fbpx

17 يوماً وغزّة وحيدة بمواجهة الانتقام الإسرائيليّ

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الحرب على غزة ليست بالحرب العادية، عداد الضحايا يرتفع بشكل يومي، إذ ترتكب إسرائيل جرائم حرب أمام أعين العالم إلى حد مطالب بعض الأصوات في أوروبا إلى إرسال نتنياهو إلى محكمة الجنايات الدوليّة، في حين أن المواقف الرسميّة الأوروبيّة تدافع عن “حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها”، وتكمم أفواه كل من يقف مع الحق الفلسطيني أو ينتقد جرائم إسرائيل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا شيء ثابت في اليوم 17 لما بعد عملية طوفان الأقصى، سوى الانتهاكات الممنهجة بحق سكان قطاع غزة. مجازر تُرتكب يومياً، وبعضها يرتقي إلى جرائم الحرب و”الإبادة الجماعية” كما تشير أصواتٌ في المجتمع الدوليّ تدعو الى إدانة إسرائيل، التي تقصف المستشفيات والمخابز والمنازل والشوارع والمساجد والكنائس والمدارس، حارمةً الناس حتى من إيجاد مكان آمن، فلا وجود مساحة للاختباء في القطاع.

تسارعت الأحداث مع دخول الحرب على غزة أسبوعها الثالث، المأساة الإنسانيّة تزداد فجاعةً، والتخبط السياسي قائم في المنطقة العربيّة، في حين وصلت رشقات من الغضب الإسرائيلي إلى سوريا ولبنان ومصر، وما زال المستقبل القريب والبعيد لهذه الحرب غامضاً. 

“مجازر لا توصف”

حتى هذه اللحظة، وصل عدد الضحايا الفلسطينيين جراء القصف الإسرائيلي إلى أكثر من 5087 قتيلاً، بينهم أكثر من 2055 طفلاً و1119 امرأة، بالإضافة إلى أكثر من 15273 جريحاً و1500 مفقود، حسب بيان وزارة الصحة الفلسطينية في آخر تحديث لها. وخرج مليون ونصف المليون فلسطيني من منازلهم، يختبئون في 220 مركز إيواء أو تجمعات تستضيفهم، وسط انهيار المنظومة الصحية بشكل شبه كامل. إذ تُجرى العمليات على الأرض ومن دون تخدير وبأبر الخياطة، ولجأ الأطباء إلى الخل لتعقيم الجروح، فيما لا إمدادات طبية أو وقود لتشغيل المولدات التي ستتوقف عن العمل بعد أقل من 3 أيام. هذا كله يتركنا أمام  مشهد كارثي في المستشفيات التي تحولت أيضاً إلى ملاجئ ينزح إليها الناس هرباً من القصف.

يُعتبر استهداف مستشفى المعمداني (الأهلي) يوم 17 تشرين الأول/ نوفمبر، مجزرة غير مسبوقة  على مستوى استهداف المستشفيات في قطاع غزة، والتي راح ضحيتها أكثر من 500 شخص، معظمهم من النساء والأطفال، مجزرة ما زالت أمام الرأي العام موضع جدل حول من ارتكبها، لكن هذا لم يوقف إسرائيل عن جرائمها، فقد عادت لتهدد مستشفى القدس وتطلب إخلاءه، كما استهدفت منذ البارحة محيطه بعشر غارات جوية على الأقل على بعد 100 متر فقط!

كانت ليلة 23 تشرين الأول/ نوفمبر الأعنف على القطاع من حيث القصف، إذ قال الجيش الإسرائيلي إنه قصف 320 موقعاً في غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط، وأدت الغارات الإسرائيلية الى سقوط نحو 400 قتيل فلسطيني خلال الـ24 ساعة الماضية. 

سبق وأن أنذرت إسرائيل سكان شمال غزة بإخلاء المنطقة، بمن في ذلك الموجودون في المستشفيات. وأمام هذه المهمة المستحيلة كما قال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، طارق ياساريفيتش، دعت المنظمة إسرائيل إلى إعادة النظر في هذا الأمر، وقال ياساريفيتش لـ”بي بي سي”: “هناك مرضى لا يمكن نقلهم ببساطة، والكثير منهم يستخدمون أجهزة التنفس الاصناعي، وهناك أطفال حديثو الولادة في حاضنات، وأشخاص في ظروف غير مستقرة، ومن الصعب للغاية نقلهم”.

