fbpx

محطة معالجة مياه طرابلس: بين “التلزيمات” الأوروبيّة والعقوبات الأميركيّة!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

على الرغم من وجود إحدى أكثر محطات معالجة المياه تقدماً في منطقة البحر الأبيض المتوسط، إلا أن المشروع لم ينجح حتى الآن في تحقيق أهدافه المنشودة التي ما زالت حبراً على ورق الجريدة الرسمية، بينما يستمر سكان طرابلس في انتظار تحسينات طفيفة في ظروفهم المعيشية المأساوية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

نحو مليون شخص كان بإمكانهم الاستفادة من مشروع “شبكات مياه الصرف الصحي لحوض طرابلس الكبرى”، الذي يهدف إلى تحسين حياة سكان طرابلس من خلال استكمال توصيلات محطة معالجة مياه الصرف الصحي. يهدف هذا المشروع إلى الحدّ من التلوث المائي بشكل كبير في شمال لبنان، وتحسين خدمات الصرف الصحي في ثاني أكبر مدن لبنان وأفقرها. مع ذلك، بعد مرور عقدين من الزمن، لا يزال المشروع بعيداً عن تحقيق أهدافه، فيما تشوبه عقبات وتساؤلات كثيرة وشبهات حول المتعهّدين المشاركين في المشروع.

بينما كان من المفترض أن يستكمل المشروع الذي مُوِّل من البنك الأوروبي للاستثمار (EIB)، جميع توصيلات الشبكة في محطة التكرير، أوقفت الأزمة المالية والسياسية التي عصفت بلبنان في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، القرض الذي تبلغ قيمته 74 مليون يورو. ومع ذلك، يضمن الاتفاق مع البنك الأوروبي للاستثمار منحة بقيمة 18 مليون يورو، والتي ما زالت متاحة، وفقًا لرد البنك الأوروبي للاستثمار على أسئلة “درج”. 

أين هو المشروع اليوم؟

عانى المشروع من تأخيرات عدّة، لكن يتفق الخبراء والجهات المعنية الرئيسية الذين قابلتهم معدّة التحقيق، على أن محطة معالجة مياه الصرف الصحي تمثل واحدة من أكثر المرافق تقدماً في منطقة البحر الأبيض المتوسط، إذ تغطي أحدث أساليب معالجة المياه (حتى معالجة الثلاثية) بينما تمتلك القدرة على توليد الكهرباء الخاصة بها من عملية المعالجة.

على رغم هذه التطورات، فإن الطاقة التي تعمل بها المحطة اليوم تبقى محدودة للغاية، إذ تقوم بإجراء معالجة أساسية فقط. وذلك لأنها، حتى اليوم، وبعد 14 سنة من انتهاء بنائها، لم تستقبل الحد الأدنى المطلوب من مياه الصرف الصحي البالغ 60 م3 للبدء بالمعالجة، وذلك نتيجة عدم استكمال توصيلات الشبكة، ما يؤدي إلى تحويل نسبة كبيرة من مياه الصرف الصحي إلى مجرى نهر أبو علي في طرابلس والبحر.

في مقابلة لـ “درج”، تساءلت الخبيرة والباحثة البيئية د. ياسمين جبلي عن طريقة الإدارة والتخطيط، معتبرة أنّنا في لبنان “نعمل بالمقلوب، بدل ما نبدأ بالبنية التحتية ونعمل بشكل متوازٍ على بناء المحطة والقيام بالتوصيلات، عملنا العكس، عملنا المحطة ورجعنا نشوف التوصيلات”، واصفةً المحطة اليوم بـ “مركز للطيور”. يوافقها الرأي الخبير البيئي د. منذر حمزة الذي يسأل “هل يعقل المحطة موجودة وعم تكلف صيانتها مبالغ كتير كبيرة كل سنة وما زال الشاطئ ونهر أبو علي يعوم بالمجارير؟ مش مقبول ننطر سنين لعملية التوصيلات”، طارحًا “علامة استفهام كبيرة على خطة التنفيذ كلها وعلى المتابعة”.

حتى اليوم، لا تستقبل المحطة أكثر من 45 م3 من المياه المبتذلة. ولكن مع استكمال التوصيلات في كلّ من منطقتي الكورة والقلمون، التي تعثرت في وقت سابق، من المتوقع أن تصل كمية المياه المبتذلة إلى الحد الأدنى الذي يلزم لتشغيل المحطة بشكل متقدّم، حسبما أكد البنك الأوروبي للاستثمار ومجلس الإنماء والإعمار لـ “درج”.

