fbpx

فتى ساحة الوثبة: من طفل شقي في “بيت سميرة” الى قناص في ساحة التحرير

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في بيت سميرة عاش الفتى المغدور هيثم علي اسماعيل الذي قُتل وتم التمثيل بجثته في ساحة الوثبة على مرأى من الجماهير، في حادثة اعتبرت من أبشع الجرائم التي ترتكب على هذا النحو في السنوات الأخيرة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في الثلث الأول من شارع الرشيد لجهة الباب الشرقي، بمواجهة جسر الأحرار من جانب الرصافة تقع ساحة “الوثبة”، المعروفة بأنها أهم مركز تجاري في العراق، والذي توقف بعد الاحداث الاخيرة التي تشهدها البلاد منذ مطلع أكتوبر 2019، وحتى اليوم.

وساحة الوثبة منطقة بغدادية قديمة، اشتهرت بأشقيائها، وبحكايات جمع الإتاوات، والسرقات والقتل، ومن ثم تحولت إلى اهم منطقة تجارية في العاصمة بغداد. فيها بيوت معروفة بالإتجار بالمواد المخدرة من قبل البلطجية وبعض القتلة، والذين يُستخدمون كأدوات لتصفية الحسابات سواء بين عصابات او بين جهات رسمية وحزبية.

صورة متداولة للفتى المغدور هيثم

 هناك وفي إحدى “درابين”،أو ما يعرف بفروع المناطق السكنية في الساحة، يقع منزل بسيط لعائلة تعرف بـ” بيت سميرة “. وفي بيت سميرة عاش الفتى المغدور هيثم علي اسماعيل الذي قُتل وتم التمثيل بجثته في ساحة الوثبة على مرأى من الجماهير، في حادثة اعتبرت من أبشع الجرائم التي ترتكب على هذا النحو في السنوات الأخيرة. 

هناك عاش الفتى الذي تقول الروايات أنه استخدم في عمليات قنص المتظاهرين ومن ثم تم قتله والتمثيل بجثته، والجهات التي قتلته ومثلت بجثته لا تزال غير واضحة مع تباين الروايات الرسمية بهذا الشأن. 

فمن هو هذا الفتى هيثم وأي حياة عاش قبل أن ينتهي هذه النهاية الوحشية وهو لا يزال في الـ16 من عمره…

بيت سميرة 

 يردد سكان الحي أن هذا البيت ومن يرتاده هم من أهم العوائل التي تتاجر بالمخدرات على أنواعها.   وسط هذه البيئة لم يكُن بالغريب أن يكون هيثم إبن سميرة، كما عرفه أبناء المنطقة، وهو يُكنّى بهذه الكنية نسبة إلى جدته سميرة، التي عرفت وأولادها كونهم من أبرز بيوت البلطجة هناك. 

يقول أحمد وهو أحد سكان المنطقة “سميرة هي جدة هيثم، ووالد هيثم يدعى علي أو كما يسمونه في المنطقة (عنون)، وهو من أشهر تجار حبوب الكبسلة في منطقة الوثبة. هذه العائلة عرفت بمشاكلها..”

المفارقة أن هيثم كان يرتكب القنص علناً وهو بات وجهاً معروفاً وليس قناصاً غامض الهوية وهذا تماماً ما أثار الكثير من الشكوك حول استغلال الفتى من قبل جهات معنية أرادت استخدام صبي من بيئة مهمشة ومدمن في استهداف المتظاهرين.

يقول ضياء، وهو أحد سكان الحي في مقابلة مع “درج”، “ترددّ أن عائلة هيثم مهاجرة إلى تركيا، وأنه يسكن وحيداً في بيته، بينما أكدت بعض الروايات أن المرأة التي خرجت من البيت المجاور لبيت هيثم واطلقت الرصاص بإستخدام (المسدس) هي والدته، إلا اني اسكن في شارع (آل سميرة) هذا واعلم أن والد هيثم توفي مقتولاً عام 2007، لأنه كان من أبرز بائعي حبوب الهلوسة في منطقة الوثبة. هذا البيت مشهور جداً في ساحة الوثبة بافتعال المشاكل وحمل السلاح.”

بحسب ضياء فقد تأثر الصبي هيثم بالأجواء التي نشأ فيها،”هيثم ومنذ سن الثانية عشر اعتاد الكبسلة وتناول الحبوب المخدرة، كما اعتاد استخدام السلاح في منطقة الوثبة فضلاً عن جمع (الخاوات) او ما يعرف بالأتاوات، من اصحاب المحال التجارية في المنطقة كونها من أهم المناطق التجارية في العراق، وقد تم استغلاله.”

معظم الروايات والشهادات عن هيثم تلتقي عند عدوانية ظاهرة في سلوكه وهو ما سهل استخدامه من جهات أرادت استهداف متظاهري ساحة التحرير.  يقول أمجد وهو أحد المتظاهرين الذين تكررت مشاركتهم في تظاهرات ساحة الوثبة، ” أغلب المتظاهرين المتواجدين في ساحة الوثبة يعتبرون هيثم عدوّاً بالنسبة لهم، فهو ضد التظاهرات واعتاد رمي المتظاهرين في الصباح وبشكل يومي بالرصاص الحي، ولم يكتفِ بذلك، فالمعروف عن هيثم انه يقوم برمي قوات مكافحة الشغب بالرصاص الحي في المساء، ما يدفع هؤلاء لرمي المتظاهرين وقتلهم ظناً منهم انهم هم المتسببين برمي الرصاص الحي.”