حتى هذه اللحظة، وصل عدد الضحايا الفلسطينيين جراء القصف الإسرائيلي إلى أكثر من 5087 قتيلاً، بينهم أكثر من 2055 طفلاً و1119 امرأة، بالإضافة إلى أكثر من 15273 جريحاً و1500 مفقود

غياب المساعدات الإنسانيّة

دخلت أول قافلة مساعدات يوم السبت الماضي، وتتضمن 20 شاحنة محمّلة بأدوية ومستلزمات طبية وكمية محدودة من المواد الغذائية، أما القافلة الثانية فدخلت مساء أمس الأحد. وقالت جولييت توما، مديرة الاتصالات بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، لرويترز، إن قافلة ثانية تضم 14 شاحنة مساعدات، وأشارت قناة “القاهرة” الإخبارية إلى أن الهلال الأحمر المصري دفع بثلاث شاحنات ضمن قافلة المساعدات لتصبح 17 شاحنة.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن من بين المساعدات أربع شاحنات محملة بمواد جراحية وعلاجية، بالإضافة إلى أدوية للأمراض المزمنة، لكن هذه المساعدات هي أشبه بنقطة في بحر المأساة والحاجة الملحة للفلسطينيين، إذ يقول مسؤولو الأمم المتحدة إن هناك حاجة إلى وتيرة أسرع ومتواصلة لدخول 100 شاحنة على الأقل يومياً إلى غزة لتغطية الاحتياجات الطارئة. ويذكر أن هناك قوافل مساعدات تنتظر عند معبر رفح، لكن لا توجد ضمانات أمنية بإمكان نقل الإمدادات بأمان.

تهديد بالحملة البرية

منذ اليوم الأول لعملية “طوفان الأقصى”، هددت إسرائيل بحملة برية للقضاء على “حماس” بشكل نهائي، لكن الحملة لم تتم للآن لأسباب كثيرة، منها عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على خفض حرب شوارع، ناهيك بحسابات إقليمية تخشى دخول المنطقة في حرب شاملة. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، يوم أمس الأحد، إنه من غير الواضح متى قد تشن إسرائيل الحملة البرية على قطاع غزة.

أجلّت إسرائيل الحملة مراراً، وبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، فقد وافقت الحكومة الإسرائيلية على طلب واشنطن تأجيل الدخول البري إلى غزة حتى وصول قوات أميركية إضافية. وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” نقلت عن مسؤولين أميركيين أن إدارة الرئيس جو بايدن نصحت إسرائيل بتأجيل الغزو البري لقطاع غزة بهدف كسب الوقت لإجراء مفاوضات بشأن “الرهائن” والسماح بوصول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

ومن المنتظر خلال اليومين المقبلين، زيارة رئيس الوزراء الهولندي مارك روته والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إسرائيل، ما قد يعني بحثاً أكثر في أفق التهدئة أو العكس. يذكر أن من بين الرهائن الإسرائيليين لدى “حماس”  30 مواطناً فرنسياً، فيما لا يزال سبعة فرنسيين في عداد المفقودين، وفق ما قال ماكرون في وقت سابق.

لا جديد في ملف الرهائن

لم يحسم الجانب الإسرائيلي عدد الضحايا، فالأرقام تتراوح بين 195 و222 رهينة لدى حركة “حماس” في غزة، من بينهم مواطنون أجانب، ومن أهم أهداف الحرب، هي إطلاق سراح الرهائن، بحسب ما قال المتحدث باسم جيش الاحتلال، بينما قال الناطق الرسمي باسم “كتائب القسام”، الجناح العسكري، أبو عبيدة، في شريط مصور، أن الحركة تحتجز ما لا يقل عن مائتي شخص، مضيفاً أن 50 آخرين محتجزون لدى فصائل المقاومة الأخرى وفي أماكن أخرى.

