fbpx

تأنّسنا بضحكاتهم.. قبل أن تستهدفهم مسيّرة إسرائيليّة!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تجاوزت الساعة الثانية فجراً وما زال الاقتحام متواصلاً. وعندما قررت سائدة الذهاب لأخذ قسط من الراحة، دوّى انفجار ضخم في المكان وتكسرت شبابيك منزلها، وعندما استوعبت ما جرى خرجت مسرعة لتفقّد أولادها، لتجد ابنها البكر سيف مصاباً على درج المنزل، إضافة الى عدد آخر من المصابين في الشارع.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“كنّا نتونّس بضحكاتهم خلال ساعات الاقتحام الطويلة”، هذا ما قاله الجيران لسائدة فحماوي، والدة فارس الذي قُتل مع خمسة آخرين في قصف إسرائيلي من طائرة مسيّرة استهدفتهم خلال وجودهم أمام منازلهم في حارة المحجر بمخيم نور شمس شرق طولكرم.

سائدة أم لثلاثة صبيان وبنت، تقول في حديث لـ “درج”، إن فارس هو الثالث في ترتيب أولادها، وكان يعمل في مقهى صغير بالمخيم. وبسبب طبيعة عمله، كان عادةً يعود متأخراً إلى البيت. وعندما تواردت أخبار عن دفع الجيش الإسرائيلي تعزيزات الى المخيم، عاد إلى المنزل.

تسكن عائلة فحماوي في حارة المحجر، ويقع منزلها بعيداً من الشارع الرئيسي، حيث يتجمع شبان الحي ويسهرون أمام المنزل، وعندما ينفّذ الاحتلال اقتحاماً لطولكرم لا يتمكّن أحد من النوم.

اجتمع الشبان وبدأوا بالمراقبة والترقب؛ لم تكن قوات الاحتلال قريبة من مكان وجودهم، لكنّ طائرة “زنانة” كانت تحلق على علو منخفض، فحاولت سائدة تحذير ابنيها سيف وفارس وبقية الشبان قائلة: “طلّيت من الشباك وقلت لهم أن يحذروا الزنانة، قال فارس لا تقلقي شو بدهم فينا”. لتردّ: “ما تأمنوا يمّا هدول غدّارين”.

تجاوزت الساعة الثانية فجراً وما زال الاقتحام متواصلاً. وعندما قررت سائدة الذهاب لأخذ قسط من الراحة، دوّى انفجار ضخم في المكان وتكسرت شبابيك منزلها، وعندما استوعبت ما جرى خرجت مسرعة لتفقّد أولادها، لتجد ابنها البكر سيف مصاباً على درج المنزل، إضافة الى عدد آخر من المصابين في الشارع. تأكدت أن سيف على قيد الحياة وطلبت له المساعدة ثم ذهبت للبحث عن فارس، لتجد أن القصف ألقى بجسده بعيداً، فقُتل مع ابن خالته أحمد وأربعة آخرين.

بعدها، أعلن مستشفى “الشهيد ثابت ثابت الحكومي” في المدينة، عن وصول 6 قتلى وعدد من الجرحى، جراء قصفهم من مسيرة إسرائيلية، وذلك بعد مرور ساعة أعاق الاحتلال خلالها وصول مركبات الإسعاف التي تنقل المصابين الى المستشفى. فيما قال الهلال الأحمر إنه بعد 65 دقيقة من الاحتجاز، أفرجت قوات الاحتلال عن مركبة إسعاف تحمل ثلاث إصابات خطيرة من مخيم نور شمس في طولكرم، ليرتفع عدد الإصابات الى أربع.

نقيب الأطباء في طولكرم رضوان بليبلة، لفت الى أن جندياً من جيش الاحتلال طعن أحد المصابين داخل مركبة الإسعاف، مشيراً إلى إصابات أخرى تم الاعتداء عليها بالضرب بأعقاب البنادق والركلات واللكمات والتهديد بالقتل من الجنود، وعدم السماح لهم بالوصول الىى المستشفى.

حياة معطّلة

نهاية الجندي، عضوة اللجنة الشعبية في مخيم نور شمس، تقول في حديثها لـ” درج”، إن المخيم يعيش حالة مرعبة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، نتيجة اقتحامات متكررة وتخريب للبيوت وتنكيل بساكنيها وتدمير الشوارع الداخلية بشكل كامل، مضيفة: “لا يوجد شارع مُعبّد في نور شمس، وفي كل اقتحام إسرائيلي تُجرّف الشوارع مجدداً ونعاود محاولة ترميم الخراب، شبكات الصرف الصحي تدمرت أيضاً، ونفقد الاتصال بالإنترنت بشكل متكرر، وحتى المياه تُقطع لفترات طويلة قد تصل الى أسبوع أو أكثر عن المخيم”.

