، أمير قطر، الذي منحه الجنسية القطرية”.

 في اليوم نفسه، حُدِّد موعد الاجتماع في أحد الفنادق: “أنا هنا”، أجاب بوهبوت في تمام الساعة 10:59، رد بنالا: “أنا في طريقي… اجلس في صالة الاستقبال. قل لهم إن لديك موعداً مع عميل”. في الساعة 11:34، أخبر بنالا بوهبوت بوجود الأمير السعودي هناك: “إنه قادم إلى صالة الاستقبال”.

لدى محمد بن نايف ابن أخ يعمل في قطاع التكنولوجيا السيبرانية، وهو أخو الوزير الحالي للداخلية، ويتعامل مع وزارة الدفاع على وجه الخصوص. ومع ذلك، لم نتمكن من تأكيد ما إذا كان هو الأمير المذكور، أو التعرف على شركة “باسكو”.

رد كل من ستيفان ساليس وبوهبوت، مديري “نيكسا” على أسئلة ميديابارت، وقالا “لم يتم توقيع أي عقد عبر السيد بنالا، ولم يحصل على أي تعويض مالي من جانبنا”، ورفضا التعليق على علاقتهما بمستشار ماكرون السابق، في حين أن  الإليزية وبنالا لم يجيبا عن الأسئلة التي وُجهت لهم.

 هل بيع سيريبرو إلى السعودية بدلاً من لبنان؟

أصبحت المملكة العربية السعودية منذ عام 2008 سوقاً ذا أولوية قصوى بالنسبة الى “نيكسا” بعدما أُسست بقليل. آنذاك، كانت الشركة تُدعى “أميسيس”، وحاولت بيع الرياض منتجها الأشهر “إيغل”: “النظام الكامل لمراقبة الاتصالات عبر البلاد”، وفقاً لكتيب إشهاري أُرسل الى السعوديّة عام 2010، جاء فيه أيضاً أنه لبرامج التجسس هذه مراقبة نشاط أهداف محدّدة.

على الرغم من فشل هذا الاقتراح الأولي، تمكنت “نيكسا” في النهاية من بيع منتجها القوي للتجسس، بعدما أطلقت عليه اسماً جديداً (سيريبرو Cerebro) في عام 2016. يوصف سيريبرو بـ”غوغل الفرنسي للاستخبارات الاستراتيجيّة” وفقاً لكتيب تجاري.

كان نظام التجسس هذا جزءاً من صفقة سعوديّة بقيمة 3 مليارات دولار وقّعت  في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2014، لتزويد المخابرات اللبنانيّة بالأسلحة والمعدات العسكرية الفرنسيّة. الجزء الرقميّ من الصفقة كان يحوي سيريبرو، الذي من المفترض أن يكون هدية بقيمة 13،5 مليون دولار للمخابرات العسكرية اللبنانيّة.

 اسم المشروع كان “ميلكا دوناس-Milka Donas”، وفقاً لوثائق داخلية لـ”نيكسا”، وتشير كلمة “Donas” إلى  “تبرع من السعوديّة”. ولكن بعد عامين، في شباط/ فبراير 2016، جمدت المملكة الأموال للاحتجاج على ما اعتبرته تزايد تأثير عدوّها، “حزب الله”، في لبنان.

 في الوقت نفسه، أُرسلت بعض المنتجات إلى لبنان، لكن البلد الواقع على البحر الأبيض المتوسط لم تصله معظم الأموال الموعودة. وفي ظل إحباط الجهة الفرنسية، التي شعرت بأن فرصة رائعة تفلت من بين يديها، تمت إعادة تحويل بعض العقود في ما يبدو  إلى خدمات الأمن السعودية.

هناك أدلة كثيرة تشير إلى أن سيريبرو كان واحداً من هذه العقود التي أُعيد التفاوض بشأنها. إذ تظهر الوثائق الداخلية أدلة على تنفيذ المشروع، فهناك رحلات إلى الرياض تحت اسم Milka، وفواتير، وتعليقات الموظفين على وضع المشروع في تقييماتهم السنوية.

