fbpx

إدلب: الضحايا لا يقتَلون مرة واحدة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا يموت السكان في إدلب على يد الديكتاتور مرة واحدة، بل مرات عدة، فالقاتل الذي فتك بمعارضيه عندما اعترضوا على انعدام شرعيته بالبراميل والتعذيب والتهجير والاغتصاب، بات يحتمي بأوضاع تمده بالاستمرارية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا يموت السكان في إدلب على يد الديكتاتور مرة واحدة، بل مرات عدة، فالقاتل الذي فتك بمعارضيه عندما اعترضوا على انعدام شرعيته بالبراميل والتعذيب والتهجير والاغتصاب، بات يحتمي بأوضاع تمده بالاستمرارية. والأوضاع تلك، المتمثلة بتدخل الروس وعقد اتفاقات مع الأتراك والإيرانيين، مولدة لإجرام مضاعف لا تعتمد الإبادة للتخلص من الخصوم فقط، بل وأيضاً بوصفها، أداة ضغط وتسيير مفاوضات واستعادة ما انتزع. الإبادة توظف السياسة كفعل مضاد لماهيتها، فما هو شأن عام وأحزاب ومجموعات ضغط وانتخابات وإعلام حر، يصبح لدى الأسدية مجرد قطف لثمار المجزرة المتواصلة. النظام الذي كان يقتل في بداية الثورة ومساراتها اللاحقة، ليُخضع الناس ويعيدهم إلى العبودية، بات يقتل اليوم ليطور أوضاعاً تضمن له وجوداً أطول، فتفاهمات أستانة ووقف التصعيد والمصالحات وقبلها المفاوضات، تحولت إلى تشريع نموذجي للقتل، خصوصاً أن القاتل تدرج من كونه رامي براميل ومعذباً ومغتصباً، إلى طرف ومفاوض والآن صاحب مبادرة لتحويل الجريمة إلى مكسب سياسي.

الغرب وروسيا وإيران وتركيا ساهمت بخلق أوضاع أخرجت القاتل من جريمته ووضعته على طريق السياسة حيث يمكن تطويع الأخيرة لتعيد تأهيل المستبدين بأدواتها التقنية، بدل من استخدامها للتخلص منهم. الغرب صعّد من أولوية الإرهاب واللاجئين، وإيران أرادت، إلى جانب عدم إسقاط حليفها، نفوذاً وموطئ قدم على حدود إسرائيل، فيما الأخيرة اتبعت استراتيجية الردع عبر الغارات المتواصلة. أما روسيا التي تثأر لغيابها عن الفاعلية الدولية عبر سوريا تريد تعويم الأسد كحاكم محلي موالٍ لها بمساعدته بالقصف والدمار. تركيا بدورها تدرجت من طموحات الإمساك بقرار الثورة وتوسيع نفوذها إلى قتال الأكراد خصومها التاريخيين.

خطورة ما يحصل في إدلب، من قتل ومجازر يومية، أن الجريمة ليست عارية، كما في السابق، لقد تسترت بالأوضاع وخطابها، بالتعقيدات وتبريراتها، وبالمصالح المزعومة.

هذه كلها أوضاع مثالية للديكتاتور تمنحه فرصاً متواصلة لممارسة القتل، مستغلاً كل ثغرة وتفصيل وجزئية مستثمراً بالحرب على الإرهاب وصراعات الأطراف المتدخلة، ما يعفيه من وصمة الإجرام ويدخله في اللعبة وتعقيداتها.

والخطير أن ثمة تكراراً في لغة التحليل السياسي يسعى إلى توصيف سلوك الدول، بوصفه مصالح لتحقيق الأمن والنفوذ والمال، والتكرار هذا، تكريس مضمر للأوضاع على مستوى الخطاب بحيث يصبح كل ما ينتجه الأخير مقبولاً ضمن تعقيدات المصالح وتضاربها، والإبادة نفسها تقزم إلى فعل ضغط بحيث تقرأ تحليلاً في صحيفة ما، أن النظام يقصف السكان ليؤلب هؤلاء على المعارضة ويجبرها على تسليم مناطقها.

القاتل ومجازره إذاً يذوبان في لعبة المصالح التي صيغت عبر الشاشات والمقالات ومراكز الأبحاث، بعدما كانا واضحين في بداية الثورة. والضحايا يقتلون بشكل مضاعف، مرة لأنهم معارضين للأسد، وثانية لأن الأخير بات جزءاً من أوضاع معقدة وليس قاتلاً مجرداً من السياسة.

إنها إبادة مزدوجة، ضحاياها يقتلون مرات ومرات، والقاتل معفى من أفعاله بفعل موقعه من الخريطة التي تم صوغها.

خطورة ما يحصل في إدلب، من قتل ومجازر يومية، أن الجريمة ليست عارية، كما في السابق، لقد تسترت بالأوضاع وخطابها، بالتعقيدات وتبريراتها، وبالمصالح المزعومة.

إنها إبادة مزدوجة، ضحاياها يقتلون مرات ومرات، والقاتل معفى من أفعاله بفعل موقعه من الخريطة التي تم صوغها، ومن يلفظ أنفاسه يسجل في عدادات المنظمات الحقوقية فقط، القتيل خفضت قيمته، بفعل خرافة الأوضاع إلى ما دون السياسة. والتعاطف نفسه تحوّل إلى ما يشبه التعامل مع ضحايا حوادث السير، لدرجة أن إدانة بشار الأسد غابت عن المواقف حتى. ما نسمعه في الإعلام هو تفسيرات عن الدول الضامنة واتفاقات الأستانة ووقف التصعيد، وفي السياسة تهديدات بإرسال اللاجئين إلى الغرب، ووعود بعقد تفاهمات جديدة، فيما القاتل يواصل عمله، من دون أي خوف أو تردد.

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.