تشير الجندي إلى أن بعض العائلات المقيمة في مخيم نور شمس الذي يصل عدد سكّانه اليوم إلى 14 ألف نسمة، وهو المخيم الثاني في مدينة طولكرم، اضطرت لمغادرته والبحث عن أماكن أكثر أمناً وبعيدة من الاستهداف. وتتابع: “في الاقتحام الأخير للمخيم، لم يسلم منزل واحد من المداهمة، أحرقوا بيوتاً وشرّدوا ساكنيها، لكن بمساعدة الجمعيات والمؤسسات استطعنا أن نجد لهم مساكن مؤقتة”، مضيفةً أن بعض المواطنين يذهبون إلى منازل أقاربهم خارج المخيم للنوم فيها ليلاً والعودة من ثم في الصباح”.

أما عماد أبو دغيش، وهو صاحب محل تجاري في مخيم نور شمس، فيقول في حديث لـ “درج”، إنه اضطر لإغلاق محله التجاري وتركه، وهو الآن عاطل من العمل بعد تدمير قوات الاحتلال الإسرائيلي محلّه مرتين منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة؛ في المرّة الأولى، دُمر المحل وفجّر الجيش الإسرائيلي واجهته بشكل كامل. أعاد أبو دغيش بناءه من جديد في عملية استغرقت نحو شهرين، وتكبّد خسائر وصلت إلى 100 شيكل. أما عندما دمره الاحتلال للمرّة الثانية، قرر أبو دغيش ترك متجره على حاله، كونه لا يستطيع تحمّل تكلفة إعادة إصلاحه من دون ضمانات بعدم تكرار ما حصل في المرتين السابقتين.

هذا ودمرّت قوّات الاحتلال الإسرائيلي 37 مبنى  خاصاً بشكل كامل و1010 مبانٍ بشكل جزئي، بالإضافة إلى هدم مبنى النادي وقاعة المنشية وتضرّر 58 منشأة تجارية، فيما بلغت التكلفة التقديرية لأضرار الشوارع 2373500 شيكل.

ويُظهر تقرير لمركز معلومات فلسطين “معطى”، تواصل انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين وجرائمهم في الضفة الغربية. وقد رصد خلال شهر كانون الثاني/ يناير الماضي 5457 انتهاكاً.

ونفّذت قوات الاحتلال خلال الشهر نفسه، عمليات اغتيال عدة عبر قوات خاصة وعبر الطائرات المسيرة في جنين ونابلس وطولكرم، حيث قُتل 7 مواطنين، بينهم 4 أشقاء، في قصف لمسيرة إسرائيلية عند مدخل جنين الجنوبي. 

كما قصفت مسيرتان إسرائيليتان مركبتين في نابلس وطولكرم، مما خلف 9 قتلى وعشرات الجرحى.

مخيم نور شمس

أُقيم مخيم نور شمس عام 1952 وبلغت مساحته عند الإنشاء نحو 226 دونماً، استأجرتها الأونروا من الحكومة الأردنية. وهو يقع شرق مدينة طولكرم ويبعد من مركزها 3كم، على الشارع الرئيسي الواصل بين مدينتي نابلس وطولكرم.

وقبل عام 1952، عاش اللاجئون في خيام في وادي جنين بالقرب من جنزور، إلى أن عملت عاصفة ثلجية على تدمير خيامهم في عام 1950.

بعدها، لجأ السكان إلى المناطق المحيطة بوادي الشاعر، بما في ذلك السجن البريطاني القديم في نور شمس؛ حيث بدأت الأونروا ببناء المساكن في عام 1956.

وسُمي المخيم بهذا الاسم نسبة إلى معتقل نور شمس الذي استخدمه الإنكليز منذ احتلالهم فلسطين عام 1919، لسجن ممن حُكم عليهم بالإعدام أو السجن لمدى الحياة. ومن المرجح أن المعتقل استمدّ تسميته من خلال موقعه المكشوف طوال النهار لأشعة الشمس.

وتعود أصول اللاجئين في المخيم إلى القرى الواقعة حول حيفا، وهي: الكفرين، وقنير، وصبارين، وأم الزينات، واجزم، وعين غزال، وعرعرة، والغبية، وأم الشوف، واللجون، والشقيرات، وأم الفحم.