fbpx

“الهولوكوست” وتوسيع الفجوة بين إسرائيل واليهود الأميركيين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في إسرائيل، تزايدت شكوك الأغلبية اليهودية تجاه الأقليات بشدة –ويقول البعض إن القمع ازداد كذلك في أعقاب صدور قانون الدولة القومية- بينما يهود أميركا صاروا فجأة يرون أنفسهم أقلية مُهددة من قبل الأغلبية البيضاء التي انتخبت ترامب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يميل المؤرخون إلى تقسيم المقاربات التفسيرية لـ”الهولوكوست” إلى قسمين رئيسيين. المقاربة الخصوصية التي ترى أن إبادة اليهود الأوروبيين كانت حدثاً تاريخياً منفرداً، وأن الدرس الأساسي المُستفاد منه هو الحاجة إلى الحفاظ على دولة إسرائيل، قوية لكي تدافع عن اليهود بأي ثمن وأي طريقة ممكنة. أما وجهة النظر العولمية فتعتبر الهولوكوست النتيجة الأكثر تطرفاً للعنصرية والكراهية، وأن دروسه يمكن أن تُطبق في العالم بأسره. يركز الخصوصيون على ضحايا تلك الجريمة؛ بينما العولميون يركزون على مرتكبيها، بما فيهم هؤلاء الذين لم يرفعوا أصواتهم احتجاجاً عليها.

اعتنقت إسرائيل المقاربة الخصوصية عن الهولوكوست منذ اللحظة الأولى. وفي ظل الحكومات اليمينية المتتالية، ابتداءً من مناحم بيغن ووصولاً إلى بنيامين نتانياهو، رسخت إسرائيل نفسها أكثر فأكثر في الفكر المتمركز حول اليهود. وعلى رغم أن شهادات الناجين خلال محاكمة آيخمان، أثارت تغييراً في وجهات النظر عنهم، باعتبارهم أسلاف اليهود الذين مشوا إلى حتفهم مثلما تمشي الخراف إلى المذبح، إلا أن التركيز على إرث قومية الهولوكوست والصهيونية ظل على حاله. أما المقاربة العولمية، والتي شجبها الرئيس رؤوفين ريفلين منذ عامين أثناء خطابه في يوم إحياء ذكرى الهولوكوست ووصفها “بالخطرة”، تلاشت تماماً من الخطابات العامة في إسرائيل.

تطورت الأمور بشكلٍ مختلف بالنسبة إلى اليهود الأميركيين، وخصوصاً في الأعوام السابقة لحرب عام 1967 (حرب الأيام الستة). فبينما كانت إسرائيل تخشى أن تحاصر في غيتو شرق أوسطي، ومُحاطة بالأعداء الذين يسعون لإنهاء المهمة التي بدأها النازيون، اجتاحت أميركا عاصفة الكفاح من أجل المساواة في الحقوق. الجنود اليهود العائدون من الحرب بذكريات أليمة عن الإبادة الجماعية ومعسكرات الاعتقال، ومعم يهود أصغر سناً مرتاعون مما وصفوه بصمت آبائهم، رأوا التفرقة العنصرية في الجنوب والتمييز ضد السود في الشمال، مماثلين للسياسات النازية تجاه اليهود في الثلاثينات. وقد تطوع كثيرون منهم ليكونوا في طليعة حركة الحقوق المدنية. وقد انتموا إليها، ومن ثم عرفهم آخرون من خلالها.

أثارت الأيام المضطربة التي سبقت حرب 1967 الخوف في كل من إسرائيل والولايات المتحدة من حدوث هولوكوست جديد؛ وقد اعتُبر انتصار الجيش الإسرائيلي السريع والحاسم إعجازياً، إن لم يرقَ لدرجة الانتقام. تبنى مجتمع اليهود الأميركيين بأكمله عبارة “لن يتكرر مجدداً” التي قالها الحاخام مائير كاهانا المنتمي إلى منظمة عصبة الدفاع عن اليهود، سواء بمدلولات خصوصية أو عولمية. وناصر اليهود الأميركيون إسرائيل واعتبروها حليفهم الاستراتيجي، لكن إرث كفاحهم إلى جانب الأفارقة الأميركيين –على رغم خلافهم المُشترك- ظل محفوراً في وعيهم الجماعي، إضافة إلى خوفهم الغريزي من الحكومات التي ترعى العنصرية وتشعل الكراهية ضد الأقليات.

زادت فترة حكم ترامب الفجوة بين المقاربتين المختلفين وسلطت عليهما الأضواء. في إسرائيل، تزايدت شكوك الأغلبية اليهودية تجاه الأقليات بشدة –ويقول البعض إن القمع ازداد كذلك في أعقاب صدور قانون الدولة القومية- بينما يهود أميركا صاروا فجأة يرون أنفسهم أقلية مُهددة من قبل الأغلبية البيضاء التي انتخبت ترامب. يعتبر يهود إسرائيل ترامب صديقهم الوفي الذي كانوا يحتاجون إليه، بينما أولاد عمومتهم اليهود في الولايات المتحدة يرون الرئيس محرضاً وخطراً على وطنهم عموماً، وعليهم خصوصاً.

يرى الإسرائيليون الهجمات الأخيرة على المعبدين الإسرائيليين في بيتسبرغ وسان دييغو أحداثاً خارجة عن المألوف، تجذب الانتباه بعيداً من التهديد الرئيسي المتمثل في الإسلام المتطرف. ووفقاً للرأي السائد فقد ذُبح اليهود في بيوت العبادة بلا أي سبب إلا لكونهم يهوداً. ويعتقد معظم اليهود الأميركيين أن ترامب حرر غول التعصب الأبيض من محبسه، بما في ذلك كراهية مفهوم الرؤية الكونية العولمية الذي يتبناه اليهود، ورغبة في الانتقام منهم بسبب تضامنهم مع السود.

أما الرؤية الخصوصية للعالم وللهولوكوست فتعني ألا يجرؤ إلا قلائل على هامش اليهود الأميركيين، على الربط بين إدارة ترامب –أو حكومة نتانياهو- والنظام النازي. لكن على الجانب الآخر، يحافظ أنصار النهج العولمي على كلا الهدفين الثمينين؛ الاحتجاج والمقاومة، قبل أن يفوت الأوان.

بعد مرور 80 عاماً على بداية الحرب التي مهدت الطريق إلى الهولوكوست، يبدو الآن أن الدروس المتباينة التي خرج بها الناجون منه، تمثل جداراً يفصل بينهم يوماً بعد يوم.

 

هذا المقال مترجم عن Haaretz.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.

https://daraj.media/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B3-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AA%D9%82%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%87%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84/

 

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.