fbpx

ماذا يعني توقف المساعدات الغذائية لبرنامج الأغذية العالمي في سوريا؟ 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

على رغم “انتهاء” الحرب في معظم المناطق السورية، إلا أن السوريين يواجهون حرباً من نوع آخر، معركة ضد الجوع وتأمين الوجبة التالية لا أكثر، وبعد مرور 13 عاماً من النزاع، وفي ظل أزمة اقتصادية خانقة وزيادة معدلات التضخم، وانهيار العملة إلى مستويات قياسية، والارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية، لا يعرف 12 مليون شخص في سوريا من أين ستأتي وجبتهم التالية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

المشاهد القادمة من سوريا توثق صورة مرعبة لجوع الناس، والأحاديث التي تصل الأبناء في الخارج من عائلاتهم في الداخل تتحدث عن ارتفاع غير مسبوق في الأسعار. كل يوم ترتفع الأسعار  فجأة، العائلات قللت مخصصاتها الغذائية إلى الحد الأدنى، يشترون زيت الزيتون بالأوقية، أما البنَّ فيشترون ما يكفي لصنع فنجانين من القهوة ليوم واحد.

 المشاهد عبثية لكن الأمر لم يتوقف هنا، فمع إعلان برنامج الأغذية العالمي وقف مساعداته الغذائية في سوريا ابتداء من كانون الثاني \ يناير 2024، يمكن القول أن السوريين مقبلون على فصل جديد من الجوع أو حتى المجاعة.

السوريين بمواجهة حرب الجوع

على رغم “انتهاء” الحرب في معظم المناطق السورية، إلا أن السوريين يواجهون حرباً من نوع آخر، معركة ضد الجوع وتأمين الوجبة التالية لا أكثر، وبعد مرور 13 عاماً من النزاع، وفي ظل أزمة اقتصادية خانقة وزيادة معدلات التضخم، وانهيار العملة إلى مستويات قياسية، والارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية، لا يعرف 12 مليون شخص في سوريا من أين ستأتي وجبتهم التالية.

بحسب برنامج الأغذية العالمي يعاني أكثر من 50 في المئة من السكان انعدام الأمن الغذائي حالياً. كما يوجد أكثر من 9 مليون شخص آخرون معرضون لخطر الانزلاق إلى هاوية الجوع، ما يعني أن 70 في المائة من السكان قد لا يتمكنون بعد فترة قصيرة من توفير الطعام لأسرهم.

بحسب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة متوسط الأجر الشهري في سوريا اليوم يغطي حالياً حوالي ربع الاحتياجات الغذائية للأسرة فقط . وكنتيجة لندرة الطعام وارتفاع ثمنه، تشير أحدث البيانات إلى أن سوء التغذية آخذ في الارتفاع، مع وصول معدلات التقزم بين الأطفال وسوء التغذية لدى الأمهات إلى مستويات غير مسبوقة، إذ وصلت معدلات التقزم بين الأطفال إلى 28 في المائة في بعض أجزاء سوريا، وانتشر سوء التغذية لدى الأمهات ليصل الى 25 في المائة في شمال شرق سوريا.

سبق لبرنامج الاغذية خفض مساعداته في تموز الماضي، وقرر إعطاء الأولوية لـ 3 ملايين سوري غير قادرين على البقاء من أسبوع إلى آخر دون مساعدة غذائية بدلاً من مواصلة المساعدة لـ 5.5 مليون، وكان هذا المؤشر الأقوى لخطر وقف المساعدات الغذائية والذي تحقق في النهاية.

السوريون مقبلون على موجة لجوء جديدة

مع زيادة أسعار المواد الغذائية بما يقرب من اثني عشر ضعفاً خلال السنوات الثلاث الماضية، وصلت سوريا إلى المركز السادس من حيث عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم بحسب البرنامج.

إذا كان لجوء السوريين في عام 2015 بسبب الحرب وغياب الأمن، يبدو أننا اليوم مقبلون على موجة لجوء مشابهة، ولكن ليس بسبب الحرب إنما بسبب الجوع. قال المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ديفيد بيزلي أثناء زيارته لدمشق: “نحن على وشك حدوث موجة هجرة جماعية أخرى كتلك التي اجتاحت أوروبا عام 2015،  هل هذا هو ما يريده المجتمع الدولي؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فيجب علينا اغتنام هذه الفرصة بشكل عاجل لتجنب الكارثة التي تلوح في الأفق والعمل معاً لتحقيق السلام والاستقرار للشعب السوري.”

عدد اللاجئين السوريين هو الأكبر على مستوى العالم، كما كان الحال خلال العقد الماضي، بحسب تقرير للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، حيث سجل حوالي  6.5 مليون لاجئ سوري في منتصف العام في 130 دولة، وهو أقل بقليل مما كان عليه في نهاية عام 2022، وهذا يعني زيادة أخرى ومعاناة جديدة للسوريين الذين يخاطرون بحياتهم مرة أخرى سعياً لحياة لا يفكرون فيها كيف سيحصلون على وجبتهم التالية.

مساعدات برنامج الأغذية العالمي في سوريا

لم يستعد السوريون عافيتهم الاقتصادية، وقد خسر الكثيرون منهم على مر سنوات الحرب قدرتهم على الزراعة والصناعة، ما زاد الوضع سوء، على سبيل المثال كانت الغوطة الشرقية مركز زراعة الفاكهة والخضراوات، لكنها تعرضت للقصف لأكثر من 5 سنوات، فنزح سكانها ودمرت البنية التحتية فيها، ولم يعد يخرج منها لا طعام ولا ماء.

وفي محاولات لإنعاش المنطقة يدعم برنامج الأغذية العالمي المزارعين والمجتمع المدني من خلال إصلاح بعض قنوات الري، التي دمرت خلال الحرب لمساعدة السكان على الزراعة ليتمكنوا من توفير الغذاء لأنفسهم وأسرهم.

وعلى رغم كل الجهود المبذولة في هذا المجال ومن بينها قيام البرنامج بري ما يقرب من 28 ألف هكتار من الأراضي في جميع أنحاء البلاد، بما يكفي لإطعام 620 ألف شخص، إلا أن السوريين مازالوا بعيدين عن التخلص من شبح الجوع.

تشمل مساعدات برنامج الأغذية العالمي كذلك مساعدات شهرية لما يقرب من سبعة ملايين شخص، بما في ذلك توزيع الحصص الغذائية، والوقاية من سوء التغذية الحاد وعلاجه، والوجبات المدرسية، والتحويلات النقدية، ودعم سبل العيش والقدرة على الصمود وشبكات الأمان الاجتماعي.

يبدو قرار برنامج الأغذية العالمي بوقف المساعدات الغذائية في سوريا ابتداء من كانون الثاني يناير 2024 في سوريا، صفعة لملايين السوريين الذين يعتمدون بشكل كامل على هذه المساعدات، أكثر من 5 ملايين سوري  قد يحرمون من الطعام مطلع العام القادم، ما يعني مجاعة تهدد آلاف العائلات على امتداد البلاد.

جلبير الأشقر - كاتب وأكاديمي لبناني | 06.05.2024

بحجة “اللاساميّة” تترافق إبادة شعب فلسطين مع محاولة إبادة قضيّته 

ظهور حركة جماهيرية متعاطفة مع القضية الفلسطينية في الغرب، لا سيما في عقر دار القوة العظمى التي لولاها لما كانت الدولة الصهيونية قادرة على خوض حرب الإبادة الراهنة، يشكّل تطوراً مقلقاً للغاية في نظر اللوبي المؤيد لإسرائيل.