fbpx

عودة الغضب إلى شوارع العراق

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“هنالك قرار بمنع المتظاهرين من دخول الخضراء حتى لو أدى ذلك إلى فتح النار علينا… هناك عناصر ترتدي الزي الأسود واللثام، ويتقدمون الشرطة الاتحادية، الناس تعتقد أنهم الميليشيات، وهناك مخاوف من سقوط أعداد كبيرة من القتلى”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مرة أخرى ينزل العراقيون إلى شوارع البلاد للتظاهر ضد الفساد والنظام السياسي، مع ارتفاع سقف المطالب هذه المرة لتشمل استقالة البرلمان والرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان)، وإجراء انتخابات مبكرة بإشراف أممي وتعديل الدستور الذي كُتب خلال فترة الحكم المدني الأميركي للعراق عام 2005.

التظاهرات التي حُددت في 25 تشرين الأول/ أكتوبر، جاءت مبكرةً، فقبل يوم على الموعد المحدد تجمع مئات المتظاهرين في ساحات المدن العراقية، ومنها ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، للتحضير لاقتحام المنطقة الخضراء شديدة التحصين، وبالفعل حدث ذلك منذ ساعات الفجر الأولى، بعدما أزال المتظاهرون الحواجز الكونكريتية من على جسر الجمهورية المؤدي إلى الخضراء، والوصول إلى بواباتها.

بداية دموية

التظاهرات بدأت بسقوط قتلى وعشرات الجرحى، على رغم أنَّ الحكومة وعدت المتظاهرين بتوفير الحماية لهم وعدم تكرار ما حدث في تظاهرات الأول من تشرين الأول، التي أدت إلى سقوط 157 قتيلاً وأكثر من 6000 مصاب برصاص قوات الأمن والقناصة التابعين لميليشيات موالية لإيران، اعتلوا حينها سطوح المباني وقمعوا الاحتجاجات السلمية.

من العاصمة بغداد تحدث علاء أحمد لـ”درج” عن مشاهداته الميدانية، مؤكداً أن قوات الأمن وعلى رغم التطمينات المسبقة بعدم استخدام القوة، إلا أنها أطلقت الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي على المتظاهرين لمنعهم من الدخول إلى المنطقة الخضراء.

علاء يضيف: “هنالك قرار بمنع المتظاهرين من دخول الخضراء حتى لو أدى ذلك إلى فتح النار علينا، لقد أعادوا الحواجز الكونكريتية من جهة وزارة التخطيط وجسر الجمهورية، وهناك عناصر ترتدي الزي الأسود واللثام، ويتقدمون الشرطة الاتحادية، الناس تعتقد أنهم الميليشيات، وهناك مخاوف من سقوط أعداد كبيرة من القتلى في الساعات المقبلة”.

لماذا المنطقة الخضراء؟

يعتقد المتظاهرون أنَّ السيطرة على المنطقة الخضراء تعني سقوط النظام السياسي، فمنذ غزو العراق عام 2003 اتخذت سلطة الحكم المدني الأميركي والمجلس الانتقالي (الذي شُكل على أساس طائفي) من المنطقة الخضراء مقراً لها، وأغلقتها بالكتل الكونكريتية وحصنت أسوارها بالجنود والأسلاك الشائكة ومنعت المواطنين من دخولها. وتضم المنطقة مقار الرئاسات العراقية الثلاث (الجمهورية والبرلمان ورئاسة الوزراء) إضافة إلى منازل المسؤولين والقادة الأمنيين والبعثات الديبلوماسية الأجنبية وأهمها السفارة الأميركية.

بعد اتفاق انسحاب الجيش الأميركي بشكل تدريجي من العراق عام 2009 سلّمت حماية منطقة الخضراء لقوات الأمن العراقية، ولكن ضعف تلك القوات وتغول الميليشيات الموالية لإيران في مفاصل الدولة والسلطة، وتحولها إلى دولة عميقة داخل هيكل الدولة المنخور بخاصة في ولايتي حكم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، جعل المنطقة الخضراء تحت إشراف تلك الميليشيات وبخاصة سرايا الخرساني التي أسسها الجنرال الإيراني حميد تقوي.

