fbpx

نينوى في الواجهة من جديد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تعديات فلول “داعش” أخذت بالزيادة في المناطق المفتوحة من جنوب نينوى وغربها. يختفي فلول تنظيم “داعش” عند نشاط الحملات العسكرية المكلفة اقتصادياً من القرى والصحارى والجبال ليظهر في أماكن أخرى. وأشارت تقارير لهذه المنطقة إلى تقدم فلول تنظيم “داعش” بخطوتين على القوات الأمنية في حملاتها

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تمكن مجلس الوزراء العراقي بعد حادثة غرق عبارة الموصل، من تجميد أيدي محافظ نينوى ونائبيه ورفعها، إلى حين اكتمال التحقيقات وفي الوقت نفسه خول مجلساً مصغراً لشغل منصب المحافظ بكامل الصلاحيات، لاحتواء قوة هذه الصدمة وإضعاف قوة الغضب الشعبي الموصلي بسبب الفساد وتحكم المكاتب الاقتصادية الحزبية، بأموال مشاريع تمكين الاستقرار وإعادة الإعمار وتعويضات ضحايا الإرهاب، تمهيداً لتصحيح المسارات الإدارية والأمنية والخدمية التي أفرغها الفساد من محتواها المهني.

على المدى القريب وبحسب المواطن الموصلي المستقل، هذه المعالجة مخدرة لا تقود نينوى إلى تجديد الأمل بتحقيق مطالبهم المتواضعة.

وعلى رغم أن حملات قيادة عمليات نينوى لمطاردة الإرهاب وبمساعدة قوات التحالف الجوية، أحدثت أضراراً بقوة تنظيم “داعش”، وساعدت قوى الحشد المناطقي والعشائري في تحقيق الاستقرار الأمني النسبي، غير أن تعديات فلول “داعش” أخذت بالزيادة في المناطق المفتوحة من جنوب نينوى وغربها، وأصبحت المطاردة سجالاً بين الطرفين؛ إذ يختفي فلول تنظيم “داعش” عند نشاط الحملات العسكرية المكلفة اقتصادياً من القرى والصحارى والجبال ليظهر في أماكن أخرى. وأشارت تقارير لهذه المنطقة وبكل أسف إلى تقدم فلول تنظيم “داعش” بخطوتين على القوات الأمنية في حملاتها؛ سرعة الاختفاء والتحكم بالمبادرة، لاستنزاف الموارد العسكرية للقوات المسلحة العراقية وقوات التحالف. واستطاع أن يستثمر بعض المظالم لتعزيز فرص حضوره في أطراف المدن المحررة وقرى الحدود من جديد، واستقطاب المقاتلين الجدد من أبناء القرى المهجورة، ما يثير تساؤلات كثيرة وإشكالات منهجية حول حقيقة النصر على تنظيم “داعش”.

أظهر خطاب البرلمان العراقي تجاه محافظة نينوى، نوعاً من التوازن منذ بداية حادثة عبارة الموصل لم يدع إلى التهدئة وتشكيل اللجان المخدرة لدعم الحكومة العراقية كعادته، بل دعا إلى “حلول شاملة”، واللجوء إلى الحل السياسي لتعقيدات ملف محافظة نينوى، لكنه تطور بعد ذلك لمناقشة قرار حل مجلس المحافظة والتعامل مع الحالة، ضمن منظومة مجلس مكافحة الفساد. وقاد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي حوارات التهدئة السنية مع الكتل السياسية الأخرى، وبتحالف واسع قد يسعى إلى اختيار محافظ لنينوى بعيداً من مجلس المحافظة، وقد تحولت أزمة اختيار المحافظ، إلى مشكلة بين نواب سنة نينوى والقيادات السنية من خارج المحافظة.

الكتل الكردية والشيعية البرلمانية تعتقد أن هذا شأن سني، وينبغي أن يدرس ويحل ديموقراطياً، وفق مواد الدستور العراقي، وليس بعقوبة حزبية ضد حكومة نينوى المحلية.

الموقف الميداني للأحزاب المنتصرة على الإرهاب من الشيعة والأكراد، لا تخفي طموحها بتوسيع مساحات سلطتها وثرواتها داخل نينوى، وتحظى نينوى بمكانة خاصة في اهتمامات الأحزاب من خارج المحافظة بحكم مساحة المحافظات وثرواتها الكبيرة ومواردها البشرية والموقع الجيواستراتيجي، الذي دفع القوى الفاعلة للنظر إلى نينوى كجزء من مساحاتها الحيوية وعمقها الاقتصادي، إذ سعت مستفيدة من التعددية الثقافية هناك، إلى تعزيز نفوذها وزيادة حجم تأثيرها في حكومة نينوى المحلية. وشكت أحزاب سياسية محلية في الشهور التي تلت تحرير نينوى عام 2017، من تدخل الأحزاب المنتصرة مباشرة في الشأن الحكومي المحلي وملف الإعمار، وصولاً إلى حد وضع إدارة اقتصاد المحافظة بيد الغرباء من المحافظات الأخرى. واتهمت القوى المحلية، القوى المنتصرة بالسعي إلى إضعاف نينوى محلياً واستنزافها اقتصادياً، وتفكيكها دينياً وقومياً. وقد دعمت الحكومة المركزية تحكم تلك الأحزاب وفصائلها المسلحة ومكاتبها الاقتصادية، والتي أتاحت لحلفائها السيطرة على مفاصل الحكومة المحلية ومقدراتها وقرارها التنفيذي، وهو ما تسبب بتهميش بعض القوى الحزبية من داخل المحافظة، ما دفع العشائر العربية “السنية” إلى العودة للتذمر، بخاصة عشائر غرب العراق.

