fbpx

دلالات تصويت دول البلقان حول القدس: انقسام له تفاعلاته المحلية والدولية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

رغم مرور أيام على التصويت المدوي في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 ديسمبر/ كانون الأول، على القرار المقدّم من اليمن (باسم المجموعة العربية) وتركيا (باسم منظمة التعاون الاسلامي) حول القدس ، إلا أن تصويت دول البلقان (بلغاريا ومقدونيا وصربيا وكرواتيا والجبل الأسود وألبانيا) على هذا القرار كان ملفتاً للنظر، سواء باختلاف التصويت من دولة إلى أخرى، أو بتفاعلاته المحلية والدولية التي لا تزال حاضرة .

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

رغم مرور أيام على التصويت المدوي في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 ديسمبر/ كانون الأول، على القرار المقدّم من اليمن (باسم المجموعة العربية) وتركيا (باسم منظمة التعاون الاسلامي) حول القدس ، إلا أن تصويت دول البلقان (بلغاريا ومقدونيا وصربيا وكرواتيا والجبل الأسود وألبانيا) على هذا القرار كان ملفتاً للنظر، سواء باختلاف التصويت من دولة إلى أخرى، أو بتفاعلاته المحلية والدولية التي لا تزال حاضرة .
صحيح أن تصريح ممثلة الولايات المتحدة نيكي هيلي، عشية التصويت، بأنها سترفع للرئيس دونالد ترامب أسماء الدول المعارضة لقراره الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل كان له صداه، باعتباره يهدّد تلك الدول بقطع المساعدات الأمريكية عنها، إلا أن التصريح الآخر لهيلي والخاص بالبلقان كان مفاجئاً. فقد اعترفت هيلي، التي تعود بأصولها إلى السكان الأصليين للولايات المتحدة من الهنود الحمر، لأول مرة بأن زوجها من أصل ألباني، وهي بذلك كانت توجه رسالة إلى الألبان الذي ينتشرون في عدة دول ذات سياسة مؤيدة للولايات المتحدة (ألبانيا وكوسوفو ومقدونيا ). ومع ذلك فقد جاء التصويت ليعكس علاقات هذه الدول مع المحاور والتجمعات الإقليمية الدولية  والعلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة بطبيعة الحال .
في هذا السياق كانت “جمهورية مقدونيا”، المسجلة في شاشة التصويت باسم “فيروم” FYROM وهو اختصار “جمهورية مقدونيا اليوغسلافية السابقة”، الوحيدة التي تغيّبت عن جلسة التصويت لتتجنّب الحرج والضغوط من تركيا وإسرائيل . فمع النفوذ المتزايد لتركيا الأردوغانية في هذه الدولة التي يشكل المسلمون 40% من سكانها، تحظى إسرائيل بنفوذ لدى لدى الطرف الآخر، أي السلاف الأرثوذكس، حتى أن رئيس الوزراء الجديد زوران زائيف، قام بأول زيارة خارج البلقان إلى إسرائيل في مطلع ايلول/ سبتمبر الماضي لتوطيد التعاون بين الدولتين .
في حالة بلغاريا، التي تعتبر مقدونيا جزءاً من كيانها القومي التاريخي ، كان تصويتها بتأييد القرار حول القدس يعكس استعدادها لتولى الرئاسة الدورية للإتحاد الأوربي في 1/1/2018 الذي كان في غالبيته مع هذا الموقف . ولكن المثير كان موقف كرواتيا، التي كانت آخر دولة من يوغسلافيا السابقة التي قطعت علاقتها الدبلوماسية مع اسرائيل في 1967، انضمت إلى الاتحاد الأوروبي  في 2013، حيث امتنعت عن التصويت . ويعود هذا الموقف الوسطي إلى محاولة التوفيق بين الموقف العام للإتحاد الأوروبي، وعلاقتها الشائكة مع إسرائيل . فقد صاحب قيام “دولة كرواتيا المستقلة” 1941-1945 برعاية ألمانيا النازية  حملة منظمة لترحيل اليهود من كرواتيا إلى ألمانيا النازية، وتدمير كنسهم حتى أنه لم يبق من يهود كرواتيا في 1945 سوى 20% من عددهم السابق في 1945 ، وهو ما جعل اسرائيل تضغط على كرواتيا باستمرار بعد استقلالها في 1991، للمطالبة بالاعتذار أولا ثم التعويض على اليهود الذين قتلوا وصودرت ممتلكاتهم .
ومع أن اليهود لوحقوا في صربيا أيضا خلال الاحتلال الألماني 1941-1944، إلا أن صربيا صوتت مع تأييد مشروع القرار اليمني- التركي بحكم علاقاتها التاريخية مع روسيا، وعلاقتها  المتنامية مع تركيا في السنة الأخيرة، التي توجت بزيارة أردوغان والتوقيع على اتفاقيات كثيرة للتعاون والاستثمار التركي في صربيا، في تشرين الأول/ اكتوبر الماضي . إلا أن بلغراد حاولت في الوقت نفسه إرضاء إسرائيل، فأوفدت بعد يومين وزير البحث العلمي نيناد بوبوفيتش في زيارة إلى اسرائيل ، حيث توجه إلى القدس لزيارة متحف الهولوكست “ياد فاشيم”، وصرح هناك، “صحيح أن الشعبين الصربي واليهودي متباعدين جغرافيا ولكنها قريبين من بعضهما بحكم تعرضهما للاضطهاد والقيم المشتركة لهما” (جريدة “دانساس” 24/12/2017) .