الصحافي م.ك. قال في حديث سابق لكاتب التقرير إنَّه “حصل على معلومات موثَّقة من أعضاء في مجلس النواب العراقي، أكدوا نزول ميليشيات سرايا الخرساني إلى الشوارع في بغداد، وهذه الميليشيات لديها الضوء الأخضر من إيران وتحديداً من قاسم سليماني في إطلاق الرصاص وقتل المتظاهرين الذين يريدون إسقاط دولة الحسين”.

ويتابع الصحافي م.ك. الذي فضل عدم الكشف عن هويته إن ميليشيات بدر وعصائب أهل الحق شاركتا أيضاً في قتل المتظاهرين، لكن سرايا الخرساني كان لها الدور الأكبر في ذلك، وقد شكلت ما يُسمى القوة الضاربة لقمع الاحتجاجات ومنع اقتراب الحشود من المنطقة الخضراء، إذ ارتدى مقاتلو سرايا الخرساني زي قوات مكافحة الشغب وقوات جهاز مكافحة الإرهاب لبسط نفوذهم على الشارع.

هذه المعلومات يعززها تقرير نُشر على “فورين بوليسي” و”معهد واشنطن”، جاء فيه أنّ حامد الجزائري قائد سرايا الخراساني (اللواء 18 في قوات الحشد الشعبي)، ساعد في تنسيق الهجمات أيضاً علىوسائل الإعلام والاعتداء على الصحافيين.

التقرير يدعم أيضاً تقريراً نشرته وكالة “رويترز” كشفت فيه عن سفر ضباط من الحرس الثوري الإيراني إلى العراق مطلع تشرين الأول 2019 وتشكيل غرفتي عمليات، هما منزل آمن سري في الجادرية ومبنى لهيئة تابعة لقوات الحشد الشعبي بالقرب من مستشفى ابن سينا وسط العاصمة، وقدم الضباط الإيرانيون المشورة بناء على خبرتهم في محاربة النشطاء في إيران، إضافة إلى توفيرهم مواد استخبارية عن النشطاء والاتصالات الآمنة للقناصة.

إضافة إلى حامد الجزائري القائد العسكري لميليشيات الخرساني، يورد تقرير “فورين بوليسي” أسماء 9 من القادة الموالين لإيران والمتهمين بقمع الاحتجاجات، وهم: أبو مهدي المهندس، نائب رئيس جهاز ميليشيات الحشد الشعبي، وفالح الفياض مستشار الأمن القومي العراقي ورئيس هيئة الحشد الشعبي، وأبو جهاد مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، وقيس الخزعلي الأمين العام لميليشيات عصائب أهل الحق، وأبو زينب اللامي منسق عمليات القناصة ضد المتظاهرين، وأبو منتظر الحسيني رئيس العمليات السابق في الحشد الشعبي والمستشار الحالي لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي لشؤون الحشد الشعبي، وأبو تراب عضو في منظمة بدر المدعومة من إيران، ورئيس فرقة الرد السريع بوزارة الداخلية، وأبو آلاء الولائي قائد ميليشيات كتائب سيد الشهداء، المدعومة من إيران (اللواء 14 في قوات الحشد الشعبي)، وأبو إيمان الباهلي رئيس مديرية الاستخبارات في قوات الحشد الشعبي، ومسؤول الارتباط مع مسؤولي الاستخبارات السيبرانية في الحرس الثوري الإيراني. وعلى رأس كل هؤلاء الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع لحرس الثورة الإيرانية.

