fbpx

الولايات المتّحدة أهدرت مليارات الدولارات على الجيوش العربية الفاشلة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في عالمٍ مثالي، سترحل الولايات المتحدة من الشرق الأوسط تاركةً وراءها حلفاء عرب أقوياء، قادرين على الدفاع عن أنفسهم ضد أعدائهم المُشتركين. لكن احتمال حدوث ذلك يبدو بعيداً مثلما كان عندما بدأت الولايات المتحدة في تدريب الجيوش العربية في حقبة الخمسينات

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يمكن أن ينجح التعاون العسكري مع حلفاء الشرق الأوسط، شرط أن تُعيد واشنطن النظر في مواقعها. فقد أمضت الولايات المتحدة 70 عاماً وأنفقت عشرات مليارات الدولارات لتدريب الجيوش العربية – بلا أي مغانم تقريباً مقابل كل ذلك الجهد.

مرةً تلو الأخرى، فشل حلفاء أميركا العرب في الارتقاء إلى مستوى التوقّعات العسكرية. فقد قدّمت القوات المسلحة المصرية المُدربة على أيدي الولايات المتحدة أداءً مزرياً عام 1991 خلال حرب الخليج الثانية (عملية عاصفة الصحراء). لو كان ثمة فارق، فقد كان أداؤها أفضل إلى حد ما خلال حرب أكتوبر عام 1973 تحت وصاية الاتحاد السوفييتي. أما الجيش العراقي الذي دربته الولايات المتحدة أيضاً، فانهار عندما هاجمه متطرفون من تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014. كما سقط الجيش السعودي أرضاً عندما تدخل في اليمن عام 2015، ولا يزال عالقاً هناك على نحو سيئ.

إذا استمرت الولايات المتحدة في التدخل في الشرق الأوسط، ستكون عليها إعادة النظر في طريقة تعاملها مع الجيوش العربية. وينبغي استبدال الأحلام الطموحة بالجيوش المُحدّثة التي تنفذ العمليات، بخطط أكثر واقعية قائمة على مكامن القوة الحقيقية لدى الحلفاء، بدلاً من محاولة تشكيل الجنود بالقوة وبتلك الصورة التي تركتهم مجتمعاتهم وثقافتهم غير جاهزين لها بدرجة كبيرة. وإلا، ستواصل واشنطن إهدار الأموال سدى، وسيستمر حلفاؤها العرب في الفشل.

لا يقتصر الأمر على كونه محرجاً فحسب. لعقود من الزمان، مثّلت التدريبات التي تقدّمها الولايات المتحدة، عنصراً حاسماً في التحالفات التي عقدتها مع الحلفاء في الشرق الأوسط، والتي هدفت إلى البرهنة على التزامها بالحفاظ على أمن تلك الدول، ومنحها القدرة على مساعدة الولايات المتحدة في حماية بلادها. في الأعوام الأخيرة، بدأ الأميركيون في السعي إلى الخروج من الشرق الأوسط بحذر، لكن قلة فقط هي من ترغب في الابتعاد وترك إيران و”حزب الله” والدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة وغيرهم من أعداء الولايات المتحدة، يتولّون زمام الأمور بعد انسحابها. في عالمٍ مثالي، سترحل الولايات المتحدة تاركةً وراءها حلفاء عرب أقوياء، قادرين على الدفاع عن أنفسهم ضد أعدائهم المُشتركين. لكن احتمال حدوث ذلك يبدو بعيداً مثلما كان عندما بدأت الولايات المتحدة في تدريب الجيوش العربية في حقبة الخمسينات.

على الجانب الأميركي، اتسمت الجهود المبذولة لتدريب الجيوش العربية بأنها صادقة، ودؤوبة، ومحكومٌ عليها بالفشل. فقد حاولت القوات الجوية الأميركية لعقودٍ تدريب القوات الجوية المصرية على التحليق بطائرات F-16. إلا أنه لفترة طويلة من القرن الحادي والعشرين، تطلب نمط الهجوم المثالي الذي اتبعته القوات المسلحة المصرية إلى أن تقترب طائرتان في آن واحد من كلا جانبي الهدف في مسار تصادمي. ونتيجة لذلك، وحتى أثناء المناورات التدريبية، تعين على إحدى الطائرتين دائماً أن تحيد في اللحظة الأخيرة عن مسارها لتجنب الاصطدام بالأخرى؛ ما تسبب في ابتعاد القنبلة التي يلقيها الطيار من هدفها.