بعد شيوع أمره لجهة حمله السلاح وإطلاق النار على المتظاهرين، قررت قوات مكافحة الشغب الدخول الى منزله، وعن هذا يؤكد أمجد،”ما دفع قوات مكافحة الشغب للدخول الى منزل هيثم، هو ضغط المتظاهرين في ساحة الوثبة بعد أن ابلغوهم بأن هيثم ومن معه يقومون برمي قوات مكافحة الشغب ليلاً بالرصاص الحي، كما يقوم هيثم ورفاقه الاثنين اللذين هربا بصنع قنابل المولوتوف ورميها على قوات مكافحة الشغب، بينما يقومون في الصباح بقنص المتظاهرين السلميين”. 

المفارقة أن هيثم كان يرتكب القنص علناً وهو بات وجهاً معروفاً وليس قناصاً غامض الهوية وهذا تماماً ما أثار الكثير من الشكوك حول استغلال الفتى من قبل جهات معنية أرادت استخدام صبي من بيئة مهمشة ومدمن في استهداف المتظاهرين. هذا تماماً ما يثير حيرة أمجد ومتظاهرين أخرين ومن بينهم من كانوا شهوداً عيان على ما كان يقوم به هيثم. يقول أمجد،” إن كان هيثم يهدف لقتل المتظاهرين بشكل فعلي، فكان يتوجب عليه الاختباء، إلا أن المفارقة ان هذا الفتى كان يقتل المتظاهرين علناً ومن عند بيته، وهذا وحده دليل كافٍ أن هنالك من وظف طاقات هيثم ليكون قاتلا علنيا للمتظاهرين وبالتالي قتله واشعال فتيل فتنة… المندس الحقيقي لا يعلن عن هويته وموقع داره، فبالتأكيد سيعاقب من قبل المتظاهرين.”

ما دور “القبعات الزرقاء”؟

الحكايات التي تم تواترها عن قتل هيثم من قِبل المتظاهرين وتعليقه وسط ساحة الوثبة تقابلها رواية معاكسة أخرى، ويقول سجاد عبد الرحمن وهو أحد المتظاهرين في الساحة وكان شاهد عيان على الحادث، ” كنت ملازماً لمنزل هيثم، الذي تم تطويقه من قبل قوات مكافحة الشغب صباح يوم الخميس 12 ديسمبر، ومن ثم قتله من قبل هذه القوات بالتعاون مع قوى من وزارتي الدفاع والداخلية، إلا أن هذه القوى الامنية تركت هيثم بطلب من أولئك المدعوين بـ (اصحاب القبعات الزرقاء) وهم اشخاص تابعين للتيار الصدري، وهم من قاموا بتعليق هيثم في ساحة الوثبة، إلا أن تعليقه لم يستمر اكثر من دقائق، لنقوم نحن بعدها بإنزاله ومنعهم من القيام بتصرف داعشي كهذا، فحتى لو كان هيثم قاتل للمتظاهرين او للقوات الامنية إلا انه بالنهاية انسان وان كان يجب ان يعاقب فالوسيلة المناسبة لمعاقبته هو بتسليمه للجهات الأمنية، لا التمثيل به بشكل وحشي…” 

ويقول سجاد،”الغريب بالأمر هو تصريح زعيم التيار الصدري بسحب قواته في حال لم يتم تسليم قتلة هيثم خلال 48 ساعة، هنا نتسائل نحن المتظاهرين هل ما يحصل هو وسيلة لسحب ميليشيات سرايا السلام التي احتمى بها المتظاهرين منذ 25 اكتوبر وحتى اليوم من ساحة التحرير للقضاء على المظاهرات! إن كانت هذه وسيلتهم فهي معقولة ومناسبة ونحن بانتظار انتهاء المهلة التي وضعها زعيم التيار الصدري…”

الجمعة صباحاً أعلنت ميليشيات سرايا السلام القاء القبض على عدد من المشتبه بهم بمقتل هيثم، إلا ان شخصاً مُقرباً من مكتب التيار الصدري، والذي رفض الكشف عن اسمه أكد لـ “درج”: ” الاشخاص المتهمون بمقتل هيثم والذين تم اعتقالهم من قبل مكتب السرايا ليسوا تابعين الى جهات امنية ، بل هم تابعون لجهات ميليشياوية لن نعلن عنها حتى انتهاء التحقيق معهم، كما ان بعضهم من المتظاهرين الذين كانوا متواجدين في ساحة الوثبة وهم غير تابعين لأي جهة، ونحن مستمرين بالتحقيق معهم كما أننا سنقوم باعتقال بقية المشتبه بهم قبل انتهاء المدة الممنوحة لنا وهي الـ 48 ساعة التي منحها لنا السيد مقتدى الصدر.”

عبر السوشيال ميديا انتشرت صور ومقاطع فيديو لاقتحام منزل هيثم، وصور اخرى اثناء قتله وتعليقه من كاحله وسط ساحة الوثبة، تضمنت الصور مشاهد لبعض الأفراد المنتسبين لوزارتي الدفاع والداخلية، وافراد اخرين من قوات مكافحة الشغب، وجميعهم كانوا حاضرين لحظة قتله، إلا أن مكتب التيار الصدري لم يُعلن عن أنه اعتقل أحد هؤلاء الافراد الامنيين الذين تسربت صورهم من موقع الحادث، وكانت صوراً واضحة جداً، وترك الشارع يترقب نتائج التحقيق في القضية. 

وبانتظار حسم التحقيقات تبقى حقيقة السيرة الشقية التي عاشها الفتى هيثم، الذي نشأ في ظروف قاسية لم يخترها وتحول بفعلها الى مسار عنيف في سن مبكرة، وكانت نهايته مأساوية دموية. فهل ستتحقق العدالة فعلاً في كشف ملابسات مقتله وبالتالي كشف من استغله صغر سنه وجنوحه، أم ستتحول القضية إلى حادثة عنف جديدة في العراق لا أكثر!! 

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.