جنوب العراق يبدأ اعتصاماً مفتوحاً

بعد قمع التظاهرات مطلع تشرين الأول، لجأت مدن جنوب العراق إلى أسلوب آخر، هو الاعتصام المفتوح على غرار اعتصامات المحافظات السنية عام 2013، ففي محافظات المثنى والكوت وبابل بدأ المحتجون بنصب الخيام والسرادق للبقاء في الشارع حتى تحقيق مطالبهم بإسقاط الحكومة.

الصحافي والناشط في التظاهرات خليل بركات أوضح لـ”درج” انقسام التظاهرات في محافظة المثنى إلى قسمين كبيرين واحد في ساحة الاحتفالات والثاني في كورنيش السماوة، وأضاف: “في ساعات الصباح الأولى احتشد أكثر من 3000 متظاهر في ساحة الاحتفالات منطلقين إلى مبنى مجلس المحافظة، وحصل تدافع بين قوات الأمن والمتظاهرين خلال محاولات اقتحام المبنى ما تسبب بحدوث حالات اختناق استطعت توثيقها”.

بركات أكد أيضاً اقتحام المتظاهرين مقر تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم وإحراقه، وهذه المرة الثانية خلال هذا الشهر التي يُحرق فيها مقر تيار الحكمة في محافظة المثنى. وكان التيار أعلن قبل انطلاق التظاهرات انسحابه من الحكومة إلى المعارضة. وكذلك حرق مقر ميليشيات عصائب أهل الحق الموالية لإيران.

في محافظة الكوت ومنذ ليلة أمس، نصب المتظاهرون الخيم وتحدث الشاعر مبين الخشاني –الذي يشارك في الاعتصام- عن توافد عائلات الضحايا الذين سقطوا خلال تظاهرات الأول من تشرين الأول من أجل الاعتصام حتى تحقيق مطالب المتظاهرين وتسليم قتلة أبنائهم للاقتصاص منهم.

الخشاني أوضح لـ”درج” أن محافظات ميسان وذي قار وبابل بدأت اعتصاماً مفتوحاً، على رغم انتشار عناصر المليشيات في شوارع تلك المحافظات، ورداً على سؤال عن هوية تلك الميليشيات، قال: “إنَّهم العصائب وحزب الله وسرايا الخراساني والنجباء”.

في البصرة احتشد مئات المتظاهرين منذ ساعات الصباح الأولى أمام مبنى الحكومة المحلية تمهيداً لاقتحامه، وأغلق منفذ صفوان الحدودي بين العراق والكويت، ويتحدث نشطاء عن حشود شعبية باتجاه مقار الأحزاب والميليشيات لاقتحامها وإحراقها على غرار ما حدث في محافظة المثنى.

 

كما يسقط المواطن ضحية لاضطهاد السلطة، يقع الصحافيون أيضاً، حصيلة ضحايا التظاهرات، وعلى رأسهم مراسل قناة “السومرية” هشام وسيم

 

الصحافيون في مرمى النيران

ليسوا بمنأى عن نيران السلطة والمليشيات، أو القمع، ففي كل تظاهرة أو حدث شعبي، وكما يسقط المواطن ضحية لاضطهاد السلطة، يقع الصحافيون أيضاً، حصيلة ضحايا التظاهرات، وعلى رأسهم مراسل قناة “السومرية” هشام وسيم، الذي أصيب خلال تغطيته الاحتجاجات في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، ومثله سقط مختنقاً بالغاز المسيل للدموع أيضاً مراسل قناة التغيير محمد قادر السامرائي، وقناة دجلة الفضائية تتوقف عن البث مثلما حدث في الاول من تشرين الأول.

مرصد الحريات الصحافية في العراق ذكر أيضاً أنَّ صحافيين من التلفزيون الألماني ZDF، أُصيبا أثناء تغطية التظاهرات في ساحة التحرير ببغداد وتم تدمير معداتهم، وذكر أنَّ الميليشيات التي هاجمت المؤسسات الإعلامية أخيراً، تعمل الآن بأسلوب آخر لإسكات الاعلام.

 

 

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.