من هم المقاولون الرئيسيون؟

تم بناء المنشأة نفسها بواسطة مجموعة Suez الفرنسية، والتي كُلّفت ببناء محطة معالجة تخدم مليون شخص بسعة معالجة تبلغ 135,000 م3 في اليوم، وفقًا لعقدها مع مجلس الإنماء والإعمار. ينص العقد على أن المبلغ الإجمالي يبلغ نحو 94.6 مليون دولار أميركي، مع 77.4 مليون دولار أميركي من البنك الأوروبي للاستثمار، وذلك عبر قرض سابق أُقرّ عام 1997، و17.2 مليون دولار أميركي من مجلس الإنماء والإعمار.

أما Butec، وهي شركة تابعة لمجموعة Suez، فتم التعاقد معها لبناء المصب البحري لنقل المياه المعالجة من المحطة إلى عمق 1.6 كم داخل البحر، وفقًا للعقد.

لم تجب Suez عن أسئلة “درج”.

بحسب مجلس الإنماء والإعمار والبنك الأوروبي للاستثمار، ستصل كمية المياه المبتذلة إلى الحدّ الأدنى لبدء مراحل المعالجة المتقدّمة عند استكمال التوصيلات من مناطق الكورة والقلمون، التي تعثّرت في وقت سابق.

منطقة الكورة: بعد إنهاء العقد مع الشركة الإيطالية Opere Pubbliche بسبب تحديات مالية واجهتها الأخيرة، وفقًا لمجلس الإنماء والإعمار، تتابع العمل اليوم شركة خوري للمقاولات، التي يملكها داني خوري. أُدرج خوري على لائحة العقوبات الأميركية منذ تشرين الأول 2021، “للمساهمة في تفكيك سيادة القانون في لبنان. الخوري هو شريك تجاري مقرب من جبران باسيل الذي تمّ فرض عقوبات أميركية عليه أيضاً. بسبب علاقته القريبة مع باسيل، تلقى الخوري عقوداً عامة كبيرة أسفرت عن ملايين الدولارات من دون أن يلتزم بشكل كبير بشروط هذه العقود… وقد تم اتهام الخوري وشركته بإلقاء النفايات السامة والنفايات في البحر الأبيض المتوسط، وتسميم الصيد، وتلويث شواطئ لبنان، كل ذلك بينما فشلوا في حل أزمة النفايات”، وفقاً لوزارة الخزانة الأميركية.

يهدف العقد مع شركة خوري للمقاولات بعنوان “أعمال مياه الصرف الصحي في قضاء الكورة”، إلى “بناء أنابيب نقل مياه الصرف الصحي بالجاذبية في مناطق الكورة والقلمون، وربط هذه الأنابيب بمحطة معالجة مياه الصرف الصحي القائمة” في طرابلس، وفقًا للعقد. ستوفر الأنابيب الجديدة خدمات معالجة مياه الصرف الصحي لحوالى 300,000 شخص، وستصل 39,000 م3 إضافي من المياه المبتذلة إلى محطة طرابلس يومياً، والتي تتسع لـ 135,000 م3 في اليوم.

أكّد المتحدث باسم البنك الأوروبي للاستثمار في بريد إلكتروني لـ “درج”، أن “للاتحاد الأوروبي مشروع منحة تكميلية في منطقة الكورة لبناء شبكات الصرف الصحي التي سيتم ربطها بمحطة معالجة مياه الصرف الصحي في طرابلس (من دون مشاركة بنك الاستثمار الأوروبي). يتم تنفيذ المشروع من خلال مجلس الإنماء والإعمار، وقد تم توقيعه عام 2018 مع شركة خوري للمقاولات، وجارٍ تنفيذه حالياً. بعدما أثرت العقوبات الأميركية على شركة خوري للمقاولات، أطلقت بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان تحقيقاً إلى مكتب مكافحة الاحتيال الأوروبي (OLAF) للتحقق من الاتهامات التي ذكرتها وزارة الخزانة الأميركية. تم تعليق العقد من كانون الأول/ ديسمبر 2021 حتى شباط/ فبراير 2022 عندما قام مكتب OLAF، بعد إجراء جميع فحوصات العناية الواجبة، بتسوية وضع المقاول والسماح باستئناف العقد”، الذي تصل قيمته الى نحو 9 ملايين دولار. 

شركة خوري للمقاولات لم ترد على طلب التعليق.

لا بدّ من الإشارة الى أن مجلس الإنماء والإعمار يؤكد أن العمل في منطقة الكورة يتم أيضاً بتمويل من وكالة التنمية الفرنسية (AFD).

