fbpx

روبي… “الوعد باللذّة” يربك نقابة الفنانين في مصر

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لاقت شهرة روبي هجوماً من دعاة إسلاميين وصحافيين اتهموها بـ”نقل الكباريه إلى بيوتنا” و”تطبيع الرقص والإثارة”. لتكون تلك المرة الأولى التي توضع فيها روبي في قفص الاتهام، ولكنها لن تكون الأخيرة. لأنها ستعود بغيرها من الأغنيات التي “تخدش الحياء العام” و”تهدد قيم الأسرة المصرية” بعد موجة من توبة الفنانات ودعوات لنشر الحجاب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

شكَلت المغنية المصرية المعروفة روبي، في الواقعين المصري والعربي، حالة فنية فريدة، إذ بزغت بدايةً في ظل إطباق الواقع المتزمّت في مصر والمنطقة على جسد المرأة، ذاك الذي تتحكم به التحديقة الذكوريّة وسلطة المال بشكل عام، سواء في السينما أو الفيديو كليب.

حالياً، وجد جسد المرأة مساحة جديدة من الحريّة واستعراض الذات وفّرتها تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، ثم ما لبثت السلطات، خصوصاً في مصر، أن شنت عليها حرباً تحت مسمى “التعدي على قيم المجتمع” انتهت بسجن “فتيات التيك توك” لعامين.

بين هذين الموقفين، تظهر روبي في رهان جديد ضمن أغنية “3 ساعات متواصلة”، التي أثارت جدلاً واسعاً في مصر، واتُّهمت بـ”تضمّنها إيحاءات جنسيّة”، خصوصاً اللازمة المتكررة فيها، وهي “أول ساعة هروقك، تاني ساعة هشوقك، ثالث ساعة هدوقك إزاي قلبي بيعشقك”. 

بالطبع، سارعت نقابة الفنانين في مصر الى الاجتماع لـ “تداول الآراء حول الأغنية”، لكن نقيب الفنانين مصطفى كامل الذي تلقى اتصالات عدة من صحافيين وزملاء يحتجون على أغنية روبي، أوضح “عندما فحصت أغنية روبي مع أعضاء المجلس، اكتشفنا أنها تم طرحها قبل نصف ساعة فقط من إرسال تلك الرسائل والاتصالات، هذا يشير إلى تخطيط دقيق لإثارة الجدل ونشر أجندات مزيفة”.

أما التصريح الذي صدر عنه بأن النظر في الأغنية ليس من اختصاص النقابة، وأن”الرقابة على كلمات الأغاني من اختصاص جهاز الرقابة على المصنفات الفنية”، فاتّهم بالمتسرّع، ومحاولة لزجّ اسم النقابة في صراع هدفه الترويج.

من رانيا حسين إلى أيقونة روبي

بداية روبي (عندما كانت ما زالت رانيا حسين ولم تكتسب اسمها الفني بعد) في التمثيل كانت أداءها دوراً صغيراً في فيلم “فيلم ثقافي” الصادر عام 2000، وهو يروي قصة مجموعة شبان عثروا على فيلم إباحي وراحوا يبحثون عن مكان لمشاهدته.

كما حازت على دور في فيلم “سكوت ح نصور” سنة 2001 للمخرج يوسف شاهين، الذي أطلق عليها إسم روبي. وتابعت العمل في فيلم “7 ورقات كوتشينه” عام 2004،  لكن “الفضيحة” كانت مع أغنية “ليه بيداري كدا” عام 2004 التي أطلقت نجوميّة روبي، لكنها جعلتها في الوقت ذاته تصنّف كـ”مغنية هابطة” توظف جسدها. الصفة ذاتها لاحقت في العام نفسه المؤدية “مروى” وأغنيتها ” أما نعيمة”. ويمكن أن تصنف مغنيات تلك المرحلة بأنها نتاج فضائيات الأغاني كـ”مزيكا” و”ميلودي” اللتين تأسستا عام 2003 واشتهرتا بتقديم محتوى جريء لناحية الأغاني المصورة.

في إحدى المقابلات، يقول المخرج يوسف شاهين إنه سمع صوتاً في مكان تصوير فيلم “7 ورقات كوتشينه” ليكتشف أن روبي كانت تغني وترقص. يضيف، “لم أكن أنظر إليها بل إلى عيون الناس. وجدت أن بها نظرة مختلفة”، يكمل شاهين. حينها، قرر أن يجعل من روبي مغنية، وهنا تجلٍّ واضح للتحديقة الذكوريّة، العيون ترى ولا تسمع، وهذا بالضبط ما جعل روبي تعمد لاحقاً إلى “إعادة إنتاج شخصيتها الفنيّة”.

