fbpx

تركيا إذْ تلاعب نفسها الشطرنج

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما بين “المنطقة الآمنة”، وفق الرؤية التركية، و”اتفاقية أضنة” الأمنية الموقعة عام 1998، يكمن عقل سياسي تركي يدير الملف السوري تحت شعار “كل شيء لي”، دون أي اعتبار لوجود أطراف أخرى

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

خلال أقل من شهر، تنقلت الحكومة التركية، أو حكومة حزب العدالة والتنمية، بين مشروعين إقليميين، أحدهما ينفي الآخر، لكن ليس في عقلية أنقرة.

هنا تحتكر الدولة “الأطروحة والأطروحة المضادة”، أو هكذا تعتقد.

ما بين “المنطقة الآمنة”، وفق الرؤية التركية، و”اتفاقية أضنة” الأمنية الموقعة عام 1998، يكمن عقل سياسي تركي يدير الملف السوري تحت شعار “كل شيء لي”، دون أي اعتبار لوجود أطراف أخرى، أو التزامات مغايرة مطلوب من الدولة التركية تطبيقها بين المشروعين. فالمنطقة الآمنة كان المشروع الذي حملت أنقرة لواءه في العام 2013، وحين فشلت عاقبت أوروبا بموجة اللاجئين التي هزت أركان الاتحاد الأوروبي فتوارى المشروع إلى أن أطلق ترامب تغريدته عن “المنطقة الآمنة” وتلقفته تركيا بحماس شديد دون أن يكون في الأفق ما يشير إلى إمكانية تنفيذ المشروع لحساب الأجندة التركية الخاصة بالقضية الكردية.

وبما أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وفريقه السياسي – الأقل اقتداراً من ذاك الذي كان يقوده رئيس الوزراء السابق، أحمد داوود أوغلو- يلعب الشطرنج مع نفسه، فإنه انتقل إلى الطرف الآخر من الرقعة، وحرّك خطة “اتفاقية أضنة”، وهي اتفاقية حاول الجانب السوري التنصل منها في بدايات تسلم الرئيس بشار الأسد الحكم، فقد مارس ضغوطاً على حزب العمال الكردستاني لدفع الأخير إلى استئناف العمل العسكري والتخلي عن الهدنة مع الجيش التركي، وحين رفض الحزب ذلك شنت أجهزة الأمن السورية حملة اعتقالات طالت العديد من الكوادر وقامت بتسليمهم لتركيا.

الفترة الذهبية في العلاقات التركية السورية، في ظل حكم حزب العدالة والتنمية (بين عامي 2002 – 20011) ليست على صلة بتطبيق اتفاقية أضنة، إنما بالاستثمار الاقتصادي المشترك لمدينة حلب شمال سوريا.

حين تم التوقيع على الاتفاقية، كانت الدولة السورية تحت ضغوط تركية وعربية كبيرة لتجنب حرب كانت تلوح في الأفق. بالتالي، كانت كافة البنود في ذلك الحين متعلقة بشكل موضوعي بالجانب السوري، على اعتبار أنه الطرف الذي يشارك في تهديد أمن تركيا.

اليوم، كافة بنود الاتفاقية تشير إلى تركيا. فهي تحتل مناطق واسعة شمال وغرب حلب، وتقوم الفصائل التي تمولها أنقرة برفع العلم التركي على المؤسسات المستحدثة. وفي عفرين، يتم استعمار هذه المنطقة على طريقة الموجة الاستعمارية الأوروبية لإفريقيا بغرض الاستيلاء على مواردها وموادها الأولية. وتتربع جبهة النصرة على إدلب وغرب حلب، وهو تنظيم جار لتركيا منذ سنوات.

حاولت تركيا على مدى سنوات إبقاء “الصندوق الأسود” للتنظيمات الجهادية، مغلقاً. غير أن الأمر لم يعد سراً، وما يحتويه “الصندوق الأسود” تفاصيل للمكشوف عنه. من بينها ما يتعلق بتلقي “جبهة النصرة” شحنات سلاح مباشرة من المخابرات الوطنية التركية، وتعرف اختصاراً بـ(مِيت). وهذا الجهاز الأمني ساند جبهة النصرة في الحرب الأهلية الجهادية مع تنظيم داعش منذ اليوم الأول من عام 2014، بينما كان تنظيم داعش مسنوداً من المخابرات العسكرية التي تعرف اختصاراً بـ”جيتم”.

ما نشرته صحيفة “جمهوريت” التركية عن شحنة السلاح التي كانت متوجهة إلى سوريا وكشفتها الشرطة العسكرية، وحوكم ولوحق – وما يزال- بسببها عدد من الصحفيين الأتراك، من بينهم جان دوندار، يُعتقد أنه جزء من هذا التنافس بين الجهازين الأمنيين، من دون ان يعني ذلك ان الصحفيين الملاحقين جزء من هذا التنافس.

حين فشل الجناح الجهادي للمخابرات الوطنية (جبهة النصرة) في التغلب على الجناح الجهادي للمخابرات العسكرية (داعش)، تم الاستثمار المشترك في التنظيمين، إلى ان نجا أردوغان من المحاولة الانقلابية في صيف 2016، حيث ضخ حزب العدالة جرعة تطرف إضافية ضد الكرد لدرجة بات الخطر الجهادي المزعوم هامشياً، بل رافداً موضوعياً للحرب التركية على القضية الكردية. وبينما تمت إزاحة “جيتم” عن سوريا، تبنى “جهاز “مِيت” الذي يرأسه هاكان فيدان، عقلية “جيتم” في استكمال خروج تركيا من المعركة العالمية ضد الحركات الجهادية، ثم إعلان الحرب التركية الخاصة على كل ما يمت بصلة للقضية الكردية في سوريا وتركيا والعراق.

لا يمكن الجزم بقراءة البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية السورية حول الاتفاقية بأنه علامة على المساومة السورية على القضية الكردية مقابل اعتراف تركي بالنظام السوري. فالأخير لا يحتاج إلى مساومة من هذا النوع مع دولة باتت مهزومة في سوريا، ويتم استكمال هزيمتها عبر اتفاقيات مرحلية تقودها روسيا وإيران إلى جانب تركيا. فالبيان السوري يتهم تركيا بخرق الاتفاقية على مدى سنوات، وطالبها بالانسحاب من الأراضي التي تحتلها، وهذا قبل أن يكون مطلباً للنظام السوري، مطلب لقوات سوريا الديمقراطية أيضاً. لكن لا توجد ضمانة بأن لا يستخدم النظام السوري الاتفاقية كورقة ضغط قاتلة ضد الكرد وحلفائهم من مكونات شرق الفرات وشمال سوريا، وهي رسالة من المرجح أن قيادة هذه القوات تأخذها على محمل الجد.

 

 إقرأ أيضاً:

منبج التي شطبت وجه ياسر

عن الحب الذي يقتل الأكراد

  

 

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.