منطقة القلمون:  تعثّرت توصيلات منطقة القلمون إذ إنّها كانت مموّلة من الصندوق العربي الذي توقّف عن التمويل بعدما عجزت الدولة اللبنانية عن تسديد مستحقاته، إلّا أنّه بحسب مجلس الإنماء والإعمار، من المتوقع حل الوضع قريباً مع الصندوق العربي. 

الشركة المتعهدة لمنطقة القلمون هي شركة سبا مخلوف للتجارة والمقاولة، المسؤولة عن بناء أنابيب توزيع المياه، بالإضافة إلى مهام أخرى وفقًا للعقد، بإجمالي نحو 12 مليون دولار أميركي.

لا بدّ من الإشارة هنا الى أنّ “سابا مخلوف” كانت الشركة المتعهدة في محطة تكرير المياه المبتذلة في سينيق، جنوب صيدا، التي “لا تعمل منذ بدء تشغيلها عام 2010 إلا على فصل الحمأة عن السائل لقاء مليون دولار سنوياً للشركة المتعهدة من مجلس الإنماء والإعمار (سابا مخلوف للتجارة والمقاولة)، فيما “لا تتعدى كلفة تشغيلها الحقيقية الـ 250 ألف دولار”!، وفقًا لجريدة الأخبار (2019). وفي المقابل، نقلت جريدة نداء الوطن تعيين 7 موظفين من شركة سابا مخلوف عام 2019 أيضاً، “في إدارات الدولة من دون أي احتساب للعواقب، ضاربين عرض الحائط الأزمة المالية لتوزيع المحسوبيات واسترضاء الأصوات الانتخابية”.

شركة سبا مخلوف لم ترد على طلب التعليق.

أمّا زغرتا، التي بحسب مشروع القرض هي جزء من حوض طرابلس، فحتى اليوم، لم يُقرّر إذا ما كانت ستُشمل في المشروع، وهناك الكثير من الأخذ والردّ حولها، بحسب المجلس. 

تنظر دراستان لمبادرة سياسات الغد (TPI) بعنوان: تخصيص الموارد في الاتفاقيات المشتركة للسلطة: أدلة من لبنان، والكارتيلات في الشراء العام للبنية التحتية: أدلة من لبنان، إلى 394 عقد شراء عام/ توريد بنية تحتية منحها مجلس الإنماء والإعمار في لبنان منذ عام 2008 حتى عام 2018. تشير النتائج إلى أن المقاولين ذوي الصلات السياسية نجحوا في الحصول على عقود متضخمة بنسبة تقدر بنحو 34 في المئة مقارنة بالعقود العادية. ومن الجدير بالذكر أن هذه العقود المتضخمة، التي تبلغ قيمتها نحو 160 مليون دولار، حدثت عندما كان لدى كل من المصمم والمقاول اتصالات بالأشخاص المؤثرين. بالإضافة إلى ذلك، المشاريع التي يتم تصميمها بواسطة مصممين ذوي صلات سياسية تشهد زيادة في الإنفاق وتكاليف تشغيل أكبر. وتشير الدراسة إلى أن “آليات توزيع الموارد الاقتصادية تعتمد على اتفاقات غير رسمية، تدعمها أنماط سلوك متعلقة بتقاسم السلطة. في سياق البيروقراطيات الضعيفة مثل البيروقراطيات اللبنانية، يمكن للنخب أن تخترق المؤسسات بوجود موظفين مخلصين لإقامة شبكات تواطؤية”.

على الرغم من أن إتمام شبكات الكورة والقلمون قد يمكّن المحطة من إطلاق طرق معالجة متقدمة، إلا أن تحقيق هدف تنظيف البحر الأبيض المتوسط يبدو بعيد المنال، فما زالت ثاني أكبر مدينة في لبنان تواجه الفقر المدقع، إذ صنف البنك الدولي مدينة طرابلس كأفقر مدينة على ساحل البحر الأبيض المتوسط في عام 2019. 

حتى بعد إتمام التوصيلات لمنطقتي الكورة والقلمون، لن يتم الانتهاء من جميع الشبكات الضرورية، ما لن يضع حداً لتحويل مياه الصرف إلى نهر أبو علي وبحر البحر الأبيض المتوسط.

