fbpx

كيف يحرم العراق نساءه من الميراث والحقوق؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تهيمن الأعراف العشائرية على المجتمع العراقي إلى اليوم، وتحرم المرأة من الميراث وأموال العائلة بعد الزواج والخروج من البيت أو رحيل رب الأسرة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تعيش م. س. في قرية تابعة لمركز محافظة المثنى السماوة في جنوب العراق وتعيل عائلة من ثلاث فتيات وصبي، إنما لا تملك ما يكفي لإعالة عائلتها، بخاصة أنها ترمّلت وحرمت من ميراث عائلة زوجها الراحل. وسط مصاعب حياة يومية تتصف بالفقر والمسؤولية في آن واحد، تجسد قصة هذه السيدة الخمسينية الجنوبية، أم أحمد كما تحب أن تُنادى، واقعاً عراقياً يمارس عنفه على المرأة على جميع المستويات من الأسرة مروراً بالمجتمع، وصولاً إلى ممارسات الدولة بطبيعة الحال.

لا تختلف عنها كثيراً أحوال أم أخرى لا تريد الكشف عن اسمها الحقيقي أيضاً، إذ تتشاركان الهموم الاقتصادية والاجتماعية ذاتها. آ. ف، سيدة ثلاثينية تسكن في قرية في غرب مركز المحافظة وهي من القرى المعروفة بأراضيها المثمرة وكثرة الأيادي العاملة فيها من الإناث. تقول: “لم يبق شيء إلا وجرّبناه في العمل من أجل الحصول على الموارد اللازمة لرعاية العائلة، من تربية المواشي إلى حراثة الأرض والاعتناء بالمحاصيل، إنما يرسو بنا مركب الحياة إلى حافة الفقر والسبب هو أن القوانين العشائرية التي لها اليد الطولى في مجتمعنا، لا تمنح حق الأرض ومحصولها إلى البنت، لا سيما بعد الزواج والخروج من بيت الأب”.

وتهيمن الأعراف العشائرية على المجتمع العراقي إلى اليوم، وتحرم المرأة من الميراث وأموال العائلة بعد الزواج والخروج من البيت أو رحيل رب الأسرة. وفي حال وجود أبناء، يقسم الميراث بينهم، فيما يحق للعم التصرف بأملاك عائلة الأخ في حال غياب الأبناء. أي أن الزوجة والبنات لا يحق لهن التصرف بأملاك الزوج أو الأب. الفتاة برأي غانم الكعون الأعاجيبي وهو من زعماء عشيرة “الأعاجيب” في محافظة المثنى لها حقوقها، “إنما حين تتزوج من شخص خارج العشيرة، لا تعطى نصيبها في الأراضي أو الأملاك، وفي بعض الحالات، حتى وإن تزوجت من رجل ينتمي للعشيرة ذاتها، فلا يجوز أن تعطى من نصيب الأرض”، يقول غانم الأعاجيبي.

والسبب برأيه هو أن الزواج ربما يكون غير مستقر، “فمن غير المعقول أن تتعرض المرأة للطلاق أو الموت ويستفيد الزوج وأولاده من الإرث”. ويضيف، “نعم في هذه الحالة تسكت بناتنا عن المطالبة بحقوقهن للحفاظ على أواصر الأسرة واسم العائلة وهو عرف سائد ومتفق عليه ويعتبر من سانية العشيرة”.

يرفض المشرع الديني الشيخ حيدر اليونسي هذا العرف السائد الذي ينتهك حقوق النساء الاقتصادية ويشير إلى أن الحقوق في الميراث مقررة في الإسلام ولا تبيح للذكور انتهاك حقوق النساء. يقول: “إن الدين يرفض هذا العرف رفضاً باتاً وإن ما يهيمن عليه الذكر سواء أكان ابناً أو أخاً أو زوجاً، فهو مال سحت ومحرم”.

وما بين الدين والقانون نجد أن الجانبين يشتركان بمنح المرأة (أم، بنت، زوجه) حقها بالميراث، إذ يؤكد الخبير القانوني وليد شيال “القانون يمنح المرأة أراضي وتركة المتوفي أي حق الميراث ووفق القسامات النظامية، ولكن هناك مشكلات كثيرة نرصدها داخل الأرياف والمحكمة والسبب هو هيمنة الذكور على إرث الإناث”.

إن النساء يخترن الصمت على الأغلب، بدل المطالبة بمكتسباتهن ويضحين بحقوقهن الاقتصادية للحفاظ على العلاقات الأسرية من جانب، ويشعرن بالضعف أمام الأعراف والتقاليد العشائرية من جانب آخر. ويشير ناشطون وباحثون في القضايا المتعلقة بالمرأة وحقوقها، إلى أن محاكم محافظة المثنى تشهد سنوياً شكاوى عدة تتعلق غالبيتها بحقوق الميراث، إنما تقع أعباء النتائج على المرأة في جميع الأحوال. فإما أن تسحب المشتكية شكواها من أجل كسب ود الأهل والأقرباء، أو تأخذ المحكمة مجراها وتحصل المرأة على حقوقها، لكنها تخسر جسور القرابة بين الأهل والأقارب وتصبح معزولة اجتماعياً. يذكر أن القانون أقر عقوبة على مغتصب حق ميراث المرأة، وهي الحبس أو الغرامة، بحسب الشكوى المقدمة.

 

 

كتبت هذه القصة ضمن مشروع لمنظمة أنترنيوز لتدريب الصحفيين حول كتابة وإنتاج القصص الصحفية عن القضايا الحساسة المتعلقة بالنوع الاجتماعي (الجندر) في العراق

 

العراق: نموذج إيراني لخنق الانتفاض