fbpx

عن شوق جدعون ليفي الى غزة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

سألتُه لماذا لا نشهد حركة احتجاج إسرائيلية ضد الاحتلال والظلم اللاحق بالفلسطينيين؟ بكل بساطة، يبادر جدعون ليفي: “لأنهم لم يدفعوا ثمن احتلالهم الأرض الفلسطينية”…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]


قبل أسبوعين، التقيتُ جدعون ليفي لأول مرة في منتدى برونو رايسكي في فيينا. جاء الصحافي الإسرائيلي في جريدة “هآرتس” بدعوة رسمية ضمن برنامج ينظمه المنتدى الذي يحمل اسم المستشار النمساوي برونو كرايسكي، الذي كان أول زعيم أوروبي يعترف رسمياً بمنظمة التحرير الفلسطينية ويلتقي الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في فيينا في نهاية السبعينات في أول زيارة رسمية له لبلد أوروبي.
كان حديث ليفي في المنتدى يركز على تأثيرات الاحتلال في المجتمع الإسرائيلي.
يُعرف ليفي بيساريته وانحيازه المعلن لمعاناة الفلسطينيين من الاحتلال الاسرائيلي، وقد كتب سلسلة تحقيقات ومقالات عن قطاع غزة وما يتعرض له من اضطهاد وظلم ممنهج من قبل اسرائيل. انتقد بناء المستوطنات على أراض فلسطينية واعتبر أن المستوطنات هي “المؤسسة الأكثر اجرامية في تاريخ اسرائيل”…

اسرائيلي داعم لفلسطين

ولد جدعون ليفي في تل أبيب ونشأ في عائلة صهيونية وانضم إلى الجيش الإسرائيلي وعمل مع شيمون بيريز الصهيوني. على رغم من قربه من اليسار في تلك الفترة كما قال لي في لقاء خاص في فندقه في فيينا، لكنه لم يكن يحمل أفكاراً تتجاوز فكر اليسار الصهيوني.
لكن كيف بدأ التحول في النظرة تجاه الفلسطينيين؟

تدريجياً يقول ليفي، “بدأت أفكاري تجاه سياسات إسرائيل تتغير، وبدأ الابتعاد من أفكاره السابقة”. 

كانت ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية هي التي دفعته للتفكير بطريقة أخرى، “دعاني صديق في الثمانينات لزيارة الضفة الغربية حيث يقوم الجنود الاسرائيليون باقتلاع أشجار الزيتون في قرية فلسطينية. ذهبتُ وشاهدت الألم الذي يشعر به أصحاب الأشجار وكتبت قصة صغيرة عن الموضوع نشرتها في “هآرتس”.
بعد أسابيع قال لي أحدهم إن هناك حادثة مماثلة تظهر قمع الاحتلال في الضفة الغربية، “ذهبت مرة أخرى وتدريجياً أحسست أنني منخرط في معاينة حقائق تحيط بنا نحن الإسرائيليين ولا أحد يتحدث عنها.
صارت قناعاتي السابقة تتهاوى أمام حجم الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون”.