جاء تدخل القوى السياسية من خارج نينوى تحت ذريعة أن الحكومات المحلية المتتابعة لنينوى كانت تفتقد إلى الإدارة الرشيدة لموارد المحافظة وثرواتها وتخصيصاتها.

أرادت الأقليات، عدا بعض الفرق، منذ نهاية 2017، ألا تتدخل بالمحاصصة حول إدارة نينوى، وهي تراقب تطور الأوضاع في ضوء تخوفها من مشكلات أمنية، قد تمتد اليها من جديد، أو من المآلات النهائية للأزمة واحتمال تنامي التوجهات السياسية الداخلية لتقسيم المحافظة، وربما تزايد فكرة تشكيل “إقليم نينوى”، ويمكن أن يكون لها أثر كبير على توجهات الثقافات المتعددة في أقضية نينوى.

الإيزيديون يتخوفون من مشكلات تسلل pkk (حزب العمال الكردستاني) والإرهاب عبر حدود سنجار مع سوريا، والتي لا تمكن مراقبتها بالكامل، إلى جانب سيطرة قوى كردية مسلحة غير عراقية على أجزاء من مركز المدينة.

ومن الناحية الموضوعية، فإن هذه المخاوف تشكل ضغطاً إضافياً على الأيزيديين وعلى شكل تهديدات أمنية محتملة من قبل تنظيم داعش.

وعلى الصعيد الجماعي لأهالي نينوى، فإن الرؤية الصادقة لحل الأزمة في نينوى جذرياً لم تتبلور بعد، إذ ثمة خلاف سياسي حول ماهية الأزمة وتوصيفها، فضلاً عن إشكاليات تشرذم “القوى السنية العراقية”، التي يفترض أن تتفاعل معها الحكومة المركزية وحكومة أربيل، إضافة إلى تنامي التأثير الإقليمي المباشر أو غير المباشر، على قرارات عدد من القوى السياسية داخل نينوى بدوافع واعتبارات متعددة، وهو ما يستلزم توحيد الرؤية والموقف الداخلي لقوى نينوى في التعامل مع حالة الانهيار في بعديها الخطيرين السياسي والاقتصادي، وفي حال عدم تحقق ذلك، فإن الإرهاب قد يعود إلى مركز مدن نينوى، وسيبقى فاعلاً في البحث عن بيئة منسجمة معه أو يعيد تشكيل شبكاته من جديد.

إصرار الحكومة المركزية في بغداد على رفض السماح بتسليح الحشد العشائري والمناطقي بشكل يلائم عمليات التصدي لهجمات “داعش” في المناطق المفتوحة، واستمرار تحكم المكاتب الاقتصادية وفصائلها، وعدم ممارسة ضغوط كافية على القوى المخالفة للقانون لإنتاج حل إداري عادل ينهي الأزمة. سوف يترتب على تحقق هذا السيناريو، تفاقم الانقسام المجتمعي، وتزايد الغضب والاحتقان والاستفزاز في أوساط العشائر العربية السنية، وتعزيز فرص التقسيم على خلفيات طائفية وإثنية، واتساع حالة الاحتراب المناطقي والعشائري.

وفي ضوء المعطيات الراهنة، يبدو لي استمرار الوضع الحالي في محافظة نينوى، هو الأكثر قوة وترجيحاً في العام الحالي 2019، وفي حال تطور الإهمال الحكومي وخرج عن سياقه الحالي، يرجح أن يتجه التدهور نحو مزيد من التأزم والتصعيد بفعل غياب وعي حازم لحل إداري وقانوني جذري، إضافة إلى عجز القضاء والبرلمان والحكومة عن الحسم بالقوة الخشنة تجاه المكاتب الاقتصادية المسيطرة على المقاولات والمشاريع الخاصة بإعادة الاعمار، واستمرار حالة الانقسام الداخلي.

وختاماً، فإن التدهور في محافظة نينوى وفق هذه القراءة، يؤكد أن ليس هناك أزمة سياسية في نينوى فحسب، بل هي أزمة شاملة عميقة في جميع ملفات الإدارة الحكومية المحلية في نينوى وقرارات الحكومة المركزية في بغداد، ولذلك فإن التعامل مع التدهور، وفق هذا المنظور الأساسي هو السبيل إلى التوصل إلى ملامح ومسارات لحل هذه المشكلات وتجاوزها، لكن إبقاءها في دائرة التنافس السياسي بين الأحزاب سيضيق نطاق الحلول ويقصر النظر عن التوصل إلى حلول حقيقية تتمتع بصفة الموضوعية والصدقية والاستقرار والشمول لملفات الإدارة في نينوى.

العراق كله فوق عبّارة مهترئة

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.