وقال أبو عبيدة أيضاً، إن 22 رهينة على الأقل قُتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة، كما أشار إلى  أن الرهائن غير الإسرائيليين هم ضيوف سيُطلق سراحهم في الوقت المناسب.

وفي وقت سابق، هددت “كتائب القسام” بأنها ستقتل رهينة إسرائيلية في كل مرة يقصف فيها الجيش الإسرائيلي أهدافاً مدنية في قطاع غزة من دون سابق إنذار، لكن حتى الآن لم يصدر أي تصريح حول ذلك ولم تعلن “حماس” عن قتل رهائن رداً على القصف الإسرائيلي للمدنيين.

“نيويورك تايمز” نقلت اليوم عن مسؤول عسكري إسرائيلي، أنه من المحتمل أن تطلق “حماس” سراح نحو 50 رهينة من مزدوجي الجنسية، محذرة من أن الاجتياح البري سيقلص فرص إطلاق سراح الرهائن. علماً أن الحركة أطلقت سراح رهينتين أميركيتين بوساطة قطرية قبل يومين. 

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، إن إطلاق سراح الرهينتين الأميركيتين جاء نتيجة تصالات استمرت لأيام مع جميع الأطراف، وسيستمر الحوار القطري بشأن إطلاق سراح الرهائن مع إسرائيل و”حماس”. وتأمل قطر بأن يؤدي الحوار إلى الإفراج عن جميع الرهائن المدنيين من كل الجنسيات. وفي السياق ذاته، قال وزير الخارجية التركي حقان فيدان، قبل نحو الأسبوع، إن بلاده بدأت نقاشاً مع “حماس” لإطلاق الرهائن، وفق ما نقلت وكالة الأناضول الرسمية.

17 يوم واسرائيل تعاقب المتضامنين مع غزة

في المقابل صعدت إسرائيل من تضييقها على الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي السجون، وبحسب هيئة شؤون الأسرى، فإن قوة كبيرة من الاحتلال اقتحمت الخميس الماضي سجن الدامون واعتدت على الأسيرات وعزلت بعضهن، ويقع سجن الدامون شمال فلسطين المحتلة، وأنشئ في عهد الانتداب البريطاني وكان إسطبلاً للخيل قديماً، إلا أنه اليوم تحتجز فيه الأسيرات الفلسطينيات.

اعتقلت القوات الإسرائيلية عشرات الفلسطينيين في الضفة الغربية بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي الداعمة لغزة، من بينهم الفنانة دلال أبو آمنة التي احتُجزت لمدة يومين قبل أن يتم إطلاق سراحها بكفالة. ومنذ 7 تشرين الأول \أوكتوبر، تم التحقيق مع أكثر من 100 فلسطينياً واعتقلوا بسبب نشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وتم اعتقال واستجواب 63 منهم في القدس وحدها. ويواجه الطلاب العرب في إسرائيل أيضاً إجراءات تأديبية من جامعاتهم  حيث تم إيقاف تعليم  83 طالباً من الجامعات الإسرائيلية وطُلب من بعضهم مغادرة أماكن إقامتهم في فترة قصيرة. 

الحرب على غزة ليست بالحرب العادية، عداد الضحايا يرتفع بشكل يومي، إذ ترتكب إسرائيل جرائم حرب أمام أعين العالم إلى حد مطالب بعض الأصوات في أوروبا إلى إرسال نتنياهو إلى محكمة الجنايات الدوليّة، في حين أن المواقف الرسميّة الأوروبيّة تدافع عن “حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها”، وتكمم أفواه كل من يقف مع الحق الفلسطيني أو ينتقد جرائم إسرائيل.

جلبير الأشقر - كاتب وأكاديمي لبناني | 06.05.2024

بحجة “اللاساميّة” تترافق إبادة شعب فلسطين مع محاولة إبادة قضيّته 

ظهور حركة جماهيرية متعاطفة مع القضية الفلسطينية في الغرب، لا سيما في عقر دار القوة العظمى التي لولاها لما كانت الدولة الصهيونية قادرة على خوض حرب الإبادة الراهنة، يشكّل تطوراً مقلقاً للغاية في نظر اللوبي المؤيد لإسرائيل.