الوعد باللّذّة

الجدل حول كلمات أغنية روبي التي ألّفها عزيز الشافعي غير مستغرب، بلاغة التلويح بالممارسة الجنسية وتنويعاتها ليست جديدة على أغنية البوب، لكن هذه المرة، اقتربت روبي من الوصف المباشر واللعب على حدود البلاغة والمخيّلة، إذ تعد روبي الحبيب بلقاء طويل، ينعزلان فيه عن البشر الذين يتطفلون على حياة العاشقين، دعوة لكون المحبوب شريكاً في العزلة التي يكسر وحشتها الحبيب، في استراحة من الزمن اليومي، زمن العمل، والشوق، والأهم، زمن السلطة المتطفّلة على الأجساد.

تدعو روبي الحبيب الى الانفصال عن العالم لثلاث ساعات متواصلة، خلال ساعات الليل، لاشتياقها لنور وجهه “القمر”، الذي سينير في العزلة المظلمة المكان،  قبل أن تدعوه الى التحرر من “الهموم الضيّقة”، ليبدأ بعدها إيقاع اللذة المقسّم إلى ثلاث حركات على مدى ثلاث ساعات، هدوء الساعة الأولى وتشويق الساعة الثانية وتذوق الحب في الساعة الثالثة، مجاز مشابه لـ”دوق معايا الحب” لأم كلثوم، حيث الذوق هنا مجازيّ على الغالب. 

جرأة روبي لا تظهر فقط بالغزل الذي  دام لسنوات حكراً على الرجال في عالم الفنون، بل أيضاً بتجرؤها على طلب الوصال من الحبيب في خلوة ليلية، لم تخفها بل قالتها بوضوح. والمفارقة، أن روبي تفعل ذلك كله بينما تعبر عن خجلها بجملة “بس مكسوفة”، قبل أن تتدارك الأمر وتبرر جرأتها باللهفة للقاء الحبيب، فهل الخجل هنا من الطلب أو اللقاء؟

سلطة المال والفيديو كليب

تزامن ظهور روبي في أواخر التسعينات مع تغيرات على الصعيد الفني، إذ بدأ الفيديو كليب يأخذ حيزاً أكبر على الشاشة، كي تصبح الأغنية ذات مكون بصري يضاف إلى المكون السمعي، فظهرت نانسي عجرم في أخاصمك آه (2003) وألين خلف في لا لي ليه (2003).

 جسد المرأة كان السلعة المفضّلة لأعين جمهور الفضائيات، في هذا السياق ظهرت روبي  في أغنيتها الأولى “إنت عارف ليه” (التي أطلقت سنة 2003)، تتثنى ببدلة رقص مصرية في شوارع أوروبا. وكانت الفنانة المصرية الوحيدة من موجة الفنانات اللواتي نلن شهرتهن من خلال الفيديوات المصوّرة، لتأتي بعدها “ليه بيداري كده”، وتصنف روبي مع نانا ونجلا وماريا وغيرهن.

لم تكن روبي وليدة مسابقات الغناء، واستديوات الفنّ، والأكاديميات الفنيّة، بل الفضائيات ورأس المال،  وتحولت إلى أيقونة “فرعونيّة” وراقصة شرقيّة وغيرها من التنويعات التي تراها بكاملها على جسدها فقط.  وإن كانت الآه التي تطلقها أم كلثوم تثير الغرائز من وراء “عظمة” وزي شديد الرسميّة حسب بعض القراءات لتراثها، الآه المقطعة والسريعة لروبي تتماشى مع إيقاع العصر وتسارعه، وتدفق هرموناته. على رغم ذلك، شهرة روبي لم تتوقف، وتزامنت مع ضغط هرمونات ذكورية. إذ تكفي ملاحظة عدد المقالات المكتوبة عنها من الرجال وتلك التي كتبتها نساء.

أثر روبي… “هدم للقيم الإسلاميّة”

لاقت شهرة روبي هجوماً من دعاة إسلاميين وصحافيين اتهموها بـ”نقل الكباريه إلى بيوتنا” و”تطبيع الرقص والإثارة”. لتكون تلك المرة الأولى التي توضع فيها روبي في قفص الاتهام، ولكنها لن تكون الأخيرة. لأنها ستعود بغيرها من الأغنيات التي “تخدش الحياء العام” و”تهدد قيم الأسرة المصرية” بعد موجة من توبة الفنانات ودعوات لنشر الحجاب.