 كذلك، أشار أحد مهندسي “نيكسا” إلى وجود سيريبرو في المملكة، مؤكداً وجود “نظام صغير مثبت، يعني اثنين أو ثلاثة خوادم. لا أستطيع تذكر من كان يمتلكه. ربما وزارة الداخلية. لم يعد البرنامج يسمى “إيغل” بل سيريبرو وفقاً لإفادته لدى الجندرمة الفرنسية.

تواصلنا مع “نيكسا” التي رفضت التعليق على هذا العقد، ولم يجب كل من الحكومتين الفرنسيّة والسعوديّة عن أسئلتنا، كما لم تقدما أي تعليق.

حزمة من العقود

هناك مشروع آخر يُسمى “ويست”،  الذي يهدف الى المراقبة التكتيكية لحماية الحدود الغربية للسعودية، تم تنفيذه في عام 2014. وقعت العقد شركة يوروكوم مقابل مليوني يورو، ونفذته شركة Advanced middle east systems، الشركة الشقيقة لـ”نيكسا”، والتي يقع مقرها في دبي.

تشير الملفات الداخلية إلى أن السعوديّة اشترت مسبار IMSI من “نيكسا”، وهي أجهزة قادرة على اعتراض الاتصالات عبر الهواتف النقالة، كما ذكر في وثيقة تعود إلى عام 2014 تشير إلى عقد “ًصغير” مع وزارة الدفاع السعوديّة.

في عام 2017، حاولت “نيكسا” بيع معدات اعتراض GSM تسمى Alpha Max، وهي منتجها الأقوى، لكن نظراً الى عدم توافر تصريح التصدير اللازم لعرض بسيط لهذه المعدات، وضعت الشركة استراتيجية للتغلب على القوانين عبر تقديم معلومات مضللة حول منشأ المنتج ومحاولة تمريره إلى دولة أخرى.

 يبدو أن هذه الممارسة متكررة في عقود “نيكسا”، إذ تكشف “ملفات بريداتور” عن أمثلة كثيرة على التكتيكات غير الأخلاقية المستخدمة لتجاوز قوانين الاتحاد الأوروبي، وإخفاء عمليات بيع أدوات المراقبة القوية لدول استبدادية كثيرة.

 تشمل أساليب تجاوز القوانين هذه، عقداً مع المشير خليفة حفتر في ليبيا وُقّع في عام 2020، في انتهاك لحظر بيع الأسلحة إلى ليبيا، لكننا لم نتمكن من التحقق مما إذا كان العرض قد قُدِّم في الرياض أم لا.

 استمرت حماسة “نيكسا” التجارية في السعودية ولم تتراجع حتى بعد اغتيال جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في إسطنبول في 2 تشرين الأول 2018 على يد عملاء الحكومة السعودية بأوامر من محمد بن سلمان.

 في عام 2019، اشترت “نيكسا” منافستها تروفيكور (شركة ألمانية، انتقلت إلى دبي)، التي كانت منذ عام 2014 على الأقل، مورداً لنظام المراقبة القضائي في السعودية، ما أدى إلى إشراف “نيكسا” على نظام المراقبة السعودي للإنترنت بعد الاستحواذ على تروفيكور.

 في ربيع عام 2020، أبرمت “نيكسا” عقداً كبيبراً بقيمة 4.9 مليون يورو لتحديث نظام المراقبة في السعودية وصيانته حتى عام 2025. وشاركت بعد عام في مناقصة لبيع برنامج جديد لتسجيل بيانات الإنترنت (IPDR)، مهمته تحليل بيانات حركة المرور على الإنترنت بشكل واسع النطاق.

 صُنع هذا المنتج الجديد بسبب التشفير المتزايد لحركة مرور عبر الـIP، ما جعل سيريبرو بلا جدوى تقريباً. وبينما لا توفر IPDR وصولًا إلى محتوى الرسائل، إلا أنها تتيح لعملاء “نيكسا” معرفة من يتواصل مع من حتى من خلال تطبيقات مشفرة مثل Signal أو WhatsApp.

“المشروع ضخم وقيمته بين 20 أو 30 مليون يورو”، هذا ما قاله مدير “نيكسا”  للرجل الثالث في الشركة، رينود روك في أيار/ مايو 2021. لكن لم نتمكن من التحقق مما إذا كانت “نيكسا” قد فازت بالعقد.

