fbpx

سهى بشارة في زنزانة العهد!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مناسبة الحديث عن بشارة، المناضلة التي لا توفّر فرصةً للتضامن مع الأسرى في السجون العربية والغربية، تأتي على خلفيّة الفضيحة- العار التي تهزّ الدولة اللبنانية اليوم بأجهزتها الأمنية وبأذرعها الديبلوماسية الممتدّة من قصر بسترس إلى السفارة اللبنانية في واشنطن، مروراً بمطار رفيق الحريري الدولي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا أعرف لماذا يتبادر إلى ذهني نشيد المقاومة الفرنسية المهيب تحت الاحتلال النازي، كلّما سمعت صوت سهى بشارة أو رأيت صورتها، تلك التي ترفع فيها شارة النصر خارجة من سنوات اعتقال عشر، تعرّضت فيها لأبشع أنواع التعذيب في معتقل الخيام، جنوب لبنان، الذي كان يخضع إدارياً لقوات الاحتلال الإسرائيلي وعملائها التابعين لجيش لبنان الجنوبي، تحت قيادة الضابط أنطوان لحد.

سهى بشارة

قد تكون بشارة، الصبية المولودة في بيت وطني في دير ميماس، بشجاعتها وإقدامها على تنفيذ عملية حسّاسة ودقيقة كمحاولة اغتيال رأس العملاء أنطوان لحد، وبمكوثها لاحقاً في الخيام تحت سوط الجلّادين، الصورة الأنقى عن مقاومي الزمن الجميل، زمن المقاومة الوطنية التي اجتمع فيها أبناء الشمال والجبل والبقاع وبيروت على أرض الجنوب، واندفعوا بصدق وعفويّة لتحرير الأرض والإنسان، من دون أن تحرّكهم أجندات ومشاريع إقليمية كبرى، إنما إيمان بمعنى الحرّية والعدالة.
مناسبة الحديث عن بشارة، المناضلة التي لا توفّر فرصةً للتضامن مع الأسرى في السجون العربية والغربية، تأتي على خلفيّة الفضيحة- العار التي تهزّ الدولة اللبنانية اليوم بأجهزتها الأمنية وبأذرعها الديبلوماسية الممتدّة من قصر بسترس إلى السفارة اللبنانية في واشنطن، مروراً بمطار رفيق الحريري الدولي. فعودة شخص مثل عامر الياس فاخوري، الهارب من لبنان إلى إسرائيل ذات تحرير لقرى الشريط الحدودي عام 2000، ومنها إلى واشنطن بجواز إسرائيلي، إلى بيروت بمرافقة عميد في الجيش اللبناني من دون قرار توقيف صادر عن جهاز الأمن العام، لا يمكن عدّه أمراً طبيعياً.
ولمن يودّ البحث والتمحيص، يمكن الوصول بسهولة إلى هوية الرجل الذي يطلق عليه سجناء سابقون “جزّار الخيام”. إنه سجّل ٌحافلٌ للرجل، الذي يظهر في حفل للسفارة اللبنانية في واشنطن بحضور قائد الجيش اللبناني وديبلوماسيين رسميين، بإشرافه على حلقات التعذيب في معتقل الخيام جنوب لبنان، إذ تولّى إدارة السجن الذي يضمّ نحو 70 غرفة جماعية و20 زنزانة فردية. كما كان المفوّض الأوّل من قبل القوات الإسرائيلية للتحقيق مع المعتقلين وسوقهم إلى حلقات التعذيب.
من مآثر فاخوري، الذي دخل صراعاً خفيّاً في بداية إشرافه العسكري على المعتقل مع قائد جيش لبنان الجنوبي أنطوان لحد، بحكم ولائه لخطّ إتيان صقر، مؤسس حركة “حرّاس الأرز” وميليشياتها المتحالفة مع إسرائيل، تفنّنه بتعذيب المعتقلين وابتكاره تقنيات في التعذيب من “الحواكير” إلى “المشي على الجسد” و”القنّ”، وصولاً إلى تهجّمه على المعتقلات وإقدامه على اغتصاب أسيرات على مرأى المحققين الأمنيين في السجن الذي أصبح عنواناً للرعب.
أشرف فاخوري شخصياً على قتل 10 معتقلين داخل السجن و8 آخرين في عمليات مطاردة في قرى الجنوب وهو المسؤول الأول عن إلقاء القنابل الدخانية على القسم الثاني من السجن خلال التمرّد الذي أعلن عنه سجناء وافدون جدد إلى المعتقل عام 1989. أدّت تلك الحادثة إلى مقتل أسيرين هما ابراهيم أبو العز وبلال السلمان، بعد تعرّضهما لاختناق حادّ وإصرار فاخوري ورفاقه على عدم إسعافهما. وعلى ما يروي أسرى محرّرون وعائلات أسرى رحلوا، فإنّ فاخوري وجان الحمصي كانا يتوليان شخصياً عمليات التعذيب على العمود ويتوعّدان الأسرى مع كل جلسة تعذيب نفسي وجسدي بجلسات أخرى.