هل كان جهاد العرب جزءاً من المشروع؟

داخل مدينة طرابلس نفسها، تم الانتهاء من بعض الشبكات، بينما لم تكتمل أخرى نتيجة توقّف القرض. تشير المصادر إلى أن متعهّداً كبيراً شارك في تنفيذ جزء كبير من المشروع، وهو جهاد العرب، الذي يخضع أيضاً لعقوبات من جانب الولايات المتحدة الأميركية. .في حين أن جهاد العرب قد حصل على عقود عدة في مشاريع متنوعة في طرابلس من قبل مجلس الإنماء والإعمار. ويؤكد البنك الأوروبي للاستثمار أن “جهاد العرب (الذي تم فرض عقوبات عليه من قبل OFAC في تشرين الأول 2021) لا يظهر كمقاول للمكونات التي تم تمويلها من قبل البنك الأوروبي للاستثمار ضمن مشروع معالجة مياه الصرف الصحي في طرابلس”.

يذكر مجلس الإنماء والإعمار أنّه نظراً الى الظروف التي وصلت إليها البلاد، كان بناء هذه المحطة ضرورياً، إذ إنّ تكلفتها اليوم، من دون التوصيلات والبنية التحتية، لن تقلّ عن 170 مليون يورو، فيما تمّ بناؤها مع المصب البحري بــ 100 مليون يورو (من دون التوصيلات). بحسب عقد التشغيل، على مجلس الإنماء والإعمار تشغيل المحطة لمدّة ثلاث سنوات، إلّا أنّه يشغلها منذ نحو 8 سنوات، إذ إنّ الجهة المنوطة بالتشغيل، وهي مؤسسة مياه الشمال، تواجه أزمات مالية وهي غير جاهرة للاستلام. 

خلفية المشروع

في النصف الثاني من عام 2019، وقّع البنك الأوروبي للاستثمار والحكومة اللبنانية، عقد تمويل لدعم إنشاء شبكة صرف صحي في مدينة طرابلس ومحيطها.

في عام 1997، وافق البنك الأوروبي للاستثمار على مشروع لبناء المنشأة نفسها. بدأ المشروع عام 2003 وانتهى عام 2009، إذ تم بناء المحطة والمصب البحري الذي يمتد 1.6 كم في عرض البحر الأبيض المتوسط.

منذ بدء العمل بالمشروع، كان هناك الكثير من الأخذ والردّ حول اختيار طرابلس كموقع للمحطة، إلّا أنّ هذه مشكلة وعقدة كل محطة تكرير بحسب مجلس الإنماء والإعمار. 

بعد تعثّره في كثير من المراحل والأماكن، يتقدّم المشروع ببطء، الّا أنّه حتى اليوم لم يحقّق الهدف المنشود. وللأسف، في ظل الوضع الراهن، يبقى ذلك بعيد المنال فيما تعاني ثاني أكبر مدينة في لبنان من أزمات متلاحقة وفقر مدقع. فحتى عند انتهاء توصيلات الكورة والقلمون، وبدء المحطة بالمعالجة المتقدّمة، إلّا أنّه لم تُستكمل جميع الشبكات التي ستحول دون تحويل المياه المبتذلة إلى مجرى نهر أبو علي والبحر المتوسط. مع ذلك، على الرغم من مواجهة الكثير من الصعوبات، فإن المشروع يتقدم ببطء.

تمويل المشروع

المصدرالمبلغ
تمويل ذاتي10.7 مليون يورو
قرض74 مليون يورو
منحة استثمارية من صندوق مبادرة المرونة الاقتصادية ممولة بمساهمات دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي18.3 مليون يورو
مساعدة فنية في إطار محفظة مبادرة المرونة الاقتصادية التي يتولى البنك إدارتها والممولة بواسطة موارد البنك الخاصة4 ملايين يورو
المجموع107 ملايين يورو

يتضمّن هذا المشروع 74 مليون يورو كقرض، و18.3 مليون يورو كمنحة استثمارية من صندوق مبادرة المرونة الاقتصادية الممول من مساهمات دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهبة ثانية بقيمة 4 ملايين يورو كمساعدة فنية، على أن تكون مساهمة البنك الأوروبي 92 مليون يورو وكلفة المشروع بأكمله 107 ملايين يورو، تغطّي منها الدولة اللبنانية 10.7 مليون يورو.

كما أشرنا آنفاً، أدت الأزمة المالية التي اجتاحت لبنان في تشرين الأول 2019 إلى تعليق القرض. ومع ذلك، لا يزال البنك الأوروبي للاستثمار ملتزماً بتقديم المنحة، وقد “تعاون الاتحاد الأوروبي مع اليونيسف لتمويل تشغيل وصيانة قطاع معالجة مياه الصرف الصحي خلال العامين المقبلين بميزانية تبلغ ما يقرب من 30 مليون يورو”، وفقًا للبنك الأوروبي للاستثمار.

