fbpx

إلى من يلجأ المسيحيون في مصر؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
عمر حاذق

تحن السيدة سعاد للعودة إلى الكرم التي اضطرت الى مغادرتها لقرية أخرى بعد أن قام رجال مسلمون غيورون بضربها ونزع ملابسها وسحلها. ورغم شكوى السيدة المسيحية للشرطة والقضاء ضدهم، حفظت النيابة التحقيق في هذه الواقعة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 بدعوى عدم كفاية الأدلة، وانتظرت السيدة السبعينية عدة أشهر حتى قبلت محكمة الجنايات في محافظة المنيا، في جنوب مصر، التظلم المقدم من فريق الدفاع عنها. ومر أكثر من عام والآن تنتظر السيدة العجوز انعقاد أولى جلسات محاكمة المتهمين يوم 16 أبريل/ نيسان 2018.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تحن السيدة سعاد للعودة إلى الكرم التي اضطرت الى مغادرتها لقرية أخرى بعد أن قام رجال مسلمون غيورون بضربها ونزع ملابسها وسحلها. ورغم شكوى السيدة المسيحية للشرطة والقضاء ضدهم، حفظت النيابة التحقيق في هذه الواقعة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 بدعوى عدم كفاية الأدلة، وانتظرت السيدة السبعينية عدة أشهر حتى قبلت محكمة الجنايات في محافظة المنيا، في جنوب مصر، التظلم المقدم من فريق الدفاع عنها. ومر أكثر من عام والآن تنتظر السيدة العجوز انعقاد أولى جلسات محاكمة المتهمين يوم 16 أبريل/ نيسان 2018.
بدأت المأساة يوم الخميس 19 مايو/ أيار 2016، عندما توجهت سعاد وزوجها إلى قسم شرطة مركز أبو قرقاص، وأبلغا عن تلقيهما تهديدات بوجود اعتداء مخطط عليهما في اليوم التالي وذلك بعد ادعاء رجل مسلم بأن زوجته المسلمة على علاقة بنجل السيدة سعاد، الذي ترك القرية خائفاً، وظن والداه أن إبلاغ الأجهزة الأمنية كافٍ لحمايتهما.
لم تتحرك الأجهزة الأمنية، رغم أن قسم الشرطة على بعد عشر دقائق من القرية، إلا بعد ساعتين من وقوع الاعتداء في اليوم التالي، ففي مساء 20 مايو/ أيار هاجم ما يقدر بمئات الشبان الغاضبين منزل الشاب المسيحي الهارب، وأحرقوه فامتدت النار إلى ستة منازل أخرى. الكارثة الأكبر لسعاد كانت سحلها وتعريتها، وهو ما اتُهم به الزوج المسلم وشقيقه وأبوه مع آخرين. وقبضت قوات الأمن على ستة أشخاص كما شرح الأنبا مكاريوس، أكبر مسؤول في الكنيسة القبطية في تلك المنطقة، في حوار مع جريدة النبأ.
لم يمنع هول الحدث أحد ضباط الشرطة من توجيه لوم لاذع “للرجالة” في القرية لانعدام نخوتهم ورجولتهم، دون أن يوضح لماذا لم تشتعل هذه النخوة والرجولة في قلوب ضباط استغاثت بهم السيدة المسنة مع أن حمايتها من واجباتهم الوظيفية. وفي أواخر مايو/ أيار نفسه، اعتذر الرئيس عبد الفتاح السيسي، للسيدة سعاد صراحة ووعدها بمحاسبة كل من أخطأ. أيضاً صرحت زوجة المتهم المسلم بأن سبب انفصالها عن زوجها مشكلات عائلية وأنه أصر على الطلاق بشرط تنازلها عن حقوقها، وهو ما رفضته، بعدها سمعت شائعة علاقتها بالشاب المسيحي.
ومع الضجة الإعلامية، احتجزت الشرطة متهمين آخرين، ولكنها مع مرور الوقت بدأت في إطلاق سراحهم. ومع مزيد من النسيان، حفظت النيابة التحقيق في القضية “لعدم كفاية الأدلة” بعد عدة أشهر، فعادت الضجة في الإعلام وفي ساحات وسائل التواصل الاجتماعي. وخرجت سعاد تناشد الرئيس السيسي، “انت وقفت جنبي ربنا يخليك كمل وقفتك جانبي لحد ما أخد حقي… القوات المسلحة بنيت لنا بيتنا واتقفل وما قدرناش نرجع له”. وكانت سعاد تشير إلى قرار الرئيس بأن يرمم الجيش البيوت المحروقة.