أشرف فاخوري شخصياً على قتل 10 معتقلين داخل السجن و8 آخرين في عمليات مطاردة في قرى الجنوب وهو المسؤول الأول عن إلقاء القنابل الدخانية على القسم الثاني من السجن خلال التمرّد الذي أعلن عنه سجناء وافدون جدد إلى المعتقل عام 1989.

يعود فاخوري إلى بيروت من المرفق الحيوي الأول في البلاد، مطار رفيق الحريري الدولي الذي تحرسه عيون “حزب الله” الأمنية. يرافق فاخوري عميد في الجيش اللبناني، ويأخذ تيار سياسي، حصد الأكثرية النيابية، على عاتقه حملة الدفاع عن فاخوري وأمثاله بصفتهم من “المبعدين”. لفظة تجميلية اخترعها رئيس التيار نفسه، ورأس الديبلوماسية اللبنانية، في معرض حديثه عن العملاء السابقين الذين تركوا لبنان طوعاً واستقرّوا في الأراضي المحتّلة بعد عام 2000، وأسّسوا حياةً جديدة وحملوا الجنسية الإسرائيلية.
على أنّ عودة فاخوري التي تصاحبها حملة شعبية وإعلامية ونشاطات في بيروت والخيام تطالب بمحاكمته العاجلة، تؤسس لحالة جديدة غير مألوفة في التعاطي مع ملف العملاء وتذكّرنا بأسماء سقطت مع الزمن، وأُقفلت ملفّاتها بفعل فاعل سياسي وغطاء طائفي، وتؤكد التزام “المقاومة” ممالأة حليفها المسيحي، وإن كان ذلك على حساب تضحيات مئات المعتقلين وعائلاتهم وكراماتهم.
على شاشة “أل بي سي”، اتّهمت بشارة بالاسم “التيار الوطني الحر” بالسعي إلى معالجة ملف العملاء السابقين وتسهيل عودتهم إلى لبنان ووجّهت الأسيرة المحرّرة رسالة إلى الرأي العام اللبناني حول خطورة عودة فاخوري وأمثاله، واستعادت عذابات سنوات السجن العشر وذكريات قاسية جمعتها بمعتقلات ومعتقلين سابقين.
ومن سخرية القدر ومهازل السياسة في لبنان أن يتهجّم مؤيدو “التيار الوطني الحرّ” على شخص بشارة وتاريخها النضالي الطويل في مواجهة الاحتلال الإسرائيلين وفي معركتها الإنسانية المستمرّة في جنيف دفاعاً عن الأسرى، وفي ذلك الأمر تماثل صارخ مع اعتداء الجلاد فاخوري على جسد سهى ذات حلقة تعذيب في الخيام.
والحال أنّ المعتدين على بشارة، كرمز وأيقونة حيّة، ينهلون من نبع واحد: الفاشية وتبرير العمالة، وهم إذ يدوسون على كرامات كلّ المعتقلين السابقين وتضحياتهم الكبيرة، فإنّهم يزجّون ببشارة في زنزانة “العهد القوي”، عهد المحاصصة والفساد والزعرنات الذي لم يشهد لبنان مثيلاً له، منذ نهاية الحرب الأهلية. محاكمة بشارة على وسائل التواصل الاجتماعي تبدو أقرب إلى صورتين مركّبتين للجلاد والضحية في آن: صورة بشارة في تلك الزنزانة الانفرادية التي لا يتجاوز طولها وعرضها التسعين سنتيمتراً في الخيام، وصورة فاخوري عائداً إلى بيروت كأن شيئاً لم يكن.

لبنان: هل من سهَّل عودة فاخوري هو من استدعى شربل للتحقيق؟

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.