يعتبر ليفي أن زيارته الى جنوب أفريقيا واطلاعه على تجربة النضال ضد دولة الأبرتهايد هناك، جعلته يتوصل الى قناعة مفادها، “علينا أن نطرح جانباً فكرة حل الدولتين ونفكر بدولة واحدة لكل مواطنيها” فهذه، بحسب ليفي، “الحل الأمثل لإنهاء الاحتلال ومن غير ذلك، فالحلول مستحيلة التحقق. فالقطار الذي مضى قد مضى ولن يعود الى الوراء ومن يفكر أن 700 ألف مستوطناً في الضفة سيتخلون عن مستوطناتهم أو أن اسرائيل سوف تتخلى عنهم يكون واهماً”. ولذا يقول ليفي، “علينا أن نبدأ التفكير بالبديل، وكما أراه دولة واحدة ومواطناً واحداً وصوتاً واحداً، وحقوقاً متساوية. وهذا برأيي يعني نهاية الصهيونية ومفهوم الدولة اليهودية كما يطرحها الصهاينة الذين سيجدون أنهم أمام خيار واحد إما دولة ديموقراطية أو دولة يهودية ولا يمكن الجمع بين الاثنتين”.
وعندما أسأله، وهل هذا الحل ممكن في الوضع القائم؟ يقول ليفي: “ليس سهلاً ولكن علينا أن نغير أساليب تفكيرنا، ليس الإسرائيليون وحدهم، بل الفلسطينيون أيضاً. أعتقد أنه من الأسهل إقناع الفلسطينيين بذلك أكثر من الإسرائيليين فخسارة الفلسطينيين في هذا الحل ستكون أقل من خسارة الإسرائيليين وسوف تجد كما هي الحال اليوم، معارضة شرسة لهذا الحل لدى الإسرائليين، ولكن عليهم أن يفهموا إما أن نعيش في دولة أبرتهايد كما هو الواقع الحالي واسرائيل هي بكل وضوح دولة أبرتهايد، أو في دولة واحدة الكل فيها متساوون”.

“أرى أن حركة المقاطعة يمكن أن تكون جيدة ويجب أن تعمل بمجهود أكثر دقة لتفرض عقوبات على إسرائيل بسبب الاحتلال”.


ولكن ما حجم الأصوات الإسرائيلية المقتنعة بحل الدولة الواحدة؟ سألت ليفي. فقال بحسرة،” ليسوا كثيرين للأسف والغريب في الأمر أن بعض المستوطنين مثلاً مع هذا الحل، لكي يبقوا في الأرض في حال تم العمل على حل الدولتين ولأنهم يريدون مزيداً من الأراضي في الضفة الغربية، حتى الرئيس ريوفين رفلين مع حل الدولة الواحدة والكاتب أليف بيت يهوشع من ضمن المثقفين المؤمنين بحل دولة واحدة لكافة المواطنين، وهو ينادي بالعمل على هذا الحل ولكن يضع شرطاً ألا تكون غزة أولاً لأنه وكثيرين معه يخشون من الغالبية الفلسطينية في الدولة”.
ويعتقد ليفي بأن فرصة تحقيق هذا التصور للحل تبدو ضئيلة ولكن البديل عنه هو استمرار الوضع القائم وهذا سيكون مأساة.
سألته، “طيب ما الذي يجعل المجتمع الإسرائيلي ساكناً ولا يلتفت إلى المأساة الفلسطينية، فقد تحرك البيض في جنوب أفريقيا ضد الأبرتهايد وتحرك الأميركيون ضد الحرب في فيتنام والعراق وتحرك الفرنسيون ضد الاستعمار في الجزائر، فلماذا لا نشهد حركة احتجاج إسرائيلية ضد الاحتلال والظلم اللاحق بالفلسطينيين؟ هل من الطبيعي إنسانياً ألا يمتلك الإسرائيليون حساً إنسانياً تجاه الظلم؟

 بكل بساطة، يبادر جدعون ليفي، “لأنهم لم يدفعوا ثمن احتلالهم الأرض الفلسطينية. فقط في حالة واحدة يمكن أن يتغيروا. علينا أن نجعلهم يدفعون ثمناً وعندها فقط سوف يسألون ما هو الحل؟ ما هي الطريق للحل؟ فربما يسألون عندها هل تمكن إزالة المستوطنات وإزالة 700 ألف مستوطن من الأراضي الفلسطينية. وطالما أن الوضع الراهن مستمر ويعيشون وضعاً مريحاً فالاحتلال مستمر بلا دفع أي ثمن ولن يتغير الوضع. ولن تجد إسرائيلياً يستيقظ صباحاً ليقول لك أو لنفسه: أوه إن الاحتلال ليس جيداً!”.

