بينما يكثر الحديث عن حرب باردة جديدة بين “الغرب” الأطلسيّ و”الشرق” الروسيّ، وجزئيّاً الصينيّ، تبدو صورة “الغرب” في أسوأ حالاتها.
قد تكفينا هذه المقارنة: بينما تخوض بريطانيا ورئيسة حكومتها تيريزا ماي صراعاً حادّاً مع روسيّا وانتهاكاتها التجسسيّة والإرهابيّة، ينبري الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب، مرّة أخرى، للدفاع عن الروس، وبالتالي الدفاع عن نفسه وعن شرعيّة انتخابه رئيساً.
فهو هاجم التحقيقات التي يُجريها روبرت مويلِر بشأن تدخّل موسكو في انتخابات 2016 الرئاسيّة الأميركيّة التي أتت به رئيساً، وشكّك بنزاهتها. لقد جاء دفاع ترامب هذا فجّاً إلى الحدّ الذي حمل بعض أعضاء الحزب الجمهوريّ، حزبه، على تحذيره من مغبّة ما يفعل.
هذا الانشطار في الموقف الغربيّ ليس مشجّعاً على خوض “حرب باردة”، لا سيّما وأنّ المعنيّين به هما الولايات المتّحدة وبريطانيا، أي الدعامتان الأهمّ للتحالف الغربيّ إبّان الحرب الباردة السابقة. فكيف حين نضيف أنّ بريطانيا التي تواجه الانتهاكات الروسيّة الكبرى، إنّما تندرج في نزاع آخر مع بلدان الاتّحاد الأوروبيّ عنوانه أكلاف “بريكزيت” وصِيَغ وكيفيّات مغادرتها ذاك الاتّحاد.
“الشرق” أفضل حالاً بلا قياس. الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين يحظى بولاية رئاسيّة جديدة أيّده فيها ثلاثة أرباع المقترعين. وهو يوالي سياساته العدوانيّة على رقعة تمتدّ من أوكرانيا إلى سوريّا، متدخّلاً، عبر الاغتيالات وأعمال التجسّس والتهكير، في الأوضاع السياسيّة والداخليّة لمعظم البلدان الديمقراطيّة في الغرب. ليس هذا فحسب، ففي بلدان كالنمسا وإيطاليا، يفوز أصدقاء بوتين والمعجبون به بحصّة الأسد في الانتخابات العامّة. وفي بلد كفرنسا، يتكشّف أنّ حصّته من المعجبين ليست بسيطة.
أمّا الصين، التي يهدّدها ترامب بالحرب التجاريّة، ففضلاً عن أدائها الاقتصاديّ المحافظ على تقدّمه، شهدت تحويل رئيسها شي جينبينغ إلى رئيس مدى الحياة، أي الانتقال من حكم الحزب الواحد من دون زعيم إلى استكمال نظام الحزب الواحد بزعيم هو الأوّل منذ رحيل ماو تسي تونغ (فدينغ هشياو بنغ الذي قاد عمليّة الإصلاح والنزع الفعليّ للماويّة، لم يكن مهجوساً بعبادة شخصيّته).
قد يقال إنّ بلداناً كروسيّا والصين إنّما تستفيد من انعدام الديمقراطيّة (الصين) أو من شكليّتها (روسيا)، لإرساء أنظمة قويّة ومتماسكة تخوض بها “الحرب الباردة” التي يكثر الحديث عنها. وقد يقال أيضاً إنّ المزاج الشعبويّ الطاغي كونيّاً هو السلاح الأمضى الذي تستغلّه هذه الأنظمة ضدّ أنظمة ديمقراطيّة أوهنت الأزمة الاقتصاديّة وفساد النخبة مناعتها حيال الشعبويّة. لكنْ يبقى أنّ ضعف الديمقراطيّة ليس عزاء لها، أو لأيّ كان، خصوصاً إذا تدحرج أقطاب العالم فعلاً إلى حرب، أكانت باردة أم ساخنة!
[video_player link=””][/video_player]
“حرب باردة” بشروط مختلّة؟
بينما يكثر الحديث عن حرب باردة جديدة بين “الغرب” الأطلسيّ و”الشرق” الروسيّ، وجزئيّاً الصينيّ، تبدو صورة “الغرب” في أسوأ حالاتها. قد تكفينا هذه المقارنة: بينما تخوض بريطانيا ورئيسة حكومتها تيريزا ماي صراعاً حادّاً مع روسيّا وانتهاكاتها التجسسيّة والإرهابيّة، ينبري الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب، مرّة أخرى، للدفاع عن الروس، وبالتالي الدفاع عن نفسه وعن شرعيّة انتخابه رئيساً.
الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
ملاذ الزعبي- صحافي سوري
عنصرية “القوات اللبنانيّة” وفشل المعارضة السوريّة
25.04.2024
أحمد الفخراني - كاتب وروائي مصري
صلاح السعدني ابن زمن “ليالي الحلمية”: رحيل “الصعلوك” و”العمدة” في عصر الدراما الذهبي
25.04.2024
مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024
الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة
بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.
الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
تروي الصحفية والناشطة السياسية المصرية، إيمان عوف، تجربتها كامرأة وأمّ في خوض غمار السياسة والعمل الصحفي والصعوبات التي واجهتها خلال مسيرتها والمتعلقة بشكل أساسي بأمومتها وبما هو متوقع منها مجتمعياً. "كيف يغدو الدور الرعائي عائقاً أمام حياتكِ السياسية؟"، هي الحلقة الثالثة ضمن مشروع "عوائق وصول النساء العربيات إلى طاولات صنع القرار"، الذي أُنجز بالشراكة بين…
17.04.2024
تكرر توقيف السلطات الألمانية ناشطين أو شخصيات معروفة بدعمها القضية الفلسطينيّة، بل حتى منعهم من دخول البلاد كما حصل مع الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة، بحجة معاداة السامية، التي تُستخدم أيضاً لتفريق تظاهرات متضامنة مع الفلسطينيين وداعية الى وقف الإبادة في غزّة. آخر ضحايا هذا التضييق، وزير المالية اليوناني السابق يانيس فاروفاكيس، الذي مُنع من…
17.04.2024