 “فوضى” مقتل جمال خاشقجي

كان مديرو “نيكسا” آنذاك يحاولون بيع “بريداتور”، برنامج التجسس على الهواتف الذي صنعته إنتيليكسا، وهي مجموعة من شركات التكنولوجيا الرقميّة مقرها أوروبا، تُدار بواسطة ضباط سابقين  في جهاز المخابرات العسكريّة  الإسرائيلية، وهذه الشركات دخلت في تحالف مع “نيكسا” في عام 2019.

برنامج “بريداتور”، الذي يشبه منافسه الإسرائيلي بيغاسوس، قادر على التسلل وسرقة جميع بيانات الهاتف، وإرسالها إلى جهاز مراقبة، وتفعيل المايكروفون والكاميرا في الكاميرا، وكشفت “وثائق بريداتور”  أن  “نيكسا” باعته لأجهزة المخابرات في مصر وفيتنام ومدغشقر. 

 في حديثه عن هذا العقد في حزيران 2021، قال رئيس “نيكسا”  ستيفان ساليس، إنه إذا علمت وسائل الإعلام بوجود عقد بريداتور مع مصر، فإنهم، أي الشركة، “ميتون”.

 خلال المحادثة الهاتفية نفسها، قال ساليس: “يعتمد الأمر على من يستخدم هذه التقنية والكيفية التي يستخدمها بها،  أنظر ما حدث في السعوديّة، كان الأمر فوضوياً في شأن جمال خاشقجي”. يضيف: “يمكن أن يؤذي كثيراً. […] يكفي خطأ أو اثنان لنجد أنفسنا في مواجهة مصيبة”.

 سئل ساليس عن هذه المحادثة حين أوقفته الجندرمة الفرنسيّة، واعترف بأن السعودية يمكن أن تكون دولة “إشكاليّة”، وأخبرها أنه يبيع فقط “أدوات الاعتراض القضائي” وليس “برامج العدوى”، والتي تعني البرمجيات الضارة كبيغاسوس وبريداتور القادرة على اختراق الهواتف.

 تشير إحدى الوثائق غير الموقعة والمصادرة من مقر الشركة، الى تناقض في إفادة ساليس، إذ نقرأ عن “دور وسيط” بتاريخ 6 كانون الثاني/ يناير 2020 بين Advanced Systems وشركة Gamma International Limited، التي تقع في جزيرة لابوان، في ماليزيا. كانت Advanced Systems حينها، تعتزم توظيف Gamma كوسيط لتسهيل مبيعات مجموعة منتجاتها بالكامل لـ “المحكمة الملكية” في السعودية.

 شملت هذه المنتجات “أداة للاختراق وأداة لاختراق شبكات الـ Wi FI، بما في ذلك أحصنة طروادة وأدوات للعدوى”، الوصف الذي يتفق تماماً مع ما يقوم به برنامج بريداتور. وكان دور Gamma ترتيب “الاتصالات التجارية مع الحكومات والمؤسسات والشركات والأفراد”، وفقًا للوثائق.

 Gamma شركة تابعة للمجموعة الألمانية المثيرة للجدل Gamma International، التي صنعت أيضاً فيروس Finfisher سيئ السمعة، والذي باعته إلى أكثر من 25 دولة، من ضمنها لبنان وفقاً للمختبر المستقل Citizen Lab.

 يُزعم أن البريطاني لوثين نيلسون، الشخص الأبرز في شركة  Gamma، يعيش في بيروت، وهو حامل الأسهم الأكبر في شركة أخرى تابعة تُسمى Group International SAL OFFSHORE، مقرها بيروت، وحين سئل عن الموضوع، رفض نيلسون التعليق على الأمر.

وفقاً لدراستين أجراها كل من Citizen Lab وأمنستي، يُزعم أن بريداتور يُستخدم في السعودية. من غير الواضح ما إذا تم توقيع العقد في وقت لاحق، أو تنفيذه، من قبل “نيكسا” نفسها أو شريكتها Intellexa اللتين لم تجيبا عن طلبات التعليق التي أرسلناها لهما.