وربما بدا من الغريب تصويت البوسنة ، التي اقترنت في مخيلة العالم العربي الإسلامي بصورة نمطية ، حيث آثرت الامتناع عن التصويت . أما السبب في ذلك فتفسيره بسيط، فالقرارات السيادية في البوسنة تتخذها الرئاسة الجماعية، المكونة من عضو صربي وعضو كرواتي وعضو بشناقي/ مسلم. لذلك كان بكر عزت بيغوفيتش الوحيد الذي طالب بالتصويت لمشروع القرار اليمني- التركي ، بينما رفض ذلك العضو الكرواتي انسجاماً مع موقف كرواتيا والعضو الصربي الذي يمثل جمهورية الصرب في البوسنة ( 49% من مساحة الدولة) التي تنفرد بعلاقة وثيقة مع اسرائيل . ويُسجّل لسراييفو أنها العاصمة البلقانية الوحيدة التي قامت فيها مظاهرة (ولو متواضعة) تأييداً للقدس .
أما أغرب حالة فقد تمثلت في ألبانيا، وتجدر الإشارة هنا إلى أنه نتيجة للانتخابات الأخيرة في حزيران/ يونيو الماضي فقد فاز الحزب الاشتراكي (وريث الحزب الشيوعي) بغالبية كبيرة مكّنته من تشكيل الحكومة لوحده، في سابقة هي الوحيدة منذ هزيمة الحزب الشيوعي في أول انتخابات ديموقراطية في 1992 ، بينما تحول للمعارضة منافسه “الحركة الاشتراكية للاندماج” التي أسّسها إلير ميتا الرئيس الحالي للدولة ، الذي يتمتع بصلاحيات محدودة في دولة ذات نظام حكم برلماني . فقد صوّتت ألبانيا لصالح القرار، نتيجة لإرث ألبانيا في الأمم المتحدة من قرارات سابقة، تتعلق بالقضية الفلسطينية ونتيجة لعلاقاتها الوثيقة مع تركيا الأردوغانية في السنوات الأخيرة .
ولكن ما كان مفاجئا هنا الحملة العنيفة التي شنتها المعارضة ضد هذا القرار، حتى وصل الأمر برئيس الجمهورية إلير ميتا، إلى التعبير عن انزعاجه من هذا التصويت ( الذي تمّ دون أي تنسيق معه)، وحتى إرسال كتاب إلى الرئيس الأمريكي ترامب يعبّر فيه عن الاعتذار من “تصويت الحكومة” الذي لا يمثل “سياسة الدولة” !
وفي موازة ذلك شُنت حملة صحافية عنيفة ضد قرار الحكومة بالتصويت لصالح القدس ، حيث اعتبرت هذه الحملة أن ذلك يناقض مع امتنان الألبان للدور التاريخي للولايات المتحدة في التحول الديموقراطي لألبانيا في 1990-1992، وفي قصف صربيا عام 1999 لإرغامها على سحب قواتها من كوسوفو ، مما سمح لاحقا باستقلال دولة ألبانية ثانية هناك في 2008 . وقد زادت الحملة ضد الحكومة عندما أصدرت وزارة الخارجية الألبانية بيانا يوضح المبررات ويربطها بجملة من القرارات التي صوتت لأجلها ألبانيا منذ 1968 (أي في عهد النظام الشيوعي) ، حيث أصبحت الحملة تأخذ الآن طابعا ايديولوجياً باعتبار أن من قاموا بالتصويت لأجل القدس هم أبناء المسؤولين الشيوعيين السابقين !
ولكن الأغرب من ذلك كان موقف كوسوفو المجاورة . فمع أن كوسوفو اعترفت باستقلالها منذ 2008 أكثر من 110 دول (الرقم الصحيح مثار خلاف)، إلا أنها لم تحظ بالانضمام إلى الأمم المتحدة بسبب الفيتو الروسي . ومع ذلك فقد شاركت بشكل ما في التصويت من خلال موقف كبار المسؤولين . ومن المعروف هنا أن كوسوفو تسبق اسرائيل بكونها تضم أكبر نسبة تأييد للولايات المتحدة ، ومن هنا فقد انتقد الرئيس الكوسوفي هاشم ثاتشي تصويت ألبانيا “ضد الولايات المتحدة”، وقال إنه لو كانت كوسوفو عضوة في الأمم المتحدة لكانت الدولة الأولى التي تصوت ضد القرار لصالح الولايات المتحدة، ولو بقيت في ذلك الدولة الوحيدة (جريدة “اكسبرس” 21/12/2017 )..[video_player link=””][/video_player]

كريم شفيق - صحفي مصري | 26.04.2024

حملة “نور”: حرب “آيات الله” الجديدة على أجساد النساء

تتزامن الحرب على أجساد النساء مع إخفاقات سياسية عدة، محلية وإقليمية، لـ"آيات الله"، بداية من تأثيرات المعارضة السياسية على الانتخابات البرلمانية، والتي شهدت انحساراً شديداً، وتراجعاً لافتاً في مستوى إقبال الناخبين وتدنّي نسب المشاركة. فضلاً عن الهجوم المحدود والاستعراضي للرد الإيراني على اعتداءات إسرائيل على القنصلية، والهجوم الذي طاول قياداتها بين سوريا ولبنان.