تُشير العلاقات المدنية – العسكرية المشحونة في العالم العربي إلى شدة خوف كثر من الحكام العرب من الإطاحة بهم من قبل الجنرالات الطموحين، ما دفعهم إلى عرقلة تقدم قواتهم المسلحة عمداً لإبقائهم ضعفاء

ونظراً إلى أن المصريين لا يُسجلون مهماتهم أو يستخلصون المعلومات، ناهيك بنقد أدائهم، إضافة إلى أنه لا يوجد على مستوى العمليات من يرغب في محاولة إثارة المشكلات في ظل هدوء الوضع من خلال الإشارة إلى أن أساليبهم انتحارية وأن تدريباتهم مزيفة، صارت هذه الممارسات مقوّمات راسخة في القوات الجوية المصرية، ومن جانبهم أبلغ طيارو الولايات المتحدة عن فشلهم الدائم في محاولتهم إقناع القوات الجوية المصرية بأن نهجهم المتبع ليس خاطئاً فحسب، بل ربما يكون قاتلاً أيضاً. أخبرني طيار أميركي تدرب مع القوات الجوية المصرية أنه من الأفضل على الأرجح أن المصريين لا يستخدمون ذخيرة حيّة أثناء التدريبات، وإلا لكانوا خسروا الكثير من طائراتهم وطياريهم جرّاء تلك المناورات السخيفة والممارسات التدريبية الفاسدة.

كان الطيارون المصريون وخبراء المناورات المشتركون في استحداث تلك الممارسات العبثية، أسرى لسلسلة مشكلات لطالما طاردت الجيوش العربية التي نشأت من المجتمع العربي المعاصر.

تُشير العلاقات المدنية – العسكرية المشحونة في العالم العربي إلى شدة خوف كثر من الحكام العرب من الإطاحة بهم من قبل الجنرالات الطموحين، ما دفعهم إلى عرقلة تقدم قواتهم المسلحة عمداً لإبقائهم ضعفاء. وكلما حدث ذلك، أدى إلى ضعف استراتيجي في القيادة والاتصالات، وفي بعض الأحيان في الروح المعنوية ووحدة التماسك.

لم يتطور العالم العربي تطوراً حقيقياً من قبل، وهذا التخلف الإنمائي النسبي يعني أن كثيرين من العرب شرعوا في تشكيل الجيوش من دون فهمٍ كبيرٍ للآليات الحديثة. ونتيجة لذلك، كثيراً ما يخفق الجنود العرب في استغلال الإمكانات المتوفرة في أسلحتهم بشكل كامل، وفشلوا دائماً في صيانتها بشكل صحيح، ما أدى إلى أن الأعداد الحقيقية للدبابات والطائرات وقطع المدفعية التي يمكن استخدامها في ميادين القتال، كانت دائماً أقل بكثير مما اشتروه.

بيد أن العامل الأكثر أهمية هو أن ممارسات العرب التعليمية الثقافية دفعت كثراً من عناصرهم في المستويات الأدنى من أي تسلسلٍ هرمي إلى البقاء في سلبية والتلاعب بالمعلومات لتجنب اللوم. أما في المعارك الحديثة، فالفارق بين تحقيق النصر وتكبد الهزيمة، يُعزى عادةً إلى الضباط الصغار الذين يتسمون بالجرأة والقدرة على الابتكار عند الاستجابة للظروف غير المتوقعة واستغلال فرص الهرب، وأثبتت تلك التوجهات فداحتها مراراً وتكراراً.

تشهد أجيالٌ من العسكريين الأميركيين الذين ذهبوا إلى الشرق الأوسط لتعليم جيش عربي أو آخر كيفية القتال مثل القوات المسلحة الأميركية، على تعنت تلك المشكلات. وقد تعرضت شخصياً لمثل هذا الإحباط مرةً تلو الأخرى، خلال التدريبات التي امتدت من دلتا النيل إلى وديان أنهار بلاد الرافدين. ولأن المشكلات التي يُفترض أنهم حاولوا حلها نشأت من هذه العوامل المجتمعية، فقد كنت دائماً أسمع الشكاوى ذاتها، من بلد إلى آخر ومن عقد إلى آخر.

كينيث إم بولاك

هذا المقال مترجم عن موقع Foreign Policy ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي

إقرأ أيضاً:
كيف ارتكبت الولايات المتّحدة جرائم حرب في سوريا؟

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.