لم تهاجَم روبي وحدها. بل هوجمت فنانات عدة من اللواتي نلن شهرة على الشاشة المصرية كهيفاء وهبي ونانسي عجرم. كما هوجمت الفضائيات التي باتت تذيع أغانيها على مدار الساعة، باعتبار أنها “أكبر خطر يهدد الأمة”. 

سنة 2004، رفع المحامي نبيه الوحش دعوى ضد نقيب الفنانين في مصر آنذاك حسن أبو السعود.

اشتهر الوحش بدعاويه ضد فنانات وممثلات وشخصيات عامة رافعاً شعار الأخلاق بمفهومها الذكوري لترويض من يستهدفهم. لكن في حالة قضية روبي، لم تفلح الدعوى بنزع عضوية روبي من نقابة الفنانين المصريين. وسنة 2007، بعد محاولات الوحش الحثيثة، أصدرت هيئة مفوضي الدولة في محكمة القضاء الإداري قراراً بإلزام أبو السعود بشطب عضوية روبي من النقابة. 

تهمة خدش الحياء العام لا تطاول “المؤدّين” فقط

بعد كل اتهام يوجَّه الى روبي أو غيرها ممن يقدمن هذا النوع من الفن، تهاجَم بوصفها “مؤدية وليست فنانة”. وهو ما قاله الدكتور محمد عبدالله، المتحدث باسم نقابة المهن الموسيقية الذي قارن بين روبي وأم كلثوم، ذاكراً أن الأخيرة “حينما كانت تغني في زمانها كانت تتحدث بشكل ما تجعل المستمع ينتقل لمكان ما بالرقي التي تتحدث به السيدة الراحلة أم كلثوم، ولكن نفس الكلام إذا قيل لمطربة أخرى ترقص سيتم نقل الحديث أو التفكير لمكان آخر”.

 يأتي لفظ “مؤدية” انتقاصاً لنوع الفن الذي تقدمه روبي. وغالباً ما تقارن مع أسماء عظيمة في عالم الفن مثل أم كلثوم وغيرها من أسماء “الزمن الجميل” المبتدع، خصوصاً أن كلمة أداء تحمل نوعاً من “الاستعراض”. 

يشرح الصحافي والممثل المسرحي زياد عيتاني أن “الفنانين سابقاً نشروا أغانيَ من النوع الذي يُعتبر خادشاً للحياء العام. السيد درويش غنى مدحاً بالكوكايين في أغنيته التحفجية. كما غنى محمد عبدالوهاب الدنيا سيغارة وكاس. ومنيرة المهدية غنت بعد العشاء يحلى الهزار والفرفشة. لكن أحدا ًمنهم لم يعتذر ولم يغير كلمات الأغنية”. 

لكن لتلك القاعدة استثناءات، يكمل عيتاني أن “أم كلثوم غنت الخلاعة والدلاعة مذهبي قبل أن تسحب الأسطوانة من السوق وتدفع تعويضاً لشركة الإنتاج. ليعيد أحمد رامي نشر الأغنية بتعديل على الكلمات لتصبح الخفافة واللطافة مذهبي. كما غيرت كلمات أغنية أمل حياتي من كفاية أصحى على شفايفك إلى كفاية أصحى على ابتسامتك”. 

يضيف عيتاني أن “أم كلثوم شغلت منصب نقيبة الفنانين، لكن دورها اقتصر على تأسيس النقابة وتنظيمها. ولم تكن نقيبة ناجحة لانشغالها بأعمالها الفنية. لكنها لم تمارس أبداً دوراً رقابياً”.

ما يتجاهله عبدالله والذين يتبنون خطابه، هو أن “خدش الحياء العام” تهمة طاولت أسماء كبيرة أحدثت ثورة فنية في عالم الموسيقى، منها أم كلثوم حين غنت في “ألف ليلة وليلة” كوبليه صارخاً بجنسانيته “يا حبيبي إيه أجمل من الليل واتنين زينا عاشقين؟”. وفريد الأطرش حين غنى في أغنية “ما اتحرمش العمر منك” كوبليه “فرجيني… قربي يا عيون يا حلوة فرجيني”. وكوبليه غنته نجاة الصغيرة بأغنية من كتابة نزار قباني تقول فيها “لا تنتقد خجلي الشديد فأنا بسيطة جداً وأنت خبير”. لنكون اليوم أمام تراث موسيقي عظيم خدش الحياء بل وصل إلى حد الإطاحة به لولا تشدّد نقابات الفنانين عبر الزمن. 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.