وزير البيئة، د. ناصر ياسين، في مقابلة مع “درج”، يعبّر عن قلقه من أنّ استثمارات كبيرة تذهب هدراً، سواء من خلال المساعدات أو القروض أو تمويل خزينة الحكومة. ويؤكد أن بناء المحطة، الذي كلف ما يقرب من 100 مليون يورو، كان يفتقر إلى التنسيق مع إنشاء الشبكة، مشيراً إلى قلة التخطيط والتنسيق. ونتيجة لذلك، تظل أنهر وشواطئ كثيرة ملوثة أو تحظى بأولوية أقل للعلاج.

يعتبر ياسين أنّ المشكلة الحقيقة تكمن في غياب الإدارة السليمة لقطاع الصرف الصحي، “نحن مش عم نحكي عن أمور عادية، عم نحكي عن قطاع عم يكون تأثيره مباشر على صحة الناس وحياتهم وخاصة بس صارت قضية الكوليرا صيفية الماضية”، بحسب ياسين. أمّا مجلس الإنماء والإعمار فرأى أنّه “لو ما محطة طرابلس موجودة بأيام الكوليرا، الله بيعلم شو صار”. 

يعتقد ياسين أن “الإدارة في لبنان، وخصوصاً في إدارة مياه الصرف الصحي، هي ما نفتقر إليه، وليس المعرفة أو التكنولوجيا”. ويؤكد كل من ياسين والمجلس الإنماء والإعمار، أن الاتحاد الأوروبي على علم بالوضع الحالي وبما ينقص المشروع.

يشير مجلس الإنماء والإعمار إلى تقرير لشركة المراقبة الدولية “Bureau Veritas” حول محطات معالجة مياه الصرف الصحي في لبنان، بما في ذلك طرابلس، مشيراً إلى أنها مرضية مع تعليقات بسيطة.

يهدف مشروع “شبكات مياه الصرف الصحي لحوض طرابلس الكبرى” الذي يموّله البنك الأوروبي للاستثمار، إلى توفير معالجة متقدمة لمياه الصرف الصحي في طرابلس، والتي ستعود بالفائدة على ما يقرب من مليون مقيم. ومع ذلك، يعاني هذا المشروع من تحديات مستمرة وعراقيل، بما في ذلك أزمة البلاد المالية التي أدت إلى تعليق القرض، تأخر توصيل الشبكات، واختيار متعهّدين تحت العقوبات. 

على الرغم من وجود إحدى أكثر محطات معالجة المياه تقدماً في منطقة البحر الأبيض المتوسط، إلا أن المشروع لم ينجح حتى الآن في تحقيق أهدافه المنشودة التي ما زالت حبراً على ورق الجريدة الرسمية، بينما يستمر سكان طرابلس في انتظار تحسينات طفيفة في ظروفهم المعيشية المأساوية.

عمليّة سير القروض للمشاريع الإنمائية في مجلس الإنماء والإعمار:
1. التخطيط للمشروع2.إعداد دراسة جدوى تقنية (Technical Feasibility Study) لتقييم إمكانية تنفيذ المشروع.3.إعداد دراسة جدوى اقتصادية (Economic Feasibility Study) لتقدير الجوانب المالية والاقتصادية للمشروع.4. عرض فكرة المشروع من قبل قسم التمويل في مجلس الإنماء والإعمار على الجهات المانحة وصناديق التمويل.5. الموافقة من قبل الجهات المانحة على المشروع.6. التوصل إلى اتفاق مع الجهات المانحة.7. عرض المشروع وموافقة مجلس الوزراء من ضمنه الوزراء المعنيين منهم: وزراء المال والأشغال والبيئة والداخلية وغيرهم.8. التوقيع الأولي لرئيس الوزراء على الاتفاق بالأحرف الأولى. 9. موافقة مجلس إدارة الصندوق التمويلي على التنفيذ وتحديد التفاصيل.10. عرض المشروع بصيغته النهائية على مجلس الوزراء لتحضير مشروع قانون يعرض على مجلس النواب.11. إقرار قانون من مجلس النواب (في حالة القروض)12. إجراء دراسات تفصيلية وتحضير المناقصات لتنفيذ المشروع.13. بدء تنفيذ المشروع بناءً على التفاصيل الموافق عليها مع الجهات المحلية والجهة المقرضة.14. إعداد تقارير دورية وعمليات مراقبة تحت إشراف الجهات المختصة وبعثات من المقرضين أو المموّلين (Monitoring and Reporting).