وتقدم محامو سعاد بتظلم ضد حفظ التحقيق وقبلته محكمة جنايات المنيا. احتوى التظلم على 11 دليلاً لإثبات الواقعة، منها أسطوانة مدمجة تضم لقاء مع والدة متهم بالقضية، أذيع على قنوات تلفزيونية مختلفة، أقرت خلاله تلك الشاهدة بالواقعة قبل تغيير شهادتها. وأثبت التظلم أن المجني عليها تقدمت بادعاء مدني مرتين، على عكس ادعاء النيابة بأن المجني عليها لم تدّعِ مدنياً في أوراق التحقيقات. لماذا تفعل النيابة ذلك؟ إذا كان رئيس الدولة نفسه قد اعتذر ووعد بمحاسبة الجناة، فلماذا حفظت النيابة التحقيق؟
ثمة تفسير بسيط اعترفت به سعاد عندما أوضحت أنها لم تذكر شيئاً عن تعريتها وسحلها في التحقيقات الأولى، أملاً منها في عدم احراجها، وحين أدركت أن “الفضيحة” قد عمت القرية بدأت إجراءات التقاضي بعد الواقعة بخمسة أيام. ولكن النيابة رأت أن عدم ذكر المجني عليها للأمر وعدم ادعائها مدنياً في التحقيقات الأولى سبب كافٍ لحفظ التحقيق دون الأخذ في الاعتبار طبيعة المجتمع الذي لن يرحم سمعة السيدة المسنة التي خشيت من ذكر تعريتها في أقوالها الأولى. كما اعتمدت النيابة أيضاً في حفظ التحقيق على تغيير شاهدة الإثبات لأقوالها أمام النيابة بعد إذاعتها في قنوات تلفزيونية. فقد شهدت في التحقيقات الأولى أنها غطت جسد السيدة سعاد بعد تعريتها، ولكن بعد إجراء التحريات دخل ابن هذه الشاهدة في دائرة المتهمين، فغيرت أقوالها.
وكشف الأنبا مكاريوس، عن أكثر من سبب للريبة، مثلاً، شملت التحقيقات متهمين يستحيل أن يشاركوا في الاعتداء، منهم متوفى منذ سنة 2005، ومتهم مقعد، فكيف اتهمتهم المجني عليها بالاعتداء مع علمها باستحالة ذلك؟ يجيب الأنبا مكاريوس بأنه سألها فأجابت بأنها اتهمت 4 أسماء فقط فكتب الخفير 20 اسماً، كما أن ضباط قسم أبو قرقاص مزقوا المحضر الأول الذي سجلت فيه أقوالها، وأجبروها على التوقيع على محضر آخر. ويضيف إيهاب رمزي عضو فريق الدفاع أن هناك دعوى قضائية أخرى رفعها ضد ضابطين بقسم أبو قرقاص، لاتهامهما بالتلاعب في محاضر القضية وتغيير أقوال المجني عليها.
يبدو التمييز في تعامل أجهزة الأمن والتحقيق مع القضية أفظع بالنظر إلى دعوى رفعها المتهم بالاعتداء على السيدة سعاد ضد ابنها وضد زوجته التي اتهمها بالزنى، ويطالب فيها بتعويض مادي، فحكمت المحكمة بحبس نجل السيدة سعاد وزوجة المتهم المسلم سنتين وتغريمهما مليون جنيه في يوليو/ تموز 2017.
ولا بد أن الأنبا مكاريوس، الذي استغاث كثيرا بالدولة وشكر السيسي مثمنا اعتذاره للسيدة سعاد ووعده بمحاسبة الجناة، شعر بصدمة أكبر لاحقا، ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2017 شكا لجريدة التحرير بمرارة من إغلاق  أجهزة الأمن لأربع كنائس في المنيا،  بينها كنيسة قرية الكرم حيث جرت تعرية سعاد وحرق بيتها.
لم يعد السؤال يتردد على استحياء. إلى أين يذهب الفقراء والمهمشون المسيحيون ومن يناشدون من أجل الحصول على حقوقهم كمواطنين؟

[video_player link=””][/video_player]

كريم شفيق - صحفي مصري | 26.04.2024

حملة “نور”: حرب “آيات الله” الجديدة على أجساد النساء

تتزامن الحرب على أجساد النساء مع إخفاقات سياسية عدة، محلية وإقليمية، لـ"آيات الله"، بداية من تأثيرات المعارضة السياسية على الانتخابات البرلمانية، والتي شهدت انحساراً شديداً، وتراجعاً لافتاً في مستوى إقبال الناخبين وتدنّي نسب المشاركة. فضلاً عن الهجوم المحدود والاستعراضي للرد الإيراني على اعتداءات إسرائيل على القنصلية، والهجوم الذي طاول قياداتها بين سوريا ولبنان.