 وما هو هذا الثمن، أسألُ ليفي، ليغيروا رأيهم ويبدأوا التفكير بطريقة أخرى؟ 

يجيب، “فلنقل أولاً الثمن الاقتصادي وكما حصل في جنوب أفريقيا. ثم الحرب، وأتمنى ألا يحصل سفك دماء من الجانبين، إنما هناك ثمن في مثل هذا الواقع المزري يجب أن يدفعه المجتمع الإسرائيلي. ولا تنسى أن إسرائيل قوية عسكرياً وربما يستطيع الفلسطينيون أن يجعلوا الإسرائيليين يعانون من خسائر كما حدث في الانتفاضة الثانية، ولكن علينا أن ننتبه إلى أن المجتمع الإسرائيلي إزاء تلك العمليات العنيفة في الانتفاضة الثانية لم يفكروا بربط العمليات بالاحتلال ولو توصلت الانتفاضة إلى إقناعهم بذلك لتغير الوضع ولكانت الانتفاضة نجحت. الإسرائيليون مقتنعون بأن الفلسطينيين قتلة ومتعطشون للدماء ولا يقومون بتلك العمليات لأنهم محتلون!”

ليفي مع حركة المقاطعة

العالم، يتابع ليفي، يمكن أن يساعد على ذلك، “فعندما يأتي الإسرائيلي إلى أوروبا مثلاً ويتم التعامل معه بطرائق عقابية، نتيجة الاحتلال والعنصرية ضد الفلسطينيين فلسوف يبدأ التفكير بمساوئ الاحتلال والضرر الذي يلحقه به، ومن هنا أرى أن حركة المقاطعة يمكن أن تكون جيدة ويجب أن تعمل بمجهود أكثر دقة لتفرض عقوبات على إسرائيل بسبب الاحتلال”.
وماذا عن غزة؟ كيف ينظر المجتمع الإسرائيلي إلى غزة؟

“غزة، آه غزة كم أشتاق إلى غزة وإلى الناس الطيبين في غزة فقد حرمت من زيارتها من 7سنوات، ولي أصدقاء كثيرون هناك وكنت قبل المنع أزور غزة مرتين في الأسبوع على الأقل ويعتقد بعض الناس أنني مجنون بسبب هذا الاشتياق، فالمجتمع الإسرائيلي يعتبر غزة قفصاً للإرهاب أو “عش الإرهاب”، كما يطلق عليها بالعبرية. أما الضفة الغربية، فدعني أقول لك إن الإسرائيليين لا يضعون الموضوع الفلسطيني على أجندتهم ولا يهمهم إلا موضوع الإرهاب فقط. وهم مشغولون بمشكلاتهم الحياتية ولا يكترثون للقضية الفلسطينية ولا يحترمون السلطة الفلسطينية في رام الله.”
بحسب ليفي فإن إسرائيل هشة، على رغم القوة العسكرية الكبيرة. ففيما يعيش الناس فيها برغد، هناك فقر ولكن معدل البطالة قليل وعندما تكون الحياة مريحة لا يكترث الناس لغيرهم فمثلاً هناك 6 ملايين إسرائيلي سافروا خارج البلاد في أجازات في العام الماضي، “عندما تقول 6 ملايين من أصل 9 ملايين، فهذا دليل رغد ورفاهية وفوق ذلك هم يؤمنون فعلاً بأنهم في خطر وجودي وبأن هناك معاداة للسامية تمارس ضدهم لكونهم يهوداً وهم شعب كثير الشكوى. وأضف إلى ذلك أن اليهود من أصول عربية، على رغم ثقافة آبائهم العربية إلا أنهم يرفضون هويتهم العربية ولا يتماهون مع جذورهم العرقية على عكس اليهود من البلدان الغربية.”

*هذا اللقاء تم قبل يومين من اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما يسمى بصفقة القرن التي كتب عنها ليفي منتقداً واصفاً إياها بـ”النكبة الثالثة”…

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.